الأحد، 22 فبراير 2009

Sphere: Related Content
بكركي تتطلع الى "كتلة وازنة" رافعةً لكيان "أهرمته" السياسات التقليدية
تحالفات "عكس التيار" تقلب التوقعات .. والموازين؟
ائتلاف الجميل – المر في المتن: توزيعات بالمناصفة

ينشر في الاسبوع العربي في 2/3/2009
في الافق بشائر صراع انتخابي حادّ، بدأت تظهر ملامحه مع احتدام الخطاب السياسي كلما تقلصت المسافة الفاصلة عن السابع من حزيران (يوليو) المقبل. وفيما تبدو السياسة المحلية تغلي على صفيح انتخابي، وبعدما افرز الصراع السياسي المتحرّك بالمصالح الظرفية، واقعا انتخابيا جديدا قد يغير الكثير من المعادلات ويقلب الاكثريات والاقليات، تبقى الشعارات السيادية الجامع الشكلي الوحيد لافرقاء لامسوا حدّ العداء في السياسة واستباحوا كل الساحات والمفردات في معركة لانتخابات جعلوها "مصيرية".
كلما اقترب موعد الاستحقاق الانتخابي ترتفع الحرارة السياسية لزعماء الوطن معلنة معركة لا تحدّها خطوط حمر ولا تسيّجها اي التزامات، الى حدّ بات التراشق بإتهام تعطيل الانتخابات او تطييرها الخبز اليومي للسياسيين، المتخوفين جميعهم من عمل امني قد يؤدي بـ"كبر حجمه" الى عرقلة الانتخابات او الغائها من اساسها. وفيما يتشارك الجميع التخوّف نفسه ويتبادلون الاتهامات ذاتها، يلاحظ عدد من المراقبين انّ كل الافرقاء في مأزق، وإن اختلفت النسب او الدوافع، ويعتبرون انّ الانتخابات النيابية المقبلة، اذا حصلت، لن تؤدي الى فوز ساحق لاي من الاطراف، على عكس ما يشيّع الفريقان، لا بل انّ نتائجها ستأتي متقاربة معلنة مرحلة جديدة عنوانها "معجّل مكرّر" الا وهو التوافق لحكم بلد محكوم بالتوافق وعدم الاستقرار السياسي في ابسط الاحوال وافضلها.
تحالف مرّ عونيا
في ظلّ الفوضى الانتخابية القائمة، يبقى النائب ميشال المرّ النجم، القارئ بـ"براعة" ضفات السياسة. فبعد تحالف "انتخابي وسياسي"، في العام 2005، لامس حدّ التلاصق والذوبان مع زعيم "التيار الوطني الحر" النائب العماد ميشال عون، على ما كان يعلن المر مرارا وتكرار، ينتقل هذا الاخير بعد فترة من التمهيد والتحضير الى الضفة السياسية المقابلة تحت لافتة الكتلة النيابية الوسطية، بالتحالف مع حزب "الكتائب اللبنانية" احد ابرز الاركان المسيحية في صفوف قوى الرابع عشر من آذار (مارس).
وفي اطار المواقف التي اثارها كلام المر الاخير عن بتّ التحالف نهائيا مع الرئيس امين الجميل في الانتخابات المقبلة، يعتبر الفريق المسيحي المعارض انّ خطوة المرّ بالتحالف مع "الكتائب" نعت مصداقية ما كان يشيعه عن قيام الكتلة الوسطية او المستقلة "لانها لا يمكن ان تكون مستقلة بالتحالف مع ركن اساسي من فريق 14 آذار (مارس)، اضافة الى انّ الهدف من قيامها كان واضحا بمحاولة ضرب "التيار الوطني الحر" في الانتخابات والحد من امكان فوزه في غالبية الاصوات المسيحية لا سيما في جبيل وكسروان والمتن الشمالي".
وفي الوقائع التي ادت الى تحالف المر-الجميل، تقول مصادر واسعة الاطلاع لـ "الاسبوع العربي" ان "اللقاء الذي جمع ليل الاحد 15 شباط (فبراير) في بكفيا الجميل والمر، ثبّت نهائيا التحالف بينهما في لائحة واحدة"، مشيرة الى انه اللقاء الثاني من هذا النوع بين الرجلين بعد اول جمعهما في 30 كانون الاول من العام 2008.
وسجل في هذا الاطار، اول لقاء عملي لترتيب لائحة الجميل – المر، جمع ليل السبت 21 شباط (فبراير) المر بسامي الجميل، واكدا - حسب اوساط معنية - "ما اتفق عليه بين المر والجميل الاب لجهة التحالف الانتخابي في دائرة المتن الشمالي". ووصفت الاجواء بـ"الايجابية جداً، واتفق على ان يشكل المر والجميل الابن ركيزة اللائحة الانتخابية في المتن الشمالي وتفاهما على بعض الأسماء على أن تستكمل المشاورات".
اتفاق المر - الجميل
وبموجب الاتفاق، يترك للمر، اضافة الى مقعده، تسمية 3 مرشحين في اللائحة هم عن المقعدين المارونين الرئيس السابق لبلدية برمانا بيار الاشقر ومرشح من آل ابو جودة (على الارجح وليم زرد) وعن المقعد الارمني مرشح من حزب الطاشناق، فيما تسمي قوى الرابع عشر من آذار (مارس) مرشحيها الاربعة الباقين.
وتشير المصادر الى ان وزير الدولة نسيب لحود سيكون احد المرشحين الرئيسيين في اللائحة بالتوافق مع المر، الى جانب منسق اللجنة المركزية في حزب الكتائب سامي امين الجميل، ومرشح كاثوليكي في ضوء بحث جدي لترشيح الرئيس السابق لحزب الكتائب الدكتور ايلي كرامة، بعدما شاع ان ثمة اتجاها لتزكية النائب اللواء ادغار معلوف وسط تجاذب في "التيار الوطني الحر" حول هذا المقعد بين معلوف والوزير السابق ميشال سماحة.
وتلفت المصادر الى انه لتفادي اي احراج قد يؤتى به ترشيح القيادي في "القوات اللبنانية" ادي ابي اللمع، هناك من يطرح ان تتمثل "القوات" بوزير العدل ابراهيم النجار عن المقعد الارثوذكسي، وبذلك يعود للمر تسمية المرشحين المارونيين. لكن هذا المخرج لا يزال يحتاج الى موافقة النجار الذي لا يزال يتمسك بالاعتذار لدواع صحية، فيما تؤكد مصادر اخرى ان قيادة "القوات اللبنانية" وسمير جعجع شخصيا متمسك بترشيح ابي اللمع، ويطرح ان يكون في اللائحة مكان بيار الاشقر.
وتقول المصادر ان هذا الاتفاق المبدئي وتظهيره قصداً الى العلن، يقطع الطريق كليا على امكان اي تفاهم بين المر وعون، على رغم ان وسطاء كثرا لا يزالون يأملون في اعادة ترتيب اوراقهما وتقريب وجهات النظر وتجاوز الاختلافات الشخصية المرتبطة بمزاج كل من الرجلين.
وتشير الى ان المر يسعى بجد لترتيب لقاء في قريطم بين رئيس تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري وقيادة حزب الطاشناق، من اجل ان يكون التحالف في المتن بائنا وواضحا بمفعول رجعي ينسحب خصوصا على الدائرة الاولى في بيروت (الاشرفية – الصيفي – المدوّر).
وتوضح ان لائحة المعارضة لا تزال تنوء تحت كثرة المرشحين والتداخلات الخارجية التي لم تفلح بعد في فرض النائب السابق غسان الاشقر من الحزب السوري القومي الاجتماعي وسماحة عن المقعد الكاثوليكي، علما ان الاخير يقول لمراجعيه انه لم يحسم بعد قراره بالترشيح. وتلفت الى ان اصرار الرئيس اميل لحود على ترشيح نجله النائب السابق اميل اميل لحود يزيد في التعقيدات التي تؤخر خروج عون بتصور نهائي للائحته في المتن الشمالي.
وتقول المصادر ان من اسباب الكلام القاسي الذي دأب المر في الفترة الاخيرة على اطلاقه هو المحاولات الحثيثة من جانب قياديين في "التيار الوطني الحر" للعب على وتر العلاقة بينه وبين نجله وزير الدفاع الياس المر، من خلال الايحاء تكرارا ان ثمة خطوطا جانبية بين التيار والمر الابن، وترداد قياديين عونيين كلاما عن تحالف ممكن مع آل المر في حال خرج الاب الى التقاعد.
درس عميق... وعناية
في الموازاة، يؤكد المقربون من العماد عون أنه يولي عناية كبيرة لانتخابات المتن مقارنة بالدوائر الأخرى، لإدراكه أن الفوز الساحق في هذه الدائرة سيسهل عليه أمورا كثيرة في السنوات المقبلة. وهو يدرس بعمق كل المعطيات، محللاً بتأنّ وبعناية كبيرة حيثية كل مرشح مفترض.
في هذا السياق، يتوقع مصدر قريب من عون أن تحمل لائحته في المتن الشمالي مفاجآت على مختلف المستويات، خصوصاً على صعيد المرشح الآرثوذكسي الذي يفترض أن يحل في لائحة "الإصلاح والتغيير" الجديدة محل النائب ميشال المر، و"الذي سيشكل استفزازاً كبيراً للمر، يدفعه إلى مزيد من "العبارات الطنانة" التي تزيد التفاف الناس حول عون وتمسكهم بمرشحيه".
ووسط تشابك المواقف السياسية قبيل الانتخابات والكلام المتزايد على ضرورة ولادة كتلة وازنة تخرق الاصطفاف السياسي والحزبي الحاصل والذي من شأنه ان يقود البلاد الى ما لا تحمد عقباه، يبرز الاحراج داخل صفوف فريقي الصراع لا سيما بعيد اعلان البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير دعمه الواضح لقيام "الكتلة المستقلة".
يقول البطريرك
وهذا الامر يشكل، بحسب مصادر قريبة من الصرح البطريركي، عاملا اضافيا من عوامل الارتباك لدى عون الذي "وجد انه محاصر من جهات عدة ان في المتن او في جبيل وكسروان اضافة الى الجنوب حيث الخلاف مع رئيس حركة "امل" نبيه بري واضح في جزين".
وتلفت المصادر الى ان "خطوة البطريرك تأتي في وقت مفصلي، كما جرت العادة لدى بكركي التي تتدخل في السياسة عند المفاصل والاستحقاقات الوطنية الكبرى".
وتقول: بكركي ترى البلد معطّلا، واداراته تشكو الهرم والجمود، وتجربة حكومة الارادة الوطنية الجامعة جاءت دليلا على الفشل، فالشلل يطبق عليها من كل النواحي، وهي غير قادرة بتركيبة "وصفة الدوحة" على تعيين حاجب، فكيف لها التصرف والبلد في حاجة الى تعيينات كثيرة، اقلّه في الادارات التي ستشرف على الانتخابات التشريعية العامة. فلا هي قادرة على تعيين محافظين، ولا هي قادرة على استكمال تعيين اعضاء المجلس الدستوري، والجهتان مدماك رئيس لإنتظام الانتخابات النيابية. والبطريرك منذ ان سمع وزير الداخلية زياد بارود يحدّثه عن هذا الشلل في التعيينات، وهو يعيش هاجس سلامة الانتخابات، وهو أدرك ان كتلة وسطى هي وحدها القادرة او المخولة - في اضعف الايمان- ان تستر عريا سياسيا بات يتهدد بلدا وكيانا ورسالة، واستطرادا جماعة مسيحية أقلية محشورة بين جماعتين مسلمتين بعمق عربي واسلامي شاسع.
وبرأي البطريرك انّ من شأن هذه الكتلة ان توازن بين الاصطفافين وان تعيد الاعتبار الى فكرة الكتلة - الوازنة او الراجحة او المستقلة او الضامنة، والتي على صغرها تكون في مثابة صمام الامان لمنع الانحراف في ممارسة السلطة، ولإمتصاص أي انزلاق تصادمي بين الكتلتين الكبيرتين.
وتشير الى ان هذه الفكرة اثارت غيظ العماد عون، الذي يعاني منذ فترة صداما مع سيد بكركي، في وقت يعاني فيه ايضا مقولة انحسار قاعدته الشعبية عما كانت عليه في العام 2005 عندما اتت نتيجة الانتخابات ساحقة لمصلحته لا سيما في جبيل وكسروان، في ظاهرة يفسرها الكثيرون على انها ردة فعل على التحالف الرباعي آنذاك واستنادا الى الشعارات التي كان يرفعها عون والمنادية بأحادية السلاح وسلطة الدولة وسيادتها على كامل اراضيها، اضافة الى امتلاكها وحدها قرار السلم والحرب.



الاثنين، 16 فبراير 2009

Sphere: Related Content
جنبلاط يبحث عن اعادة تموضع وتحالف رباعي.. وارتباك المعارضة يزداد
غبار الملفات "يثير" الانتخابات.. والتقلّبات
"كتلة الوسط" من طلب دعم بعبدا الى حضن بكركي


ينشر في "الاسبوع العربي" في 23/2/2009
تنذر وتيرة الخطاب السياسي المتصاعد وغبار الملفات الساخنة المثارة بحماوة انطلاق الحملات الانتخابية التحضيرية للمعركة الكبرى في السابع من حزيران (يونيو) المقبل. وفيما رفعت حمى هذه الانتخابات التشريعية، التي يجمع طرفا النزاع على وصفها بالـ"مصيرية"، من وتيرة التقلبات السياسية وخصوصا عند الافرقاء الذين يلمسون كل يوم اهتزاز عروشهم امام القاعدة الشعبية التي تميز حراك كل من قوى المعارضة والموالاة، تنبعث من الساحتين السياسية والاعلامية الملفات الساخنة من زاوية القصف السياسي الانتخابي وليس من منطلق الحرص على المصلحة الوطنية العليا او اقله مصلحة المواطن وحريته، كما يزعم المعنيون.
في سياق فتح الجبهات الانتخابية على مصراعيها مع اقتراب الموعد "المصيري" في السابع من حزيران (يوليو)، يبقى المواطن- المراقب للجو السياسي المشحون، والمشحون بدوره بجرعات كبيرة من صراعات السياسيين وتوترات خطاباتهم الانتخابية، ضائعا بين طروح المعارضة والموالاة يضاف اليهما طرح الكتلة الوسطية او المستلقة الباحثة عن موطئ قدم بين القصر الجمهوري والصرح البطريركي، والتي يدرجها البعض في خانة التكتيك السياسي للحدّ من تأثير الفريق المسيحي المعارض وامكان فوزه في الانتخابات النيابية المقبلة.
جنبلاط والحمى الانتخابية
وفي اطار تقويم الاداء السياسي لافرقاء السياسة ونجومها قبيل الانتخابات، ترى مصادر قريبة من المعارضة انّ النجم الاساسي يبقى رئيس الحزب التقدي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط "احد ابرز بواعث الحمى الانتخابية، والمثال الابرز على التقلب في المواقف والتبرّم من الحلفاء المفترضين، واللابس في كل صباح لبوسا مختلفا عن ما سبق". وتقول: "لقد قدّم جنبلاط في اطلالاته الاخيرة خطابا متطرفا استهدفت ناره رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ووزير الدفاع الياس المر وقائد الجيش العماد جان قهوجي و"حزب الله" والوزير طلال ارسلان، لكنه هادن رئيس مجلس النواب نبيه بري".
وتلاحظ ان "رسائل جنبلاط حملت ابعادا مختلفة لا سيما تلك المتعلقة بالانتخابات النيابية، حيث تعمّد ابراز موقف متقارب مع رئيس البرلمان، ‏موحيا بشكل واضح تأييده لاعادة انتخابه في موقعه في الدورة النيابية ‏المقبلة، وهو ما حمل علامات استفهام عما اذا كان رأيه يعبر عن موقفه الشخصي ام انه ‏نتيجة مشاورات جانبية مع رئيس تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري وبقية اطراف الموالاة".
وتلمّح الى انّ كلامه قد "يشكل إعادة تموضع سياسي لمرحلة ما بعد الانتخابات تقوم ‏على اساس محاولة اعادة احياء الصيغة التي كانت اعتمدت إبان حكم الرئيس الراحل الياس ‏الهراوي، اي تفاهم الرؤساء الثلاثة اضافة الى النائب جنبلاط كقوة رابعة، وما عزز ‏الانطباع كلامه حول رئاسة الحكومة وترشيحه الحريري، لافتة الى انه في هذا التوجه الجنبلاطي مسعى الى تحالف رباعي يعينه في الانتخابات النيابية من الخسارة المحتمة.. لكن بصيغة مختلفة عن تحالف العام 2005" (مع حزب الله وحركة "امل" وسعد الحريري).
وترى ان "التشتت في خطاب الموالاة وفي صفوفها، ناتج بالدرجة الاولى من ان كلا من افرقائها يحاول النجاة بنفسه بصرف النظر عن مجالسيه من حلفاء واصدقاء، على طريقة "انا ومن بعدي الطوفان". وتشير الى ان "مردّ هذه التشتت الدراسات الاحصائية التي تنفذها شركات استطلاعات خاصة ومعظمها تحمل رياحا باردة على الموالاة، كما ان تقارير معظم السفارات الغربية اتت في السياق عينه".
اضطراب المعارضة
في المقابل، يبدو المشهد الانتخابي لبعض المراقبين محرجا لقوى المعارضة "التي باتت مأسورة في تحالفاتها الداخلية، بين اقطابها من جهة، وفي مواجهتها المعركة الانتخابية ككل من جهة اخرى، مع توسّع المنافسة لتشمل عنصرا جديدا بات يعرف بالكتلة الوسطية المولودة من الصراعات السياسية نفسها والتي تحاول الوقوف في صف رئيس الجمهورية على الرغم من انه لم يعلن يوما تبنيها ككتلة محسوبة عليه او داعمة له، الا انها نجحت بالفعل في التربّع في حضن البطريركية المارونية".
ويعتبر هؤلاء المراقبون انه "فيما تشكّل الكتلة الوسطية محورا للتجاذبات السياسية على الخط الانتخابي بين مؤّيد ومنتقد ومرحّب وغير معلّق، يبقى العنصر الطارئ دخول البطريركية المارونية، بصراحة شديدة وللمرة الاولى، على المحور الانتخابي مع ترحيب البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير بالكتلة الوسطية في ما يقارب الدعم الصريح والمباشر في مواجهة كلّ من معسكري الموالاة والمعارضة".
وفي ظل الحماوة الانتخابية التي تظلل المشهد السياسي على الساحة الداخلية، تعتبر مصادر في قوى الرابع عشر من آذار (مارس) انّ اضطراب المعارضة بائن بشكل واضح "فهي تتخبّط من كل الجهات نتيجة عدم التفاهم الانتخابي بين اقطابها لا سيما بين الفريق المسيحي اي "التيار الوطني الحر" وحركة "امل" بزعامة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهو ما فشل وزير الصحة محمد جواد خليفة المحسوب على بري بالتغطية عليه او نفيه في زيارته الاخيرة للرابية ولقائه العماد ميشال عون".
وتضيف المصادر انّ العماد عون مرتبك نتيجة وضعه الانتخابي في بعض المناطق لا سيما في المتن بعد الانفصال والطلاق مع النائب ميشال المر، الرائد الاول في ابتكار الكتلة الوسطية ومهندسها الاساسي، اضافة الى وضعه في الجنوب وفي جزين تحديدا حيث الخلاف ظاهر مع الرئيس بري.
وتلفت الى انّ موقف البطريركية المارونية الاخير ودعمها الواضح للكتلة الوسطية وسّع الشرخ القائم اصلا بين عون والبطريرك صفير، "فالجنرال يعتبر انّه المستهدف الاول من قيام هذه الكتلة لضربه مسيحيا، وهو كان قد اعلن مرارا انها الاسم الحركي لمسيحيي 14 آذار (مارس) الذين يحاولون، برأيه التخفي بلباس آخر في محاولة للوصول الى الندوة البرلمانية، بعدما فشلوا في سياسيتهم ومن خلال انضوائهم في صفوف "ثورة الارز" من تحقيق المبتغى بالفوز.
استحقاق يقلب الموازين
وفيما يسطع نجما العماد عون والنائب جبنلاط في سماء السياسة قبيل الانتخابات النيابية المقبلة، وفيما الفترة الفاصلة عن موعد الاستحقاق الانتخابي في السابع من حزيران (يوليو) تشكّل وقتا مستقطعا لبلورة التحالفات والتفاهمات التي قد يطرأ بعضها في الدقيقة الاخيرة، تبقى كل المسائل السياسية المهمة مجمّدة الى حين الانتخابات او اقله تستخدم كمادة انتخابية للحشد والتأييد والاستغلال السياسي. وتبقى طاولة الحوار شكلا من اشكال الفلكلور والروتين السياسي الذي لن يؤدي طبعا الى استيلاد استراتيجيا دفاعية تحمي الوطن من المخاطر المحدقة به من كل جهة، فبنظر الساسة تبقى الانتخابات النيابية التي ستقرر من سيحكم البلاد للسنوات الاربع المقبلة اهم من الاستراتيجيا الدفاعية التي قد يستعاد طرحها على طاولة الحوار مجددا، هذا اذا بقيت الطاولة.
الاستراتيجيا مجددا
الى ذلك، وبالعودة الى الصورة السياسية الانتخابية التي بدأت ترتسم معالمها منذ اللحظة، استأثرت الحركة السياسية الاخيرة للنائب جنبلاط باهتمام الوسط السياسي كما المراقبين والمحللين، وفي هذا السياق يقول مصدر نيابي رفيع لـ"الاسبوع العربي" ان "قرار رئيس "اللقاء الديموقراطي" سحب ممثله المقدم شريف فياض من لجنة الخبراء المعنية درس الاستراتيجيا الدفاعية لم يعلق البحث فيها، خلافا لكل التسريبات التي رافقت هذا القرار، لكن قد تصبح هذه اللجنة مضيعة للوقت قياسا بمداولات الاجتماع الاول والوحيد الذي عقدته، وتاليا هي ليست في حاجة الى اختصاصي اضافي للتنظير في قضية محسومة سلفاً عند البعض (حزب الله) ولا مجال للمناقشة الا انطلاقا من جوامد وضعها هذا البعض وغير قابلة للنقاش من وجهة نظره".
وينفي ما سرب عن امكان مقاطعة جنبلاط الجلسة الحوارية المقبلة في القصر الرئاسي في بعبدا في الثاني من آذار (مارس)، مستبعدا ان يلجأ جنبلاط الى هذا الخيار، "لكنه سيسجل انّ الحوار بدأ مع الوقت يفقد مصداقيته عند اللبنانيين لعدم تطبيق ما اتفق عليه سابقا"، وانه يرى أن اللجنة "ليست في حاجة الى عنصر إضافي للتنظير طالما أن كل فريق باق على رأيه".
ويتساءل المصدر أين الاستراتيجيا الدفاعية المكتوبة لـ"حزب الله" التي سنناقشها في داخل جلسات الحوار؟ ويقول: انّ "حزب الله" لا يبحث جديا في هذه الاستراتيجيا وجلّ ما يقوم هو تضييع الوقت من اجل الوصول الى الانتخابات النيابية المقبلة التي ينظر اليها كاستحقاق داخلي وكذلك اقليمي ودولي بامتياز باعتبار انها معركة بين مشروعين وطرحين من أجل تحديد موقع لبنان في المنطقة وهو سيخوض المعركة بهذه الذهنية باعتبارها مكملة لنتائج حرب تموز (يوليو) العام 2006.
ويعتبر أن "إسقاط حزب الله لمشاكل المنطقة والعالم على الانتخابات التشريعية، لا يعني أبدا اهمال التفاصيل بشأن هذا الاستحقاق، فهو سبق الجميع في التحضير لها، وأطلق ماكينته الانتخابية في المناطق كافة قبل أشهر، في حين بدأ مجلس شورى الحزب حوارا داخليا حول الأسماء الحزبية التي سيخوض من خلالها معركته، وذلك بالتزامن مع إجراء الحزب حوارًا آخر مع حلفائه في المعارضة بشأن المقاعد غير الشيعية التي ستكون على لوائحه".
ويلفت الى "مشاكل تعترض "حزب الله" بشأن الاستحقاق الانتخابي، اذ انّ هناك عقبات كثيرة قد تحول دون دخول المعارضة كتلة واحدة في كل المناطق".





الاثنين، 9 فبراير 2009

Sphere: Related Content
هو جزء من كل ولن يكون مهمشا ... لكنه ليس في اولوية ادارة اوباما
انطباعات من واشنطن: خيار الحرب الاقليمية هو الاسوأ للبنان
فريدريك هوف سفيرا اميركيا متوقعا في دمشق .. لكن ليس قبل الصيف

ينشر في "الاسبوع العربي" في 16/2/2009
ما الذي قد يحمله باراك اوباما الى العالم مع دخوله رسميا الى البيت الابيض؟ سؤال يشغل بال الكثيرين ويشكل نقطة اهتمام وعامل ترقّب. ففي العشرين من كانون الثاني (يناير) تسلم اوباما الزمام وتربّع على العرش السياسي لاكبر دولة في التاريخ الحديث. وفي ظل كثرة الراهنات على العهد الاميركي الجديد بعد اكبر انتكاسة سياسية واقتصادية حلّت ببلاد العمّ سام والعالم نتيجة خطايا اميركية في السياسة كما في الاقتصاد، يبدو اوباما، الآتي الى البيت الابيض على حصان اسود بتأييد شعبي عارم والمثقل بتركة سلفه جورج بوش، خشبة خلاص علّقت عليها الكثير من الآمال الاميركية والعالمية.
يبقى الشرق الاوسط نجم السياسة العالمية وقلب العالم السياسي في كل العهود الاميركية، يفرض نفسه بندا اساسا في السياسة الاميركية الخارجية وعاملا يترقبه الكثيرون في خطب رئيس الولايات المتحدة الاميركية. والى حين حلحلة العقد السياسية في هذا الشرق وازماته المتجددة المتمحورة في اساسها حول الصراع العربي- الاسرائيلي، سيبقى هو محور اهتمام السياسة العالمية عموما والاميركية خصوصا حتى تحقيق السلام، اكان سلاما على انقاض هذا الشرق او سلاما عادلا يحترم الحقوق، ولا تدفع ثمنه الدول العربية الصغيرة التي غالبا ما تكون كبش محرقة لصفقات صانعي السياسة. وحتى اثبات العكس يبقى لبنان، في ظل كل الاحتمالات، عاملا مقلقا في السياسة الاميركية التي غالبا ما تتناساه فتستذكره حسب مصالحها وصفقاتها في المنطقة.
بعيدا عن اهمية الحدث الذي قاد الرئيس الاسود الى البيت الابيض في سابقة تاريخية اثارت اعجاب الكثيرين وعكست تغييرا ملحوظا في هوى المجتمع الاميركي، يتساءل الكثيرون عن موقع لبنان في السياسة الاميركية الجديدة للشرق الاوسط، واي دور يلعبه هذا البلد الصغير في ظل كل المشاكل الشائكة اقليميا ودوليا والتي غالبا ما يشكل ساحة لترجمتها وتبلورها؟ سؤال يشغل بال السياسيين اللبنانيين الذين تقاطعوا بين مؤيد للادارة الاميركية الراحلة ونهجها تجاه لبنان، وبين معوّل على ادارة جديدة قد تطرح وتمارس تغييرات جذرية في التعامل مع ملفات المنطقة التي يكون لبنان ابرز المتأثرين بتداعياتها.
لبنان ليس في الاولوية
وفيما يتربع اوباما على عرش الرئاسة الاميركية بعيد وقوع الكارثة الاقتصادية الاكبر في العالم منذ عهد الرئيس الاميركي الاسبق ريتشارد نيكسون، وفي ظل مشكلات اميركا السياسية في بلدان عدة ابرزها في العراق وافغانستان، وما يترتب على ذلك من اموال وتكاليف حرب، يفيد تقرير ديبلوماسي غربي خاص، حصلت "الاسبوع العربي" على نسخته الاصلية باللغة الانكليزية، انّ لبنان لن يستحوذ اهتماما كبيرا وموقعا مهماً اقله في بداية عهد باراك اوباما، للاسباب السياسية والاقتصادية الآنفة. ويذكر التقرير انّ اهمية لبنان بالنسبة الى الادارة الاميركية الجديدة تكمن في انه يشكل جزءا من كلّ، اي انه يندرج من ضمن القضايا المهمة التي يجب معالجتها في اطار حلحلة قضايا الشرق الاوسط وانهاء الصراع العربي- الاسرائيلي الذي يضعه الرئيس الاميركي الجديد في خانة الاهداف الاساسية والمهمة للسياسة الاميركية.
ويشير التقرير الى انّ دور لبنان في المنطقة لن يكون مهمشا وموضوعا على الرفّ لانّ "هذا البلد طالما كان مسرحا وساحة للكثير من المشاكل التي واجهت وهددت الولايات المتحدة الاميركية ومشاريعها في منطقة الشرق الاوسط".
ويدرج نظرة الادارة الاميركية الجديدة الى لبنان من منطلق ارتباطه بايران بحكم علاقتها الاجتماعية والدينية والسياسية مع الطائفة الشيعية التي تشكل الفئة الاوسع من المجتمع اللبناني، وتركيز واشنطن في الفترة الاولى من عهد اوباما على مسار العلاقة الاميركية- الايرانية الجديدة التي تشكل الطبقة الاولى من سلم الاولويات الاميركي تليها قضية افغانستان من ثم الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني، الهند وباكستان واخيرا روسيا والصين.
الحرب خيار اسوأ للبنان
ويفيد التقرير ان اي قرار قد تتخذه الادارة الاميركية الجديدة بالذهاب الى الحرب كحل لازمات المنطقة ووقف التهديد للولايات المتحدة، قد يكون الاسوأ بالنسبة الى لبنان لانه، اذا ما حصلت الحرب، فسيكون في قلب الصراع المسلح، في حين انه يمكن ان يشكل صمام عملية السلام في الشرق الاوسط.
ويشير الى انّه من المستحسن ان يأمل لبنان، في عهد باراك اوباما، في الافضل وفي التقدم الى الامام كما ان يتحسّب لما هو اسوأ، لانه عندما قد ترى اسرائيل انه ما من امكانية لضرب سوريا او ايران تحت ذرائع مهمة ومقنعة، فانها ستعوض عن ذلك بضرب لبنان، الحلقة الاضعف، كمنطلق لاشعال الحرب في المنطقة.
ويلفت التقرير الى ان الولايات المتحدة بإدراتها الجديدة ستتبع سياسة متعارضة مع سابقتها، فهي عوض الحروب الاستباقية ومراعاة مصالح اسرائيل ستمارس سياسة براغماتية وشاملة تأخذ في الاعتبار العناصر الانسانية في التعامل مع العالم العربي كما المصالح الاقتصادية والوطنية التي تحافظ على المصداقية الاميركية.
ويشير الى ان ادارة اوباما ستعوّل على حلفائها من العرب، لا سيما دول الخليج عبر عناصرها المخابراتية الاقليمية، لمكافحة الارهاب خصوصا في سوريا وايران ولبنان، حيث ما من وجود او وصول مباشر للقوات الاميركية.
ويشدد التقرير الديبلوماسي الغربي على انّ اميركا- اوباما ستستكمل تجهيز الجيش اللبناني، ويأتي ذلك في سياق خطوات بدأت بعد حرب تموز (يوليو) 2006، واستكملت بتشكيل لجنة عسكرية اميركية- لبنانية منذ تشرين الاول (اكتوبر) 2008 لتسليح الجيش بكل المسلتزمات من دبابات وشاحنات وطائرات ومدفعية وصواريخ ومناظر ليلية، ليلعب دوره الكامل في الانتشار والسيطرة على كل الاراضي اللبنانية، ومواجهة خطر الارهاب وردعه عن لبنان.
زيارة ميتشيل في السياسة
وفي سياق ترقب الحيز العملاني من ممارسة الادارة الاميركية الجديدة في الشرق الاوسط، تتطلع اوساط متابعة الى نتائج جولة الموفد الأميركي الجديد إلى الشرق الأوسط جورج ميتشيل، خصوصا بعدما أسقطت محطتا بيروت ودمشق من برنامجه، وفي ضوء غياب أي اشارة اميركية بعد الى موقع كل من العاصمتين في السياسة الجديدة للبيت الابيض، على الرغم من كل ما صدر في العاصمة السورية من معلومات ومعطيات عن قنوات اتصال خلفية او سرية مع الولايات المتحدة الاميركية.
وعلم ان شخصيات وجهات لبنانية عدة تواصلت مع السناتور ميتشيل للوقوف على برنامج العمل الذي يحضره في اطار مهمته، التي سبق ان قام بما يشبهها في بداية عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش في العام 2001، ثم اقصي بسبب معارضة اسرائيل واللوبي اليهودي في واشنطن لتوجهاته وخصوصا في مسألة منع تمدد المستوطنات.
وقال بعض هذه الشخصيات لـ "الاسبوع العربي" ان ميتشيل يدرك تماما الصعوبات التي تعترض طريقه، وينطلق ايضا من تجربته الاسرائيلية - الفلسطينية في العام 2001، لكنه بدا انه لم يتأثر بما واجهه من صعاب في ذلك العام، وهو لم يغير مواقفه المبدئية من القضايا الساخنة في الاقليم، وخصوصا في كل ما يتعلق بالصراع العربي – الاسرائيلي. وهو يعدّ لبرنامج سياسي – اكاديمي حافل في هذا الاطار، من شأنه ان يترجم ويجسّد بدقة وحِرَفية ما يريده الرئيس الاميركي للمنطقة، وما ضمّنه كل خطاباته في السباق نحو البيت الابيض ومن ثم في خطاب القسم وتسلم الرئاسة، وفي مقدمه عقلية التغيير في مقاربة النقاط والجغرافيات الساخنة.
وكان ميتشيل قد توجه إلى الشرق الأوسط في جولة قادته إلى إسرائيل والضفة الغربية ومصر والأردن والمملكة العربية السعودية، بعدما قرر الرئيس الاميركي ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون ايفاده بعد أيام قليلة من تعيينه، وحتى قبل ان يبدأ العمل على تشكيل فريقه، للتدليل على ادراكهما لالحاح الوضع ولضرورة العمل أولا على تعزيز وقف النار في غزة، واستشراف سبل الانتقال الى متطلبات العمل على القضايا السياسية المعقدة.
في هذا الاطار، يلفت ديبلوماسي رفيع الى ان جولة المبعوث الاميركي وبرنامج عمله حددا عناصر السياسة الخارجية للولايات المتحدة الاميركية في ما يتعلق بالصراع في الشرق الاوسط، وخصوصا في كل ما يتعلق بالتسوية السلمية وبعودة الحقوق الى اصحابها. ويشير الى ان ثمة فرصة حقيقية في بداية عهد الاميركي الجديد لتحقيق اختراق نوعي، خصوصا ان اوباما في كل خطبه التمهيدية في سياق الحملة الانتخابية ابدى رغبة ملحة لتحقيق هكذا اختراق. لكنه يوضح ان ميتشيل لم يخض جديا بعد في الملف السلمي على المسارين الاسرائيلي – السوري والاسرائيلي – اللبناني، وان هذين العنوانين حضرا هامشيا في جولته الاوسطية، في انتظار جولة اخرى في الاقليم، على الارجح بعد الانتخابات العامة الاسرائيلية.
استدراك سوري.. وسفير؟
ويقول ان ثمة تركيزا اميركيا في الوقت الراهن على استكشاف مدى القدرة على اعادة تحريك المسار السلمي الفلسطيني – الاسرائيلي في ضوء تداعيات الحرب الاسرائيلية على غزة، وان أي خطة خارج هذا النطاق لن تسجل قبل استنفاد امكانية تحقيق تقدم ملموس بعد تدارك تداعيات هذه الحرب. لكنه يوضح انه ستكون لميتشيل محطة هامة في تركيا ستتناول حكما الوساطة التي اضطلعت بها انقرة بين دمشق وتل ابيب في ما عرف بالمفاوضات غير المباشرة.
ويشير الديبلوماسي الرفيع الى ان دمشق سارعت الى تلقف الليونة الاميركية بإيجابية، الا انها قد تكون قد تسرّعت في بناء حساباتها، بدليل ان الرئيس السوري بشار الاسد سبق ان توقع ان تعيّن واشنطن سفيرا جديدا لها في دمشق مباشرة بعد تسلم اوباما رئاسته، لكنها عادت واستدركت هذا التسرع، خصوصا بعد المعطيات التي باتت في متناول سفيرها في الولايات المتحدة الاميركية عماد مصطفى وفيها أن العمل بدأ لاختيار سفير لواشنطن في دمشق، لكن هذا التعيين لن ينجز قبل الصيف المقبل، خصوصا بعدما تبيّن للسفير السوري ان ثمة تباينا بين البيت الابيض، المندفع الى فتح حوار فوري مع سوريا، ووزارة الخارجية ومجلس الامن القومي، المتريثين.
وتوقع الديبلوماسي ان ترشّح الادارة الاميركية فريدريك هوف سفيرا لها في سوريا، لكن التعيين لن يحصل قبل الثيف، في انتظار جلاء الكثير من الامور في طليعتها المرحلة المصاحية لانطلاقة المحكمة الدولية الخاصة للبنان.


Sphere: Related Content
العلاقة الديبلوماسية اللبنانية- السورية محور اساس في محادثات موفد ساركوزي الى بيروت ودمشق
فرنسا الباحثة عن موطئ: سوريا دولة – مفتاح!

محضر زيارة فيليب ماريني الى دمشق: 3 عناوين.. وبعض اللبس


نشر في "الاسبوع العربي" في 9/2/2009
حرّكت مأساة غزة المساعي الديبلوماسية للسلام في المنطقة. فنشط، بعد الهدوء النسبي في القطاع، الحراكان الفرنسي والاميركي في اتجاه الدول العربية، ان لاستطلاع آخر المستجدات في المواقف لا سيما بعد كسر الجليد العربي- العربي، او لتسريع الخطوات نحو تفاهمات باتت اكثر الحاحا من اي وقت مضى. بين فيليب مارتيني وجورج ميتشل تسارعت الحركة الديبلوماسية على وقع المآسي العربية وما قد تنتجه من ازمنة طويلة من الحقد والعنف ان لم تستقم الامور الى طاولة مفاوضات، قد تحقق هذه المرة تقدما ملموسا نحو السلام.
العنوان اللبناني كان الممر الرئيسي في تطور العلاقة الفرنسية- السورية، فربطت فرنسا- نيكولا ساركوزي تحاورها مع سوريا بشرط تحسين العلاقات اللبنانية- السورية بعد زمن من السيطرة والاحتلال والوصاية السورية على لبنان، وفي ظل تقدم ملموس استقامت العلاقة بين بيروت ودمشق واتجهت نحو الاعتراف المتبادل لا سيما مع ارساء مبدأ العلاقات الديبلوماسية وتبادل العلاقة الديبلوماسية بين البلدين مما لاقى ترحيبا داخليا ودوليا ولا سيما فرنسيا دفع بادارة ساركوزي- على ما اعلنه مسؤولون فرنسيون تكرارا- الى المضي في الحوار مع دمشق على طريق الانفتاح والتعاون.
الا انّ التأخير في تعيين السفير السوري في لبنان على الرغم من ان السفارة السورية افتتحت في بيروت في السادس والعشرين من كانون الاول 2008، واعتمدت دمشق الديبلوماسي شوقي شماط مسيرا لاعمالها برتبة السكرتير الاول في السفارة، اثار العديد من التساؤلات عن النية السورية، لم يبددها اعلان السلطات السورية قبول اعتماد السفير ميشال خوري سفيرا للبنان.
وفي حين لم تعرف الاسباب الحقيقة لهذا التأخير، علما ان باريس سبق ان تلقت وعدا سوريا قاطعا بان تنجز كل الترتيبات الديبلوماسية مع لبنان بما فيها تعيين السفير، قبل نهاية العام 2008، اكد الرئيس السوري بشار الاسد في حديث تلفزيوني ان دمشق ماضية قدما في خيار اقامة العلاقات الديبلوماسية مع لبنان، لافتا الى انها ستسمي قريبا السفير السوري في بيروت.
محطة فرنسية جديدة
وفي سياق تقاطع الاحداث والمواعيد في المنطقة، لفت مراقبون معنيون الى انّ كلام الاسد جاء متزامنا مع استقباله مبعوث الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، عضو مجلس الشيوخ ورئيس جمعية الصداقة البرلمانية السورية – الفرنسية، فيليب ماريني صباح الاحد في الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير)، حيث اشار الاعلام الرسمي السوري الى ان "البحث تطرق الى تطور العلاقات بين البلدين كما جرى استعراض التعاون بين سوريا وفرنسا على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي".
وتأتي زيارة ماريني - وفق اوساط اطلعت على برنامجها - "بناء على قناعة الرئيس الفرنسي بأن سوريا دولة -مفتاح في خريطة المنطقة".
وفي حين نفى ماريني ان يكون الهدف من زيارته البحث في العلاقات اللبنانية-السورية وملف السفارات بين البلدين، معتبرا ان "المحاور في اللقاء مع الاسد هي أكبر بكثير من الحديث عن موضوع السفارات بين سوريا ولبنان، والذي أصبح موضوعاً إدارياً وإجرائياً، ولم يعد سياسياً، وعلى البلدين المعنيين تحديد الآليات والتواريخ التي تناسبهما"، الا انّ معلومات الاوساط نفسها اشارت الى ان الموضوع اللبناني كان حاضرا بقوة في المحادثات مع الاسد لا سيما في مسألة التبادل الديبلوماسي مع لبنان، وانّ ماريني نقل الى الاسد ما تريده فرنسا – ساركوزي وهو "رؤية كل دولة تحترم سيادة الأخرى، ولا تتدخل في شؤونها. ولفرنسا علاقة جيدة مع الدولتين، إلا أن العلاقة الفرنسية - السورية غير مرتبطة بشكل كليّ بالعلاقة الفرنسية - اللبنانية".
وعلمت "الاسبوع العربي" ان مهمة السناتور الفرنسي هي الاولى التي يكلفه بها رسمياً الرئيس ساركوزي، وتأتي في اطار جولة له لتقويم واقع العلاقة الفرنسية مع الشرق الأوسط والخليج. وهي ترتكز على ثلاثة محاور:
1-البحث في الملفات التي أعيد طرحها بين فرنسا وسوريا في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، إضافة الى علاقة سوريا مع دول المنطقة، في ضوء ارتباطاتها الخاصة مع كل من إيران وتركيا ولبنان وفلسطين. وكانت للعلاقات الاقتصادية بين البلدين مكانة متقدمة في مهمة المبعوث الرئاسي، خصوصا بعد ابتعاد الشركات الفرنسية عن السوق السورية، وصولا الى حادثة شركة "توتال" التي أُخرجت من الاستثمار في احد حقول النفط لمصلحة شركة اميركية في العام 2003، علما ان باريس شريك اقتصادي مهم لدمشق، اذ بلغت قيمة الصادرات السورية في العام 2007 نحو 700 مليون دولار، في حين بلغت قيمة وارداتها نحو 500 مليون دولار.
2-ملف السلام العربي الإسرائيلي، ومآله بعد الحرب في غزة، وفي ظل التغيير الرئاسي الاميركي. ولباريس رغبة في اداء دور مركزي متوازن يرتكز على حل الدولتين واستمرار التفاوض على أساس أوسلو، لكنها لن تُقْدم قبل استكشاف الرؤية الاميركية، علما ان ماريني ابلغ الى القيادة السورية انه مكلف رسميا البحث عن الدور الذي يمكن لبلاده القيام به في اطار استعادة عملية السلام، مع تأكيد دعم السطة الوطنية الفلسطينية كمؤسسة لتكون محاورا قادرا على اتخاذ القرارات.
3-البحث مع صناديق الاستثمار العربية في آليات التعاون مع "صندوق الاستثمار الفرنسي" المستحدث اخيرا. وهذا البند موضع بحث مع الخليج العربي حصرا.
وعلى الرغم من النفي الفرنسي – السوري المزدوج لاي علاقة بزيارة المبعوث الرئاسي لدمشق بملف السفارتين اللبنانية – السورية، الا ان ايا من المراقبين لا يمكنه الفصل بين الزيارة والبطء في تعيين سفير في لبنان، وهو ما اعتبرته باريس اخلالا جزئيا في الالتزامات السورية الرسمية.
نظير لخوري؟
وفي وقت اثار رفض الرئيس السوري ربط العلاقة الفرنسية- السورية بتطور ملف العلاقات اللبنانية- السورية، أكد مصدر ديبلوماسي مطلع أن لا تغيير في سياسة فرنسا تجاه سوريا، لافتا الى أن تصريح الأسد لن يؤثر على الموقف الفرنسي الثابت والذي يأخذ في الاعتبار العلاقات اللبنانية – السورية من دون أن يكون هذا الموضوع شرطا أساسيا لتطور العلاقات الفرنسية – السورية، إنما أحد الاعتبارات المهمة في تطور الموقف الفرنسي تجاه سوريا التي تلعب دورا مهما وإيجابيا في منطقة الشرق الأوسط.
وكان لافتا، ما يشير اليه المصدر الديبلوماسي اياه، ان دمشق استبَقَتْ وربما حضّرت زيارة السيناتور ماريني بإصدار الرئيس السوري مرسوم قضى بنقل السفير في اسبانيا المهندس مكرم عبيد إلى الإدارة المركزية لوزارة الخارجية في دمشق.
واعطت هذه الاوساط احتمالين لهذا المرسوم الرئاسي:
أ-إما أن عبيد سيحال على التقاعد، ولن يمدد له لبلوغه الخامسة والستين، وهي سن التقاعد في سوريا.
ب-وإما انه، بموجب القرار النافذ، سيمدد له حتى السبعين، بحيث يعيّن سفيراً في لبنان مباشرة بعد نقله الى الادارة المركزية.
يذكر ان عبيد هو السفير السوري في اسبانيا والسفير المعتمد لدى الفاتيكان، وكان وزيرا للنقل، وهو خال الوزير السابق الدكتور كرم كرم.
وتليه في الترشيحات الأديبة كوليت الخوري، حفيدة أحد أبرز رجالات الاستقلال في سوريا فارس الخوري، اللبناني ابن الكفير في قضاء حاصبيا، وأحد مؤسسي الكتلة الوطنية السورية ورئيس الحكومة ومجلس النواب مرارا.
في لبنان
وفيما نقل ماريني، لدى مجيئه الى لبنان، عن الاسد قوله انّ سوريا ادت دورا ايجابيا حيال "حزب الله" لضبط النفس ابان احداث غزة، نفى مصدر رسمي سوري ما جاء في تصريحات ماريني، مؤكدا انّ "الأسد لم يتطرق مع الموفد الفرنسي من قريب أو بعيد إلى موضوع "حزب الله" ولم يأت على ذكره إطلاقاً". كذلك نفى السفير الفرنسي المعتمد في دمشق ميشيل دوكلو تصريحات ماريني حول استخدام سوريا نفوذها للتأثير في "حزب الله" خلال العدوان على غزة، مستغربا التصريح وأسبابه. وهو امر رد عليه ماريني بـ "تفهّم" نفي السفير في دمشق، مجددا التأكيد انه فهم من الاسد تماما ما سبق ان اشار اليه، وهو الدور السوري في ضبط "حزب الله" ابان الحرب الاسرائيلية على غزة.
وفي سياق تقويم زيارة موفد ساركوزي الى بيروت، يصف مصدر مطلع على تفاصيل الزيارة الى انّها كانت غنية جدا "فهو ادرك انّ الجميع في بيروت يتنظرون الانتخابات ويستعدون لها وبعضهم يراها مصيرية في حين يرى آخرون انها لن تغيّر شيئا في المشهد اللبناني. الا انه استغرب من انّ الحكومة لم تتمكن حتى الآن من اطلاق عجلة الدولة اقله عبر اصدار التعيينات الادارية.
وينقل المصدر عن الموفد الفرنسي تأكيده انّ فرنسا تنتظر من الانتخابات النيابية احترام أصول الديموقراطية، مؤكدا انّ باريس ستحترم نتائج الانتخابات مهما كانت وهي لن تفعل كما فعل البعض مع الانتخابات الفلسطينية في العام 2006، في اشارة الى رفض الدول الكبرى وخصوصا الولايات المتحدة الاميركية تكريس او الاعتراف بفوز "حماس".
ويشير الى انّ الحديث السائد في لبنان عن انّ "فوز فريق دون الآخر، سيؤدي إلى وقف المساعدات الخارجية للبنان، أو إلى تجميد مفاعيل باريس 3، هو من باب الاستهلاك الانتخابي".
ويؤكد المصدر انّ زيارة ماريني جددت الحرص على دور المسيحيين في لبنان، وينقل عنه قوله انّ "المسيحيين في لبنان لم يعودوا منذ مدة طويلة أكثرية عددية، حتى إنهم لم يعودوا يوازون ما يعطيهم النظام والدستور. وعندما يمسي وضعهم على ما هو عليه اليوم يجب ان يفكروا بمنطق الأقلية لحماية وجودهم وللدفاع عن أنفسهم. وهذا المنطق يفرض على المسيحيين أن يكونوا موجودين في كل الأطياف السياسية في لبنان. هذه هي الطريقة الوحيدة التي قد تقيهم شر الخسارة، أمام من بات يمثل الأكثرية".