الثلاثاء، 25 مايو 2010

Sphere: Related Content

عشرات الموفدين طمأنوا بيروت.. ما عدا واحدا

لبنان يُتخَم بالرسائل.. ولا يستريح!

3 اسباب اميركية لا تزال تحول دون الحرب الاسرائيلية

تنشر في "الاسبوع العربي" في 31/5/2010

في اسبوعين، غرق لبنان برسائل ديبلوماسية نقلها اكثر من مسؤول عربي واوروبي، تركت الكثير من التساؤلات والهواجس في اذهان اللبنانيين، فهم لم يستطيعوا عزل هذا الحراك الديبلوماسي الاستثنائي عما يحوط بهم من تحديات من المناورات الاسرائيلية المتواصلة والتهديدات المترافقة، الى التوتر الناتج من استمرار الملف النووي الايراني عنوانا خلافيا، وبينهما ما يترقبونه من تطورات على صلة بعمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وخصوصا بعدما حدد رئيسها القاضي الايطالي انطونيو كاسيزي التشرينين الآتيين موعدا محتملا لصدور القرار الاتهامي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

اثارت ظاهرة التزاحم العربي والدولي في بيروت الكثير من الاسئلة والحشرية لتلقف ابعادها وخلفياتها وسبر غمار اسبابها ونتائجها، وسط اعتقاد اقرب الى اليقين بأن لها أبعادا غير منظورة مرتبطة بالمناخ الاقليمي الشديد الغموض والاضطراب وباحتمالات تعرض لبنان لحرب اسرائيلية؟

الانطباعات الكثيرة التي رافقت هذه الظاهرة، جاءت متناقضة نظراً الى صعوبة وضع مقاربة موضوعية لكل منها بعل تعدد المبعوثين وتنوع الرسائل.

نصائح بإبطال الذريعة

وتقول مصادر رسمية انه يفترض مقاربة ظاهرة التوافد الاستثنائي بموضوعية شديدة، أي من دون مبالغات مضخمة.

وتكشف ان المسؤولين اللبنانيين تلقوا ممن زاروا بيروت في الاسابيع الثلاثة الفائتة، نصائح بضرورة ايلاء الوضع في الجنوب الاهتمام الكبير وعدم اعطاء اسرائيل الذريعة لاي عمل عدواني قد يستهدف لبنان، وتاليا لا بد من تعزيز انتشاب الجيش جنوب الليطاني وتفعيل التنسيق مع القوة الدولية المعززة لضمان حفظ الامن، وتوفير مناخات الهدوء في هذه المنطقة، بما لا يعطي اسرائيل اي مبرر لمهاجمة لبنان.

وتشير المصادر الى انه على رغم التطمينات الدبلوماسية التي وصلت بيروت، فإن فتيل المواجهة قابل للاشتعال في اي لحظة لا سيما ان اسرائيل تتحين الفرصة لتنفيذ مغامرة جديد ضد لبنان او سوريا، او ضدهما معاً، على ما اشار اليه بعض المسؤولين الغربيين في اتصالات اجروها مع قيادات رسمية لبنانية، وهو ما يحتم على لبنان ان يتعامل مع هذا الموضوع بأقصى درجات المسؤولية لمنع انزلاق الوضع.

وتؤكد المصادر ان هناك حرصاً رسمياً وتأكيدات على أعلى المستويات، بتوفير كل الظروف المؤاتية التي تسمح للقوة الدولية المعززة ممارسة دورها كاملاً في حفظ الامن في نطاق عملها بالتنسيق والتعاون مع الجيش، وفق منطوق القرار 1701 الذي اكد لبنان التزامه به، واستناداً الى المهام المكلفة بها هذه القوة ضمن بنود هذا القرار، ما يعني ان لبنان رفض ويرفض كل ما يتداول اسرائيليا عن تغيير في قواعد الاشتباك التي تحكم آليات عمل "اليونيفيل".

الطبول تخفت

وتجمع عواصم القرار، وتلك المعنية مباشرة بالاستقرار اللبناني السياسي والامني، على ان خيار الحرب تراجع وجرى تأخيره الى السنة المقبلة، حدا ادنى. وهو الاستنتاج الذي سمعه المسؤولون اللبنانيون من اكثر من زائر، استنادا الى المعطيات الآتية:

1-ترغب واشنطن في التفرغ راهنا لادارة الملف النووي الايراني وتعطي الأولوية للعقوبات على استخدام القوة.

2-وهي تسعى الى استئناف مفاوضات التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهذا خيار بأولوية مطلقة، تنسفه تماما اي حرب، كبيرة كانت ام محدودة.

3-وهي تدرك ان تل ابيب لم تقدّم (والارجح لن تستطيع) اي ضمانة بأن الحرب ستشل القدرة الدفاعية لطهران في ايران وفي خارجها، حتى لو استطاعت الضربة، كما هو المبتغى، احداث شلل موقت في البرنامج النووي وتأخيره سنوات عدة تتراوح، بحسب تقديرات الاجهزة الاستخبارية في الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل، بين الخمس والسبع. ذلك ان القدرة الايرانية على الانتقام، حتى بعد تعرضها للضربة الكبيرة المفترضة، تتسع من مضيق هرمز الى مساحات الخليج النفطي والعراق المأزوم، حتى الحدود اللبنانية – الاسرائيلية، وتتهدد للمرة الاولى اسرائيل من شمالها الى جنوبها.

تطمينات بالجملة

وعلى وقع الرسالة التطمينية التي نقلها الى المسؤولين اللبنانيين عدد كبير من المسؤولين العرب والاوروبيين، ولا سيما وزير الخارجية الاسبانية ميغيل انخيل موراتينوس، عن عدم تلمس مناخ في تل ابيب للتصعيد، في مقابل رغبة بالانسحاب من الجزء اللبناني من قرية الغجر قبل نهاية حزيران (يونيو) المقبل واستكمال المفاوضات، اجرى الجيش الاسرائيلي على مدى خمسة ايام انتهت يوم الجمعة في الثامن والعشرين من يارا (مايو) واحدا من أكبر التدريبات التي قام بها خلال الاعوام الثلاثة الفائتة، اطلق عليها اسم "نقطة تحول - 4"، وشارك فيها مختلف المؤسسات والجهات ذات الشأن. واتت هذه التدريبات ضمن إستعدادها لإحتمالات وقوع حرب، وفي اطار سياق التهديدات الاسرائيلية المتكررة للبنان وللامن في الاقليم المتوسطي.

ويقوم السيناريو الاسرائيلي على تعرض المدن الى ضربات من "حزب الله"، يليها مباشرة اطلاق صفارات الانذار يدخل في اعقابها الاسرائيليلون إلى ملاجئ، فيما تعقد الحكومة جلسة طارئة برئاسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ثم يعقد المجلس الوزاري الامني المصغر اجتماعاً لاتخاذ قرار الرد على صواريخ "حزب الله"، وفي خلال ذلك تتولى طواقم الانقاذ نقل مئات المصابين إلى المستشفيات، فيما يساعد جيش الدفاع المدني السكان على الهرب إلى مستوطنات الضفة الغربية.

وحرصت تل ابيب على القول لزوارها من المسؤولين الاوروبيين، ان لا تهديد حقيقياً بالحرب يلوح بالأفق على الرغم مما تسميه "تهديد حزب الله"، وعلى التمييز بين المناورات السنوية التي تنفذها والتهديد بالحرب الفورية خصوصاً في الجبهة الشمالية.

وصارحت تل ابيب اكثر من زائر بوجود ثغر حقيقية لدى جيشها لا تستطيع أي مناورة، مهما كانت ناجحة، أن تغطّيها، وانها طورت كثيرا قدراتها العسكرية منذ حرب تموز (يوليو) 2006، لكنها غير جاهزة بعد للحرب مع لبنان بسبب وجود نقاط ضعف حقيقية مثيرة للقلق تحتاج بعد الى سنوات.

اما المناورات "فلا إمكانية لعدم اجرائها في بلد يمكن أن يُستهدف في أي لحظة بعشرات الآلاف من الصواريخ التي يمكنها أن تطال معظم أرجائه".

... ما عدا واحدا

وعلى رغم وجود شبه اجماع لدى عواصم القرار بأن هذه المقاربة اللاحربية هي الاقرب الى الواقع والمنطق، فإن وزير اوروبيا زار بيروت يرى ان ان أسباب الحرب لم تنتف كليا، وخصوصا ان أي حادث غير محسوب او غير منضبط قد يشكّل الشرارة لما هو غير متوقع او منظور. وبرأي هذا الوزير ان احد اركان الحرب المحتملة، ضرب "حزب الله" بإعتباره احد الاذرع الايرانية الاقوى في سياق رد فعلها الانتقامي، وان استهداف هذا الذراع قد يدفع ايران الى تليين موقفها التفاوضي، من دون اغفال اشباع الغرور الاسرائيلي برد الاعتبار للجيش "الذي لا يقهر" بعد انتكاسة العام ٢٠٠٦، وتلقين الحكومة اللبنانية "الحاضنة البيولوجية لـ "حزب الله"، درسا من خلال استهداف البنى الرئيسة للاقتصاد على ابواب صيف يعول عليه لبنان لإدراك ما فاته من الفوائض المالية الخليجية الناتجة من ارتفاع سعر النفط على امتداد اعوام الازمة اللبنانية بين العامين 2005 و2009.

في هذا السياق، يشير مسؤولون في يروت الى ان الوفود الغربية حذرت لبنان من توفير ذرائع لإسرائيل لشن حرب على لبنان، منبهين إلى أن الحرب إن وقعت ستكون لها نتائج كارثية على الواقع اللبناني. ويلفتون إلى أن إسرائيل تسعى الى الحصول من الولايات المتحدة الاميركية على القبول بتوجيه ضربة لإيران، وفي حال حصل ذلك فإن الساحة اللبنانية ستكون في قلب الحدث.

ويكشف هؤلاء المسؤولون انهم تلقوا وعودا بممارسة ضغوط شديدة على إسرائيل، لكن بعضهم أشار إلى أن هذه الوعود صيفية فقط، ولا ضمانات باندلاع مواجهات خريفية، انطلاقا من تطورات الملف النووي الإيراني.

الضغط الذي يولّد الانفجار

ويخشى اكثر من قيادي لبناني من ان تبدَّد هذه المناخات السلمية بحادث صغير قد يشعل الشرارة. فصحيح ان التلويح بالحرب لا يعني ابدا ان الحرب ستحصل، الا ان تصاعد الضغط على ايران، قد ينتج ردة فعل تؤدي الى مواجهة عسكرية سيكون لبنان مساحتها الاولى، وهذا ربما ما استدعى القوة الدولية المعززة في الجنوب الى خفض عديدها من 15 الفا كما هو منصوص عليه في القرار 1701، الى نحو ثلاثة او اربعة آلاف كما هو الوضع الميداني، اذ عندذاك يسهل على قيادة هذه القوة وضع خطط الانسحاب العاجل من الجنوب في حال حصول طارئ عسكري لا يتجاوز انجازه الاربع والعشرين ساعة، في اتجاه الجزيرة القبرصية (بشطرها اليوناني) وجمهورية مصر العربية.

غير ان قيادة القوة الدولية لا تزال على تأكيدها ان الوضع في الجنوب لم يشهد اي تحركات غير عادية على الجانبين، ما يؤكد نجاح هذه القوات في فرض احترام الحد الادنى للقرار الدولي 1701، وذلك اشارة الى ان الا تعدجيل مرتقب مهمتها العلانية والميدانية، لا سيما ان هذه المسألة مرتبطة حصرا بمجلس الامن الدولي الذي على عاتقع تقع مسؤولية وصلاحية القرار المناسب في شأن تعديل المهام او الابقاء عليها كماهي، بالتشاور مع الدول.

وتشدد قيادة القوة الدولية المعززة على ان الاتجاه الدولي الغالب لا يزال مصرا على تعزيز الاستقرار في نطاق عملياتها جنوب الليطاني، بالتعاون مع الجيش اللبناني، حيث اثمر هذا التعاون استقراراً امنياً اثار ارتياح ابناء الجنوب طيلة الاعوام الاربعة الفائتة.

وتلفت القيادة الدولية الى ان لا معطيات حسيّة لديها بامكان توتير الاوضاع في الجنوب، وتاليا هي تستبعد حصول عمل عسكري اسرائيلي ضد لبنان، خصوصا انها لا توفر جهادا لإستدامة ضبط النفس لدى الاطراف المعنية بالقرار 1701، ولا تألو جهداً لتنفيذ مهمتها على اكمل لثبيت الهدوء في منطق عملياتها.

Sphere: Related Content

لا موقف سورياً من الزيارة والتقويم على النتائج

الحريري في واشنطن: سلام وشبكة حماية

رئيس الحكومة حصّن الزيارة بذهابه الى الرياض ودمشق

لاسبوع العربي 24/5/2010

في الثالث والعشرين من ايار (مايو) تحطّ طائرة سعد الحريري في مطار واشنطن، ليبدأ الرجل اولى زياراته الرسمية رئيسا للحكومة، وسط غبار ظلل التحضيرات لهذه الزيارة، منذ ان سُرّب خبر حصولها في منتصف ايار (مايو).

يزور رئيس الحكومة سعد الحريري واشنطن في الثالث والعشرين من ايار (مايو) حيث يلتقي الرئيس الاميركي باراك اوباما ونائبه جو بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومستشار الامن القومي جيمس جونز. ثم ينتقل الى نيويورك في 25 منه ويرأس جلسة لمجلس الامن تناقش عنوانا اختاره لبنان هو "حوار ما بين الثقافات وعلاقته بالامن والسلام الدوليين"، ويلتقي الامين العام للامم المتحدة بان كي مون.

وتأتي زيارة الحريري بعد مرحلة من التوتر الكلامي وتبادل التحذيرات بين اسرائيل و"حزب الله", على خلفية تقارير اسرائيلية تتحدث عن تلقي "حزب الله" أسلحة وصواريخ من سوريا، وفي ظل استمرار التحركات الخارجية لخفض التوتر، وإثر ما تردد عن عدم الارتياح الأميركي لتصريحات سابقة لرئيس الحكومة حيال الاتهامات بأن "حزب الله" حصل على صواريخ "سكود"، والذي أبدى خشية فيها من ان تكون هذه الاتهامات شبيهة بتلك التي أشارت الى امتلاك النظام العراقي السابق أسلحة دمار شامل لم يعثر عليها بعد اجتياح العراق.

واستُبقت الزيارة والتحضيرات لها، بكثير من القيل والقال وبكلام منسوب الى رئيس الحكومة عن موافقته على ان "تقتني المقاومة في لبنان كل ما يمكنها من الدفاع عن حدود وسيادة لبنان بما في ذلك صواريخ "سكود" في مواجهة أي محاولة اسرائيلية للاعتداء على لبنان"، وأنه "لا يختلف مع "حزب الله" في عنوان المقاومة نهائياً، بل يختلف معه في بعض الأمور الداخلية".

تشويش وانزعاج؟

واذ نفى المكتب الاعلامي الكلام المنسوب الذي "يتعارض تعارضا كلياً مع مصلحة لبنان, لأن من شأن ذلك جره إلى تجاذبات إقليمية خطيرة يجهد الرئيس الحريري منذ أن ظهرت بوادر مخاطرها إلى حماية لبنان منها"، يقول مقربون من رئيس الحكومة ان ما يعنيه بالفعل هو مصلحة لبنان اولا واخيرا، وبالتالي فان الكلام المنسوب اليه والذي يتعلق عما تردد من مواقف اتخذها من سلاح المقاومة وخصوصا حقها في اقتناء صواريخ "سكود"، يتعارض تعارضا كليا مع مصلحة لبنان لأن ذلك من شأنه جر البلاد الى تجاذبات اقليمية خطيرة يجهد الحريري منذ ان ظهرت بوادر اخطارها لحماية لبنان منها.

ويرى المقربون من رئيس الحكومة ان التشويش الذي سبق إعلان موعد الزيارة لن يؤثر في مضمومنها ونتائجها، وأن الموعد تحدد بناء على تقاطع بين جدولي أعمال أميركي ولبناني، ولا دلالات سياسية له. وأكدوا ان أهمية هذه الزيارة تتركز على حصولها في أعقاب التهديدات الإسرائيلية وفبركات التسلح المزعوم، وتاليا لا بد من حضّ واشنطن على ممارسة المزيد من الضغط عليها لتحريك عملية السلام في المنطقة.

ويكشف هؤلاء ان الحريري سيبحث في لقاءاته الاميركية في مسألة بلدة الغجر الحدودية التي تحتل إسرائيل الجزء اللبناني منها وضرورة الانسحاب منها، اضافة إلى موضوع مزارع شبعا وأهمية قيام الولايات المتحدة الاميركية بمبادرة ما حيالها.

ويعتبر بعض المراقبين في بيروت ان ثمة اكثر من جهة محلية وعربية "منزعجة من الزيارة او ترى فيها لزوم ما لا يلزم، خصوصا ان ما سيسمعه الحريري سبق ان سمعه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في زيارته لوشنطن في شتاء العام 2009، فالموقف الاميركي معروف ومرسوم مسبقا ومنحاز الى اسرائيل ولن يقدّم ما من شأنه ان يخدم المصلحة اللبنانية".

ويشير المراقبون الى ان الرافضين او المتحفظين "اجتمعوا على محاولة رسم سقف سياسي لزيارة رئيس، من خلال "تلبيسه" مواقف مماثلة لمواقف هؤلاء، الأمر الذي من شأنه أن يحدّ من امكانات نجاح الزيارة قبل حصولها، وفي ذلك مواقف استباقية شبيهة بما تعرّض له رئيس الجمهورية قبل زيارته واشنطن وبعدها.

ويتحدث المراقبون عن تشابه في الحملات التي تشنّ على الحريري بتلك التي كانت تشن على والده رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري قبيل وأثناء وبعد كل زياراته إلى الولايات المتحدة الاميركية.

تحصين الزيارة

وعلى وقع التحفظات والاعتراضات، فضّل رئيس الحكومة تحصين زيارة واشنطن ومقاربة ما سبقها بموضوعية، فخطى في اتجاه الرياض ودمشق في اطار جولة عربية وتركية، ذات طابع سياسي محض، اراد منها تلمّس الاتصالات الاقليمية والدولية الحاصلة لتطويق التهديدات الاسرائيلية، ولا سيما في ضوء قمتين رئاسيتين اولى ثلاثية في اسطنبول في التاسع من ايار (مايو) ضمت الرئيس التركي عبد الله غل والرئيس السوري بشار الأسد وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وثانية ثنائية في دمشق في الحادي عشر من ايار (مايو) جمعت الاسد بالرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، وثالثة ثنائية في انقرة في الثاني عشر من ايار (مايو) جمعت غل بميدفيديف.

وتبين لمسؤولبن لبنانيين ان دمشق لا يبدو قلقة فعلاً من آفاق زيارة الحريري، لاسباب موضوغية عدة، في حين يؤكد زوار العاصمة السورية انهم "لم يلتقطوا أي إشارات توحي بأنها تتحفظ عن مبدأ الزيارة، وهي لم ولن تتدخل في التأثير عليها، لا سلبا ولا إيجابا، لا عبر حلفائها ولا عبر غيرهم، ولكن ذلك ليس معناه أن سوريا تتعامل بلامبالاة مع تلك الزيارة التي ستكون تحت النظر وستخضع الى رصد دقيق، سواء على مستوى ما سيقال خلالها أو على مستوى ما سيدور في كواليسها".

ويشير زوار دمشق الى أن لا أفكار سورية مسبقة حيال الزيارة، وان الحكم النهائي عليها مرتبط بالحصيلة التي ستفضي اليها".

ويذهب بعض الزوار الى الايحاء بأن زيارة الحريري لواشنطن "قد تكون فرصة إضافية لتعزيز العلاقة بينه وبين دمشق إذا تضمن خطابه السياسي تأكيدا للثوابت المتصلة بالصراع مع إسرائيل وحق المقاومة والعلاقة المميزة مع سوريا، لان مثل هذا الخطاب يكتسب قيمة مضافة إذا تم تظهيره في واشنطن".

اما الانتقادات والاعترضات في بيروت، "فهي لبنانية صرف لا دخل لدمشق بها، وهي لن تتوانى عن ايصال كلاحظاتها مباشرة عبر القنوات المؤسسية القائمة بين البلدين من السفارتين الى المجلس االعلى اللبناني – السوري، فضلا عن قناة التواصل المتفق عليها بين الاسد والحريري، اي بثينة شعبان ونادر الحريري".

... والتحضيرات

واقع الحال ان التحضيرات لزيارة رئيس الحكومة لواشنطن بدأت منذ مطلع هذا العام، وهي ارجئت اكثر من مرة لاسباب عدة، منها:

-انشغال المسؤولين اللبنانيين بعدد من الاستحقاقات، في مقدمها التحضير للانتخابات البلدية والاختيارية، وانصراف الحكومة الى المناقشات المرتبطة بقانون هذه الانتخابات، من ثم التحضير لمشروع قانون الموازنة وغيرها من العناوين السياسية التي افترضت انتظار توقيت مناسب للزيارة.

-انتظار لبنان اتضاح الصورة الاقليمية في ضوء التطورات التي حصلت، وخصوصا في العراق وفلسطين.

- موقف لبنان من استئناف المفاوضات الاسرائيلية - الفلسطينية غير المباشرة في اطار عملية اعادة احياء وتحريك عملية السلام وعلى أساس حل الدولتين، وما يرشح عن المسؤولين اللبنانيين بوجود اتجاهين: اتجاه يدعم استئناف المفاوضات على المسار الفلسطيني انسجاما مع الموقف العربي الذي كان أعطى الضوء الأخضر لهذه المفاوضات وتشجيعا للموقف الاميركي الذي طرأ عليه تحول هام وأصبح يشدد على حل القضية الفلسطينية بابا لحل مشاكل المنطقة بما فيها التطرف والارهاب، واتجاه آخر لا يدعم ولا يشجع استئناف المسار الفلسطيني من دون المسارين السوري واللبناني وفي اطار سلام عادل وشامل، ولا يجيز للجنة العربية لمتابعة عملية السلام اعطاء الضوء الأخضر للسلطة الفلسطينية من أجل الانطلاق في مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل لمدة أربعة أشهر.

-انشغال الرئيس الاميركي بإستحقاقات داخلية، في مقدمها معركته مع الكونغرس في مسألة قانون الرعاية الصحية، والذي شكل خطرا مباشرا على رئاسته وتطلب منه وقتا وافرا لادارة اقراره، نظرا الى ان هذا القانون سبق ان احرق مرارا اكثر من ادارة رئاسية.

-رغبة الرئيس الاميركي بتلافي احراج لبنان ورئيس الحكومة تحديدا في مسألة تشديد العقوبات على ايران، وتاليا نضجت الزيارة منذ ان قررت واشنطن ارجاء اتخذ اي قرار الى حزيران او ما بعده.

التقويم

في التقويم السياسي، تتزامن الزيارة المرتقبة، مع احتدام وتشابك الملفات الإقليمية التي تعني لبنان وتحاصر استقراره وتؤثر عليه.

فالحريري الذي يرافقه وفد كبير وزاري واقتصادي وإعلامي (في عداد الوفد وزير الدفاع الوطني الياس المر ووزير الخارجية والمغتربين علي الشامي ووزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ ووزيرة المال ريا الحفار الحسن والمستشار السياسي السفير محمد شطح)، أعد له برنامج لقاءات حافل يشمل كل مسؤولي الادارة الاميركية البيت الابيض الى وزارة الخارجية والأمن القومي والبنتاغون والكونغرس. وفي نيويورك سيترأس جلسة مجلس الأمن الذي يرأسه لبنان في دورته الشهرية عن ايار(مايو).

ويتمحور موقف الحريري وخطابه السياسي حول فكرتين - ضرورتين: ضرورة حماية لبنان الملتزم بالقرار 1701 من التهديدات والأخطار الإسرائيلية، وضرورة دفع عملية السلام الى الأمام لأنها الوسيلة الوحيدة لكبح جماح التطرف والإرهاب في المنطقة، ولأنه لا حل للأزمات العالمية السياسية والأمنية ما لم يتم حل القضية الفلسطينية حلا عادلا ومستداما.

الاثنين، 3 مايو 2010

Sphere: Related Content

واشنطن ارجأت العقوبات على طهران شهرا كاملا رفعا للاحراج عنه

لبنان رئيسا لمجلس الامن.. ويبحث عن أمانه!

بيروت بين التحفظ عن العقوبات واتباع الخطى التركية

استفاقة الديبلوماسية اللبنانية بعد عقود من الخمول تفترض حسن الادراك والتميّز!

ينشر في الاسبوع العربي في 10/5/2010

لبنان امام تحدّ جديد إضافي، خارجي هذه المرة، مرتبط برئاسته الدورية عن شهر ايار (مايو) لمجلس الامن الدولي، الذراع التنفيذية لمنظمة الامم المتحدة. والتحدي الجديد متشعّب، يبدأ من آليات الادارة اللبنانية لهذه الرئاسة، عبر رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية وصولا الى المندوب في المبنى الزجاجي الاشهر في العالم، السفير نواف سلام، ولا ينتهي بكيفية المواءمة بين مجموعة من الرؤيات المتناقضة في المجموعة العربية التي يمثّلها لبنان في مجلس الامن على حتى نهاية كانون الاول (ديسمبر) 2011، ولا سيما في ما خصّ الملف النووي الايراني والعقوبات الدولية المرتقبة.

اثار ترشيح لبنان الى عضوية مجلس الامن، قبل عام، الكثير من الالتباسات والتحليلات دفعت بفريق لبناني الى الضغط على رئاسة الجمهورية حتى تعتذر عن هذه العضوية، وتجيّرها الى دولة عربية اخرى. فالتحديات اللبنانية ستكون كثيرة وكبيرة، ومن شأنها، كمثل موضوع الملف النووي الايراني، ان يثير مزيدا من الانقسام اللبناني، في حال نحا لبنان الى تأييد العقوبات المرتقبة اثناء ولايته الاممية، فكيف اذا كانت هذه العقوبات ستسري اثناء ترؤس لبنان مجلس الامن؟!

ردت الرئاسة اللبنانية على هذه الهواجس بتأكيد حرصها على استكمال الحضور اللبناني على المستوى الدولي، بعد ضمور واسع اثر تميد ولاية الرئيس اميل لحود في ايلول (سبتمبر) العام 2004، ولا فرصة لاستكمال هذا الحضور، افضل او ارقى من تبوؤ عضوية اهم المؤسسات الدولية والاممية المعنية بتنظيم العلاقات بين الدول والشعوب.

اما عن كيفية ايجاد المخرج في مسألة العقوبات المحتملة على ايران، فبسيطة، اذ ان لبنان يمثّل المجموعة العربية في مجلس الامن، وهو لن يتخذ اي موقف او لن يصوّت على اي قرار او اجراء دولي، من خارج الاجماع العربي ومن دون التشاور المستفيض مع العواصم العربية ومع مندوبيها في الامم المتحدة.

ويسأل مراقبون دويبلوماسيون: لماذا لم تثر هذه الاشكالية زمن عضوية كل من سوريا (2002 -2003) والجزائر (2004 – 2005) وقطر (2006 - 2007) وليبيا (2008 – 2009) في مجلس الامن الدولي، خصوصا ان دمشق نفسها سبق في العام 2002 ان صوّتت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2002 بضغط من الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا، بالموافقة على مشروع قرار "الفرصة الأخيرة" رقم 1441، الذي تقدمت به واشنطن، ودعمته لندن، وهو القرار الذي منح العراق فرصة أخيرة للامتثال لالتزاماته المتعلقة بنزع السلاح بموجب قرارات مجلس الأمن، على رغم ان هذا الاجراء لم يحظ في حينه اجماعا عربيا، ولم توافق عليه ايران. كما صوتت في ايار (مايو) 2003 الى جانب القرار 1483 الذي يمنح قوات التحالف الاميركي - البريطاني سلطة الاشراف على الاقتصاد والعملية السياسية في العراق.

إستعادة الصورة

يقول السفير نواف سلام ان "جزءاً من رسالة لبنان وصل بدخول لبنان مجلس الأمن بأن هذا البلد يستعيد عافيته وهو موجود على الساحة الدولية ومشارك في القرارات الدولية وله رأيه المسموع في القضايا التي تخصه أو تخص المنطقة من داخل هذا المجلس". ويشير الى انه "في هذا الشهر ستتضح صورة لبنان أكثر في عودته الى السياسة الدولية وسيسلط مزيد من الضوء على دور لبنان في قضايا تمتد من نيبال الى التشاد ومن السودان الى فلسطين ومن الصومال الى كل أنحاء العالم. سيكون صوت لبنان مسموعاً في كل أنحاء العالم".

ويوضح ان لبنان سيرئس المجموعة العربية التي قدمت ثلاث أوراق عمل لمؤتمر مراجعة معاهدة حظر الإنتشار النووي: الأولى تتعلق بنزع السلاح والثانية عن الإستخدام السلمي للطاقة الذرية والثالثة عن شأن تحويل الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي، مشيرا الى أن المناقشات لا تزال جارية في شأن الأوراق الكثيرة التي قدمتها الدول، وخصوصاً الورقة الروسية - الأميركية، ولافتا الى أن الوفد اللبناني بإسم المجموعة العربية "يتواصل مع الطرفين الأميركي والروسي وسندخل الترويكا العربية في هذه المفاوضات".

ويؤكد سلام ان "الموقف العربي ثابت ومتفق عليه بالإجماع. نريد الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي تنفيذاً لقرار اتخذ عام 1995"، رافضاً "رفضا قاطعا ربط هذا الموضوع بأي شكل بعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط".

ويتحدث عن "مساع جارية لايجاد تسوية مع ايران. ولبنان يؤيد أي تسوية مع ايران"، رافضاً "اطلاقاً أي ربط بين الموضوعين النوويين لكل من ايران واسرائيل".

لا عقوبات هذا الشهر

في الاسبوع الثالث من نيسان (ابريل)، اجرى السفير سلام في بيروت جولة من اللقاءات الرسمية ممهدة للمهمة اللبنانية الجديدة، في حين علم ان بيروت نقاشات رئاسية وحكومية مستفيضة جرت فيب بيروت لتحديد آليات الادارة اللبنانية في مجلس الامن وسبل التعاطي مع القضايا المطروحة للنقاش او المتوقع ان تكون عناوين رئيسية في ايار (مايو).

وفي مسألة امكان طرح قرار لتشديد العقوبات الدولية على ايران على خلفية ملفها النووي، يفضّل لبنان اعتماد الحوار بدلاً من فرض العقوبات، واذا طرح اي قرار للتصويت، فسيلتزم التحفّظ.

وعلمت "الاسبوع العربي" ان اتصالات حثيثة بين لبنان والولايات المتحدة الاميركية وبمشاركة عربية واقليمية، افضت الى قرار واشنطن تأجيل فرض العقوبات على ايران والتي كانت تعتزم طرحها للتصويت في ايار (مايو)، الى حين انتهاء الرئاسة اللبنانية، وبذلك اخذت واشنطن في الاعتبار الاحراج اللبناني من جهة، والرغبة المشتركة في الا يتأثر اي تحفظ لبناني في مجلس الامن على العلاقات الثنائية، خصوصا ان واشنطن تُعتبر راهنا اهم مصدر لمساعدة الجيش والقوات المسلحة ببرنامج تسلح وتدريبات، يفوق مجموعها الميار دولار.

وترجح التقديرات، وفق معطيات "الاسبوع العربي"، ان مجلس الامن سيصوت في خلال فترة رئاسة المكسيك للمجلس في حزيران (يونيو)، على قرار تشديد العقوبات على ايران، بموافقة صينية وروسية مما سيترك الكثير من التداعيات ان لجهة ردة الفعل الايرانية او لجهة ما المواكبة الاسرائيلية للعقوبات من خلال مواصلتها التهديد للبنان وسوريا ايران و"حزب الله".

قِدر بلا غطاء!

تأسيسا على ذلك، يعتقد ديبلوماسيون في بيروت ان لبنان امام تحد جديّ في فترة انتقالية حرجة يعيشها الاقليم، تبقى محكومة بتوازنات تجعل من مشهد التهديدات الاسرائيلية والاستعدادات المقبلة اشبه بمشهد قِدْر من المياه، بلا غطاء، فوق صفيح ساخن، ليس في استطاعة احد تقدير الاضرار متى بلغت المياه درجة الغليان.

ويشير هؤلاء الى ان هذا التحدي يفترض ادارة لبنانية متميزة، في بيروت كما في نيويورك، ذلك ان صورة لبنان الدولية التي ارادها لنفسه، بعد ضمور، تفترض تعاطيا غير تقليدي، لا سيما في ضوء التحديات الكثيرة، وتتطلب ارادة ديبلوماسية رائدة وذكية، للسير وسط حقول من الالغام والصواعق، ولقراءة مجمل المعطيات الاقليمية، بحيث يحافظ من جهة على وحدته، ويقارب من جهة اخرى الملفات المطروحة بموضوعية ومسؤولية.

ويعتبرون ان استفاقة الديبلوماسية اللبنانية بعد عقود من الاستقالة والخمول و"التبعية" وغياب المبادرة الخلاقة، فرصة كي يؤكد لبنان انه في صميم الشرعية الدولية، وانه قادر على الخروج من ضيق زواريبه ومن مستنقعات انقساماته الداخلية، الى العالم الرحب حيث الديبلوماسية باتت السلاح الامضى، فينشّط آليات التحرك مع عواصم القرار في أروقة الأمم المتحدة ويحيك معها ما يؤكد أحقية دوره المتوسطي والوجودي.

النموذج الاسطنبولي

ويرى الديبلوماسيون ان احد طرق الخلاص اللبناني من الاحراج، متى طرحت الولايات المتحدة قرار العقوبات على ايران (لأن لبنان سيكون امام استحقاق التصويت على القرار سواء كان رئيسا للمجلس او عضواغير دائم فيه)، هو ان يقتدي بالمسار التركي في التصويت او الامتناع عنه، ذلك ان الاستظلال بتركيا يقي لبنان ردات فعل سورية او ايرانية او حتى داخلية، نظرا الى الدور المتعاظم لانقرة ولديبلوماسيتها الفذّة والمتألقة، والى الحظوة والدالة التي لها في ايران وفي سوريا، والى دورها الحيوي على اكثر من صعيد متوسطي، في ظل سياسة خارجية متعددة الأبعاد، ترتكز على ان انقرة ذات عمق وموقع استراتيجيين وليست مجرد جسر، وهي لذلك تسعى الى علاقات بالإقليم خالية كليا من التوتر.

المجموعة العربية ومجلس الأمن

ومما قد يسهل مهمة لبنان، ان المجموعة العربية في الأمم المتحدة حرصت أن تنأى بنفسها عن الخلافات العربية - العربية وأن تبقى متماسكة متوحدة حول المسائل الكبرى، على رغم الانقسامات بين عدد من العواصم. فممثلو هذه المجموعة على اتم الادراك ان الانقسام العربي العلني أمام الدول الأعضاء يسيء اليها كلها ويقلل من هيبتها وحضورها، وان تماسكها يمكن أن يترجم إلى قرارات ذات أهمية تاريخية- فوحدة المجموعة وقوتها بعد حرب تشرين (أكتوبر) 1973 وثورة النفط، قاد إلى الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ودعوتها الى الجلوس كمراقب في الأمم المتحدة في العام 1974. كما فرضت اللغة العربية لغة رسمية للأمم المتحدة.

لكن هذه الوحدة تأثرت مرارا، فلم تصمد أمام الحوادث الخلافية الكبرى كاتفاقية كامب ديفيد في العام 1979، وغزو العراق للكويت في العام 1990.