الاثنين، 29 يونيو 2009

Sphere: Related Content
قراءة ديبلوماسية للبنانَ اكثر استرخاء بعد الانتخابات
تقلّص التوتر و"حزب الله" آخذ الى مزيد من الليونة
9 "وزنات" راكمتها دمشق في رصيدها الاميركي - الاوروبي


ينشر في "الاسبوع العربي" في 6/7/2009
انسحب تقلّص التوتر على مستوى العلاقات العربية البينية، استرخاء على المستوى اللبناني، ولئن بقيت مفاعيل التوترات المحلية السابقة تحكم علاقات بعض القوى السياسية. ويؤذن فتح صفحة سياسية جديدة، بعد اكتمال استحقاق الانتخابات التشريعية العامة (مجلسا جديدا ورئاسة وهيئة مكتب) ومن ثم تكليف النائب سعد الحريري تشكيل ثاني حكومات العهد بمجموع ثلثي اعضاء برلمان 2009، بدينامية متجددة قد تتيح تغيير النمط السلبي الذي ساد في الاعوام الفائتة.
يرى ديبلوماسي رفيع عامل في بيروت، في جلسة تقويم تلت اكتمال المشهد النيابي في ساحة النجمة وتكليف الحريري بدء مسيرة تأليف حكومته الاولى، "اننا ذاهبون الى تهدئة شاملة لا تقتصر فقط على الملف اللبناني بل تتخطاه الى مجمل المشهد في الاقليم، حيث يجري التحضير الى هدنة اقليمية – دولية تنتج مناخا مؤاتيا لحل مستدام في الشرق الاوسط ارتكازا على القضية المركزية في الصراع وهي في الوقت عينه السبب الجوهري والرئيس في حال القلاقل وعدم الاستقرار في المنطقة، وهي قضية فلسطين".
ويشير الى ان ثمة تحوّلا ملحوظا في الغرب تجاه التعاطي مع الحقوق العربية، انطلاقا من فلسطين نفسها، ذلك ان عواصم فاعلة عدة باتت تدرك ان استقرار الاقليم لا يستوي الا بإستنباط حل مستدام للقضية الفلسطينية، استنادا الى حل الدولتين الاسرائيلية والفلسطينية، وانطلاقا من خطاب الرئيس الاميركي بارك اوباما في القاهرة.
ويرى الديبلوماسي ان المرحلة الراهنة على مستوى الشرق الاوسط وجواره، تقتضي توافر شروط نجاح انتاج الدولتين وبدء تسوية سلمية متماسكة، من خلال تدوير الزوايا وتجميد الملفات ذات الطبيعة الخلافية من العراق الى افغانستان مرورا بلبنان والعراق.
ويعتبر ان ملامح هذه المرحلة المستقرة نسبيا بدأت مع الادارة الاميركية الجديدة في البيت الابيض، وتثبتت عناصرها مع الوجوه التي استقدمها الرئيس اوباما من جورج ميتشل في الايام الاولى لمكوثه في البيت الابيض في شباط (فبراير) الى دنيس روس، نهاية حزيران (يونيو).
ويشير الى ان روس المتخصص في شؤون الشرق الاوسط، عُيّن مستشارا للرئيس باراك اوباما لمنطقة واسعة تضم الشرق الاوسط والخليج وافغانستان وباكستان وجنوب آسيا. وهو بذلك انتقل من منصب عادي في وزارة الخارجية الاميركية كمستشار لشؤون الخليج وجنوب غرب آسيا، الى منصب رئيسي هو المستشار الخاص للرئيس، وعضو فاعل في فريق الامن القومي الاميركي، بعدما سرت تكهنات كثيرة ومتباينة بشأن المهام التي ستسند اليه. ومن المقرر ان يعمل مع مسؤولين كبار على ملفات تشكل راهنا بعض اهم التحديات التي تواجه السياسة الخارجية الاميركية، بما فيها ملفات ايران والعراق.
التاجر الحميدي
ويعرض الديبوماسي اياه روايته لأماكن "تقلّص الوتر"، نتيجة الاداء الاميركي الجديد، وخصوصا نتيجة الالتفاتة تجاه دمشق التي اجادت لعب اوراقها كـ "تاجر حميديّ" بارع:
-في فلسطين، ظهرت من خلال ضغط سوري على حركة "حماس" اسفر عن ليونة لافتة في خطابها، وتوّج بزيارة رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل الى القاهرة، هذه الزيارة التي انتجت توافقا بين السلطة الوطنية الفلسطينية و"حماس" على ادارة هادئة للمرحلة حتى كانون الثاني (يناير) 2010 موعد الانتخابات التشريعية الفلسطينية.
كما ظهرت معالم المرحلة مع زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) لدمشق.
-في العراق، تبريد المناخ مع الاستعداد الاميركي لاعادة تموضع ضخمة وانسحاب القوات العاملة هناك، في مقابل مساعدة سورية فاعلة لواشنطن على المستوى الامني – الاستخباري، لمكافحة تسرّب مجموعات تنظيم "القاعدة"، وهي امر مركزي في خطط تأمين سلامة انسحاب القوات الاميركية، واستطرادا امن الدولة العراقية.
-في لبنان ظهرت بعدم تدخل سوري مباشر وفاضح في الانتخابات النيابية، مع تسهيل سوري – عربي – دولي لمهمات المراقبين الاوروبيين والدوليين.
ولا يفوت الديبوماسي في هذا الصدد الاشارة الى ان بعض حلفاء سوريا في الاطراف (عكار وطرابلس والبقاع) ذهبوا الى ابعد من هذا التوصيف، بحيث تحدثوا عن دور سوري خفيّ ادى الى التقليل من فرص فوزهم في الانتخابات. لا بل ثمة من يسأل عن سبب عدم "ضبط" جحافل المجنسين المقيمين في سوريا، تجتاح اقلام الاقتراع، خلافا لما كان يحصل في الانتخابات السابقة.
ويلفت الديبلوماسي الى ان هذه الدينامية الايجابية ستنتج بلا ادنى شك تبريد المناخ اللبناني الى الحد الممكن، بحيث تتوافر عناصر تشكيل حكومة لبنانية مهمتها ادارة الامور في انتظار نضوج ظروف وعوامل التسوية السلمية الذي يتحضّر لبنان لكي يكون جزءا رئيسا فيها، فوق الطاولة وليس تحتها.
الرصيد السوري
لكن ماذا عن الاثمان المفترضة التي طلبتها او حصلت عليها دمشق لقاء كل هذه "الايجابية"؟
يلخّص الديبلوماسي مجموع "الوزنات" الذي جمعتها القيادة السورية في رصيدها الاميركي - الاوروبي من مجمل ما "قدّمته"، بالآتي:
1-ابرام مجموعة من الاتفاقات الاستثمارية مع عملاق النفط الفرنسي "توتال". وكان تعثر هذه العقود سببا رئيسا في الموقف السلبي لادارة الرئيس السابق جاك شيراك من دمشق في العام 2004، ابان قمة النورماندي الشهيرة بينه وبين الرئيس الاميركي السابق جورج بوش، والتي اطلقت في حينه دينامية القرار 1559 وانهاء "تلزيم" لبنان لسوريا.
2-ضم ملف الجولان الى التسوية الشاملة.
3-تعهّد واسع النطاق بوقف الدعم لاي شكل من اشكال المعارضة السورية (مجموعتا نائبي الرئيس السابقين رفعت الاسد وعبد الحليم خدام).
4-تعهّد بتنظيم العلاقة بين دمشق والقاهرة.
5-حصر المحكمة الدولية الخاصة للبنان في مجال الامم المتحدة حصرا، بعيدا من متناول أي عاصمة او جهة او طرف.
6-تعهّد واشنطن بإعادة سفيرها الى دمشق مع بداية هذا الصيف، على ان ترشح الديبلوماسي المناسب بالتشاور مع القيادة السورية.
7-تعهّد اميركي بإعادة النظر في التصنيف "الارهابي" لسوريا، تمهيدا لسحب اسمها من لائحة الدول الداعمة للارهاب.
8-تعهّد اوروبي بإنجاز اتفاق الشراكة مع سوريا، في اسرع وقت، وتذليل ما بقي من تحفظات احدى اوروبية.
9-تعهّد اميركي – اوروبي بتسهيل انضمام سوريا الى منظمة التجارة العالمية.
ويعتبر الديبلوماسي انه ضمن هذا المناخ، سارت امور لبنان الى حلحلة نسبية، فأعيد، ضمن اطار الصفقة المتكاملة على مستوى الاقليم، انتخاب الرئيس نبيه بري رئيسا لدورة خامسة متواصلة على رغم التحفظات الشكلية. كما سيصار الى تشكيل حكومة برئاسة رئيس تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري، على رغم كل التجاذب الكلامي الحاصل والذي سيزيد كضرورة من ضرورات التفاوض وتحصيل المكاسب.
حزب الله في التقويم الجديد
وينتقل الديبلوماسي الرفيع في مسار تقويمه التحولات على المستوى اللبناني، الى مقاربة الخُطا التي سيكون عليها "حزب الله"، بعد خلط الاوراق الحاصل في المنطقة. فيبدي اعتقاده بأن الحزب خالف، حيال الارباك الايراني على خلفية ما يحصل اثر الانتخابات الرئاسية، توقعات المراقبين والبعثات الديبلوماسية، بإنصرافه الى خطوات انفتاحية فاعلة بدءا من اللقاء بين امينه العام السيد حسن نصر الله ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، مرورا بالتعاطي الايجابي مع الملفات الساخنة المطروحة محليا وعربيا. لكن الاهم يبقى النقد الذاتي الذي يمارسه الحزب في شأن مجمل خطابه في الفترة السابقة وصولا الى استقرائه الاتجاهات الشعبية اللبنانية في ضوء نتيجة الانتخابات النيابية.
ويعتقد الديبلوماسي ان الحزب، الذي يجيد القراءة بين السطور العربية عموما، وبين السطور السورية تحديدا، تعززت لديه القناعة بأن الوحدة الوطنية وتماسكها وتضامنها حوله وحول خطابه و"مهمته الجهادية" هي التي تحمي المقاومة وكوادرها، لا منطق الصفقات الايرانية - الاميركية او السورية – الاميركية.
ويختم الديبلوماسي تقويمه بالقول: "على هذه الوتيرة يتحرك لبنان" لا تعقيد ولا انفراج، بل مراوحة بمنحى ايجابي، في انتظار تبلور مجموع الاستحقاقات في المنطقة، فلسطينيا وايرانيا وعراقيا".

الأحد، 21 يونيو 2009

Sphere: Related Content
الرابطة المارونية تستأنف المساعي واقنية الاتصال والتواصل متاحة ولكن..
المصالحة المسيحية العالقة في التواريخ والاحقاد!
القوات اللبنانية والمردة "جاهزتان" .. فما الذي يعيق؟

ينشر في "الاسبوع العربي" في 29/6/2009
قبل ما يقارب الثمانية اشهر، لم يكد اللبنانيون عموما والمسيحيون خصوصا يتفاءلون في امكان تحقيق احد اعمدة المصالحة المسيحية بين تيار "المردة" "القوات اللبنانية" حتى اصيبت مساعي المصالحة بانتكاسة ادت الى تراجع منسوب التفاؤل، في مؤشر الى عودة الامور الى النقطة صفر، على رغم عدم الاستسلام او التراجع عن المحاولات للتوصل الى نتيجة ما تحفظ ماء وجه الساعين. منذ ذلك الوقت جمدت الرابطة المارونية مساعيها في انتظار اتمام الانتخابات، لعل المناخات تكون –مسيحيا - اكثر سلاسة بعد السابع من حزيران (يونيو).
شغلت الانتخابات النيابية الاوساط والرأي العام المحلي كما الخارجي، واسترعت كل الاهتمام من كل الاقطار الى حدّ باتت الحدث المرتقب لتكوين صورة لبنان المستقبل وموقعه على الخارطة الدولية، لجهة تعاطي الدول الغربية معه على اساس شكل السلطة التي ستنبثق من الانتخابات والتي من المنتظر ان تتبلور في المستقبل القريب خصوصا لناحية التشكيلة الحكومية الجديدة مع "ثلث معطّل" او من دونه. الا انّ اتمام الاستحقاق الانتخابي وقبول معظم الافرقاء بالنتائج، في ما خلا بعض الطعون التي ستقدم الى المجلس الدستوري في عدد من الدوائر، جعلا الانظار تتركز على امور داخلية كانت قد تأجّلت بفعل الانتخابات لعدم اعطائها الطابع والتوقيت الانتخابيين. ولعلّ ابرزها كانت المصالحة بين "تيار المردة" وحزب "القوات اللبنانية".
بعد الانتخابات انحسرت الحملات وعاد الاهتمام الى حلحلة العقد اللبنانية الداخلية. ومع اشاعة مناخ الحوار والانفتاح وتفعيل المشاركة للانطلاق في عملية اعادة بناء الدولة، وجدت الرابطة المارونية انه من الملحّ اعادة تفعيل مساعيها للمصالحة المسيحية المجمّدة منذ ما قبل الانتخابات بناء على طلب رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية "الذي رفض آنذاك اعطاء اي رصيد شعبي اضافي لـ "القوات اللبنانية" قد ينتج من اتمام المصالحة المسيحية قبل الاستحقاق الانتخابي"، كما كان يعتبر ويقول. وتماشيا مع الواقع الرافض لاتمام المصالحة آنذاك، اوقفت الرابطة المارونية مساعيها، ودخل لبنان مناخ الانتخابات بالحملات والحملات المضادة.
الرابطة تستأنف المساعي
وفيما راهن الكثيرون على حتمية فشل مساعي الرابطة التي انطلقت قبل اشهر من اجل التوصل الى اتمام المصالحة المسيحية برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير في بكركي، لم تستسلم الرابطة المارونية لواقع قد يكون من الصعب تجاوزه لا سيما انه عالق عند 13 حزيران (يونيو) 1978 تاريخ مجزرة اهدن، فاستأنفت المساعي بعد الانتخابات على خط بنشعي- معراب لمحاولة ارساء قواعد مصالحة مسيحية تعثّرت ما قبل الانتخابات.
وللتذكير فقط، فان الاسباب الرئيسية التي ادت الى تعثر المصالحة في الماضي القريب، والتي اضاءت عليها "الاسبوع العربي" حينذاك، نقلا عن مصدر واسع الاطلاع، كانت:
-كون الطرفين المعنيين بها غير مستعجلين لتحقيقها نظرا الى ارتياحهما لمواقعهما قبيل الانتخابات النيابية، وجل ما فعلاه هو اما الظهور عبر الاعلام بصورة الجهوزية والايجابية المطلقة، واما لجآ الى رفع سقف الشروط لتمرير الوقت وصولا الى انهاء المسألة والمساعي من دون ضجيج اعلامي، في حين انّ ما كان يظهر عبر الاعلام مجرد تضليل للحقيقة المتمثلة برفض الطرفين هذه المصالحة.
-الصيغة المطروحة لحضور رئيس تكتل "الاصلاح والتغيير" النائب العماد ميشال عون الاجتماع في قصر بعبدا، تحفظ عنها عون نفسه، كونه ليس شريكاً مسيحياً رئيساً.
-وثالثها أن مشروع المصالحة واللقاء مع رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع سبّب في حينه لفرنجية ارباكاً عائلياً، إذ بادرت مجموعة من أهالي ضحايا مجزرة إهدن وصولاً الى حادثة بصرما الى التحفظ عن تغطية أو المشاركة في أي مصالحة. وهددت هذه المجموعة التي تربطها علاقة عائلية قوية برئيس "المردة" وتعتبر أساسية في التركيبة التنظيمية، بنشر بيان تتنكر فيه للمصالحة في حال حصلت، ويتزعم هذه المجموعة كل من جوزف ابراهيم فرنجية وطوني وجيه فرنجية (شقيق جوزف وجيه فرنجية) وجو فرنجية نجل يوسف الشب فرنجية.
الجدية والامل
وبالعودة الى الواقع الراهن، تفيد مصادر مطلعة في الرابطة المارونية بجدية استئناف المساعي بعد الانتخابات، بناء على التوافق على تأجيل البحث في المصالحة الى ما بعد هذا الاستحقاق، مشيرة الى انه في الجلسة الاخيرة للمجلس التنفيذي تمّت مناقشة الموضوع وكان اجماع على انّه من واجب الرابطة استئناف مساعيها لا سيما بعد اتمام الانتخابات وقبول جميع الافرقاء بتنائجها، وذلك بهدف تبريد الجبهة المسيحية عموما والمارونية خصوصا.
وتلفت الى ان الرابطة انطلقت من قدرتها على انهاء حالَيّ توتر انذرتا بالتفجّر في الشمال، وهما ازالة حاجزي برصا المتقابلين بين "القوات" و"المردة". كما استطاعت بعد الانتخابات منع تطوّر حادث انفعالي في قضاء زغرتا وتحديدا في زغرتا- الزاوية بين آل فرنجية وآل معوض، مما دفعها الى تزخيم وساطتها في محاولة جديدة قديمة للتقريب بين المتخاصمين لعل اتمام اللقاء بينهما يكون اسهل هذه المرة.
اقنية الاتصال مفتوحة
وفيما تشير بعض المعلومات الى اجتماع عقد بين ممثلين لحزب "القوات اللبنانية" وتيار "المردة" في مقر الرابطة المارونية في حضور رئيس الرابطة جوزف طربيه وعضو المجلس التنفيذي انطونيو عنداري ومشاركة الاب اسطفان فرنجية والاب هاني طوق، تلفت الى ان ممثل "القوات اللبنانية" هو طوني الشدياق، وممثل "المردة" هو يوسف سعادة، وصلة الوصل بين "المردة" و"القوات" هو طلال الدويهي العضو في الرابطة والساعي الى تقريب وجهات النظر بين الطرفين.
وفي ما يشبه اللاتعليق على هذه المعلومات، تشير المصادر المطلعة الى ان اي لقاءات سياسية لم تعقد بين الطرفين فاللقاءات التي تحدث عنها الاعلام كانت تنسيقية على المستوى الميداني، لافتة الى ان اي لقاءات قد تستأنف ستكون على مستوى لجان المصالحة التي سبق ان شكلت للبحث في الحيثيات، ومؤكدة ان اقنية الاتصال مفتوحة مع الفريقين في "المردة" و"القوات" من خلال مقربين من الفريقين وبالتحديد من فرنجية وجعجع، وتاليا من الفاعلين أكان في تيار "المردة" او في "القوات اللبنانية". وتقول ان الاتصالات التي تجري مع ممثلي الفريقين مشجّعة وتفاؤلية. وتؤكد انّ المساعي التمهيدية التي قامت وتقوم بها الرابطة تتمّ عبر اعضاء منها ومن مجلسها التنفيذي في منطقة الشمال، على تماس مع الطرفين ومن اصحاب الحظوة لدى كل من فرنجية وجعجع.
وتشير الى ان المجلس التنفيذي للرابطة المارونية سيجتمع ربما بشكل دوري لتقويم نتائج مساعيه ولتقرير الخطوات المستقبلية، وهو كان قد اجتمع في الاسبوع الثاني من جزيران (يونيو) واطلع على تقرير عن المناخات الاستطلاعية الاولى المستأنفة بعد الانتخابات.
"المردة" يمهد
الى ذلك، وبالتزامن مع تحرك الرابطة المستجد يبدو ان الاجواء التفاؤلية تخيم على خط بنشعي-معراب منذرة بامكان تحقيق اي تقدم ملموس في هذا الاطار.
من جهتها، تثمن مصادر تيار "المردة" جهود الرابطة المارونية التي "لم تستسلم ودأبت في جمع وجهات نظر القيادات المسيحية على اختلافها"، مشيرة الى انّ كلام النائب سليمان فرنجية في ذكرى مجزرة اهدن كان واضحا لجهة ضرورة العمل للتوصل الى مسلّمات تجمع المسيحيين وتؤمن وحدتهم من ضمن الوحدة اللبنانية، ما يشيع اجواء ايجابية في اطار اعادة طرح المصالحة المسيحية-المسيحية، وكذلك كانت عظة الاب اسطفان فرنجية الذي رسم ما يشبه خارطة الطريق المسيحية الممهدة لاي مصالحة قد تحصل. وتقول: يبقى النظرالى قدرة الطرف الآخر وامكانيته ومساحة قراره في هذا الاطار. فتيار "المردة"، على رغم انه الضحية، سبق ان مد اليد نحو الفريق الآخر وكان يريد مصالحة مسيحية على نطاق واسع يحضرها الممثل السياسي للمسيحيين العماد ميشال عون، الا انّ الانتخابات النيابية اتت لتضع الموضوع على نارها ممّا شوّهه بعض الشيئ، لذلك كانت مطالبة "المردة" بأن يأخذ الموضوع اطاره الطبيعي والواقعي خارج الظرف والتوقيت الانتخابيين".
واذ تعرب المصادر عن اعتقادها بان لا تطوّر مهما في المدى القريب على صعيد ترجمة الاقوال افعالا لجهة تحقيق المصالحة، تستطرد لتقول انّه في اطار العمل السياسي والوطني قد تستجدّ امور معيّنة تؤدي الى تطورات مهمة وغير متوقّعة.
"القوات" جاهزة
في المقابل، تعرب مصادر "القوات اللبنانية" عن ترحيبها وقبولها باي مساع جديدة تقوم بها الرابطة المارونية على خط المصالحة المسيحية - المسيحية، مؤكدة جهوزيتها وانفتاحها على اي طرح من شأنه ان يشيع مناخا من الايجابية والحوار والمصالحة بين الافرقاء المسيحيين المتخاصمين لا سيما وان هذا الامر بات ضرورة مسيحية ملحة خصوصا بعد اتمام الانتخابات النيابية وفرزها واقعا مغايرا للواقع السائد على مدى الاعوام الاربعة الفائتة، "اذ ان التمثيل المسيحي بات راهنا مقسما على زعامات عدة وانتفت احادية التمثيل المسيحي لـ "التيار الوطني الحر"، مما يحتم تفاهما مسيحيا يتخطى الشكليات الى المفهوم السياسي".
واذ تشير الى انّ الرابطة تستأنف مساعيها في محاولة جديدة لتقريب وجهات النظر، تلفت الى انّ "الطرف الآخر كان دائما يفرض شروطا على عملية اللقاء والمصالحة، ممّا كان يساهم في تعثّرها او تأجيلها، كما حصل في السابق عندما اشترط تيار "المردة" حضور العماد عون لقاء المصالحة، في حين كانت جهوزية "القوات اللبنانية" قائمة ومن دون اي معوقات".

الاثنين، 8 يونيو 2009

Sphere: Related Content
انتخابات تاريخية كرّست الاصطفاف لكنها ادخلت عوامل مكيِّفة وضابطة
برلمان 2009: ثبات الطائف لكن الازمات لن تطوى!
ازمة حكم وعُسر في ولادة الحكومة وفي انتخاب رئيس المجلس

ينشر في "الاسبوع العربي" في 8/6/2009
يشرّع الوضع اللبناني بعد الانتخابات النيابية على احتمالات ومقاربات عدة، اذ طوى اللبنانيون في السابع من حزيران (يونيو) اشد المعارك الانتخابية حدة وبأسا وتنافسا، وافرزت نتائج الانتخابات ثباتا في تفوّق قوى الرابع عشر من آذار (مارس) على رغم كل التغييرات الانتخابية التي طرأت. لكنها افرزت ايضا برلمانا ائتلافيا للطوائف. ولا بد لهذا الواقع ان يدفع مختلف القوى الى البحث عن قانون انتخاب عصري حديث للسنة 2013 يعتمد القاعدة النسبية.
تتعدّد السيناريوهات المتوقعة لمرحلة ما بعد 7 حزيران (يونيو) في ضوء فوز تحالف قوى الرابع عشر من آذار (مارس) والمستقلين، وانعكاسات ذلك على الوضع السياسي الداخلي اضافة الى نظرة العالم الغربي لشكل وتركيبة السلطة الجديدة في لبنان.
وفي هذا السياق، لا تنكر أوساط سياسية مراقبة أنّ مرحلة ما بعد الانتخابات ستشكل بحد ذاتها محطة مفصلية بالغة الخطورة في تاريخ لبنان، بحيث يبقى المعيار الأساسي لطريقة التعاطي مع النتائج المنبثقة عن الانتخابات في تأكيد ثبات اتفاق الطائف واحترام الدستور وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية وتحصين دورها، وعدم افساح المجال لأي طرف للعرقلة وشل عمل الدولة ووضع الشروط المتبادلة التي من شأنها تقييد مسار المؤسسات، ما يتهدد الدور الوطني الذي يقوم به رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، لجهة تفعيل الحوار ومدّ الجسور بين القوى السياسية من خلال الاستمرار في طاولة الحوار للبحث في القضايا التي لا تزال موضع خلاف بين اللبنانيين وفي مقدمها الاستراتيجية الدفاعية.
الحوار في مهبّ الانتخابات
وتعتبر الاوساط انه بعد انقشاع الغبار عن الجولة الاخيرة من النسخة الاولى من طاولة الحوار التي يرعاها الرئيس سليمان في قصر بعبدا، تطبيقاً لاتفاق الدوحة، تكثر التساؤلات عن شكل الحوار في نسخته الثانية بعد الانتخابات وما اذا كان سيستمر ام انه كباقي بنود اتفاق الدوحة تنتهي مفاعليه عند الثامن من حزيران (يونيو) بعيد انتهاء الانتخابات. فاذا كان فريق الموالاة ينادي بـ"دفن" اتفاق الدوحة مباشرة بعد الانتخابات، فطاولة الحوار تصبح هي ايضاً معرضة لأن "تدفن"، الا اذا كان من المسموح انتقاء البنود المطروحة في الاتفاق الذي تم توقيعه في قطر. واذا توافق الجميع على عدم العودة الى اتفاق الدوحة، فعندها يجب الالتقاء مجدداً على شروط جديدة لطاولة الحوار، وتاليا يجب تحديد المشاركين والمواضيع المدرجة.
وفي هذا الاطار، تؤكد الاوساط ضرورة استمرار الحوار الذي كان، في البداية، مطلب فريقي النزاع، الا انّ الفريقين معا حوّلاه مع مرور الوقت مجرّد "عملية تمرير للوقت" للولوج الى الانتخابات النيابية بأكبر قدر ممكن من التهدئة. الا انّ الاوساط ذاتها لا تعطي اهمية كبيرة لما يتخوف منه البعض لجهة العودة الى نقطة الصفر عند بداية الحوار بصيغته الجديدة، لان النسخة الاولى اكتفت بتخفيف الاحتقان في الشارع، وجمعت القيادات اللبنانية من دون ان تتمكن من الزامها بما اتفقت عليه في الجلسات، وهو ما ظهر بشكل واضح من خلال المواقف التصعيدية المتبادلة والتراشق الاعلامي القاسي الذي لم يحترم تعهدات الزعماء على الطاولة بالتزام التهدئة الاعلامية والميدانية.
اما الاستراتيجية الدفاعية التي تعتبر الطبق الرئيسي على الطاولة، فهي لم تتقدم قيد انملة، ويبدو ان اللجنة العسكرية المتخصصة التي تم تشكيلها لوضع تصور للمناقشة قد اخذت بدورها اجازة طويلة ريثما تنجلي الامور بشكل واضح وصريح.
بين 14 و8
الى ذلك، تعتبر مصادر في الاكثرية ان فوز 14 آذار (مارس) بالغالبية سيعطي اندفاعة قوية لحكم رئيس الجمهورية في اتجاه تنفيذ ما تبقى من اتفاق الطائف وحماية إنجازات انتفاضة الاستقلال، وتشكيل حكومة قادرة وفاعلة تخلص لبنان نهائياً من سياسات المحاور الخارجية، لانه لن يكون فيها لقوى 8 آذار (مارس) الثلث معطل، مشيرة الى انّ لبنان كان سيواجه منعطفا خطرا جدا لو فازت المعارضة بالغالبية النيابية لانّ البلد كان ليصبح عرضة لتجاذبات سياسية كبيرة قد يؤدي الى انقلاب على الطائف والدستور اللبناني والسعي الى اقامة الجمهورية الثالثة التي لم يخف اقطاب المعارضة الدعوة اليها ان تحت عنوان "محاربة الفساد وجمهورية الاصلاح" او عبر التلميح بالمثالثة ومن ثمّ العودة عنها عندما لمس اصحاب هذا الطرح رفضا قاطعا لها من قبل مكونات الشعب اللبناني والاطراف السياسيين المتمسكين بالطائف على قاعدة المناصفة في الحكم. هذا اضافة الى نيّات مبيتة لدى اطراف في المعارضة تجاه الرئاسة الأولى، ولا سيما الكلام الذي يتردد كثيراً في الآونة الأخيرة عن محاولات يسعى إليها البعض لتقصير ولاية رئيس اذا حصلت المعارضة على الأكثرية النيابية.
في المقابل، ترى مصادر في قوى المعارضة انّ فوز 14 آذار (مارس) بالانتخابات سيعود بالبلد الى عهد رفض المشاركة مع باقي الشركاء من خلال حكومة الوحدة الوطنية بالثلث الضامن، وذلك خدمة لمشروع يبقى هدفه الرئيسي انتزاع سلاح "حزب الله".
معضلة الحكومة
وفيما تبشّر مرحلة ما بعد الانتخابات بأزمة حادة قد تنتج من معضلة تشكيل الحكومة، يبدو المشهد السياسي المقبل معقّدا بعض الشيئ، لا سيما بالنسبة الى موقع رئاسة الجمهورية في قلب اللعبة السياسية، وخصوصا بالنسبة الى الرئيس الذي، في ضوء الانتخابات، لا بد ان يلحّ على استمالة عدد اكبر من ثلاثيته الوزارية الراهنة، لانّ الاصطفاف الصراعي سيبقى بين الفريقين ذاتهما اذا لم يقتنعا بهامش وزاري يتيح للرئيس ترجيح الكفة عبر قوة مرجحة له في الحكومة.
وفي شأن شكل الحكومة المقبلة، تتحدث مصادر سياسية مطلعة عن ان البحث بدأ قبل الانتخابات، وهناك اكثر من سيناريو يجري الحديث عنه بين سفراء غربيين، الا ان الثابت أن الامور ستتجه نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية بصرف النظر عن النسب في المقاعد الوزارية، وهذا الأمر تشجعه المملكة العربية السعودية وفرنسا وحتى الولايات المتحدة الاميركية.
وترى مصادر دبلوماسية أن حكومة ما بعد 8 حزيران (يونيو) ستنبثق عن الخريطة السياسية التي ستفرزها الانتخابات والتي لا تختلف كثيراً عن خريطة برلمان 2005، مع فارق دخول فرقاء سياسيين قادرون على تأدية دور الوسيط المهدئ يحد من الاصطفاف والانقسام العمودي.
وتشير المصادر، في استشرافها للمرحلة المقبلة، إلى اعتبار التصعيد الانتخابي مرحلة عابرة ستعود بعدها الحال السياسية إلى واقعها السابق وهو المزيد من الاصطفاف والتجاذب على وقع التحولات الإقليمية والدولية.
لكن ثمة من يعتقد أن المشكلة الحقيقية تكمن في مرحلة ما بعد الانتخابات، وان أولى المعارك ستكون على تركيبة الحكومة الأولى بعد الانتخابات.
وسط هذه الأجواء، برز اقتراح قديم عاد إلى التداول في بعض المجالس السياسية ويقضي بتشكيل حكومة تكنوقراط من خارج الاصطفافات السياسية والحزبية، مستنداً إلى تجارب سابقة وناجحة.
وانطلاقاً من هذه القراءة، تعتقد مصادر معارضة أن لبنان في مرحلة ما بعد الانتخابات سيكون أمام خيارين كبيرين:
-الخيار الأول يفترض ضرورة إشراك أكثرية القوى السياسية، وخصوصاً القوى ذات التمثيل السياسي والطائفي.
-الخيار الثاني، أن يحاول البعض تجاوز التوافق (الثلث الضامن) في محاولة لإبعاد قوى وأطراف أساسية، مما سيأخذ البلاد نحو أزمة حكومية أو سياسية وربمت أزمة وطنية - كيانية.
لكن مصادر في قوى 14 آذار (مارس)، لا تزال على اعتقادها وقناعتها بأن من يفز يحكم، وبأن تجربة الثلث المعطل عطّلت الحكم وهمّشت المؤسسات وقلّصت دور الرئاسة، وانه لا بد من اعادة نظر جذرية في هذه التجربة منعا لتكرار التهميش والتعطيل.
في اي حال، سيتصدر عنوان الصلاحيات الرئاسية مرحلة ما بعد الانتخابات مع ضرورة البحث في تعديل يعطي الرئيس المزيد من صلاحيات.
وثمة من يقول ان من يرد تقوية رئيس الجمهورية وتصليب موقعه عليه العمل على تعديل صلاحياته، بحيث تكون لديه سلطة حل مجلس النواب وإقالة الحكومة ووزراء، وسلطة على الهيئات الرقابية.
في الخلاصة، تلوح خريطة سياسية جديدة للبنان.
لكن ماذا بعد هذه الخريطة؟ ماذا إن لم يحصل تفاهم إقليمي ودولي؟
ولادة الحكومة العتيدة عسيرة، وكذا انتخاب رئيس مجلس النواب.
اما لبنان فعلى مشارف ازمة، في انتظار حل يؤمّه من دوحة أخرى!