الاثنين، 11 أغسطس 2008

3200 "مفقود" في الطريق بين دمشق وتل ابيب

Sphere: Related Content
اقفال ملف الاسرى في اسرائيل وتصحيح العلاقة مع سوريا نفض عنهم غبار النسيان
3200 "مفقود" في الطريق بين دمشق وتل ابيب
تبارز انتخابي لحصد انجازات واهية في ملفات اودعت "للحفظ" عقودا


ينشر في مجلة "الاسبوع العربي" في 18/7/2008
مع احياء ملف العلاقات اللبنانية- السورية بعد اعلان باريس عن اقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين وعودة الاسرى من السجون الاسرائيلية من خلال عملية التبادل الاخيرة بين "حزب الله" واسرائيل عبر الوسيط الالماني والتي اقفلت هذا الملف، تصدرت قضيتا اللبنانيين في السجون السورية واللاجئين قسرا الى اسرائيل الاهتمام المحلي بعد اعوام من التهميش واسكات الاصوات المطالبة بحق العودة ومعرفة المصير. ومع زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لسوريا، وهي الخطوة العملية الاولى بعد تسلمه الدعوة الرسمية من وزير خارجيتها وليد المعلم والشروع في مسار تصحيح العلاقات، فرض هذان الملفان نفسيهما قضيتين عالقتين في انتظار الحل السريع.
لحظ البيان الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية في فقرتيه الرابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين مسألتي المفقودين واللاجئين، على خلاف البيانات الوزارية للحكومات السابقة، مع التشديد على انّ الحكومة ستقوم بتوفير كل المناخات اللازمة والتسهيلات الممكنة من اجل تأمين عودة اللاجئين بما يتوافق مع القوانين المرعية الاجراء، آخذة في الاعتبار الظروف الخاصة لكل منهم، كذلك ايلائها الاهتمام والعناية اللازمين للكشف عن مصير المفقودين اللبنانيين "احتراما لحق ذويهم بالمعرفة في سبيل تعزيز المصالحة الوطنية والانتهاء من مآسي هذه القضية في اطار التسامح والمحبة".
اذن، بعد ثلاثة اعوام على اعتصام اهالي المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية امام مبنى الاسكوا في ساحة رياض الصلح، يبدو الضوء الاخضر السياسي متاحا لمباشرة البحث الجدي في هذا الملف لربما يصل هذه المرة الى الخواتيم المنشودة طاويا بذلك مأساة انسانية اطاحت بكل الاعراف والتشريعات الحقوقية الدولية.
وتفيد مصادر لجنة متابعة قضية المعتقلين، التي اجتمعت باللجنة السورية منذ ما يقارب الثلاثة الاسابيع عند الحدود اللبنانية- السورية بعد انقطاع ثلاثة اشهر نتيجة الاشكالات التي حصلت عند الحدود وأدت الى اقفال المعابر، انها توصلت الى معرفة تفاصيل كاملة عن مصير عدد من المفقودين، في حين بقي قسم ضئيل من ملفات آخرين مبهما. وتشير الى انّ اللجنة السورية وعدت الجانب اللبناني بالاستقصاء عن اوضاعهم وايداع اللجنة اللبنانية النتائج في خلال الفترة القريبة المقبلة.
في ميزان السياسة
وبعد كلام المعلم من قصر بعبدا على انّ "من صبر سنين يمكنه ان يصبر بضعة اسابيع"، وما حمله هذا القول من اقرار ضمني بوجود معتقلين لبنانيين في السجون السورية بعد نكران ونفي سوريين طيلة الفترة الفائتة، وفي حين اقتصرت المطالبة السياسية بمتابعة هذا الملف في خلال فترة الوصاية وما بعدها على بعض الاطراف السياسيين المسيحيين في المعارضة، تسارعت في الوقت الراهن المواقف السياسية المستجدة من مجمل الاطراف والاحزاب مطالبة بـ "احقاق الحق والعدالة وتبيان المصير"، في محاولة لقطف ثمار انجاز لم تلتفت الى قيمته الانسانية آنذاك وتاركة اياه طي التهميش والنكران.
وتعتبر مصادر نيابية معارضة انّ موضوع المفقودين والمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية هو "موضوع انساني بامتياز يجب التوصل الى نهاية له بعد مسار طويل من العذاب لعائلات كثيرة"، مؤيدة عودتهم جميعا الى منازلهم. وتشدد على ضرورة التحقق من وجودهم في سوريا اذ ان ثمة اتهامات لم يدقق فيها احد من قَبل والحكومة اللبنانية مسؤولة في هذا الموضوع". وتلفت الى انه "لا بدّ من بتّ هذا الملف في خلال زيارة الرئيس سليمان لسوريا وتفعيل عمل اللجنة القضائية اللبنانية - السورية المشتركة لإخراجه من التجاذب السياسي".
وتؤكد انّ "كل الجهات السياسية ذاقت اللوعة والجميع مجرمون والجميع ضحايا، والمطلوب حل يتطلّب جهدا مع سوريا وإسرائيل ومع قادة الميليشيات التي كانت مسؤولة عن جرائم الخطف والاختفاء القسري، لأنه من المعروف انّ هناك مقابر جماعية، والأهالي يطالبون بفتح هذه المقابر". ولفت الى انّ اللبنانيين لم يتوصلوا بعد الى معالجة صراعاتهم الناتجة عن الحروب "وإذا لم نتمكن من معالجة الجرائم، فعلى الأقل يجب أن نعالج نتائجها لنتحول في المستقبل سلاما واستقرارا في لبنان". وتشدد على انّه "في حال اراد السوريون فعلا تصحيح علاقاتهم مع لبنان فلا بدّ لهم من معالجة هذه القضية".
وحدة في الموقف ام مزايدات؟
وبعدما كانت الاكثرية النيابية قد تقدمت عبر عدد من نوابها بمذكرة منذ اشهر عدة الى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة طالبت فيها بإحالة ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية الى الجامعة العربية ومن بعدها الى مجلس الامن الدولي، ولم تلق تلك الخطوة اي تجاوب عربي او دولي لعدم نضوج الظروف السياسية آنذاك، تنحو بعض قوى الرابع عشر من آذار (مارس) الى احتكار تبنيها لهذا الموضوع بإعتبار انها "ام الصبي" في سباق سياسي مع خصومها.
وتقول مصادر نيابية في هذه القوى انّ "حلّ ملف المفقودين في السجون السورية لطالما كان مطلبا اساسيا في خطابنا السياسي والوصول به الى خواتيمه المرجوة بمثابة تحقيق هدف اضافي من اهداف "ثورة الارز" واستكمالا لتنفيذ المسار الاستقلالي الذي بدأ في آذار (مارس) من العام 2005 وادى الى خروج القوات السورية من لبنان".
وتؤكد وجود اكثر من 600 لبناني لا يزال مصيرهم مجهولا، لافتة الى انّ القول في السابق بعدم وجود مختفين قسراً في سوريا "كذب وتعمية على الحقيقة، لأن كل الوقائع والأدلّة تثبت عكس ذلك". وتؤكد وجود اختفاءات قسرية في المعتقلات السورية، معتبرة أنّ الخطوة الاولى لحل هذه القضية "تتمثل بالخروج عن التعمية والاقرار بالحقيقة خصوصا انّ الوقت والظروف الراهنة تسمح بمعالجة هذا الملف". وتضيف: " في حال لم يتم التوصل الى نتيجة في هذا الموضوع يجب اللجوء الى تحقيق دولي لانّ المسؤول عن الاختفاء القسري هو دولة أجنبية، ولانّ التحقيق الداخلي اللبناني وكذلك اللجان التي تشكلت لم تؤدّ الى كشف الحقيقة".
مجرمون ام ضحايا؟
الى ذلك، أعادت قضية المفقودين والمعتقلين في السجون السورية، تصويا الاهتملم الى قضية لا تقل أهمية والمتمثلة بلجوء لبنانيين الى اسرائيل في اثناء الانسحاب الاسرائيلي في أيار (مايو) العام 2000، وهي احدى المسائل العالقة التي نصّ عليها البند السادس من وثيقة التفاهم بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" الموقعة في 6 شباط 200.
في هذا الاطار، تؤكد مصادر معنية بمتابعة هذا الملف انّ التيار و"حزب الله" يتابعان هذا الموضوع، مشيرة الى ان عودة اللاجئين تتطلب ظرفا سياسيا ملائما وعملا ومتابعة حكومية تهيىء وتسهل عودتهم بالاجراءات القانونية اللازمة. وتؤكد ان "حزب الله" متساهل في هذا الملف انما التعقيد يأتي من جانب الحكومة"، مذكّرة بحكم "المؤبد" الذي صدر في حق فتاة في الثامنة من عمرها لجأت مع اهلها الى اسرائيل. وتلفت الى انه بعد خطاب القسم والبيان الوزاري هناك ضرورة للاسراع في ايجاد الحلول الملائمة لعودة اللاجئين اللبنانيين في اسرائيل، وان يكون سعي عملي وجدي يعالج هذه المشكلة من جوانبها كافة، خصوصا ان شقا كبيرا منها قانوني وان الشريحة الاكبر من هؤلاء غير معنية بجرائم الحرب او الجرائم ضد الانسانية والتي قام بها عدد من الذين انتموا الى "جيش لبنان الجنوبي".
وتشير الى انّه "اضافة الى الشق القانوني، هناك شق عملي يتعلق بمجموعة ملفات تعني اللبنانيين الذين لجأوا الى اسرائيل وامضوا فيها ما يزيد عن 8 اعوام، بحيث أكمل في خلالها الطالب دراسته، وحصل على شهادة لا تعادلها السلطات اللبنانية او تعترف بها، ومن تزوج وأنجب فشهادة الولادة الموقعة من السلطات الاسرائيلية غير معترف بها في لبنان، والمطلوب اذاً معالجة هذه الامور بطريقة عملية وجدية تسبق عودة هؤلاء اللاجئين وتسهلها".
وتلاحظ هذه المصادر انّه "بعد الايحاء السياسي الذي ظهر في البيان الوزاري وخطاب القسم الداعي الى تسهيل هذه العودة ضمن الاطر القانونية، باتت الحاجة ملحة الى الانكباب على معالجة كل ظروف اللبنانيين الذين امضوا 8 اعوام في اسرائيل وايجاد حل للعوائق التي تحول دون عودتهم وتداعيات هذه المرحلة على حياتهم في مختلف الميادين وتسهيل عودتهم من خلال اتخاذ اجراءات عملانية، اذ ليس الهدف اليوم فقط تسهيل العودة انما تأمين الظروف التي ستسمح لهم بأن يعيشوا حياة طبيعية والاندماج في الواقع اللبناني".
وتذكر المصادر ان" قسما كبيرا من هؤلاء ملاحق بجرم دخول اراضي العدو وهذا امر مخالف للقانون علما ان الجزء الاكبر منهم لم ينتم الى "جيش لبنان الجنوبي" انما دخل اسرائيل خوفا من اي ردة فعل تجاهه من "حزب الله"، لافتة الى انه في القانون كل من يدخل أراضي العدو يرتكب جناية، وعليه المطلوب اولا لحل هذه القضية مقاربة قانونية تميز بين مرتكب جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية وبين من اضطر في خلال فترة الاحتلال الاسرائيلي للجنوب ان يتعاطى مع الاجهزة المدنية للاحتلال كالعمل في اسرائيل او التبضع هناك، فهذا هرب الى اسرائيل خوفا، ولا بد من تصنيف واضح لكل الحالات، والتعاطي مع هؤلاء لدى عودتهم بطريقة مختلفة كالعفو عنهم مثلا وخصوصا في ظل مطالبة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير باصدار عفو عام عن اللاجئين الى اسرائيل. وتبقى شريحة قليلة ارتكبت جرائم تصنف ضد الانسانية يجب التعاطي معها بحسب مقتضى قانون العقوبات ومندرجاته".
وتكشف المصادر ان "هناك نحو 2600 لبناني لاجئ في اسرائيل يريدون العودة، ومن لا يرغب في ذلك هاجر منذ زمن الى اوستراليا او اوروبا او اميركا...، وهو مدرك انه ارتكب جرائم ضد الانسانية ويخشى حكم القانون اللبناني عليه".
في الموازاة، يبرز تكتم شبه تام لدى "حزب الله" عند الحديث عن موضوع اللاجئين، ويتمحور الكلام القليل على هذه المسألة بضرورة العودة الى ما ورد في وثيقة التفاهم بين "التيار الوطني الحر" والحزب في بندها السادس، "اذ انّه كما ورد في الورقة هناك حاجة لمعالجة هذه القضية، لأن عدداً كبيراً من العائلات لا ذنب لها حتى لو خالف بعضهم القوانين اللبنانية، أو اقترف جرائم جنائية، وتاليا لا يمكن تحميل الزوجة والأولاد مسؤولية أشخاص شاركوا بأعمال حربية بالتعاون مع إسرائيل. ويجب الفصل في مختلف الحالات والعمل على تسهيل عودة العدد الممكن من العائلات التي لجأت إلى إسرائيل".

ليست هناك تعليقات: