الاثنين، 18 أغسطس 2008

سوريا تستعيد العالم عبر سفارتها في بيروت!

Sphere: Related Content
"الاسبوع العربي" تنشر النص الكامل لمذكرة الترويكا الاوروبية الى وليد المعلم
سوريا تستعيد العالم عبر سفارتها في بيروت!

مذكرة الترويكا شكلت خريطة الطريق للقمة اللبنانية - السورية
دمشق تتطلع الى بلوغ واشنطن عبر الطريق الاوروبي السريع

ينشر في الاسبوع العربي في 25/8/2008
http://www.arabweek.com.lb/2550/liban2.pdf
انعقدت القمة اللبنانية – السورية، وهي اول قمة في الجمهورية الثانية لرئيس لبناني مع نظيره السوري بنفس سيادي، وفي جدول اعمالها ملفات كثيرة، بعضها متراكم منذ استقلال البلدين وبعضها من تداعيات مرحلة الوصاية السورية على لبنان التي استمرت نحو 30 عاما. وهي اول مناسبة يعلن فيها الجانبان رسميا عزمهما على تعزيز العلاقة بينهما والعمل على تجسيد ذلك بما يتطلب من اجراءات تحفظ سيادة كل بلد واحترامه الآخر. فجاءت الغلّة اقامة العلاقات الديبلوماسية، ترسيم الحدود وضبطها، استئناف اعمال اللجان المشتركة لترسيم الحدود، العمل على انهاء ملف المفقودين ومراجعة الاتفاقات القائمة واتخاذ الاجراءات اللازمة لتفعيل التبادل التجاري.
احاط كثير من التحليلات زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لدمشق الاسبوع الفائت، وعقد عليها كثير من الآمال لترميم ما انكسر في العلاقة بين البلدين، ان في فترة الوصاية او في ما تلاها بعد انسحاب القوات السورية في نيسان (ابريل) العام 2005. وما كانت هذه الزيارة لتتصدر صفحات الاعلامي المحلي والدولي لولا اكتسابها ابعادا وخلفيات سياسية اوسع من حدود كلا البلدين، وما كانت في الاصل لتحصل لولا توافر الظروف الاقليمية والدولية التي تقاطعت مع مصلحة سوريا راهنا بقبول تبادل العلاقات الديبلوماسية مع لبنان ارادتها الشام منصة للاطلال مجددا على العالم بعد مسار تاريخي طويل شابه غياب ارادة الاعتراف العلني امام المجتمعين العربي والدولي بلبنان دولة سيدة وحرة ومستقلة.
دمشق تغيّر سولكها
ويرى ديبلوماسيون اجانب انّ "اعلان باريس الذي جاء ثمرة الخطوة الفرنسية الانفتاحية الاولى على سوريا بعد فترة سادها شبه مقاطعة لنظامها خصوصا في خلال عهد الرئيس السابق جاك شيراك على خلفية عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري، وضع النظام السوري تحت مجهر المجتمع الدولي وتحت امتحان فحص النيات لقياس مدى التزامه في التعاطي الدولي المطلوب مع ملفات المنطقة وخصوصا مع الملف اللبناني بعد اجتياز المرحلة الاولى من تصويب الوضع السياسي في لبنان عبر اتفاق الدوحة واعادة القطار الى سكته الصحيحة".
ويعتبرون ان "سوريا ارادت من خلال تصويب ادائها في لبنان (او تغيير سلوكها بالمفهوم الاميركي) عبر تسهيل ولادة اتفاق الدوحة في اللحظة الاخيرة، انتزاع تطبيق الوعد الفرنسي الذي قطعه الرئيس نيكولا ساركوزي لها بالانفتاح والتطبيع، خطوةً اولى تمهد لفك عزلتها الدولية من البوابة الاوروبية، خصوصا مع تزامن العرض الفرنسي والمسار التفاوضي غير المباشر مع اسرائيل، وامكان تسهيل باريس التوصل الى تسوية في لبنان من دون تضحيات وتنازلات تذكر على حساب حلفائها، اذ انّ اتفاق الدوحة اقرّ حصول المعارضة اللبنانية على القسم الاكبر من مطالبها لا سيما مطلب الثلث الضامن في حكومة الوحدة الوطنية".
ويضيف هؤلاء ان "سوريا تحاول توظيف الظرف السياسي المتاح راهنا لحصد اكبر عدد ممكن من المكاسب، من دون ان تنفذ بالضرورة في المستقبل كل ما هو مطلوب منها او الذي قد تتعهد به"، لافتين الى انها تسعى في تعاملها مع اوروبا وخصوصا مع الفرنسيين الى استجلاب الرعاية الاميركية لكل خطواتها، وهي قد اعلنت ذلك صراحة شرطا من شروط نجاح مفاوضاتها غير المباشرة مع اسرائيل والتي قد تتحول مباشرة في القريب المنظور".
نص مذكرة الترويكا الى سوريا
وتشكل مذكرة الترويكا الاوروبية الى وزير الخارجية السوري وليد المعلم في الثاني والعشرين من تموز (يوليو) الفائت والتي حصلت "الاسبوع العربي" على نصّها الكامل، خير دليل على الامتحان الذي يخضعه المجتمع الدولي والاتحاد الاوروبي خصوصا للنظام في سوريا الذي سعى الى الاستفادة من الفرص المتاحة امامه لفرض انفتاح الدول الكبرى عليه وفك عزلته.
وتركّز المذكرة على الدعم الاوروبي المشروط لسوريا والمرهون بتصحيح علاقتها مع لبنان والنتائج المترتبة على التجاوب السوري مع المطالب الدولية لا سيما على الصعد السياسية والاقتصادية، وجاء في ترجمة المذكرة، وهي بعنوان "مقترحات لتفعيل العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وسوريا":
"صاحب السعادة وليد المعلم،
نرحب بالتحركات الأخيرة التي قامت بها سوريا لتحسين العلاقات وإدارتها إيجابيا مع الجيران. ونأمل في أن تؤدي المحادثات غير المباشرة مع إسرائيل إلى محادثات مباشرة بأسرع ما يمكن. إن الجانب الأوروبي سيدعم بشكل كامل هذه الجهود ، فضلا عن (الجهود) المبذولة على المسارات الأخرى، وسوف يساعد جميع الفاعلين المنخرطين في إنجاز سلام عادل وراسخ وشامل في المنطقة.
إننا نعترف على نحو خاص، وكما جاء في رسالتكم لوزير الخارجية الألماني (فرانك فالتر) شتاينماير في 29 حزيران (يونيو)، بأن سوريا أعلنت بشكل واضح استعدادها مناقشة كل الجوانب المتعلقة بالعلاقات الثنائية مع لبنان حالما يتم تشكيل حكومة فيه. ونقدر أيضا الردّ اللبناني الإيجابي والاجتماع البناء بين رئيسي الدولتين كما أعلنا في باريس في 13 تموز (يوليو).
في الوقت ذاته، إن حكومتكم عبرت عن رغبة قوية لتحسين علاقاتها مع الشركاء الأوروبيين ومع الاتحاد الاوروبي في بحثها عن الإصلاح الاقتصادي والتنمية الاجتماعية.
إننا نعرب عن استعدادنا للعمل من أجل تحسين علاقاتنا المتبادلة مع سوريا، ومع شركائنا في الاتحاد الأوروبي لتطوير العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وسوريا. وفي الوقت نفسه، نبقى على التزامنا دعم استقلال لبنان وسيادته واستقراره. ولتحقيق تقدم سريع وراسخ في هذين المجالين، نعتقد أن عددا من القضايا بحاجة إلى الإبراز:
فيما يتعلق بالعلاقات السورية - اللبنانية، وفي الوقت الذي نرحب فيه بتعهد الرئيسين (بشار) الأسد و(ميشال) سليمان لإعادة إقامة علاقات ديبلوماسية وفتح سفارتين في بيروت ودمشق، نقترح أن تلزم حكومتا البلدين نفسيهما علنا، وعلى نحو متبادل، تطبيع العلاقات بينهما على أساس من التكافؤ والاعتراف المتبادل الذي يشمل العناصر الآتية:
-القيام بإجراءات لافتتاح سفارتين في بيروت ودمشق وتبادل السفراء.
-تفعيل اللجنة السورية - اللبنانية الخاصة بترسيم الحدود بينهما.
-تفعيل التعاون الحدودي بهدف تحسين الأمن عند الحدود اللبنانية - السورية.
من أجل دعم الحوار الوطني في لبنان لتعزيز سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها كما تم الاتفاق عليه في الدوحة، نتوقع من سوريا أن تمارس تأثيرها على المجموعات الفلسطينية من أجل وقف نشاطها المسلح في لبنان والتخلي عن سيطرتها على مواقعها للسلطات اللبنانية على مراحل وبشكل منظم.
(هذه العناصر ليس المقصود منها بالطبع إعاقة سوريا ولبنان عن اتخاذ تدابير إضافية لتحسين علاقاتهما الثنائية).
وفي ما يتعلق بالعلاقات السورية مع الاتحاد الأوروبي، إننا مستعدون للعمل مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي ومع سوريا بحيث:
-يلتزم الاتحاد الأوروبي إيفاد مبعوثين مزودين رؤية لتحديد سبل تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والمالية والعلمية وزيادة الدعم التقني لأمن الحدود السورية.
-يوافق الجانبان على إقامة حوار سياسي شامل ومنتظم، يشمل القضايا الإقليمية وحقوق الإنسان
-بعد تحقيق تقدم إجمالي، يدعو الاتحاد الأوروبي سوريا الى توقيع معاهدة الشراكة الأوروبية - السورية قبل نهاية العام 2008".
ووقع المذكرة وزراء خارجية المانيا فرانك فالتر شتانمير، وايطاليا فرانكو فراتيني، واسبانيا ميغيل أنخيل موراتينوس.
ومن الواضح، لدى التدقيق في البيان الختامي للقمة اللبنانية – السوري، ان دمشق اخذت بالاقتراحات الاوروبية الثلاث، فأعطت التبادل الديبلوماسي واستئناف العمل باللجنة المشتركة لترسيم الحدود المجمدة منذ خمسينات القرن العشرين وتفعيل التعاون الحدودي، واسقطت مسألة التعاون في ملف السلاح الفلسطيني.
وعلمت "الاسبوع العربي" ان الرسالة أثارت في حينه استياء دمشق التي اعتبرتها "مفاجئة"، إذ كان بين موقعيها موارتينوس المعروف بعلاقته الجيدة بالقيادة السورية، التي احتجت شكلا ومضمونا انطلاقا من انها "ترفض اي ضغوط عليها".
خطوات فرنسية وترحيب اميركي
وفي وقت ينتظر وصول وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير الى دمشق في 24 و25 آب (اغسطس) لـ "وضع اللمسات الاخيرة" على "زيارة العمل" التي سيقوم بها الرئيس ساركوزي للعاصمة السورية في 3 و4 ايلول (سبتمبر) المقبل، تلفت مصادر ديبلوماسية غربية الى ان حصول "الخطوة الملموسة الاولى وبدء عملية اقامة العلاقات الديبلوماسية بين دمشق وبيروت، سيسهمان في شكل كبير في توفيرعوامل نجاح اول زيارة لرئيس غربي لدمشق منذ سعي الولايات المتحدة ودول اوروبية الى فرض عزلة على سوريا في العام 2005".
وتشير الى زيارة كوشنير لدمشق هي من ضمن جولة تشمل ايضا لبنان ومصر وإسرائيل، حيث من المتوقع ان يطلع في بيروت على نتائج زيارة الرئيس سليمان لدمشق، وآراء القيادات المختلفة، ثم يتوجه الى دمشق للتحضير لزيارة ساركوزي. وتقول ان باريس ابلغت دمشق موافقتها على تعيين لمياء شكور سفيرة لسوريا في باريس بعد شغور المنصب ثلاثة اعوام.
وقد أصدر الرئيس الأسد نهاية الاسبوع الفائت مرسوما سمى بموجبه شكور سفيرة في باريس، وهي ابنة اللواء السابق يوسف شكور الذي شغل سابقاً منصب سفير سوريا لدى فرنسا، وكذلك منصب نائب رئيس اللجنة السياسية في وزارة الخارجية. وعملت شكور مديرة قسم التوطين في برنامج الامم المتحدة في الكويت.
ورحّبت فرنسا باعلان لبنان وسوريا عزمهما اقامة علاقات ديبلوماسية واصفة القرار بأنه "اشارة مشجعة" تتماشى مع الالتزامات التي تعهد بها الرئيسان السوري واللبناني على هامش اجتماعات قمة "الاتحاد من اجل المتوسط" التي عقدت في باريس في تموز (يوليو)، مشيرة الى انها بانتظار الحصول على تفاصيل كاملة عن الاتصالات التي جرت بين الرئيسين اللبناني والسوري. واعتبرت ان "تبادل السفراء بين البلدين وللمرة الاولى منذ عام 1946 سوف يعطي شكلا ملموسا لقرار تموز (يوليو)، مشددة على "ضرورة ان تكون الخطوة التالية ترسيم الحدود بين البلدين".
ويتفق بعض المحللين على أن "الانفتاح الغربي وخصوصا الفرنسي على دمشق قد ساعد كثيرا في حال الانفراج بين البلدين، لافتين إلى أن "المرحلة اليوم للترقب وانتظار استحقاقات كبيرة ربما تتعلق بالدور الأميركي في المنطقة بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية نهاية السنة". ويعتبرون انّ "سوريا تصب جهدها راهنا على مسايرة الاوروبيين بالدرجة الاولى للولوج في المرحلة المقبلة الى البوابة الاميركية باعتبار انّ التحرك الاوروبي على الخط السوري يكتسب رضا الولايات المتحدة الاميركية ومباركتها والا لما انطلق في الاصل". ويلفتون الى انّ "سوريا تترقب بصمت مواقف واشنطن من خطواتها وخصوصا ما صدر اخيرا عن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس من ترحيب بقرار سوريا إقامة علاقات ديبلوماسية مع لبنان، ورأت فيه "خطوة اولى جيدة للغاية، خصوصا بعد المطلب الاميركي المعلن منذ زمن بضرورة تطبيع العلاقات بين البلدين على أساس المساواة والاحترام لسيادة لبنان على ان يتم ترسيم الحدود مع لبنان وان تحترم سيادة هذا البلد بسبل اخرى".

ليست هناك تعليقات: