الاثنين، 4 أغسطس 2008

انتخابات 2009 على حدَّي سلاح "حزب الله" والسعي لاعادة انتاج السلطة

Sphere: Related Content
ورشة تشريعية - قانونية لإلحاق اصلاحات مشروع "لجنة بطرس" في قانون تقسيمات الدوحة
انتخابات 2009 على حدَّي سلاح "حزب الله" والسعي لاعادة انتاج السلطة

المعارضة: هل نعلق الديمقراطية ونربطها بقرارات اقليمية ودولية؟
الدوائر الانتخابية: 12 مسيحية و11 مسلمة و2 بلا غالبية!

طلال عساف
ينشر في "الاسبوع العربي" في 11/8/2008
من محطة الى اخرى ومن استحقاق الى آخر، يستعيد لبنان بإطراد الحيوية السياسية التي فقدها طوال عامين، كأن "اتفاق الدوحة" المولود من رحم ازمة سياسية حادة توّجت في احداث السابع من ايار (مايو) الفائت في بيروت والجبل والشمال، شكل المنشط الفاعل لاستعادة لبنان انفاسه ونهضته من كبوة ثقيلة.
بعد الاستحقاق الرئاسي وحكومة الوحدة والبيان الوزاري، ثمانية اشهر تفصل اللبنانيين عن موعد الانتخابات النيابية في ربيع السنة 2009، وهو موعد يعوّل عليه كثيرون لتغيير المعادلات السياسية القائمة واعادة انتاج السلطة، ولانهاء ازمة خُتمت شكليا في اتفاق الدوحة في انتظارالاستحقاق "الديموقراطي" الذي يجدّد الحياة السياسية ويضخ نفسا متجددا في المؤسسة التشريعية التي أُفقدت حيويتها نحو سنتين.
وثمة ورشة على صعيد قانون الانتخاب لاتمام الاصلاحات الواردة في مشروع قانون الوزير السابق فؤاد بطرس مع الابقاء على التقسيمات الانتخابية التي اقرت في اتفاق الدوحة من دون اي تغيير حتى في ما يتعلق في امكان اعادة النظر في نقل عدد من المقاعد وخصوصا المسيحية منها من بعض الاقضية ذات الغالبية المسلمة، مع استثناء مقعد الاقليات في بيروت الذي قد يصار الى اعادة النظر به نظرا الى المعارضة الشديدة التي جُبِه بها نقله من الدائرة الاولى الى الدائرة الثالثة، اضافة الى الورشة السياسية التي بدأت تظهر ملامحها منذ اليوم مع التحالفات الجديدة التي قد تطرأ وامكان اعادة تمركز بعض الاطراف والزعماء في صفوف مغايرة للمرحلة التي تلت الانتخابات التشريعية في العام 2005.
الانتخاب والسلاح
وفي ظل خطاب عال السقف بدأته قوى الرابع عشر من آذار (مارس) لتسويق فكرة عدم امكان اجراء انتخابات نيابية في ظل استمرار وجود السلاح في ايدي بعض الافرقاء، وخصوصا "حزب الله"، لما قد يؤثر ذلك على مجريات العملية الانتخابية والنتائج التي قد تصدرعنها، يلفت مصدر نيابي في المعارضة الى انّ "وجود السلاح مرتبط بتوافق اقليمي دولي ولبناني، وهناك القرار 1701 وآلية لإقراره وتنفيذه، اضافة الى المشكلات القائمة بالنسبة الى الاراضي اللبنانية ومسألة الحدود اللبنانية – الاسرائيلية، وتاليا اضحى هذا الموضوع مترابطا اقليميا ودوليا واثارته في هذا السياق بالذات لا تجدي نفعا سوى وضع العصي في الدواليب لأن حله لن يكون في يوم من الايام لبنانيا، بل نتيجة تسوية على المستوى الاقليمي والدولي قد تؤدي الى انهاء دور السلاح".
ويسأل: "عندما لا نملك كلبنانيين القرار لحل موضوع السلاح، هل نعلّق الديموقراطية في لبنان ونربطها بقرارات خارجة عن ارادتنا؟". ويلفت الى انّ المطلوب حل وتسوية كل الامور بما فيها القرار 1701 والوجود الفلسطيني المسلح والارهاب الذي تصدى له الجيش اللبناني في معركة مخيم نهر البارد قبل عام وما قد يظهر من منطمات اخرى ارهابية واصولية، وهذه كلها امور يجب تناولها على طاولة حوار جدي يصار من خلاله الى بلورة رؤية وطنية جامعة تمهّد لانطلاقة لبنانية على المستويات العربية والدولية كافة ، لا حوار اكاديميا يقارب المشاكل ويلامسها من دون معالجتها في العمق".
ويشير الى انّ "الجميع يريدون حل المشكلات السياسية وخصوصا ما يتعلق منها بالدولة ومؤسساتها وبسط سيادتها على كامل ارضها"، مبديا خشية من ان يكون للحديث عن الانتخابات في ظل السلاح، خلفية سياسية يراد من ورائها تعطيل الانتخابات، ومتسائلا في هذا السياق: "لماذا لم تحل الاصلاحات الانتخابية عندما انتهى العمل منها في العام 2006، ليس الى المجلس النيابي "المقفل" بل الى اللجان التي كانت موجودة وتعمل. بكن في واقع الامر لم يناقش القانون حتى في الحكومة وقد يكون ذلك عائدا الى الاهمال او الى سبب سياسي ابعد من الشكليات".
ويذكّر في هذا الاطار ان "انتخابات الـ 2005 التي افرزت الاكثرية والاقلية الراهنة جرت ايضا في ظل وجود هذا السلاح الذي لم يؤد آنذاك الى تسلّط وفوز من يحمله".
في الدراسات والاحصاءات الانتخابية
احصائيا، تشير دراسات اعدت اخيرا الى ان توافق الدوحة بالنسبة لقانون الانتخابات النيابية اقرّ ابقاء الصيغة الاكثرية واعتماد 26 دائرة صغرى، مستلهما روحية قانون العام1960 لجهة اعتماد الدوائر الانتخابية عينها، باستثناء بيروت التي قسمها الى ثلاث دوائر جديدة راعت الخصوصية المسيحية والشيعية مع افضلية راجحة للسنة، فأعاد القانون رسم 21 دائرة انتخابية وابقى خمس دوائر كما هي في قانون العام2000.
وتلفت الدراسات الى انه يمكن توزيع الدوائر على خمس فئات: 12 دائرة بغالبية مسيحية تضم 51 مقعدا، 5 دوائر بغالبية سنية تضم 30 مقعدا، 5 دوائر بغالبية شيعية تضم 28 مقعدا، دائرة واحدة بغالبية درزية بـ 5 مقاعد ودائرتان من دون غالبية لطائفة بـ14 مقعدا.
وتشير الى انه من الممكن تقدير احجام القوى السياسية في الدوائر والاتجاهات الانتخابية، الا انّه يجب الاخذ في الاعتبار احتمالات التغيير من اليوم حتى موعد الانتخابات. كما يجب الاخذ في الاعتبار تبعات التقسيمات التي اقرها اتفاق الدوحة وخصوصا الدوائر الصغرى، وابرزها:
-فتح شهية الترشح واهتمام بعض الوجوه الجديدة من المتمولين بالترشح خصوصا في الدوائر الصغرى كالكورة والبترون وجبيل وكسروان وجزين.
-التغيير في مواقف بعض النواب والسياسيين وسعيهم لبناء تحالفات جديدة بتأثير من موازين القوى المستجدة في الدوائر الانتخابية.
-الازدياد في نسب الاقتراع لدى الناخبين المسيحيين في بعض الدوائر كجزين والبقاع الغربي وبيروت الاولى والكورة وبشري.
-زيادة تأثير المال الانتخابي في الدوائر الصغرى، وتوقع ازدياد الضخ المالي من اكثر من جهة، الامر الذي كان محصورا لدى جهة واحدة في الدوائر الكبرى.
وتفيد الدراسات عينها انه يمكن توزيع الدوائر على ثلاث فئات:
أ-الاولى تضم 12 دائرة 52 مقعدا وتشكل الثقل الانتخابي لصالح المعارضة،
ب-الثانية تضم 7 دوائر و43 مقعدا وتشكل الثقل الانتخابي لصالح الموالاة،
ج-والثالثة والاخيرة تضم 7 دوائر و33 مقعدا وهي الدوائر التي ستشهد معارك انتخابية.
اقرار اصلاحات "قانون بطرس"
على صعيد الورشة الانتخابية التقنية، يبرز عمل مكثف للجنة الادارة والعدل لاقرار الاصلاحات الممكنة وادراجها في قانون الانتخاب. ويلفت احد اعضاء اللجنة الى "الاهمية الكبيرة للهيئة المستقلة للانتخابات التي لحظها مشروع قانون بطرس، لكونها تتمتع بصلاحيات واسعة وتحل مكان وزارة الداخلية"، مشيرا الى ان "الاسراع في اقرارها يعطيها الامكانات لتحل بالكامل مكان الوزارة ان لم يكن في الانتخابات النيابية المقبلة ففي الانتخابات التي تلي، والتي يمكن ان تكون بلدية وليس بالضرورة نيابية".
ويقول ان "لجنة الادارة والعدل لا تدرس موضوع اعادة توزيع المقاعد النيابية التي ستبقى كما اتفق عليه في الدوحة باستثناء امكان اعادة النظر في مقعد الاقليات ونقله من الدائرة الثالثة لبيروت الى الدائرة الاولى، وسبق ان قدم مشروع قانون معجل مكرر الى مجلس النواب بهذا الصدد".
ويشدد على ان "جميع ممثلي الكتل في لجنة الادارة والعدل متوافقون على الاحتفاظ بالتقسيمات الانتخابية كما وردت في اتفاق الدوحة، على انها افضل الممكن راهنا".
ويوضح ان "الهيئة المستقلة للانتخابات تعنى بمجموعة من الوظائف تبدأ بالتحضير للانتخابات ولا تنتهي باعلان النتائج بل تتعداه الى رفع مستوى الثقافة الانتخابية الديموقراطية واقتراح ما يفيد من اصلاحات على النظام الانتخابي، ووضع تقرير ينشر عن اجراء العمليات الانتخابية"، لافتا الى اهمية هذه الهيئة "كونها مستقلة وتتمتع بصلاحيات واسعة وبامكانها الحلول مكان وزارة الداخلية"، وموضحا انها جزء من سلّة الاصلاحات التي تشمل مواضيع تمويل الحملات الانتخابية والإنفاق الانتخابي وتنظيم الاعلان والاعلام الانتخابيين، وموضوع اقتراع اللبنانيين في الخارج، اضافة الى مجموعة الاصلاحات التي تطاول آليات ادارة العملية الانتخابية كإلغاء البطاقة الانتخابية واعتماد ورقة الانتخاب المطبوعة سلفا والسعي الى اجراء الانتخابات في يوم واحد شرط تأمين كل الشروط اللازمة لنجاح هذا الامر نظرا الى انّه يشكل تجربة جديدة في لبنان في ظل مناخات التشنج والعصبية الحزبية والسياسية".
ويلفت الى انّ جميع اعضاء اللجنة "يضطلعون بالمسؤولية الكبيرة تجاه هذا الموضوع لتصحيح الخلل، وهذا ما يحتّم الاسراع في اقرار اكثر من 126 مادة"، مضيفا: "لقد تأخرالوقت كثيرا للتقدم بمشروع قانون الانتخاب الى المجلس بالاضافة الى الوقت اللازم لتشكيل الهيئة المستقلة على ان تضع نظامها الإداري وآليات عملها، وتاليا هناك عملية معقدة وكل الاصلاحات مرتبطة ببعضها".
ويشير الى انه "بقدر ما يتم التسريع في اقرار الهيئة المستقلة بقدر ما تعطى الامكانات لتحل بالكامل مكان وزارة الداخلية. واذا سبقنا الوقت فسنحتفظ لهذه الهيئة بالحد الاقصى من الصلاحيات التي يمكن ان تتولاها في الدورة المقبلة على ان تضطلع بها كلها في الانتخابات الاخرى وخصوصا في الانتخابات البلدية في السنة 2010".
ويقول ان "الآليات التي ستقدمها لجنة الادارة والعدل حول خفض سن الاقتراع الى الـ 18 عاما وحق الاقتراع للمغترب اللبناني يمكن اقرارها وتطبيقها في الانتخابات المقبلة، وهي تحتاج الى البيان الوزاري الذي اقر اخيرا"، مشددا على ضرورة توفير حق اللبناني في الخارج للانتخاب في مكان اقامته وسكنه، ومشيرا الى ان اللجنة في صدد اعداد آلية لتنظيم عملية انتخاب اللبناني المغترب والمقيم في الخارج في القنصليات والسفارات في مكان اقامته.
ويوضح ان "آلية خفض سن الاقتراع تتطلب تعديلا الدستور، اما إقرار حق انتخاب اللبنانيين المغتربين فينتظر مسودة سيضعها وزير الداخلية زياد بارود تشمل الاعداد ومدى تأثير تصويتهم على العملية الانتخابية"، لافتا الى اهمية الدورالايجابي الذي يضطلع به وزير الداخلية على صعيد تجاوبه وتسهيله لعمل اللجنة.
ويشدد على وجوب الانتقال راهنا من مرحلة اقرار الاصلاحات من الناحية المبدئية الى وضع النصوص والآليات التنفيذية للانتهاء من مشروع القانون ونقله الى الهيئة العامة لمجلس النواب. ويكشف ان الجهد مركز على تطبيق هذه الاصلاحات في انتخابات الـ 2009 "وهنا يبرز دور المجتمع المدني بالاضافة الى دور وزير الداخلية الداعم لهذا الاتجاه".
ويقول: "من المفروض انجاز قانون الانتخاب قبل ستة اشهر من موعد الانتخابات كحدّ اقصى". ويؤكد "ضرورة ادراج الاصلاحات التي سترد في قانون الانتخاب في التشريع اللبناني مما يؤهل لبنان تطبيقها كاملة في الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة، لافتا الى ان ذلك يشكل في الوضع السياسي الراهن في لبنان "ثورة اصلاحية".


ليست هناك تعليقات: