الأحد، 28 ديسمبر 2008

Sphere: Related Content
صفيح شرق اوسطي ساخن يُنذر بمتغيرات وفوضى .. ودمشق تتحيّن فرصة اوباما
حين يصبح لبنان "السُكَّر الذي يرش فوق الكعكة السورية"!

ديبلوماسي: اسرائيل لا تكترث بلبنان
بقدر حرصها على أن "يُعادي" السوري "حزب الله"

ينشر في الاسبوع العربي في 5/1/2009
هل تشهد السنة 2009 انتقالا الى المفاوضات المباشرة بين سوريا واسرائيل بعدما شكّل العام 2008 نقطة تحول في مسار السلام في الشرق الاوسط عبر تفاوض غير مباشر بين الدولتين بوساطة الدولة التركية المتصاعدة الوهج والدور على المستوى الاقليمي؟ سؤال يشغل بال كثر من المتابعين والمعنيين في بيروت لما له من معان وابعاد وتبعات على عملية السلام ومستقبل المنطقة العربية ولبنان في ظل المتغيرات والاستحقاقات المنتظرة اقليميا ودوليا.

قبل فترة، اعلن الرئيس السوري بشار الاسد، في خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الكرواتي ستيبان ميسيتش، ان "من الطبيعي ان تنتقل سوريا واسرائيل في مرحلة لاحقة الى المفاوضات المباشرة" لانه "لا يمكن ان نحقق السلام من خلال المفاوضات غير المباشرة فقط". وشبه هذه الخطوة بعملية بناء، وقال: نبني الأساسات المتينة ثم نبني البناء وليس العكس. ما نقوم به في المفاوضات غير المباشرة هو وضع أساس لهذا البناء الكبير. اذا كان هذا الأساس ناجحاً، المفاوضات المباشرة ستكون هي مرحلة ناجحة ومن ثم بشكل طبيعي يتحقق السلام". وحاول الاسد تغليف هذا الاعلان بالتمسك بالزام اسرائيل قرارات مجلس الامن شرطا للانتقال الى التفاوض المباشر، مشددا على "اهمية تفعيل الدور الاوروبي في عملية السلام في الشرق الاوسط، ودعم تنفيذ قرارات مجلس الامن ذات الصلة وضرورة الربط بين استجابة اسرائيل لهذه القرارات والعلاقات الاوروبية".
وفي خطوة قرأ فيها المراقبون رسالة حسن نية سورية في الاطار الذي تعتمده منذ فترة لفك عزلتها الدولية وتثبيت انفتاحها مجددا على الخارج لا سيما منه العالم الاوروبي، يبقى هذا الاعلان في نظر الكثيرين مجرد كلام لا يحتمل التعويل عليه في انتظار نتائج الانتخابات في اسرائيل وتبلور سياسة الادارة الاميركية الجديدة وخطتها ونهجها لمقاربة عملية السلام في الشرق الاوسط وارتباط ذلك بالمسار الاسرائيلي- الفلسطيني اولا وبحل قضية السلاح النووي الايراني، وتاليا مشكلة ايران مع الولايات المتحدة الاميركية والمجتمع الدولي في ظل اعلان الرئيس المنتخب باراك اوباما اعتماده سياسة "العصا والجزرة" مع طهران.
وفي انتظار تبلور هذه التطورات يبقى تمّني الرئيس السوري في "الا يشهد العالم والشرق الاوسط على الخصوص حروباً جديدة في ظل الادارة الاميركية المقبلة، وان تعمل هذه الادارة بشكل جدي وواقعي من اجل تحقيق السلام في الشرق الاوسط"، مجرد امل يرتجى.
ويبدو الانتظار عنوان المرحلة في ضوء السعي الى ان يشهد الشرق الاوسط ولادة جديدة قد تنبثق عن امكان تحقيق السلام في العام المقبل.
وفيما صدر موقف الاسد في توقيت لافت، قبيل زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت الى تركيا لشكر الزعماء الاتراك على جهودهم من اجل السلام بين اسرائيل وسوريا، على الرغم من ان اسرائيل لم ترد الى الآن على وثيقة سورية عن الانسحاب من الجولان على اساس ست نقاط جغرافية سلمت اليها عبر الوسيط التركي، الا ان البعض داخل اسرائيل يرون انه لا يحق لاولمرت التفاوض مع سوريا لانه يرئس حكومة تصريف اعمال في انتظار الانتخابات المقبلة، مما يعني انتفاء دوره وفاعلية قراره وعدم امكانيته بت موضوع التفاوض المباشر مع سوريا في انتظار السلطة الجديدة في اسرائيل.
عزل سوريا عن محور الشر
وفي وقت يقرأ الكثيرون في لبنان الخطوات السورية المتتالية منذ السير في التفاوض غير المباشر مع اسرائيل، من ضمن سياسة ذكية لفك العزلة واستعادة الدور من جديد على الرغم من التحالف الوثيق الذي ربطها في الفترة السابقة مع ايران ونهج المقاومة لاسقاط المشروع الاميركي والاسرائيلي التقسيمي في المنطقة العربية، الا ان العديد من المراقبين باتوا يرون في هذه الخطوات السورية سياسة متمايزة عن الدولة الفارسية وانخراطا اكبر في العمل لاجل السلام وليس المواجهة التي قد تعدل عنها ايران ايضا اذا افرزت انتخاباتها المقبلة واقعا سياسيا مغايرا.
وفي هذا السياق، يرى مصدر قيادي في الموالاة ان "انعكاس السياسة السورية الجديدة برز على الساحة اللبنانية الداخلية، وامتداداته تعود الى شباط (فبراير) 2008 تاريخ اغتيال القائد العسكري لـ"حزب الله" الحاج عماد مغنية في دمشق وعدم تبلور اي خيط في التحقيق الى الآن او بالاحرى تكتم النظام السوري عن ايضاح اي معلومات عن ملابسات العملية، مما اشاع حالا من التباعد بين سوريا و"حزب الله".
ويربط المصدر بين هذا التحليل وبين السياسة السورية تجاه لبنان التي برزت ملامح تبدلها مع زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى دمشق في الرابع عشر من آب (اغسطس) 2008 حيث اقرت سوريا مبدأ اقامة العلاقات الديبلوماسية مع لبنان التي دخلت حيز التنفيذ العملاني في السادس والعشرين من كانون الاول (ديسمبر) مع رفع العلم السوري على مبنى اول سفارة سورية في محلّة الحمرا، وكذلك موافقة سوريا على البحث في الامور الاخرى العالقة بين البلدين كترسيم الحدود وقضية المعتقلين والمفقودين اللبنانيين على اراضيها.
وانطلاقا من هذه المعطيات، يرى القيادي في الموالاة ان كلام الاسد على ضرورة الانتقال الى التفاوض المباشر مع اسرائيل خير دليل على الفتور في العلاقة مع "حزب الله"، وتخلي سوريا شيئا فشيئا عن دعم المقاومة لتحرير الارض المحتلة وتبنيها مبدأ التفاوض والديبلوماسية طريقا الى السلام. ويعتبر ان المسار السوري الراهن كان متوقعا لان دمشق لطالما دعمت المقاومة المسلحة من خارج اراضيها ولم تنطلق يوما اي رصاصة ضد الاحتلال الاسرائيلي من اراضي الجولان المحتل، ولطالما كان لبنان بلد المواجهة الوحيد مع اسرائيل فيما الدول العربية الاخرى اما عقدت السلام علنا او كانت تسعى اليه من تحت الطاولة.
مرحلة انتقالية مقلقة
وفيما تسعى سوريا من خلال كل خطواتها الى كسر عزلتها واستعادة موقعها على الخريطة العالمية وعلى الرغم من التقرب الفرنسي المعلن منها، يرى القيادي في الموالاة ان "علاقة دمشق بباريس تبقى مشروطة اولا بالملف اللبناني ومن ثم بوقف دعم الحركات المقاومة وعناوين اخرى باتت معروفة، ما يؤشر بنظر الى انعدام ثقة فرنسي حيال دمشق.
ويلفت مصدر ديبلوماسي رفيع عامل في بيروت الى ان قلق دمشق الاكبر يتأتى من قرب موعد انطلاق المحكمة الدولية المكلفة محاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري وهذا ما سيدفعها، بنظره، الى الاعلان في وقت غير بعيد عن مسؤولية منظمة "فتح الاسلام" عن عملية الاغتيال وذلك نتيجة التحقيقات التي قام بها القضاء السوري مع افراد المنظمة الموقوفين داخل الاراضي السورية، في سيناريو لافت لابعاد الشبهات والاتهامات التي لاحقت القيادة السورية بعيد اغتيال الحريري. واذ يعتبر ان همّ دمشق الاكبر يتركز على فك عزلتها العربية والدولية، يشير الى انها قلقة من أن تبدأ فترة إدارة باراك أوباما الجديدة بخطأ قاتل، وهذا يعني سنوات أخرى من العداء مع واشنطن، وهذا ما لا تريده سوريا.
ويذكّر في هذا الاطار بكلام الرئيس الأميركي المنتخب الذي وعد بالتعامل مع إيران على طريقة العصا والجزرة. ويقول الديبلوماسي: اذا استخدمت العصا فسوريا ستجد أنها الحلقة الأضعف في حال ضربت طهران. وإن ذهبت الأمور بين واشنطن وطهران من خلال الجزرة، أي التفاوض من دون استخدام قوة، فبالتأكيد ستكون دمشق بندا تفاوضيا بين واشنطن وطهران، مثلها مثل "حزب الله" و"حماس" والعراق، الامر الذي يدفعها الى التمايز عن ايران وخلق دور فاعل في المنطقة من خلال الذهاب الى التفاوض المباشر مع اسرائيل، الامر الذي سيشكل، فيما لو حصل، الخط السريع للسوريين من أجل كسر عزلتهم وتفادي عقبات تنتظرهم، والوصول إلى العلاقات التي يريدونها مع واشنطن.
وفيما يعتبر هذا الديبلوماسي ان السلام السوري- الاسرائيلي قد يكون المسار الاكثر واقعية من اجل تحقيق مشروع السلام الشامل في المنطقة، يرى ان انهاءه امر قابل للتنفيذ وسيكون في مثابة انقلاب حقيقي في المنطقة، وسيمهّد لإتمام عملية السلام الاسرائيلية - الفلسطينية.
ويشير الى ان الفرصة مؤاتية للسوريين لضرب عصفورين بحجر: الأول استعادة الجولان، والثاني كسر العزلة العربية والدولية، وحينها سيكون لبنان السُكر الذي يوضع فوق الكعكة. ويضيف: اسرائيل لا تكترث بلبنان بقدر حرصها على أن يكون السوري عدوا لـ "حزب الله"، من أجل تفكيك تحالفات إيران على مستوى الاقليم. والسلام السوري - الاسرائيلي لا يمكن ان يتحقق مع علاقات ايرانية ـ سورية طبيعية.
تفاوض مباشر بشروط
واذ شكل اعلان الاسد ضرورة الانتقال الى التفاوض المباشر مع اسرائيل في المرحلة المقبلة حدثا سياسيا واعلاميا افاض اسئلة كثيرة، الا ان هذا الاعلان اقترن بشرطين:
-الاول انسحاب اسرائيل الصهيوني من كامل مرتفعات الجولان واعادتها الى سوريا، وهو قد ارسل لهذه الغاية، كما اعلن في مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست"، وثيقة عن الحدود تحددها قبل العام 1967،
-والثاني رعاية الادارة الاميركية الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب التفاوض المباشر.
وفي سياق كل التبدلات واعادة التموضعات التي تحصل على الساحة الاقليمية والدولية، في المواقع كما المواقف، ترى مصادر مراقبة ان المتغيّرات هي التي تحكم الصفيح الشرق اوسطي، وخير دليل ما شهدته العلاقات اللبنانية- السورية من خطوة تاريخية جسدت الاعتراف العلني المباشر بسيادة لبنان وتمثلت بمباشرة الاعمال في السفارتين.
اما الدليل الآخر الاكثر مأسوية عن الدينامية غير المتّسقة في الاقليم، فالتطورات الدموية في قطاع غزة، التي قد تعيد خلط كل هذه المقاربات، بما فيها المقاربة السورية للتفاوض مع اسرائيل. واذ ذاك تبدو المنطقة مرشحة الى جولة جديدة من التصعيد والفوضى.



الأحد، 21 ديسمبر 2008

Sphere: Related Content
تساؤلات في الداخل وصمت اقليمي ودولي .. وخشية اسرائيلية من سباق اميركي - روسي في بيروت!
من روسيا الى فضاء لبنان .. رحلة عسيرة للـ "ميغ-29"

المعارضة ترحّب بمصدر الهبة والموالاة تستغرب التشكيك
خبراء: خطوة تعيد رسم استراتيجيا لبنانية في الشرق اوسط

ينشر في "الاسبوع العربي" في 29/12/2008
سُرّ اللبنانيون بهدير طائرات الـ "هوكر هنتر" تحلق في اجوائهم قبيل عيد الاستقلال وفي خلاله. لكنّ المفاجأة ذا الرداء الابيض الروسي القارس كانت اكبر، مع اعلان وزير الدفاع الوطني الياس المر عن تقديم موسكو عشرة مقاتلات "ميغ- 29" هبة الى سلاح الجو اللبناني، في خطوة ادهشت الكثيرين الى حدّ رفض البعض تصديقها مشككا بادئ الامر في صدقيتها.
تأكيد روسيا رسميا نبأ الهبة المميزة بدّد كل الشكوك وسرعان ما تحولت المفاجأة حقيقة. فتحول الخبر الذي زفّه وزير الدفاع من روسيا قبيل فترة الاعياد عيدية تحمل رسالة سياسية ليس فقط بدعم لبنان عسكريا ومساعدته على بناء الدولة القادرة، وانما رسالة الى المحيط الاقليمي، ولا سيما الى اسرائيل التي بادرت الى التعبير عن انزعاجها من خلال خرق طيرانها الاجواء اللبنانية وصولا الى عكار شمالا.
في المحصلة، وعلى الرغم تفاوت ردود الفعل والتعليقات والتحليلات، احدث اعلان الوزير المر من موسكو، صدمة ايجابية في الاوساط السياسية والشعبية، ومحط تساؤلات كثيرة لدى الاوساط الديبلوماسية الاميركية والاوروبية والعربية.
ومن غير المستبعد ان تنتقد اسرائيل بعنف هذه الصفقة من الطائرات الحربية، زاعمة انها تشكل خطرا مباشرا على امنها وسلامتها، مع ادراكها ان عددها، قياساً باسطولها الجوي، لا يحسب له اي حساب في اي مواجهة عسكرية جوية. وهي ستعبّر عن تخوفها الحقيقي من استعمال تلك المقاتلات في دوريات تقوم بها في الاجواء اللبنانية في طلعات شبه يومية تستمر في القيام بها، بذريعة مراقبة تهريب الاسلحة.
سلاح جيد ولكن...
وفيما تعالت مواقف الاشادة "بقرار روسيا تزويد لبنان عشر طائرات "ميغ 29" في نقلة نوعية على صعيد السيادة اللبنانية الى جانب تسليح الجيش، وفي تعبير عن عمق الصداقة التي تربطها بلبنان وعن ارادة حقيقية لدعمه ومؤسساته الشرعية، لاسيما المؤسسات الامنية والعسكرية اللبنانية"، يشير خبراء في الطيران العسكري الى ان هذا التحول، في اقتناء الجيش السلاح الروسي، يعني بدء تغيير لبنان استراتيجيته على مستوى الشرق الاوسط. ويلفتون الى انه على الرغم من ان الـ "ميغ - 29" ليست بالمقاتلة الحديثة الصنع، فهي تعود الى الاعوام العشرين الاخيرة وتوازي بمواصفاتها الميراج الفرنسية والتي كان يقودها طيارون عسكريون لبنانيون بمهارة قبل ان تتوقف عن التحليق خلال الحرب، وخصوصا في اثناء الوجود العسكري السوري.
ويعتبرون ان هذا النوع ليس مقاتلة عادية، بل من المقاتلات "المتفوقة" التي يمكن اعتبارها متطورة، شرط توافر التجهيزات التي ستزود بها. وكي تصنف متطورة يجب ان يلحق بها صواريخ جو – جو ورادارات متطورة لتوجيهها، وجهاز "انتليجانسيا" لحمايتها من التشويش.
ويبدون خشيتهم من عدم توافر الامكانات لتشغيل الطائرات في المستقبل القريب، لان الطيارين اللبنانيين لم يتدربوا على قيادتها وذلك يحتاج الى دورات بين 8 اشهر وسنة للتمكن من استخدامها كما ينبغي، بطاقاتها الفنية والتقنية والقتالية الفصوى.
اسئلة في الاسباب
ولانّ هذا الحدث الاعلامي اثار اسئلة كثيرة حول توقيته والاثمان المتصلة بالمعنى السياسي والعسكري الاستراتيجي، يضيئ بعض المراقبين على النقاط الآتية:
-أولا: ما هي حقيقة الهبة الروسية؟ وهل يمكن موسكو ان تمنح طائرات الـ "ميغ - 29" للبنان من دون ان تحصل على ضمانات لعدم استخدامها ضد اسرائيل؟ وهل يمكن ان تكون لهذه الطائرات وجهة غير محاربة الارهاب؟
-ثانيا: هل هناك جهوزية لبنانية لتلقف الهبة الروسية؟ بمعنى هل يمكن ارسال بعثة متخصصة من ضباط سلاح الجو للتدرب على هذه المقاتلات، اضافة الى بعثة فنية من عسكريين للتدرب في روسيا على صيانة للطائرات؟
-ثالثا: هل يمكن لبنان ان يعمل على صيانة القواعد الجوية وتقديم كل التجهيزات المطلوبة من صيانة ضرورية للطائرات بعد كل ساعة طيران؟
-رابعا، ما هي قيمة الطائرات عمليا اذا لم تقترن بشبكة رادار واجهزة انذار وبمنظومة دفاع جوي لا بل باستراتيجيا دفاعية شاملة؟ فشبكة الرادار تتطلب الجهاز البشري من فنيين وخبراء ومهندسين، فضلا عن منظومة حماية ومنها صواريخ ارض- جو ومنظومة دفاع بَري من خلال نشر المشاة.
-خامسا، هل هذه الطائرات هي ضد اسرائيل ام لمكافحة الارهاب؟ وهذا الامر منوط بما اذا كانت ستزود بنظام صاروخي جو- جو او جو- ارض.
-سادسا: ما الرابط بين زيارة وزير الدفاع لابرام صفقة التسلح وزيارة النائب سعد الحريري قبل فترة وجيزة الى موسكو واعلانه من هناك ان البحث تناول تسليح الجيش، في أعقاب استنكاف الأميركيين عن تسليحه بسبب التعقيدات الإدارية في الكونغرس، كما أبلغ اخيرا قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال ديفيد بيتراوس قيادة الجيش اللبناني؟
في التقويم
وفي وقت بزرت التساؤلات عن توقيت هذه الخطوة الروسية قبيل انعقاد الجولة الثالثة من طاولة الحوار بين الافرقاء في القصر الجمهوري في بعبدا لاستئناف مناقشة الاستراتيجية الدفاعية وتقديم تصورات جديدة في المنظومة الدفاعية الوطنية، تؤكد الاوساط السياسية ان الهبة الروسية ستشكل منعطفا في هذا الاطار وسترفع النقاش الى مستوى ارفع مع تجهيز الجيش بسلاح جو متطور، بالمقارنة مع ما يقتنيه من اسلحة وبالوعود المتراكمة بتسليحه، ما يشكل عاملا اساسيا في استراتيجيا الدفاع عن لبنان وآلياتها.
وفي تقويم معارض للخطوة الروسية، يشير مصدر مطلع في قوى المعارضة الى ان لبنان يرحب بأي مساعدات عسكرية لتجهيز الجيش اللبناني، "فكيف اذا كانت الجهة المساعدة هي روسيا المعروفة بمواقفها الداعمة للقضايا العربية وللمقاومة اللبنانية في وجه اسرائيل". ويلفت الى ان هذه "المساعدات تعتبر اضافة نوعية جدا على تجهيزات المؤسسة العسكرية، ومن شأنها ان تشكل تطورا استراتيجيا وتكتيا في بنية الجيش اللبناني، هذه المؤسسة التي استثنيت من التطوير والتحديث والتجهيز وتقنين المال عنها، على حساب مؤسسات امنية اخرى اعتبرت في فترة من الفترات الجيش البديل".
في المقابل، يلفت مصدر قريب من الموالاة الى ان قوى المعارضة بدت في موقع المرتبك من الخبر الذي أطل به الوزير المر من موسكو. ويعتبر ان "حزب الله" وحلفاءه أوحوا في ردات فعلهم أنهم غير راضين او متحمسين لاستكمال انجاز التفاهم المبدئي اللبناني- الروسي في شأن تزويد الجيش ما يحتاج اليه من اسلحة نوعية تمكنه من تحمل مسؤولياته وحيدا في الدفاع عن لبنان، وتعفي القوى الرديفة من مسؤولية مقاومة اسرائيل والاستعداد لمواجهتها.
ويستند في مقاربته لردة فعل "حزب الله" وحلفائه، الى علامات الاستفهام بشأن مصادر التمويل، خصوصا ان مقربين من الحزب تحدثوا عن الاثمان السياسية التي سيكون على لبنان تسديدها لموسكو وإثارة مخاوف من ربط لبنان بمحاور دولية، وكذلك تحدثوا عن الأسباب التي تدفع بإسرائيل الى عدم الاعتراض لدى روسيا على تزويد لبنان بمقاتلات متطورة، علما ان تل ابيب كانت ولا تزال تتدخل لمنع موسكو من تزويد أي دولة عربية بسلاح روسي يمكن أن يهدد تفوق اسرائيل العسكري، أو يمكن أن يقع في أيدي "حزب الله". وفي ذلك برأي المصدر، محاولة للإيحاء أن وراء الحصول على الأسلحة الروسية للجيش اللبناني صفقة سياسية من تحت الطاولة مع إسرائيل كغطاء للمطالبة من جديد بنزع سلاح "حزب الله".
الى المياه الدافئة
وفي ظل المفاجأة اللبنانية وعدم صدور اي تعليق رسمي اسرائيلي على الهبة الروسية، يعتبر ديبلوماسي غربي ان الصفقة ينبغي أن تُناقش مع حلفاء لبنان. ويقول: "إن العرض الروسي يبدو غير محتمل ويتخطى قدرة الجيش اللبناني"، لافتا الى "انها خطوة كبيرة غير طبيعية بالنسبة إلى الجيش اللبناني"، ومضيفاً أن لبنان لا يملك لا البنية التحتية الملائمة ولا الأفراد المدربين لاستخدام هذه الطائرات المقاتلة. ويشير إلى أن "لبنان لم يكن يتوقع أبداً قيام الروس بتقديم مثل هذا العرض. فالجيش اللبناني طلب صواريخ مضادة للطائرات وناقلات جند وبعض الدبابات ولكن ليس طائرات".
ويعتبر أن الأنباء عن الطائرات الروسية تُشكّل صعقة إعلامية مع قيام موسكو بتوجيه رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أنها تُخطّط لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط.
ويلفت الديبلوماسي الى قلق في اسرائيل مرده الى من ان تعمد واشنطن الى تزويد لبنان بأسلحة أميركية أكثر، كجزء من عرض العضلات الاميركي – الروسي في الشرق الاوسط، ومع اتخاذ القيادة الروسية قرارا استراتيجيا بعودة الى المياه الدافئة التي خرجت منها بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، ان في اميركا اللاتينية عند الشواطئ الكوبية، او في الشرق الاوسط مع الزيارات المتواصلة للاسطول البحري الى سوريا وصولا الى التقارير الاستخبارية عن تأهيل روسي لموانئها البحرية، وخصوصا قاعدة طرطوس التي تراها موسكو استراتيجية في الصراع على العودة الى المتوسط.

Sphere: Related Content
مراكز الابحاث التي سخر منها جنبلاط تدعو الى انعطافة حادة في سياسة واشنطن
الاستراتيجيا الاميركية الجديدة: سلام اسرائيلي – سوري – لبناني؟
هل يقطع اوباما كليا مع ادارة بوش فـ "يبدأ بسوريا"؟
صفقة اسرئيلية – سورية ستعيد تصفيف المنطقة وفق المصالح الاميركية

ينشر في "الاسبوع العربي" في 22/12/2008
بينما تغرق مراكز الابحاث الاميركية Think Tanks الرأي العام الاميركي، وخصوصا صنّاع القرار في العاصمة واشنطن ومجموعات المستشارين او الطامحين بمنصب تنفيذي في الادارة الاميركية الجديدة، بعشرات الابحاث والتقارير عن الآليات المفترض ان يتبعها الرئيس باراك اوباما الذي رسم جزءا غير يسير من خريطة حكمه الآتي، يغرق مسؤولون لبنانيون واستشاريون في قراءة هذه الابحاث والتقارير وخصوصا تلك المتعلقة بالسياسة المفترضة في الشرق الاوسط، وخصوصا في لبنان وسوريا وايران. ومنطلق هذا الاهتمام اللبناني ليس فكريا فحسب، بل لادراك عام بمدى تأثير مراكز الابحاث هذه على صناع القرار الاميركي، والحجم الذي بلغه الباحثون في هذه المراكز في عهد الادارة الآفلة حيث كان معظم السياسات يطبخ سرا في كواليسها قبل ان يتنبناه فريق عمل الرئيس جورج بوش.
تُبرز مراكز الابحاث الاميركية في غالبية دراساتها وتقاريرها، وفي شكل رئيسي، الميل البحثي العام الى انعطافة حادة في السياسة الاميركية تجاه سوريا تحديدا، والانتقال من العزل الى الاحتواء، ومن اسقاط النظام ومن ثم تغيير سلوكه الى تشجيعه على الانخراط في السياسات الدولية تارة عبر الجزرة الفرنسية وطورا عبر الدينامكية التركية على خط التفاوض السوري – الاسرائيلي.
وهذان الاحتواء والانخراط هما تحديدا ما اشتكا منهما في الثامن من كانون الاول (ديسمبر) رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في خطابه في الجمعية العامة للحزب وفي الذكرى السنوية لاغتيال كمال جنبلاط، وهو عبّر صراحة عن ضيق من هذه المراكز البحثية ومن النظريات التي اختبر معظمها على امتداد الاعوام الثلاثة الفائتة وثبت له عقمها، او غربتها عن الواقع في احسن الاحوال، على الرغم من انه زار عددا منها، وألقى على منابرها خطبا استشرافية للشرق الأوسط، وله مع باحثين كثر فيها صداقات.
قال جنبلاط في تلك المناسبة: "لم يتغير شيئ عن ظروف العام 1977 ابدا ولن يتغير شيئ، الوحش هو نفسه والابن سر ابيه، والنظام هو ذاته لأن الانظمة الكلية لا يمكن ان تتغير ان تتحول لكي تصبح ما يسمى بالديموقراطية والتحررية، وكل الامال وبالاحرى الاوهام لمراكز الدراسات الغربية اميركية كانت غير اميركية في نظرية الاستقطاب او التداخل ونظريات تحسين الامور من الداخل كلها اوهام سخيفة، فقط هي مصالح الغرب مع هذا النظام السوري ولنعترف باننا لم نفلح في ان يضغط الغرب ولو جزئيا عبر تغيير تدريجي، ولذلك بقي النظام ويبقى هذا النظام وهو الخطر الاول والاخير على الحركة الاستقلالية اللبنانية والحركة الاستقلالية الفلسطينية".
اللافت ان ضيق الصدر هذا برز بعد اسابيع من زيارة جنبلاط لواشنطن، ما يدل بوضوح الى شيئ ما يطبخ في كواليس المراكز البحثية لم يستطيبه لا ذوق زعيم المختارة، ولا استشعاراته.
وثمة من يزعم ان جنبلاط عاد من الولايات المتحدة الاميركية حاملا تحذيرا الى قوى الرابع عشر من آذار (مارس) فيه ان "باراك اوباما يريد الانفتاح على دمشق والقطيعة مع سياسة جورج بوش".
"لنبدأ بسوريا"
الباحث آرون ديفيد ميللر هو مدير "بذور السلام" وزميل في السياسة العامة في "مركز وودرو ويلسون العالمي للعلماء"، وشغل مستشارا حول الشرق الأوسط لوزراء خارجية جمهوريين وديمقراطيين، وعمل في وزارة الخارجية 25 عاما كمفاوض في الشرق الأوسط ومستشار في الشؤون العربية الإسرائيليّة، وآخر كتاب له هو "الأرض الموعودة بشكل زائد". وهو معروف بقربه من اللوبي اليهودي وبإلتصاقه بالمصالح الاسرائيلية، ومن ابرز المؤثرين في مراكز القرار ومقرب من مسؤولين اميركيين في الادارة الجديدة. وهو يقول عن نفسه انه عمِل مع ستة وزراء خارجية أميركيين على المفاوضات العربية الإسرائيلية، وانه أصبح يؤمن بأهمية علاقات أميركية إسرائيلية متينة.
احدث دراسات مييلر وضعها في السادس والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) بعنوان "لنبدأ بسوريا: صفقة في الشرق الأوسط يستطيع أوباما البناء عليها"، وفيها مجموعة من النصائح الى الرئيس الاميركي الجديد حول الشرق الاوسط.
يقول ميللر: "سوف يغرق الرئيس المنتخب باراك أوباما بتوصيات عديدة حول كيفية التوجه نحو صنع السلام العربي الإسرائيلي. إحدى النصائح التي يتوجب عليه عدم تبنيها هي جعل السلام الإسرائيلي الفلسطيني على رأس قائمة أولوياته. ليست هناك صفقة في ذلك. ولكن هناك فرصة حقيقية لاتفاقية إسرائيلية - سورية، ويتوجب على أوباما أن يتبناها. هناك بالطبع نقاشات قوية لصالح جعل صنع السلام الإسرائيلي - الفلسطيني أولوية. يستحق الفلسطينيون دولة لهم، ولا تعتبر اتفاقية إسرائيلية فلسطينية مجرد مفتاح لسلام عربي إسرائيلي، وإنما لبقاء إسرائيل على المدى البعيد كدولة يهودية ديمقراطية.
قد يغري رئيس جديد يتوق إلى إصلاح صورة أميركا في الخارج تجربة محاولة التوصل إلى اتفاقية، إلا أنه يتوجب عليه تجاهل نداء هذا الإغراء. ليست هناك اتفاقية تنهي النزاع ممكنة الآن، وليس من المحتمل وجود واحدة في المستقبل القريب. المخاطرة عالية جداً إذا قامت أميركا بتقبّل أوهام سوف تؤدي بالتأكيد إلى فشل آخر. ما زالت الفجوات التي تفصل الطرفين حول القضايا الجوهرية (القدس والحدود واللاجئين والأمن) واسعة جداً. الزعماء الحاليون أضعف من أن يتمكنوا من جسر هذه الفجوات، والبيئة على الأرض أكثر تعقيداً من أن تسمح بمفاوضات مستدامة.
وفي فلسطين، تسود الفوضى والاختلال، وتعاني الحركة الوطنية الفلسطينية من خلافات جغرافية وسياسية بين "حماس" (وهي نفسها منقسمة) و"فتح" (وهي نفسها منقسمة بصورة أسوأ). ليس هناك سوى فرصة ضئيلة لإيجاد بيت فلسطيني موحّد يستطيع السيطرة على البنادق ويقدم موقفاً تفاوضياً متحداً قادراً على البقاء بحيث يمكن لأي حكومة إسرائيلية قبوله. تسود القيادات الضعيفة وسياسات تحالف غير مستقرة في إسرائيل كذلك. ويشكل نشاط استيطاني إسرائيلي يستمر دون توقف صورة كابوسية تستطيع إبعاد أي وسيط ذكي وتجعله يولّي الادبار.
سوف يكون من الخطأ إتباع هذا السبيل، إذا أخذنا في الاعتبار هذه الحالات والشروط. قد يكون مفهوم "من الأفضل أن يحاول المرء ويفشل بدلاً من ألا يحاول بالمرة"، صرخة تجمع اللاعبين يطلقها مدرب كرة القدم. إلا أنها غير مناسبة كمبدأ في السياسة الخارجية لأعظم قوة في العالم. أثبتت المحاولة ذات النية الحسنة، والتي شكلت شعار بيل كلينتون في كامب ديفيد في تموز (يوليو) 2000، معززة من قبل مستشاريه، وأنا واحد منهم، أنها مكلفة. وقد كانت الظروف أفضل بكثير في العام 2000 (على الرغم من أنها لم تكن الظروف الصحيحة) مقارنة بتلك التي تواجهها الإدارة الجديدة.
دولتان وطاولة واحدة
النقاش الذي يفرض نفسه بصورة أقوى هو في مصلحة دفعة كبيرة في مفاوضات أخرى: بين إسرائيل وسوريا. هنا توجد دولتان على الطاولة، بدلاً من دولة واحدة وحركة وطنية غير فاعلة. وتسود حدود هادئة هنا، بفضل ديبلوماسية الفصل التي وضعها هنري كيسنجر في العام 1974. كما أن هناك عدد أقل من المستوطنين في مرتفعات الجولان، ولا توجد قضايا ضخمة متعددة مثل وضع القدس لتفجير المحادثات. القضايا بالتأكيد مباشرة - الانسحاب والسلام والأمن والمياه - والفجوات واضحة كذلك وجاهزة ليتم جسرها.
بالنسبة الى رئيس يبحث عن سبيل لإعطاء دفعة لمصداقية أميركا، توفر اتفاقية إسرائيلية - سورية قيمة مضافة محتملة. تبدأ صفقة كهذه بإعادة تصفيف تركيبة المنطقة بطريقة تخدم مصالح الولايات المتحدة الأوسع. سوف يتوجب على البيت الأبيض أن يكون صبوراً. لن تبتعد سوريا ببساطة عن علاقة استمرت ثلاثين عاما مع إيران. سوف يتوجب أن تتم عملية إبعاد سوريا من إيران ببطء تدريجي، وتتطلب جهداً دولياً رئيسياً لتنظيم الدعم السياسي والاقتصادي لدمشق. على الرغم من ذلك سوف تعطي معاهدة سلام إسرائيلية - سورية خيارات صعبة وبدائل قليلة لـ "حماس" و"حزب الله" وإيران.
لن يكون أي من هذا سهلاً. سوف يتوجب على إدارة الرئيس أوباما، والرئيس الجديد بالذات أن يكون في خضم الأمور. سوف يكون تحقيق احتياجات إسرائيل وسوريا الاقتصادية والأمنية صعباً إلى درجة مؤلمة جداً ومكلفاً ويستغرق وقتاً طويلاً، كما سوف تُشرك الاتفاقية النهائية على الأرجح صانعي سلام من الولايات المتحدة. الأهم من ذلك أنه سيتوجب على الولايات المتحدة أن تدفع الطرفين إلى أبعد مما هم على استعداد للذهاب الآن، إلى درجة الانسحاب من الجولان بالنسبة الى اسرائيل، والتطبيع والأمن في حالة سوريا. ولكن بوجود زعماء إسرائيليين وسوريين جادين، وبإدارة جديدة مستعدة لأن تكون صارمة وذكية وعادلة في دبلوماسيتها، يمكن تحقيق صفقة.
لذا، يا سيدي الرئيس المنتخب، اذهب وحاول تحقيق وقف إسرائيلي - فلسطيني لإطلاق النار، واعمل على تدريب قوات الأمن الفلسطينية وضخ المعونة الاقتصادية في غزة والضفة الغربية ورعاية المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية بهدوء. ولكن لا تتوجه نحو نهاية اللعبة، فلن تصل إلى هناك. بدلاً من ذلك قم بالاستثمار في السلام الإسرائيلي - السوري وقد تجد بعد ذلك، وبعد تحقيق نجاح تاريخي، وبعد أن يتم الإعجاب بأميركا مرة أخرى لكفاءتها، وستكون في موضع أفضل لتحقيق النجاح الذي تريده في المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية أيضاً".
ثلاثي السلام؟!
ويتزامن هذا التقرير البحثي مع كلام لافت لمساعد وزيرة الخارجية السفير دايفيد ولش الذي قال: "من الجيّد أنْ يتمّ تحقيق السّلام بين إسرائيل ولبنان وسوريا وأنّ هدف الإدارة الأميركيّة ضمّ الأفرقاء جميعاً إلى الحوار"، في حين كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يصرح من باريس لمناسبة الاحتفال بالذّكرى الستّين لإعلان حقوق الإنسان أنّه يثق بسوريا وأنّه ليس نادماً على الحوار معها، وينوّه في الوقت عينه بـ "دور سوريا الإيجابيّ في لبنان الّذي أدى إلى انتخاب الرّئيس ميشال سليمان وقيام حكومة الوحدة الوطنيّة والتّحضير للانتخابات النّيابيّة"، من دون ان تفوته الاشارة الى "انعقاد محادثات السّلام غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل بوساطة تركيّة لتحقيق السّلام الشّامل في المنطقة".
يقول ديبلوماسي غربي بارز عامل في بيروت لـ "الاسبوع العربي"، ان ثمة كلمة سر تتداول في عواصم القرار وخصوصا بين باريس وواشنطن، ملخصها وجوب العمل على تحريك التفاوض على المسار الاسرائيلي – السوري – اللبناني بشكل متزامن ومتقاطع والتخلي مرحليا عن اي جهد زائد على المسار الاسرائيلي – الفلسطيني، انطلاق من معطيين:
-الاول ان لا جدوى من استئناف العمل على المستوى الاسرائيلي – الفلسطيني في ظل غياب القادة القادرين على تحقيق اختراق جديد على هذا المسار: فلا الرئيس الفلسطيني محمود عباس في وضع المتمكّن والممسك بالقرار الفلسطيني وهو بات اقرب الى الخروج من السلطة شرعيا وشعبيا وسط كل التداعيات التي تحيط به والتي تجعل الانتخابات الفلسطينية – في حال حصولها – في متناول فصائل الرفض،
-والثاني ان لا جدوى في البحث عن اي انخراط سوري في السياسات الدولية، من دون اقتناع عواصم القرار بإعطاء القيادة السورية الثمن الملائم لابتعادها عن الجمهورية الاسلامية في ايران، وهو ثمن سيكون باهظا بلا شك (اقتصادي – عسكري وصولا الى مسألة المحكمة الدولية الخاصة للبنان)، لكن لا بد من تقديمه.





السبت، 6 ديسمبر 2008

Sphere: Related Content
صفحة القطيعة والخصومة والعداء هل يطويها زيارة وحوار وحجّ؟
عون في سوريا: إنقلاب للتأريخ أم عليه!

المؤيدون: خطوة جريئة.. وصواب يؤكد قدرة الاستشراف
المعارضون: الزيارة تعزل المسيحيين وتنقلهم الى المحور السوري-الايراني


ينشر في "الاسبوع العربي" في 15/12/2008
بعد فترة من القطيعة والخصومة وصلت حد العداء، استعادت العلاقة بين لبنان وسوريا بعضا من الحميمية بعد تاريخ من الوصاية والسيطرة والعلاقة غير المتكافئة. ومع انطلاقة عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، امتدت اطر التسوية السياسية التي ارساها اتفاق الدوحة، الى خارج الحدود اللبنانية لتصل الى دمشق من خلال مقاربة العلاقة مع سوريا بشكل متجدد انطلاقا من الواقع الجغرافي والسياسي للبلدين. وفيما حظيت الزيارات الرسمية الى بلاد الشام نصيبها من الانتقاد على الرغم من ورودها تحت عنوان "التنسيق الرسمي بين البلدين"، فإن الزيارة الحدث لرئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون اسدلت الستارة على باقي المشاهد السياسية وتصدرت صفحات الاعلام واهتمام الرأي العام، حليفا كان ام خصما ام منتقدا.
ينقسم اللبنانيون، كما زعمائهم، بين مؤيد ومعارض للانفتاح على سوريا فيما السياسة الواضحة التي ينتهجها رئيس الجمهورية تتركز على الحوار والانفتاح واستعادة مكانة لبنان اقليميا ودوليا، من خلال نسج ما يسميه مظلة امان دولية فوق لبنان. وفي وقت تبرز الحاجة الى انتهاج سياسة معتدلة وعقلانية، في خضم كل المتغيرات على الصعيدين الاقليمي والدولي، تطفو من جديد الخلافات السياسية مع كل استحقاق او حدث سياسي لا سيما ان الفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات النيابية المقبلة لا تتعدى نص سنة.
تغيّر اتجاه الريح السياسية مع العواصف التي فتكت بالمسرحين الاقليمي والدولي، واطاحت هذه الريح بكل ما كان يسمى "الثوابت"، مبرهنة ان لا شيء ثابتا في السياسة. فما كان "محرّما قد يصبح حلالا واكثر من حلال"، بهذه العبارة وصف العماد عون زيارته الى سوريا "مهد المسيحية"، وتحت عناوين اخرى ادرج باقي المسؤولين في الدولة زياراتهم الى دمشق.
ولكن مهما تكن المبررات او العناوين، يقول احد غلاة المعارضين، تظل الحقيقة- كما النتيجة- واحدة: انفتاح وحوار يؤكدان حتمية تنسيق يفرضه الى الواقع السياسي، الواقعان الجغرافي والتاريخي.
خطيئة اصلية
من نافل القول، بنظر الكثير من المراقبين، ان السياسة السورية في لبنان كانت خطيئة اصلية وليس خطأ، وهذا ما اثبته التاريخ الحديث مع ما رافق الخروج السوري من لبنان من مظاهر وشعارات جسدت "النقمة" على زمن الوصاية وما ارساه من تعديات وسياسات شاذة عن مفاهيم الديموقراطية والحرية. فصار السوريون على قناعة انه لم يكن من الصواب انتهاج سياسة السيطرة، كما لم يكن مقبولا انتهاج سياسة الرضوخ والاستزلام اللبنانية.
ولم يعد المطلوب بالنسبة الى كثر من اللبنانيين الانفتاح الاعمى او "حوار الطرشان" بل سياسة عاقلة تأخذ في الاعتبار الجيرة كما المصالح المشتركة، وهذا ما يتبناه رئيس الجمهورية نهجا صالحا وحكيما وشجاعا.
من العداء الى الانفتاح
اتبع الرئيس سليمان منذ انتخابه سياسة اعادة بناء الدولة والمؤسسات وابراز وجه لبنان الحضاري والمنفتح في المحافل العربية كما الاوروبية والاميركية. وارسى منذ زيارته الى سوريا ركائز استعادة العلاقة الطبيعية معها عبر احياء التنسيق والتعاون بين "الدولتين"، على ما دأب الرئيس سليمان في التشديد عليه باستمرار، "فالعلاقة هي بين بلدين جارين حرين سيدين مستقلين".
وفي وقت ترى اوساط المعارضة الخطوات والزيارات اللبنانية الرسمية والمعلنة الى سوريا انها "النهج الاسلم لاستعادة العلاقة الطبيعة والندية معها عبر القنوات والاطر الرسمية لتجنب العودة الى التجربة الماضية والاخطاء التي شابت مرحلة وجودها في لبنان، خصوصا في ظل المتغيرات في السياسة الدولية والاوروبية خصوصا تجاه سوريا واعتماد سياسة الانفتاح والحوار معها لا سيما من الجانب الفرنسي والاتحاد الاوروبي عموما"، تعتبر اوساط الموالاة ان "اللبنانيين يجب الا يكونوا معنيين لا بالانفتاح الاوروبي على سوريا، ولا بأيٍّ من انواع الهدايا المجانية تقدم الى النظام السوري من دون حصول لبنان على مكاسب في الملفات العالقة بين البلدين، وابرزها مسائل ترسيم الحدود وتحديدها، تثبيت لبنانية مزارع شبعا، حل قضية المفقودين والمعتقلين في السجون السورية، السلاح الفلسطيني خارج المخيمات والمرتبط مباشرة بالنظام السوري، اضافة الى المسألة التي ابتدعها هذا النظام اخيرا باتهام جهة لبنانية بتمويل الارهاب ودعمه في وقت يصدّر هو هذا الارهاب".
وتلفت الاوساط الموالية الى ان كل هذه الاشكاليات تفترض ان "تفرمل بعض الشيء هذا التسارع اللبناني لتطبيع العلاقات مع النظام السوري، فحتى اتفاق الطائف الذي ينظم العلاقة بين البلدين حذر من تهديد سوريا أمن لبنان، الامر الذي يطرح علامات استفهام كبيرة ويشير الى ان سوريا تحاول افراغ العلاقات الديبلوماسية مع لبنان من مضمونها وكذلك تجريدها من اهميتها التاريخية".
وتشير الى ان الاصرار على بقاء المجلس الاعلى اللبناني- السوري يؤكد عدم التغيير في الذهنية السورية القائمة تجاه لبنان، على امل الا يشكل نوعا من الوصاية على السفارتين.
وتسأل "كيف يسارع الوزراء والسياسيون اللبنانيون الى زيارة دمشق في وقت هي تتهم تيارا سياسيا لبنانيا بتمويل الارهاب، ونائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد يطالب القضاء اللبناني بالتحقيق مع النائب سعد الحريري؟". وتعتبر ان "الطابة اليوم في الملعب السوري وحتى الان لا تغيير في السلوك حيال لبنان ودمشق تتعمد تمرير الرسائل الى الداخل اللبناني عبر كلام بعض حلفائها عن تفجيرات واغتيالات ستحصل قد تكون بحجم عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري".
زيارة الجنرال بين الخطأ والصواب
منذ الاعلان عنها عبر الاعلام جاءت زيارة العماد عون لسوريا مثيرة للجدل بل للدهشة في بادئ الامر، ومما زاد في عوامل الاثارة والترقب طريقة الاستقبال والترحيب والتكريم الي حظي بها الجنرال "الخصم الشريف" والضيف العزيز، في خطوة لم تخص بها سوريا اياً من حلفائها السياسيين الكبار في لبنان، سابقاً وحاضراً، سواء في عهد الرئيس الراحل حافظ الاسد ام في عهد الرئيس الحالي، فهي حرصت على ان تسبغ طابعاً استثنائياً على الزيارة الاولى التي يقوم بها العماد عون اليها منذ منتصف الثمانينات من القرن الفائت.وفيما رسم عون عنواناً لزيارته على انها "لفتح صفحة جديدة مرتكزها الانفتاح" بعدما شكّل في مساره بين العامين 1989 و2006 احد اعتى خصوم سوريا في لبنان، قابلت دمشق ما سماه عون "عملية القلب المفتوح" بإستثنائية غيبة حتى عن اهل البلد، فاستقبلته استقبال الرؤساء والشخصيات الرسمية، وربما الفاتحين.
وفي وقت كان من المتوقع ان تثير الزيارة جدلا كبيرا في الوسط السياسي اللبناني لا سيما محاولة توظيفها من الخصوم والحلفاء على حد سواء، عشية الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، فانها شكلت مصدرا ضخما لسيل من الانتقادات التي تفاوتت بين النقد المرتكز على حجج والنقد السياسي والنقد لمجرد النقد.
في هذا السياق تعتبر مصادر سياسية في قوى الرباع عشر من آذار (مارس) ان سوريا وظّفت زيارة العماد عون اعلامياً بمجرد حصولها، وأوصلت أكثر من رسالة إلى المجتمع الدولي، وخصوصا إلى أوروبا وفرنسا تحديداً، حول مدى حرصها على الانفتاح على مسيحيي لبنان، والتزامها الكامل الوعود التي قطعتها على نفسها بالاسهام في استقرار هذا البلد ودعم كل الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لضمان استقلاله وسيادته والمحافظة على الوجود المسيحي ودوره فيه.
واذ ترى ان من حق اي طرف سياسي ان يزور البلد الذي يريد، تلفت الى ان زيارة العماد عون الى سوريا تخالف كل مبادئه ومسيرته السابقة، "خصوصا ان هذا النظام لم يغير السياسات التي كان يشكو منها العماد ميشال عون تجاه لبنان".
وتوضح ان "العماد عون ذهب إلى دمشق واضعاً في حسابه انه سيحصل من الرئيس السوري على مبادرات تجاه لبنان تعزز مكانته عند المسيحيين التي تقلّصت بسبب ميله الى المحور السوري - الإيراني، ومحاولته استخدام مسيحيي لبنان - بإسم الدفاع عن حقوقهم - ورقة في يد هذا المحور، لكن الرئيس السوري اكتفى بالحفاوة التي أحاطه بها، ولم يقدّم ما يدعم حجته في الشارع المسيحي كتسليمه المعتقلين في السجون السورية او بعضهم، او حتى الاعتذار عن الأخطاء الجسيمة التي ارتكبت في حق المسيحيين في العقود الثلاثة الفائتة".
في المقابل، ترى مصادر معارضة في زيارة العماد عون "جرأة كبيرة لا يتصف بها الا الرجال الوطنيون الكبار الذين يستشرفون المستقبل ويدركون الحد الفاصل بين الخصومة والعداء ويجمعون بين المبادئ الوطنية والقيم الاخلاقية والمصالح السياسية". وتعتبر ان "الكثير من السياسيين اللبنانيين افادوا من العلاقة مع سوريا وضربوا بعض القوى المسيحية في خلال فترة الوصاية". وتسأل: "كيف يتهمون العماد عون بالتفريط بالوجود المسيحي ودوره في الشرق سعيا وراء مكاسب سياسية وهو الذي يسير عكس التيار ولا يدركه منتقدوه الا بعد مرور فترة من الزمن يوم يبرهن التاريخ صحة رؤيته السياسية؟".
وتشير الى أن "الخصومة تجاه سوريا نتجت من سوء إدارة الحكم في كل من بيروت ودمشق، لذلك فان معظم المسيحيين بعد الانسحاب السوري انتخبوا العماد عون وتبنوا مواقفه ورؤياه السياسية بان فترة الوصاية "مرحلة انتهت ويجب أن نتطلّع بأمل الى بناء علاقة فضلى مع سوريا".




Sphere: Related Content
الانتظارات اللبنانية تحت الاختبار .. والدوافع الفرنسية والبريطانية مسكونة بالالتزام السوري
"استكشاف" اوروبي من زاوية التقويم الغربي الجديد لدور سوريا

عناوين الاهتمام الاوروبي: الانتخابات واليونيفيل و"محاربة الارهاب"
ثمة في اسرائيل من يطلب مكافأة الاسد في لبنان والجولان!

ينشر في "الاسبوع العربي" في 8/12/2008
نشط في الفترة الاخيرة الحراك الاوروبي في اتجاه لبنان مع الزيارتين المتتاليتين لوزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند ورئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فييون، في وتيرة اظهرت مدى الاهتمام القارة العجوز بـ"بلاد الارز" في اقليم يغلي على صفيح من الاحداث والازمات التي لا تنفك تتوالى. ولعل الساحة الشرق اوسطية باتت مفتوحة اكثر امام الاوروبيين للعب ادوار اساسية مع ما يمكن تسميته بـ"الفشل الاميركي" في صوغ سياسة ناجحة للمنطقة بعد كل "اخفاقات" الادارة الاميركية الآفلة برئاسة جورج ديبليو بوش وما نتج عنها من حروب لم تجد لها بعد مخرجا او نهاية.

لطالما "جُعل" لبنان مختبرا لنجاح او فشل السياسات الدولية في منطقة الشرق الاوسط، وجسر عبور لانفتاح او انغلاق الدول الغربية وخصوصا الاوروبية منها على الدول العربية. ولطالما دفع ايضا ثمن سياسات عدة غلفت المصالح السياسية للدول الكبرى والقوية على حساب الاضعف. فكان هذا البلد مركز التفاعل ونقطة التحول في خلال مسيرة تغير الاحداث في الخريطة السياسية العالمية والتي غالبا ما شكل الشرق الاوسط مسرحا لترجمتها وتفاعلها.
في التحرك الغربي، يبرز الاهتمام الاوروبي المتجدد بلبنان بصفته احد العوامل المؤثرة في استقرار المنطقة، من منطلق استحقاقيّ الانتخابات النيابية المقبلة ومحاربة الارهاب، ومن زاوية التقويم الاوروبي الجديد لدور سوريا والعلاقة معها سواء على المستوى السياسي المتمثل بكسر عزلتها، او على المستوى الاقتصادي عبر الحديث عن احياء الشراكة الاوروبية - السورية المجمدة منذ العام 2005، او على المستوى اللبناني من زاوية تشجيعها على لعب دور "اكثر ايجابية" بين قياداته.
زيارات اوروبية استكشافية
في هذا السياق، يرى ديبلوماسي غربي عامل في بيروت ان الحركة الديبلوماسية الاوروبية في اتجاه لبنان المحمّلة بالمواقف الداعمة له، ترتدي الطابع الاستكشافي عبر استطلاع المستجدات اللبنانية لا سيما لجهة ما يشهده من تفكيك الشبكات التخريبية وملاحقة العناصر الفارة من تنظيم "فتح الإسلام" ومدى ارتباط هؤلاء بالقاعدة وامكان استهدافهم القوة الدولية المعززة العاملة في جنوب لبنان. ويشير الى ان الهدف المباشر من الزيارات الاوروبية يتعلق بوضع "اليونيفيل" ومصيرها والسعي الى حمايتها من الهزات الامنية التي تعرضت وقد تتعرض لها مجددا في ظل التهديدات التي تتلقاها، وان هذه الحركة الخارجية تتابع ايضاً بالتفاصيل الدقيقة موضوعا آخر على صلة بـ "اليونيفيل"، وهو ما يجري في مخيم عين الحلوة في ما يتعلق بالجهد الاستخباري اللبناني – "الاقليمي" لتوقيف بعض المطلوبين.
وفي ذهن هذا الديبلوماسي، أن الحركة الاوروبية الناشطة تتابع ايضا الوضع الداخلي لمنع أي تجاوز لاتفاق الدوحة، مع التشديد على ضرورة تهيئة المناخات الملائمة لإجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها، باعتبار أن هذا الاستحقاق يؤمن تطبيق اتفاق الدوحة بشكل كامل حتى بنده الاخير.
ويلفت الى ان هذه الحركة السياسية ستستمر حتى موعد الانتخابات النيابية مطلع الربيع المقبل، مشددا على ان هذا الاستحقاق سيكون تحت المجهر القطري والمجتمع الاوروبي في ظل التراجع الأميركي الواضح والناتج من انشغال الادارة الاميركية في هذه المرحلة في ترتيب بيتها الداخلي في ضوء الانتخابات الرئاسية التي اوصلت باراك اوباما الى البيت الابيض. وابرز دليل الى هذا الاهتمام اعلان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي استعداد الاتحاد الاوروبي وفرنسا اداء دور في مراقبة مسار هذه الانتخابات.
ويبدي الديبلوماسي اياه اعتقادا بأن الاوروبيين المتابعين بدقة تفاصيل المرحلة السياسية الراهنة، أقنعوا المسؤولين اللبنانيين بضرورة التنسيق مع سوريا لملاحقة البؤر الارهابية والخلايا النائمة، وان نجاح هذا الامر سيحمل الاتحاد الاوروبي على تشجيع سوريا اكثر للانخراط في عملية التهدئة والتسوية في المنطقة، خصوصا بعد رسوه على قناعة بأن لدمشق دورا فاعلا تلعبه في هذا الاطار نتيجة قدرتها على ممارسة ضغوط على بعض القوى للتخفيف من حدة المواجهة.
ويرى ان السياسة الاوروبية تتعارض راهنا مع النظرة الاميركية التي قد تتغير مع الادارة الجديدة، تلك النظرة التي تعتبر انه من المبكر التعويل على اي انخراط سوري في اي تسوية ممكنة من منطلق أن المطلوب من دمشق الكثير وهي لا تنفذ إلا القليل، في تكتيك سياسي سوري يعتمد على استخدام الملفات الساخنة والمفتوحة أوراق ضغط ومساومة لفك العزلة اولاً ولتحسين شروط التفاوض ثانيا.
مكافآت اسرائيلية للاسد!
بالنظر الى السياسة التي انتهجتها الادارة الفرنسية الجديدة بالانفتاح على دمشق والترويج للحوار معها لدى الادارة الاميركية الجديدة، كما ظهر من خلال خطاب وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في واشنطن أمام معهد "بروكينغ" المقرب من الديمقراطيين، في الثاني عشر من تشرين الثاني (نوفمبر)، شكّل إحياء العلاقات السياسية الرفيعة المستوى مع دمشق أحد أبرز "النقاط الخلافية" بين باريس وإدارة بوش، التي ما زالت تتمسك بمنطق "المواجهة" غير المقبولة فرنسياً مع تأكيد ساركوزي في كل مناسبة انه ليس نادما على استعادة الحوار مع سوريا بناء على المصالح المتبادلة بين باريس ودمشق.
وفي ظل التطورات - خصوصا الاوروبية- على صعيد العلاقة المستجدة مع سوريا، ومع تعويل القيادة في دمشق على تغيير في السياسة الاميركية تجاهها، يترقب فريق قوى الرابع عشر من آذار (مارس) مسار تطور الاحداث دوليا وانعكاسها لبنانيا. وكان لا بد لاقطابه زيارة عواصم عربية ودولية، ابرزها موسكو وواشنطن والقاهرة، في محاولة لاستكشاف بعض الخبايا او التحوّط من مفاجآت سياسية قد تحملها الرياح الدولية والاقليمية المتسارعة في الاستراتيجيا الفرنسية الجديدة "الانفتاح والعودة الى منطق الحوار".
من المفيد في هذا الشأن ذِكْرُ ما كتبه المراسل السياسي في صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية آرييه شافيط عن "مكافآت" يجب أن تُقدّم الى الرئيس السوري بشار الأسد في لبنان، وما ينطلي عليه هذا الكلام من انعكاس على مسار "ثورة الارز". يقول شاليط: "الاخبار الجيدة تزيد الدلائل الى احتمالات التوصل الى سلام سوري – اسرائيلي. هناك تقديرات استخبارية وعسكرية كثيرة تشير الى استعداد الاسد لاجتياز الخطوط والتحالف مع الغرب. فوضع الاقتصاد السوري سيىء للغاية، والازمة العالمية اضعفت الدولتين الاساسيتين المحرّضتين على المواجهة، أي ايران وروسيا. من هنا، اذا قررت الادارة في واشنطن والحكومة الاسرائيلية الجديدة القيام بأمر ما، فمن المحتمل انهما تستطيعان ان تحدثا تغيرا في دمشق. ولكن لحدوث ذلك علينا التصرف بصورة ذكية، وان نقترح على السوريين صيغة متزنة تقوم على الترغيب والترهيب. كما يجب التأكد ان سوريا فكت تحالفها مع ايران ومع الجهاد، وعندها يجب تعويضها بصورة سخية في الجولان ولبنان. في المقابل فالاتفاق الدائم مع الاسد في متناول اليد. من هنا، المطلوب راهنا عدم تضييع الوقت والطاقة على أمر لا فائدة منه مثل انابوليس، والتركيز على المسار السوري".
يفرض هذا المنطق الاسرائيلي وتبدل مقتضيات الظروف السياسية، اجندة سياسية جديدة قد تكون شكلت للبعض دليلا على صحة رؤيته السياسية، وللبعض الآخر كابوسا يسرق الاماني والرغبات كما التطلعات. وهذه الاجندة املت وتملي زيارات لبنانية لدمشق في محاولة لترميم العلاقة ومأسستها، وربما تصحيح هذه العلاقة بين النظام في سوريا وفئات اشهرت الخصام لها.
انفتاح لا يزال مشروطا
في قراءة سياسية مغايرة للتحرك الاوروبي، ترى مصادر سياسية قريبة من الموالاة أن قوى الرابع عشر من آذار (مارس) التقطت في غضون الأسابيع القليلة الفائتة بعضا من أنفاسها مع عودتها الى المسرح الخارجي بعد فترة من انعدام الوزن السياسي على المستوى الدولي بفعل استحقاقات وتغييرات إقليمية ودولية باتت معروفة. وتشير الى ان زيارتي ميليباند وفييون لبيروت حملتا تأكيدا على ضرورة تنفيذ الجانب السوري التزاماته تجاه لبنان عبر خطوات عملية لا تنتهي باتمام خطوة التبادل الديبلوماسي، بل تتعداها الى خطوات ترسيم الحدود وايجاد الحل النهائي لملف المفقودين.
وتلفت الى ان ميليباند أبلغ الى الرئيس الاسد رسالة سياسيّة مفادها أنّ أيّ تراجع سوري عن الالتزامات التي اعلنها امام المجتمع الدولي بأسره سيعرّض دمشق الى تجربة قاسية، وأنّ الوقت الفاصل عن تسلم الرئيس الاميركي المنتخب مقاليد الحكم في البيت الأبيض هو الوقت الملائم لكي تعطي سوريا الإشارات الايجابيّة لتغيّر سلوكها، مما يشير الى ان الانفتاح الاوروبي على دمشق لا يزال مشروطا بشكل اساس بالملف اللبناني وهو يخضع للمراقبة والمتابعة، ما يبعد احتمال اي مساومة اوروبية على حساب سيادة لبنان واستقلاله.
وفيما يصنف فريق من اللبنانيين زيارة ميليباند في خانة "جس نبض" القيادة السورية، يفيد تقرير ديبلوماسي غربي ان الهدف من هذه الزيارة الرسمية الاولى لمسؤول بريطاني منذ العام 2001 هو احياء سبل التعاون على المستوى الاستخباري بين البلدين، وكذلك ايصال رسالة الى الادارة الاميركية الجديدة التي تتحضر لاستلام الحكم، مفادها ان لندن تدعم سوريا كعامل للسلام والاستقرار في المنطقة. وهذا ما يساعد سوريا راهنا على اعادة صوغ علاقاتها مع الغرب وعلى استعادة قوتها ونفوذها في جوارها العربي.

الأحد، 23 نوفمبر 2008

Sphere: Related Content
المحيطون بالرئيس الفرنسي مقتنعون بنجاعة التعاطي الجديد مع الملف اللبناني
بيروت – باريس مجددا: قصران ومأسسة وزيارة دولة
سليمان في باريس في شباط لتكريس النهج الفرنسي الجديد مع لبنان

ينشر في "الاسبوع العربي" في 1/12/2008
كرّست زيارة رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فييون لبيروت الاسبوع الفائت العلاقة التاريخية بين لبنان وفرنسا. وتُمكن ملاحظة مدى الاهتمام الفرنسي بلبنان الذي يحظى بمكانة خاصة ويندرج ضمن اهتمامات الفرنسيين السياسية والثقافية والخارجية، من خلال عدد المشاركين في الوفد الذي ضم 120 مسؤولا سياسيا وحكوميا ورجال اعمال. عنوان الزيارة كان سياسيا- اقتصاديا نظرا الى الاتفاقات التي وقعت وتسديد المبالغ المالية المرتبطة بمؤتمر باريس-3 ومن بينها 125 مليون يورو لعملية تخصيص الهاتف الخليوي المؤجلة تكرارا، ومئة مليون يورو ستدفع في السنة 2009 بعد انجاز مشروع خصخصة الكهرباء.
في نظرة عامة الى العلاقة اللبنانية- الفرنسية، يبدو الاحتضان الفرنسي للبنان عاملا ثابتا في ظل كل المتغيرات في السياسات الخارجية للدول وفق المصالح والاطماع والاستراتيجيات. فلفرنسا ادوار كبيرة في تاريخ لبنان تجلت في الفترة الاخيرة بالمساعدة على حل ازمته السياسية كما بالتمسك بسيادته واستقلاله من خلال القرارات الدولية التي صدرت بدءا من القرار 1559 مرورا بقرارات المحكمة الدولية، ثم القرار 1701، وكلها تشكل ثوابت في السياسة الخارجية تجاه لبنان، اضافة الى وجود 2200 جندي فرنسي في عداد "القوة الدولية" لمعززة في الجنوب.
وثمة من المراقبين من يرى ان آلية التعاطي الفرنسي الرئاسي مع لبنان تغيّرت جذريا مع الرئيس ساركوزي:
أ-فجعلها في قصر الاليزيه حصرا مع امينه العام كلود غيان، وسحبها من وزير خارجيته "المشاغب" برنار كوشنير،
ب-وربطها مباشرة بين القصرين الجمهوريين في الاليزيه وبعبدا، بحيث كان امينا للتحفظات التي ابداها في هذا الصدد في عهد الرئيس السابق جاك شيراك، والتي قال مقربون منه يوم كان وزيرا للداخلية انها تعتمد على الشخصانية والعائلية بدل المأسسة والشمولية.
ويرى المراقبون ان زيارة الدولة التي سيقوم بها الرئيس سليمان لباريس في شباط من السنة المقبلة ستكون مفصلية في تثبيت هذا التعاطي الرئاسي الفرنسي، بحيث تكرّس ما كان مكرّسا منذ رئاسة الجنرال شارل ديغول. ويشيرون الى ان المحيطين بساركوزي باتوا مقتنعين بأن مأسسة العلاقة مع لبنان هي التي تعيد للدور الفرنسي ألقه وتميزه لبنانيا، وان هذا النهج كان له الاسهام الاكبر في معالجة الفراغ الرئاسي اللبناني الذي امتد نحو نصف عام.
العادة السيئة
في خضم كل هذا الدعم الفرنسي الذي يؤثر على علاقات فرنسا مع عدد من الدول العربية في الوقت الراهن، توترا او انفتاحا، يستمر الصراع السياسي، كما درجت العادة اللبنانية (السيئة)، العنوان الحقيقي لكل المماحكات والتجاذبات في اي ميدان او مجال. فاتفاق الدوحة وما نتج عنه من حل سياسي مرحلي، أسهمت به فرنسا، جعل عنوان المرحلة الراهنة منطقُ التسوية بلبوس توافقي، من باب تحظيره عرقلة العمل الحكومي (استقالة او اقالة) كما كل المؤسسات الدولتية.
وباتت الحملات السياسية تساق تحت شعار "الحرص على المصلحة الوطنية العليا". هو بالتأكيد الشعار الرنان الذي لم يعد ينطلي على غالبية الرأي العام اللبناني. وبات الامن والتعليم والطبابة وصولا الى الاتصالات (علة العلل) ممرات لتحقيق المصالح السياسية الشخصية او بالاحرى للتصويب على الاخصام في السياسة، لو على حساب المواطن الذي عانى ويعاني من انانية ذاتية – سياسية، غالبا ما تحرمه حقوقه الدنيا.
ولأنّ اللبناني لم يعد مجرد متلق بريء يصدق ما يسمعه في وسائل الاعلام من حملات وحملات مضادة، من دون التمحيص في الابعاد والخلفيات والاسباب الحقيقية وراء كل المسرحيات الاعلامية التي غالبا ما تقودها الاوركسترات السياسية المحترفة، ولان ما من امر في السياسة مجرد من هذه الابعاد الماورائية - الحدث، فإنّه من البديهي الاستنتاج انه بالنسبة الى بعض الذين هم في مواقع المسؤولية يصير حق المواطن ومصلحته في ادنى لائحة اهتماماتهم، الى حد باتت لكل التجاذبات السياسية ابعاد تتخطى الحدود الجغرافية لتطال المحيط انطلاقا من الحرص على المصالح المشتركة مع بعض الدول "الحليفة" او "الشقيقة" او "الصديقة" و"الداعمة" سواء في السياسة او في الاقتصاد وحتى في الأمن.
علة الاتصالات وعقبة الاصلاح
طالما شكل قطاع الاتصالات في لبنان موردا اساسيا لمداخيل الخزينة، ولطالما شكل ايضا مادة اساسية للجدال والسجال، وممرا لتصفية الحسابات او لابراز العضلات بين الاخصام في معارك شهدها الرأي العام اللبناني في فترة غير بعيدة. ولان بعض التاريخ يعيد نفسه بتكرار يكاد يكون مملا، اعيدت السياسة كي تقحم في الاتصالات.
فبُعيد الحصول على الضوء الاخضر من مجلس الوزراء لبدء في ورشة ترميم قطاع الخليوي ادارةً وتشغيلا، عاد الزمن 5 اعوام خلت، يوم ضاع اللبناني بين وجهات النظر الرقمية في قطاع يشكّل نحو 45% من مدخول الخزينة العامة. وعادت المفردات اياها، صفقات ووساطات وعمولات، تتطاير في اتهامات تشبه تماما الاصطفاف السياسي بين فريقي الازمة، حيث يخيّل للبعض من الجانبين ان لا مكان سوى للتوظيف والاستثمار والجني.
وفيما اكتفى وزير الاتصالات جبران باسيل بجعل الموضوع محصورا بعدم رغبة خصومه بالشروع في عملية اصلاح الخليوي باعتبار "انّ سوء الخدمة والتشويش وارتفاع الاسعار كلها عوامل تسهم في ازدياد النقمة الشعبية عليه وعلى المرجعية السياسية التي يمثل اي "التيار الوطني الحر"، تفيد مصادر مطلعة على حيثيات هذا الملف ان المرامي من الحملة على مسعى ‏وزير الاتصالات لتلزيم ادارة شبكة "الفا" MIC1 لشركة "سوفريكوم" الفرنسية التابعة للشركة العملاقة في مجال الاتصالات "فرنس تلكوم" لحسابات سياسية تتعلق تحديدا بعلاقة تيار "المستقبل" بفرنسا نيكولا ساركوزي، اذ تبين لوزارة الاتصالات ان الشريك الالماني (ديتيكون) في شركة "فال ديتي"، وهي الشركة المشغلة لشركة "الفا" وعبارة عن كونسورسيوم الماني – سعودي، قرر الانسحاب من هذا الكونسورسيوم وهو كان يملك الحصة الاكبر فيه (51% من الاسهم)، فأضحى موقع الشريك السعودي (فال) ضعيفا بـ 49% من الاسهم وبعدم جهوزية للتشغيل نظرا الى ان المديرين الكبار في الشركة هم من الالمان المنسحبين مع شركتهم.
ولأن السياسة ما دخلت شيئا الا فسدته، صارت الصورة النمطية على الشكل الآتي: شركة سعودية تنسحب لتحل مكانها شركة فرنسية. اذ ذاك وقعت الواقعة وثارت الثائرة حتى وصلت الى مجلس الوزراء الذي امسك عصا الخليوي من وسطها وقرر استصدار قرار وسطي على صورة رئاسة الجمهورية التوافقية والوسطية، حتى لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم.
وثمة في "التيار الوطني الحر" من يرى ان العامل السياسي الحقيقي كان المحرك لكل السجال في الملف الخليوي. ويشتمّ البعض في التيار خشية في الموالاة من ان يوظَّف ادخال شركة "سوفريكوم" الفرنسية بدل الشركة السعودية المنسحبة، ربحا سياسيا لـ "التيار الوطني الحر" لناحية علاقته بفرنسا، "ولكي لا يحسب له انه اعاد فرنسا ساركوزي الى سوق الاتصالات التي سحبت منها في العام 2004، من الباب العريض اياه".
‏‏ويشير هؤلاء الى ان توقيت الحملة الاعلامية على وزير الاتصالات جاء عشية اطلاقه خدمة الـ Call Center، وهي خطوة تقنية متقدمة ‏من شأنها الانعكاس ايجابا على الاقتصاد اللبناني، وايضا بعيد تحرير الوزير الارقام الهاتفية المميزة من خلال المزاد العلني والمداخيل الاضافية التي قاربت المليوني دولار، وهو ترك انطباعا بانه قادر على تحقيق نجاحات في تحسين اوضاع شبكتي الخليوي اللتين باتتا مصدر شكوى المواطن وانزعاجه.
وفي وقت تتحدث مصادر اقتصادية عن مجموعة اتجاهات ايجابية يعمل لها وزير الاتصالات وتتعلق بالبحث عن شروط جديدة لاخذ افضلها لتحسين خدمات الخليوي وخفض اسعار التخابر، وارتباط كل ذلك بتحسين وضع الشبكات، تفيد مصادر سياسية مطلعة ان تصعيد هذه الحملة، في حال استمرارها قد يؤدي الى شلل في حكومة الوحدة الوطنية التي تطلب الوصول اليها الكثير من المآسي والاثمان الباهظة من اقفال الوسط التجاري وشل الاقتصاد والسياسة والامن لعام ونيف الى السابع من ايار (مايو). لكنها تعتقد ان الامور لن تطور الى تأزم كبير "لأن سقف الدوحة، الذي يلتزمه جميع الافرقاء، يمنع الاسوأ". ولفتت الى ان هدنة التسويات هذه ستمتد الى الانتخابات النيابية المقبلة في ربيع السنة 2009.
ما وراء الحدود
بما ان التفتيش عن خلفيات الصراع السياسي من بوابة "الاتصالات" من مسلتزمات الدقة في التحليل، يرى بعض المراقبين ان لهذا الصراع امتدادات خارجية كانت الدافع لاحدهما لان يبدأ بالتصويب، ختى لو لم يردها الطرفان. فبالنظر الى ان التفاوض جرى مع شركة فرنسية هي "سوفريكوم" لتحل مكان شركة "فال ديتي" (السعودية- الامانية)، فانّ البلبلة التي شهدها قطاع الخليوي ليست الا امتدادا لارباك في العلاقة الفرنسية- السعودية، ناتج من تقرب فرنسا ساركوزي من القيادة السورية – اول خصوم المملكة العربية السعودية في العالم العربي في الوقت الراهن- على خلفية ما حصل في لبنان.
ويلفت المراقبون الى ان التوتر الفرنسي - السعودي أخذ الصيف الفائت شكلاً مختلفاً مع تلقي باريس رسالة "احتجاج" من الرياض تخص زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لفرنسا، فاضطر الرئيس الفرنسي يومها الى إيفاد مسؤول فرنسي رفيع للقاء الملك السعودي ليوضح الكثير من النقاط.


الأحد، 16 نوفمبر 2008

Sphere: Related Content
4 انطباعات "رسمية" عن زيارة بارود لدمشق واحياء التنسيق الامني بين لبنان وسوريا
ملابسات التاريخ والجغرافيا تسبق بإستمرار التطبيع!
المعارضة لتحقيق جدي في الاتهامات المتلفزة والموالاة تراها تشويشا على المحكمة

ينشر في "الاسبوع العربي" في 23/11/2008
لم تكد العلاقات اللبنانية- السورية تسير في الاتجاه السليم نحو اعادة التطبيع والتواصل عبر القنوات الرسمية حصرا بين بلدين سيدين مستقلين مع سلوك قرار التبادل الديبلوماسي حيّز التنفيذ بترحيب واثناء مختلف القوى اللبنانية من معارضة وموالاة، حتى اصيب هذا المسار المستجد بانتكاسة سياسية مع بثّ التلفزيون الرسمي السوري ما قال انّه اعترافات لعناصر من "فتح الاسلام" من بينهم ابنة شاكر العبسي، "اقروا" بضلوعهم في تفجير دمشق، وبأنّ تيار "المستقبل" هو الجهة الممولة والداعمة لهذه المنظمة التي اتخذت من مخيم نهر لبارد مسرحا لقتال الجيش اللبناني، وارتبط اسمها بتنفيذ عمليات تفجير واغتيال عدة.
عادت الاعترافات المتلفزة بالعلاقات بين البلدين الى خط ساخن، بصرف النظر عن الخلفيات والاهداف السياسية المرتجاة من ورائها في حق فريق لبناني او لمصلحة فريق آخر عشية الانتخابات النيابية المرتقبة في ربيع السنة 2009. وهي اثارت مادة جديدة للجدل والتجاذب في صفوف الافرقاء اللبنانيين بين مكذب لها ومطالب باحالة ما تضمنته من معلومات الى القضاء المختص لفتح تحقيق جدي في الموضوع يعرض امام الرأي العام اللبناني الحقيقة كاملة، خصوصا بعد ورود معلومات سابقة عبر وسائل اعلام غير لبنانية تتطابق مع الاعترافات المتلفزة لبعض من عناصر "فتح الاسلام" المحتجزين في السجون السورية.
وفي توقيتها اللافت، اثارت هذه الاعترافات - التي سبقت بأيام قليلة زيارة وزير الداخلية والبلديات زياد بارود لعاصمة السورية للبحث في سبل التعاون والتنسيق الامني بين البلدين على مستوى وزيري الداخلية تنفيذا للبيان الرئاسي الصادر اثر القمة اللبنانية- السورية- حفيظة قوى الرابع عشر من آذار (مارس) التي اعربت عن تحفظها الشديد عما اسفرت عنه الزيارة لناحية احياء لجان التنسيق الامنية بين البلدين في ظل ما اعتبرته "نيات مشبوهة عبّر عنها النظام السوري من خلال الاعترافات الاخيرة لعناصر من "فتح الاسلام" الارهابية وربطها بجهات سياسية في لبنان"، وفي ظل تشديده "على عدم جدوى التنسيق الامني تحت مظلة المجلس الاعلى اللبناني- السوري". وهي لهذه الغاية دعت الى عدم اخذ اي قرار في هذا الموضوع ريثما تعود الثقة وتكتمل العلاقات الديبلوماسية وتبادل السفراء بين البلدين لانّ "القنوات الرسمية تبقي الاطار الافضل للتنسيق والتعاون وتبادل المعلومات على كل الاصعدة".
الاعترافات على خط المحكمة
وبين البيانات والاجتماعات التي شغلت الوسط اللبناني، وجد طرفا الصراع السياسي، كما الاعلام، مادة دسمة للجدل والتعليق والتحاليل التي غالبا ما تأتي على قياس منظرين كل من الفريقين، ومستغلة ادق التفاصيل لبرهنة صحة ما تذهب اليه.
وبحسب قطب بارز في قوى الموالاة فانّ "توقيت الاعترافات السورية المتلفزة مرتبط بشكل وثيق وبعيدا من اي اعتبارات سياسية او امنية اخرى، بما توصلت اليه لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري". ويعتبر القطب انّ ما صدر عن دمشق ليس من قبيل الصدف ان يتزامن مع بدء لجنة التحقيق الدولية وضع تقريرها المفترض ان يكون نهائيا بعد نحو عامين ونصف العام من التحقيقات".
ويؤكد أن سوريا "تريد من خلال الاعترافات المتلفزة استباق انتقال لجنة التحقيق الدولية من مرحلة التثبت من الوقائع واستكمال التحقيقات الى مرحلة تحديد المسؤوليات والتهم، والا لما كانت عمدت الى نشر هذه الاعترافات عبر التلفزيون الرسمي السوري، وكان في امكانها عوض ذلك، في حال صدقت نياتها، ابلاغ السلطات الرسمية اللبنانية بما لديها من معلومات ليأخذ القضاء والتحقيق مجراه خصوصا مع اعادة العلاقة بين البلدين الى السكة الصحيحة ضمن اطار التعاون في كل المسائل التي تخص البلدين".
ويبرر ما قامت به سوريا بالقول انها "لم تعد قادرة، مع اقتراب مهمة لجنة التحقيق الدولية من نهايتها، على نفي الوقائع، على الرغم من كل الحملات التي استهدفت ضرب ملف الشهود، مما اضطرها الى الانتقال، مع اقتراب مرحلة انطلاق عمل رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي دانيال بيلمار كمدعٍ عام في المحكمة الدولية في لاهاي، الى مرحلة العمل على نفي مسؤوليتها السياسية والأمنية عن جريمة اغتيال الحريري من خلال القول بأنها هي نفسها تعرضت لعملية مماثلة في وقائعها لتفجير 14 شباط (فبراير)".
تساؤلات والتباسات
في المقلب الآخر، ترى مصادر قيادية في المعارضة انّ "ما من سبيل الى ارساء الاستقرار والامن في لبنان بعيدا من التعاون والعلاقة الاخوية بين لبنان وسوريا لانّ التجربة برهنت ان الخلاف وسياسة العداء والتناحر لم يؤديا، بعد خروج الجيش السوري من لبنان، الى اي نتيجة ايجابية والدليل على ذلك السياسة التي يتبعها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان منذ بداية عهده والمرتكزة على الانفتاح والحوار وتصحيح ما شاب العلاقة من اخطاء من ضمن نهج احترام سيادة كلا البلدين واستقلالهما".
وتشدد المصادر على ان "لا بديل عن التنسيق الرسمي عبر القنوات الرسمية لكلا البلدين". وتعتبر انّ "المعلومات المتلفزة التي اكدت علاقة "فتح الاسلام" مع اطراف لبنانية وتحديدا "تيار المستقبل"، وهذا امر ليس بجديد، هو بالغ الخطورة ويجب ان يؤخذ على محمل الجد لانه سبق ان كشف في صحف اجنبية واميركية". وتستغرب كيف انه على الرغم من التفاصيل والمعطيات التي وردت حينذاك "لم يجر اي تحقيق قضائي حقيقي حول صحتها والآن تأتي هذه المعلومات لتلتقي مع ما سبقها منذ عام ونصف عام تقريبا".
وترى المصادر انه "انطلاقا مما سبق فإن مجرد تكذيب هذه المعلومات ليس كافيا"، مشددة على "ضرورة فتح تحقيق جدي وربما تكليف اللجنة الدولية التحقيق حول ضلوع فرقاء لبنانيين في تسهيل امور "فتح الاسلام" في لبنان خصوصا ان اعمال هذا التنظيم ترتبط بجرائم عدة قد ارتكبت وقد كلفت بها لجنة التحقيق الدولية".وتساءلت عن "سبب تسليم عدد من اعضاء "فتح الاسلام" الذين قبض عليهم في لبنان الى بلدانهم عوض الاستمرار في توقيفهم في لبنان بعد التحقيق"، مستغربة عملية التعاطي مع هذا الموضوع "في ظل حكم 14 آذار (مارس)، ولماذا تم التعاطي بهذه الخفة ولماذا العشرات من المواطنين العرب قد سلموا الى دولهم ولم تضع السلطات القضائية اللبنانية يدها عليهم".
توتر وتنسيق
وعلى الرغم من التوتر السياسي الذي عاد ليخيّم على العلاقة بين سوريا وقوى الرابع عشر من آذار (مارس)، تسير عملية التنسيق الامني بين لبنان وسوريا تسير بمعزل عنه وفي خطوات متسارعة بشكل يصفه بعض المراقبين بأنه "مفتاح العلاقات وشرط التقدم في مجالات أخرى نظرا الى الحساسية الامنية الشديدة التي لدى سوريا بإزاء اي وضع ينشأ في لبنان ويحوله ممرا لاي نوع من التهديدات ضدها".
ويورد هؤلاء المراقبون المواكبون لمسار العلاقات بين لبنان وسوريا المعطيات الآتية:
-التنسيق الامني هو الجزء غير المرئي من اتفاق الدوحة ويستند الى قرار دولي واقليمي، وهو بدأ عبر اتصالات على اعلى المستويات بين البلدين قبل تشكيل اي لجان مشتركة.
-رئيس الجمهورية ممسك بالملف الامني منذ اللحظة التي ابدى فيها اصرارا على ان يسمي شاغلَيّ وزارتي الداخلية والدفاع وعلى ان تكون له الكلمة الفصل في ملء شواغر المراكز القيادية في الجيش. وهو مقتنع تماما بصوابية وضرورة التنسيق الامني بين لبنان وسوريا في مواجهة خطر مشترك هو الارهاب.
-وزير الداخلية زياد بارود ترك انطباعا جيدا وايجابيا لدى المسؤولين السوريين الذين اعجبوا بدقته وهدوئه وموضوعيته في طرح المسائل، والرئيس سليمان مرتاح الى نتائج محادثات بارود في دمشق ومصمم على السير بخطى التطبيع.
-التنيسق الامني- العسكري بين البلدين بدأ يؤتي ثماره في مجالين حيويين: اقفال الحدود من الجهتين اي الثغرات ومسارب التسلل والتهريب، وتفكيك الخلايا والمجموعات الارهابية المتطرفة بما فيها تلك النائمة والمتمركزة في المخيمات الفلسطينية.
تصفية "فتح الاسلام"
وفي وقت يرى المراقبون "تحولا في علاقة النظام السوري بالجماعات الجهادية، لافتين الى ان اتجاها سوريا معاكسا بدأ يلوح في الافق وهذا ما قد يكون السبب في استهداف العاصمة السورية بتفجيرات عدة اكبرها تفجير طريق المطار في دمشق في السابع والعشرين من تشرين الاول (اكتوبر)، تعتبر مصادر قريبة من قوى 14 آذار (مارس) ان الاعترافات المتلفزة الاخيرة قد تكون "مؤشرا على رغبة النظام السوري في انهاء ملف "فتح الاسلام" وتصفية اعضائه، بعد اختفاء الرؤوس الكبيرة التي تملك المعلومات والاسرار المهمة (اللغز القائم حول مصير شاكر العبسي). وتلفت الى أن دمشق "قد تكون رمت الى استخدام إنهاء خدمات "فتح الإسلام" لمصلحتها عبر الاعترافات التي بثت على شاشة التلفزيون الرسمي وليس عبر اي قنوات رسمية بين البلدين، فتم اتهام "تيار المستقبل"، القوة السنية في لبنان، بتمويل هذا التنظيم الذي حارب الجيش مما يخلق ردة فعل شعبية ساخطة ضد تيار رئيس في قوى الموالاة، عشية الانتخابات النيابية المقبلة، ليصبح الهدف من كل ذلك استهداف القوى المناوئة لسوريا في لبنان كما المملكة العربية السعودية التي لا تزال على موقفها المقاطع لدمشق وعلى شروطها لاعادة اي تواصل بين العاصمتين".



الأحد، 9 نوفمبر 2008

Sphere: Related Content
لبنان يترقّب مدى التغيير في الاستراتيجيا الاميركية الخارجية
"الاوبامانيا" ابتكار سياسي عربي.. نُصبت عليها الآمال والمشانق!

اربع ثوابت اميركية مفترضة حيال لبنان في حقبة اوباما
رسالة اوباما الى الاسد: مراعاة المصالح السورية ودعم التفاوض مع اسرائيل

ينشر في "الاسبوع العربي" في 17/11/2008
تخطى حدث الانتخابات الرئاسية الاميركية حدود بلاد العم سام ليشغل اهتمام العالم بأسره. ولعل ابرز عوامل التشويق والحماس مذ بداية الحملات الانتخابية حتى نهايتها، هو ترشح السيناتور الديموقراطي الافريقي الاصل باراك اوباما ومن ثم فوزه في سابقة (قد تفوق حادثة اغتيال الرئيس جون كنيدي وربما احداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر)، تمثلت بتقدم رجل اسود الى البيت الابيض. واضافة الى رغبة الاميركيين بالانقلاب على فترة حكم الرئيس جورج دبليو بوش وما شابها، بنظر معظم الرأي العام الاميركي، من اخطاء وسياسات متهورة، بلغ هذا التغيير الخطوط الحمر مع فوز اوباما بالرئاسة، الى حد بات البعض يتخوف من رد فعل عنصري تطيح بآمال "التغيير"، الكلمة التي سحر بها الفارس الاسود اميركا .. والعالم.
نظرا الى موقع الولايات المتحدة الاميركية وقوتها ونفوذها على الخريطة العالمية، امتدت اصداء انتخاباتها الرئاسية والتبعات الى مختلف القارات وطالت معظم بلدان العالم. وأضحت "الاوبامانيا" (الهوس بأوباما) "صرعة" سياسية قائمة بذاتها في اكثر من عاصمة عربية واقليمية، من دمشق الى طهران مرورا ببيروت فبغداد، وصولا الى مغاور افغانستان وملاجئ اسامة بن لادن في طورا بورا! فباراك أوباما الذي يتوسطه حسين، صار رمز الخلاص لانظمة او مجموعات تفتش عن عرش ضائع او عن ملك غابر او عن دور مستعاد، وحوّلته اخرى مطية لتحقيق مصالحها ونصْب المشانق لمناوئيها!
وتبقى قضية الشرق الاوسط بارزة في اي سياسية او استراتيجيا اميركية، فكان ان تابع السياسيون والمراقبون في البلدان الشرق اوسطية والعربية خصوصا نتائج هذه الانتخابات وما قد تحمل في طياتها من تغيير في السياسة الخارجية تجاهها، الى درجة بات اوباما او المرشح الجمهوري جون ماكين في صلب معسكري السياسة في هذه البلدان، فصنّف اوباما في لبنان مرشح قوى 8 آذار (مارس) للانتخابات الاميركية، وماكين مرشح "ثورة الارز" و14 آذار (مارس)، في مشهد يجسد سوريالية السياسة اللبنانية ومدى ارتباط بلد صغير (سبق ان لم يسمع به اكثر من رئيس اميركي!) بالمتغيرات الدولية عموما والاميركية خصوصا، اقله في اذهان الساسة اللبنانيين.
توقعات في السياسة الخارجية
ويرى بعض الخبراء السياسيين الاجانب انه "على الرغم من ان اوباما يبقى الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الاميركية الى حين تسلمه مهامه رسميا في العشرين من كانون الثاني المقبل، الا انّ فريق عمله سيبدأ العمل فورا لمعالجة العديد من التحديات تمهيدا لتولي الادارة الجديدة مقاليد الرئاسة الأميركية ولكي تكون ادارة اوباما مستعدة للتعاطي مع قضايا السياسة الخارجية والتحديات الاقتصادية الكبرى خصوصا في ظل الازمة الاقتصادية العالمية ذات المنشأ الاميركي".
ويتوقعون "تغييرا في السياسة الاميركية الخارجية بالنسبة الى افغانستان والعراق والملف الايراني والعلاقة مع سوريا، ان لم يكن من حيث المبدأ فمن حيث التكتيك، مما ينعكس حكما وتلقائيا على لبنان، بصفته البلد الاول الذي يتلقف نتائج السياسات الاقليمية والدولية". ويبدون اسئلة من مثل "هل الوقت يكفي للرئيس الجديد حتى يعير اهتماما للمشاركة ديبلوماسيا في الجهود المبذولة على الجبهة العربية - الاسرائيلية نظرا الى القضايا الاخرى الكثيرة التي تستحوذ اهتمام الادارة الاميركية الجديدة"؟ لكنهم يرجحون ان يحظى ملف الشرق الاوسط باهتمام رئيسي في الادارة المقبلة نظرا الى انه كان يشكل في عهد بوش محورا رئيسيا في سياسته".ويحذر الخبراء السياسيون من أن "العوامل الخارجية هي التي تشكل السياسة الخارجية للرئيس الاميركي في كثير من الأحيان، لذا فانه من المستحيل معرفة ماهية هذه السياسة، بشكل دقيق بالاعتماد فقط على ما قاله المرشح في حملته الانتخابية".
ويرون انّ "امام اوباما فرصة لفتح صفحة جديدة مع العالم العربي والشرق الاوسط يعيد من خلالها ترسيخ سياسة التفاهم والحوار المفتقدة في عهد الرئيس بوش"، مشيرين الى انه "من المحتمل ان يطلق مبادرات متوازية ستكون الاستراتيجيا الاوسع لادارته في المنطقة وتندرج تحت مظلة المبادرة العربية ورعايته مفاوضات اسرائيلية- سورية واسرائيلية- فلسطينية في الوقت ذاته"، ومعتبرين ان المسار السوري هو "ثمرة اسهل قطفها من المسار الفلسطيني". ويلفتون الى ان "المعضلة الاكبر تقف عند استعداد سوريا للتحول في موقعها الاستراتيجي واعادة درس علاقتها بـ "حزب الله" و"حماس" وايران".
تغيير اميركي وترقب لبناني
وفيما بدا الشارع اللبناني، قادة ومؤيدين، مواكبا للانتخابات الرئاسية الاميركية مؤيدا او معارضا لاحد المرشحين الى البيت الابيض، وفيما حظي المرشح الجمهوري بتأييد عدد كبير من اللبنانيين غالبيتهم من ضمن معسكر قوى الرابع عشر من آذار (مارس) نظرا الى اطمئنانهم الى السياسة الخارجية للجمهوريين خصوصا لناحية دعم سيادة لبنان واستقلاله ورفض التدخل الاجنبي فيه لا سيما من رياح دمشق التي حاصرتها السياسة الاميركية نفسها في عهد بوش في محاولة لعزلها، بدا الاطمئنان جليا لدى قوى المعارضة التي رأت في فوز اوباما "تأكيدا على صحة سياساتها وخياراتها اي على التغيير في الادارة الاميركية في اتجاه اتباع سياسة الانفتاح تجاه بعض الدول الشرق اوسطية لا سيما سوريا وايران، وتاليا تغيير السلوك الشاذ الذي اتبع في عهد الرئيس بوش الذي ابدى في ولايتيه الرئاسيتين انحيازا تاما الى المصالح الاسرائيلية ضاربا عرض الحائط مصالح الشعوب العربية او معايير عملية السلام العادل والشامل".
في هذا السياق، يعتبر ديبلوماسي غربي بارز انه "من المبكر الآن تحديد ما اذا كانت ادارة الاميركية الجديدة ستغير سياستها حيال لبنان،" وهو "لا تتوقع في المدى القريب اي تغيير في هذا المجال استنادا الى معلومات مستقاة من لبنانيين يحملون الجنسيات الاميركية عملوا في فريق الرئيس المنتخب في خلال الحملة الرئاسية".
ويعدد الديبلوماسي البارز العناوين التي من الممكن ان يتمسك بها الرئيس الجديد ومن بينها:
-ممانعة عودة اي من القوى الاجنبية الى لبنان تحت أي ذريعة.
-مساندة حصرية السلاح بيد الدولة وبالقوات الشرعية.
-دعم مكافحة الارهاب واستئصال خلايا التنظيمات الاصولية المسلحة وتلك الكامنة في خلايا نائمة.
-استمرار الادارة الاميركية بالمناداة بحرية التعبير وبالالتزام الكامل لتطبيق القرارات الصادرة عن مجلس الامن سواء المتعلق منها بنزع سلاح التنظيمات المسلحة اللبنانية أو غير اللبنانية، وكذلك بدعم قرار المحكمة الدولية الخاصة للبنان، والمتوقع ان تبدأ أعمالها في شباط (فبرياير) من السنة المقبلة.
ويعتقد الديبلوماسي اياه انّ "اوباما لن يجبر اسرائيل على الانسحاب من مزارع شبعا لوضعها تحت وصاية الامم المتحدة بنقل عناصر من قوة "اليونيفيل" ونشرها في المزارع بعد انسحاب اسرائيل منها الى حين التسوية في المنطقة، كما لن يجبرها على الانسحاب من تلال كفرشوبا الا وفقا للشروط الاسرائيلية في كلا الحالين". ويشير الى انه "قد يشجع الحكومة اللبنانية على الحوار غير المباشر مع اسرائيل". ويرى ان "الرئيس المنتخب لن يلح على اسرائيل كي توقف خروقها الجوية العسكرية للسيادة اللبنانية التي تحصل في شكل شبه يومي من دون التقيد بما لحظته قرارات مجلس الامن من طلب الامتناع عنها لانها تشكل استفزازا للجيش وللمقاومة معا".ويقول ان "التوجيهات ستبقى على حالها مع الوزير الجديد في الخارجية، ومع الطاقم الذي سيعين في المستقبل القريب"، لافتا الى ان أوباما "سيشدد على وجوب ترجمة القرار المتخذ حول انشاء علاقات ديبلوماسية بين لبنان وسوريا، بمعنى التأكيد على بدء التعامل من دولة الى دولة، ووقف اي تدخل في السياسة الداخلية اللبنانية، ومنع دخول السلاح الى الاراضي اللبنانية الى جهات غير رسمية". ويشير الديبوماسي الى ضآلة امكان تحقيق تغيير جذري في الموقف الاميركي من "حزب الله".
بين بوش... واوباما
ومع شبه الاجماع الذي رافق الانتخابات الرئاسية الاميركية بأنها مؤشر لبزوغ فجر حقبة دولية جديدة ستتسم بمواصفات مغايرة لتلك التي اتسمت بها الحقبة السابقة، ترى مصادر قيادية في المعارضة انّ "الحماسة الضمنية، التي لم يجاهر بها حلفاء الادارة الاميركية في لبنان علنا تجاه المرشح عن الحزب الجمهوري بصفته استمراراً للثوابت الاستراتيجية في نهج بوش الذي وقف الى جانب "ثورة الارز" في معركتها لإخراج الجيش السوري من لبنان وإقرار المحكمة الدولية، تعود الى ادراكهم بأنّ الاحلام التي بنوها على عهد بوش الابن ستتبخر على وقع موجة اوباما الذي لم يخف رغبته في فتح حوار مع سوريا وايران بدلا من مواجهتهما".
وتشير المصادر الى ما كشفته صحيفة "وورلد تربيون" الأميركية الصادرة يوم الأربعاء في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) عن أن رئيس "مجموعة الأزمات الدولية" روبرت مالي نقل في تشرين الاول (اكتوبر) الفائت رسالة من أوباما إلى الرئيس السوري بشار الأسد، تحوي "تعهدا بأن الولايات المتحدة ستعمل على مصالحة دمشق وتوسيع علاقاتها مع مصر". ونقلت الصححيفة عن احد معاوني الرئيس المنتخب "ان أوباما يخطط لإطلاق مبادرة دبلوماسية مع دمشق التي تعتبرها إدارة بوش الداعم الأساسي لمنظمة القاعدة في العراق. وهو، وبخلاف جورج بوش ، يدعم مفاوضات السلام بين إسرائيل والرئيس السوري". ولفت الى "ان محتوى الرسائل كان التأكيد على أن إدارة أوباما ستأخذ في الاعتبار المصالح السورية والمصرية".
وكان مالي، وهو أحد مستشاري حملة أوباما وأحد أعضاء طاقم العمل الديبلوماسي في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، قد زار دمشق منتصف تشرين الأول (أكتوبر)، والتقى عددا من المسؤولين السوريين، في الرئيس الأسد.
في المقلب الآخر، لا يخفي مؤيدو قوى الرابع عشر من آذار (مارس) قلقهم من النزعة التسووية لدى اوباما "الذي يعطي الأولوية لإقفال ملف الحروب مع ما يمكن ان ينطوي عليه ذلك من احتمال تهميش الملف اللبناني او عرض بعض أوراقه للمقايضة، بينما كان الحزب الجمهوري يتعاطى مع لبنان كإحدى الأولويات ونقاط الارتكاز الحيوية في المنطقة".
وبإزاء هذا القلق، تظهر قوى الغالبية مطمئنة الى ان "الثوابت الاميركية تجاه لبنان لن تتغير مع فوز أوباما على ماكين".
ويعتبر قيادي بارز في هذه القوى أن "لا مبرر مشروعاً للتخوف من صفقة يجريها أوباما مع سوريا"، متوقّعا ان "يلمس الرئيس المنتخب من خلال التجربة الشخصية صعوبة محاورة النظام السوري، ومرجّحا "ألا يطرأ اي تحول نوعي على جوهر السياسة الاميركية المتعلقة بالوضع اللبناني". ويقول ان "إقرار المحكمة الدولية وجعل لبنان دولة مستقلة تتمتع بقرار سيادي وحدود مصونة، ثابتتان لن تتأثرا بانتخاب أوباما لا سيما انه يأتي الى الحكم من خلفية الاهتمام بحقوق الانسان".

الجمعة، 7 نوفمبر 2008

Sphere: Related Content
Stratfor

Obama's Challenge

By George Friedman
November 5, 2008

Barack Obama has been elected president of the United States by a large majority in the Electoral College. The Democrats have dramatically increased their control of Congress, increasing the number of seats they hold in the House of Representatives and moving close to the point where — with a few Republican defections — they can have veto-proof control of the Senate. Given the age of some Supreme Court justices, Obama might well have the opportunity to appoint at least one and possibly two new justices. He will begin as one of the most powerful presidents in a long while.

Truly extraordinary were the celebrations held around the world upon Obama’s victory. They affirm the global expectations Obama has raised — and reveal that the United States must be more important to Europeans than the latter like to admit. (We can’t imagine late-night vigils in the United States over a French election.)

Obama is an extraordinary rhetorician, and as Aristotle pointed out, rhetoric is one of the foundations of political power. Rhetoric has raised him to the presidency, along with the tremendous unpopularity of his predecessor and a financial crisis that took a tied campaign and gave Obama a lead he carefully nurtured to victory. So, as with all politicians, his victory was a matter of rhetoric and, according to Machiavelli, luck. Obama had both, but now the question is whether he has Machiavelli’s virtue in full by possessing the ability to exercise power. This last element is what governing is about, and it is what will determine if his presidency succeeds.

Embedded in his tremendous victory is a single weakness: Obama won the popular vote by a fairly narrow margin, about 52 percent of the vote. That means that almost as many people voted against him as voted for him.

Obama’s Agenda vs. Expanding His Base
U.S. President George W. Bush demonstrated that the inability to understand the uses and limits of power can crush a presidency very quickly. The enormous enthusiasm of Obama’s followers could conceal how he — like Bush — is governing a deeply, and nearly evenly, divided country. Obama’s first test will be simple: Can he maintain the devotion of his followers while increasing his political base? Or will he believe, as Bush and Cheney did, that he can govern without concern for the other half of the country because he controls the presidency and Congress, as Bush and Cheney did in 2001? Presidents are elected by electoral votes, but they govern through public support.

Obama and his supporters will say there is no danger of a repeat of Bush — who believed he could carry out his agenda and build his political base at the same time, but couldn’t. Building a political base requires modifying one’s agenda. But when you start modifying your agenda, when you become pragmatic, you start to lose your supporters. If Obama had won with 60 percent of the popular vote, this would not be as pressing a question. But he barely won by more than Bush in 2004. Now, we will find out if Obama is as skillful a president as he was a candidate.

Obama will soon face the problem of beginning to disappoint people all over the world, a problem built into his job. The first disappointments will be minor. There are thousands of people hoping for appointments, some to Cabinet positions, others to the White House, others to federal agencies. Many will get something, but few will get as much as they hoped for. Some will feel betrayed and become bitter. During the transition process, the disappointed office seeker — an institution in American politics — will start leaking on background to whatever reporters are available. This will strike a small, discordant note; creating no serious problems, but serving as a harbinger of things to come.

Later, Obama will be sworn in. He will give a memorable, perhaps historic speech at his inauguration. There will be great expectations about him in the country and around the world. He will enjoy the traditional presidential honeymoon, during which all but his bitterest enemies will give him the benefit of the doubt. The press initially will adore him, but will begin writing stories about all the positions he hasn’t filled, the mistakes he made in the vetting process and so on. And then, sometime in March or April, things will get interesting.

Iran and a U.S. Withdrawal From Iraq
Obama has promised to withdraw U.S. forces from Iraq, where he does not intend to leave any residual force. If he follows that course, he will open the door for the Iranians. Iran’s primary national security interest is containing or dominating Iraq, with which Iran fought a long war. If the United States remains in Iraq, the Iranians will be forced to accept a neutral government in Iraq. A U.S. withdrawal will pave the way for the Iranians to use Iraqi proxies to create, at a minimum, an Iraqi government more heavily influenced by Iran.

Apart from upsetting Sunni and Kurdish allies of the United States in Iraq, the Iranian ascendancy in Iraq will disturb some major American allies — particularly the Saudis, who fear Iranian power. The United States can’t afford a scenario under which Iranian power is projected into the Saudi oil fields. While that might be an unlikely scenario, it carries catastrophic consequences. The Jordanians and possibly the Turks, also American allies, will pressure Obama not simply to withdraw. And, of course, the Israelis will want the United States to remain in place to block Iranian expansion. Resisting a coalition of Saudis and Israelis will not be easy.

This will be the point where Obama’s pledge to talk to the Iranians will become crucial. If he simply withdraws from Iraq without a solid understanding with Iran, the entire American coalition in the region will come apart. Obama has pledged to build coalitions, something that will be difficult in the Middle East if he withdraws from Iraq without ironclad Iranian guarantees. He therefore will talk to the Iranians. But what can Obama offer the Iranians that would induce them to forego their primary national security interest? It is difficult to imagine a U.S.-Iranian deal that is both mutually beneficial and enforceable.

Obama will then be forced to make a decision. He can withdraw from Iraq and suffer the geopolitical consequences while coming under fire from the substantial political right in the United States that he needs at least in part to bring into his coalition. Or, he can retain some force in Iraq, thereby disappointing his supporters. If he is clumsy, he could wind up under attack from the right for negotiating with the Iranians and from his own supporters for not withdrawing all U.S. forces from Iraq. His skills in foreign policy and domestic politics will be tested on this core question, and he undoubtedly will disappoint many.

The Afghan Dilemma
Obama will need to address Afghanistan next. He has said that this is the real war, and that he will ask U.S. allies to join him in the effort. This means he will go to the Europeans and NATO, as he has said he will do. The Europeans are delighted with Obama’s victory because they feel Obama will consult them and stop making demands of them. But demands are precisely what he will bring the Europeans. In particular, he will want the Europeans to provide more forces for Afghanistan.

Many European countries will be inclined to provide some support, if for no other reason than to show that they are prepared to work with Obama. But European public opinion is not about to support a major deployment in Afghanistan, and the Europeans don’t have the force to deploy there anyway. In fact, as the global financial crisis begins to have a more dire impact in Europe than in the United States, many European countries are actively reducing their deployments in Afghanistan to save money. Expanding operations is the last thing on European minds.

Obama’s Afghan solution of building a coalition centered on the Europeans will thus meet a divided Europe with little inclination to send troops and with few troops to send in any event. That will force him into a confrontation with the Europeans in spring 2009, and then into a decision. The United States and its allies collectively lack the force to stabilize Afghanistan and defeat the Taliban. They certainly lack the force to make a significant move into Pakistan — something Obama has floated on several occasions that might be a good idea if force were in fact available.

He will have to make a hard decision on Afghanistan. Obama can continue the war as it is currently being fought, without hope of anything but a long holding action, but this risks defining his presidency around a hopeless war. He can choose to withdraw, in effect reinstating the Taliban, going back on his commitment and drawing heavy fire from the right. Or he can do what we have suggested is the inevitable outcome, namely, negotiate — and reach a political accord — with the Taliban. Unlike Bush, however, withdrawal or negotiation with the Taliban will increase the pressure on Obama from the right. And if this is coupled with a decision to delay withdrawal from Iraq, Obama’s own supporters will become restive. His 52 percent Election Day support could deteriorate with remarkable speed.

The Russian Question
At the same time, Obama will face the Russian question. The morning after Obama’s election, Russian President Dmitri Medvedev announced that Russia was deploying missiles in its European exclave of Kaliningrad in response to the U.S. deployment of ballistic missile defense systems in Poland. Obama opposed the Russians on their August intervention in Georgia, but he has never enunciated a clear Russia policy. We expect Ukraine will have shifted its political alignment toward Russia, and Moscow will be rapidly moving to create a sphere of influence before Obama can bring his attention — and U.S. power — to bear.

Obama will again turn to the Europeans to create a coalition to resist the Russians. But the Europeans will again be divided. The Germans can’t afford to alienate the Russians because of German energy dependence on Russia and because Germany does not want to fight another Cold War. The British and French may be more inclined to address the question, but certainly not to the point of resurrecting NATO as a major military force. The Russians will be prepared to talk, and will want to talk a great deal, all the while pursuing their own national interest of increasing their power in what they call their “near abroad.”

Obama will have many options on domestic policy given his majorities in Congress. But his Achilles’ heel, as it was for Bush and for many presidents, will be foreign policy. He has made what appear to be three guarantees. First, he will withdraw from Iraq. Second, he will focus on Afghanistan. Third, he will oppose Russian expansionism. To deliver on the first promise, he must deal with the Iranians. To deliver on the second, he must deal with the Taliban. To deliver on the third, he must deal with the Europeans.

Global Finance and the European Problem
The Europeans will pose another critical problem, as they want a second Bretton Woods agreement. Some European states appear to desire a set of international regulations for the financial system. There are three problems with this.

First, unless Obama wants to change course dramatically, the U.S. and European positions differ over the degree to which governments will regulate interbank transactions. The Europeans want much more intrusion than the Americans. They are far less averse to direct government controls than the Americans have been. Obama has the power to shift American policy, but doing that will make it harder to expand his base.

Second, the creation of an international regulatory body that has authority over American banks would create a system where U.S. financial management was subordinated to European financial management.

And third, the Europeans themselves have no common understanding of things. Obama could thus quickly be drawn into complex EU policy issues that could tie his hands in the United States. These could quickly turn into painful negotiations, in which Obama’s allure to the Europeans will evaporate.

One of the foundations of Obama’s foreign policy — and one of the reasons the Europeans have celebrated his election — was the perception that Obama is prepared to work closely with the Europeans. He is in fact prepared to do so, but his problem will be the same one Bush had: The Europeans are in no position to give the things that Obama will need from them — namely, troops, a revived NATO to confront the Russians and a global financial system that doesn’t subordinate American financial authority to an international bureaucracy.

The Hard Road Ahead
Like any politician, Obama will face the challenge of having made a set of promises that are not mutually supportive. Much of his challenge boils down to problems that he needs to solve and that he wants European help on, but the Europeans are not prepared to provide the type and amount of help he needs. This, plus the fact that a U.S. withdrawal from Iraq requires an agreement with Iran — something hard to imagine without a continued U.S. presence in Iraq — gives Obama a difficult road to move on.

As with all American presidents (who face midterm elections with astonishing speed), Obama’s foreign policy moves will be framed by his political support. Institutionally, he will be powerful. In terms of popular support, he begins knowing that almost half the country voted against him, and that he must increase his base. He must exploit the honeymoon period, when his support will expand, to bring another 5 percent or 10 percent of the public into his coalition. These people voted against him; now he needs to convince them to support him. But these are precisely the people who would regard talks with the Taliban or Iran with deep distrust. And if negotiations with the Iranians cause him to keep forces in Iraq, he will alienate his base without necessarily winning over his opponents.

And there is always the unknown. There could be a terrorist attack, the Russians could start pressuring the Baltic states, the Mexican situation could deteriorate. The unknown by definition cannot be anticipated. And many foreign leaders know it takes an administration months to settle in, something some will try to take advantage of. On top of that, there is now nearly a three-month window in which the old president is not yet out and the new president not yet in.

Obama must deal with extraordinarily difficult foreign policy issues in the context of an alliance failing not because of rough behavior among friends but because the allies’ interests have diverged. He must deal with this in the context of foreign policy positions difficult to sustain and reconcile, all against the backdrop of almost half an electorate that voted against him versus supporters who have enormous hopes vested in him. Obama knows all of this, of course, as he indicated in his victory speech.
We will now find out if Obama understands the exercise of political power as well as he understands the pursuit of that power. You really can’t know that until after the fact. There is no reason to think he can’t finesse these problems. Doing so will take cunning, trickery and the ability to make his supporters forget the promises he made while keeping their support. It will also require the ability to make some of his opponents embrace him despite the path he will have to take. In other words, he will have to be cunning and ruthless without appearing to be cunning and ruthless. That’s what successful presidents do.

In the meantime, he should enjoy the transition. It’s frequently the best part of a presidency.
Sphere: Related Content
World Tribune

Obama promised U.S. reconciliation with Syria

WASHINGTON — Presidential-elect Barack Obama has pledged to improve U.S. relations with Syria and Egypt.

Aides said Obama had sent senior foreign policy adviser Robert Malley to Egypt and Syria to outline the Democratic candidate's policy on the Middle East.

The aides said Malley, who served in the administration of President Bill Clinton, relayed a pledge from Obama that the United States would seek to reconcile with Damascus as well as enhance relations with Cairo.

The aide said Obama plans to launch a U.S. diplomatic initiative toward Syria, regarded by the Bush administration as a leading supporter of the Al Qaida insurgency in Iraq. Obama, unlike President George Bush, has also supported Israeli peace negotiations with the regime of Syrian President Bashar Assad.

"The tenor of the messages was that the Obama administration would take into greater account Egyptian and Syrian interests," the aide said.
Sphere: Related Content
Weekly Standard

Duplicity in Damascus
The complicated relationship between Syria and al Qaeda.

By David Schenker
10/31/2008

When it comes to al Qaeda, Syria gets it coming and going. This past Sunday, U.S. helicopters targeted an al Qaeda operative on Syrian territory who shuttled terrorists into Iraq. Syria condemned the strike as a violation of its sovereignty and a "serious aggression." Earlier in October, a massive car bomb detonated in Damascus, killing 17. Even before the smoke cleared, Syria's Assad regime accused Sunni Muslim fundamentalists from abroad--i.e., al Qaeda--of perpetrating the attack. Meanwhile, regime spokesmen described Syria as a "victim" of international terrorism.

The characterization of Syria as "victim" was ironic not only because Damascus has been a proactive member of the State Department's list of state sponsors of terrorism since 1979--sponsoring Hamas and Hezbollah, among others--but because just one day before the attack, the U.S. District Court of the District of Columbia levied a mammoth civil judgment against Syria for "providing material support and resources to Zarqawi and Al Qaeda in Iraq."

The verdict awarded $414 million to the families of two U.S. contractors--Jack Armstrong and Jack Hensley--beheaded in Iraq in September 2004.

Due to the opaque nature of the authoritarian Assad regime, it will likely never be clear who was actually responsible for the bombing. Syria routinely engages in conspiracies, so it's no surprise that conspiracy theories have proliferated regarding the culprit, with explanations alternately implicating the Iranians, the Israelis, and even the Assad regime itself. Adding to the uncertainty, some Western-based al Qaeda analysts say the assault lacked many of the organization's signature traits.

Notwithstanding the speculation, let's assume for the moment that al Qaeda did sponsor the attack. If so, it should have come as no surprise to Damascus: As the experiences of Saudi Arabia and Pakistan demonstrate, al Qaeda has a track record of attacking its sponsors.

Since 2002, the Assad regime has facilitated the movement through its territory of al Qaeda fighters bound for Iraq, Jordan, and Lebanon. It has allowed these insurgents to train in Syria and has provided sanctuary to al Qaeda-affiliated killers of Americans. By and large, this policy purchased Syria immunity from attacks. Along the way, however, these terrorists appear to have planted local roots.

In the lead up to the 2003 U.S. invasion of Iraq, when it became clear that Syria was helping shuttle Islamist insurgents to Iraq, Washington warned Damascus of the folly of this policy. U.S. diplomats in Damascus repeatedly told the Syrian government that Islamists posed a threat to the secular nationalist regime.

Damascus's logic was based on its opposition to the establishment of a pro-Western government in Baghdad. As then Foreign Minister Farouq Shara said in 2003, "Syria's interest is to see the invaders defeated in Iraq." But the Assad regime failed to take into account the dynamic of the al Qaeda's relations with its "friends." In Pakistan, for example, the intelligence service long supported al Qaeda, but the state nonetheless remained a high value target of the organization.

In al Qaeda's evolving strategy, targeting is not contingent on a state's political orientation or on the assistance it receives from governments. Basically, the organization has no qualms about biting the hand that feeds it, whether the patron is Pakistan, Saudi Arabia, or Syria. In this regard, if the Syrians are telling the truth about who perpetrated the attack, it is a clear case of the chickens coming home to roost.

Ultimately, Damascus's newfound problem with al Qaeda may change the Assad regime's permissive attitude toward the group, but it's unlikely to have any impact on Syrian support for Hezbollah and Hamas. These longstanding relationships with Islamist terrorist organizations are closely linked to the 30-year strategic alliance between Damascus and Tehran.

For the next U.S. administration, Syrian support for al Qaeda should prove a cautionary tale about the limits of diplomatic engagement in curtailing Syrian support for terrorism. The Assad regime has trucked with Islamist terrorists for decades, and provides no indication that it would be willing to sever these relationships. Senior Israeli officials--including likely incoming prime minister Tzipi Livni--have stated that a peace deal is contingent on Syria's abandoning Tehran, forsaking terror, and joining the Western camp. Syria has responded emphatically and repeatedly that this kind of strategic reorientation is not in the cards.

During the presidential debates, there were sharp disagreements as to how Washington should best treat rogue states. Regardless of whether the next administration is led by Barack Obama or John McCain, however, many observers believe that Washington will look to reengage in high-level diplomacy with Damascus and perhaps even consent to mediate Israeli-Syrian peace negotiations. Indeed, there are some indications that the Bush administration is already pursuing this tack.

Changing Syria's orientation would be of great benefit, but experience suggests it's not a realistic hope. While many excuse Syrian ties to Hamas and Hezbollah as "cards" that will someday be traded during negotiations, the revelations about the ties to al Qaeda highlight just how inimical the Assad regime's worldview is to U.S. interests. Support for terrorism appears to be intrinsic to the regime. Given this dynamic, U.S. diplomacy with Damascus stands little chance of success.

David Schenker is the director of the Program on Arab Politics at the Washington Institute.
Sphere: Related Content
The Washington Institute for Near East Policy

PolicyWatch #1420
Why the Next U.S. President Will Be a Wartime Leader

By Michael Eisenstadt
November 3, 2008

The next U.S. president will be a wartime president. Developments in the Middle East almost ensure that either John McCain or Barack Obama will have to manage one or more wars involving the United States or its allies in the region.
The challenges posed by the Middle East are legion: "fragile and reversible" security in Iraq; military fallout from a possible Israeli strike on Iran's nuclear program; the destabilizing consequences of a nuclear breakout by the Islamic Republic; a new round of violence between Hamas and the Palestinian Authority (PA) -- this time in the West Bank; an Israeli military intervention in Gaza to halt renewed rocket attacks, preempt a Hamas military buildup, or crush the nascent Hamas government there; and the possibility of a second Hizballah-Israeli war. Given these realities, the United States must engage the region to an unprecedented extent in order to avert or deter those wars that are avoidable, and prevail (or ensure the success of its allies) in those that prove inescapable.

Iraq: Still Unresolved

The next administration's key challenge in Iraq will be to preserve and expand the security gains of the 2007 U.S. military "surge," and to translate those gains into enduring political achievements through relatively free and fair elections in 2009. Accomplishing this and preserving U.S. influence, while gradually drawing down forces to deal with a resurgent Taliban in Afghanistan, pose major challenges.

For the next few years, the potential for renewed violence in Iraq is high due to a number of unsettled issues: resentment from Sons of Iraq militias due to their exclusion from Iraq's security forces; the eventual return of Mahdi Army special groups from abroad; the lifting of the Mahdi Army's freeze on military operations; and tensions between Kurds and Arabs in Mosul, Kirkuk, and Diyala provinces. Preventing resurgent violence will require continued U.S. engagement at the local, regional, and national levels, and the use of available U.S. leverage to forestall or contain outbreaks of violence.

This leverage will not depend entirely on the size of the U.S. military presence. In fact, the United States will gain leverage through: its ability to maintain working relations with all major political currents and parties in Iraq, including Sadrists; the credibility of threats to withhold critical military support at vital junctures in order to secure key U.S. objectives; its willingness and ability to publicize credible evidence of Iranian interference in Iraq and of collaboration between Iran and prominent Iraqi politicians; and its ability to assist emerging political forces, particularly those supportive of a continued U.S. role in Iraq, such as the Awakening Councils, to secure a formal role in the Iraqi political system in forthcoming elections.

The last point could provide the basis for a blocking coalition in Iraqi parliament involving the Awakening Councils, secular nationalists (such as Ayad Allawi), independents, and perhaps under certain circumstances even the major Kurdish parties. This coalition could check Iraqi prime minister Nouri al-Maliki's growing power, or provide al-Maliki with the foundation for a new governing coalition if he desires to free himself of his dependence on the Islamic Supreme Council in Iraq.

Iran: Two Minutes to Midnight?

At the current reported rate of enrichment, Iran might have enough low enriched uranium by late 2009 necessary for its first bomb (although the uranium would require further enrichment and would have to go through several additional steps before it could be turned into a weapon). Given Israeli concerns about the Iranian threat and doubts about diplomacy, Israel might act before then to order a preventive strike on Iran's nuclear installations to set back Tehran's program. The next administration must consider the possibility that Israel might act contrary to Washington's apparent wishes by striking at Iran's nuclear infrastructure, just as it did when it bombed Syria's nuclear reactor at al-Kibar in September 2007. Accordingly, the next administration should prepare a public response that neither explicitly disavows nor identifies itself with the Israeli action. Washington should also be prepared to take measures to contain a violent Iranian response and to deter retaliatory strikes against U.S. interests.

Iran's progress toward acquiring nuclear weapon capabilities is already transforming the regional security environment in ways inimical to U.S. interests. Egypt, Jordan, Turkey, and the Gulf Cooperative Council states have all indicated that they are considering building up their civilian nuclear infrastructure, which is a possible first step toward developing a weapons capability. And Iran's acquisition of "the bomb," which could well occur during the tenure of the next president, could profoundly destabilize the region, enhancing the potential for miscalculation and conflict.

The next administration should therefore exploit the "presidential honeymoon" and the favorable conditions created by low oil prices (which are putting pressure on the Iranian economy) to place the highest priority on multilateral diplomatic efforts to resolve the standoff. Although time is of the essence, the United States should avoid public advances toward Iran prior to the country's June 2009 presidential elections because Iranian president Mahmoud Ahmadinezhad might claim credit for any diplomatic progress, thus increasing his electoral prospects. As such, Washington should quietly approach intermediaries to sound out Iran's Supreme Leader, Ayatollah Ali Khamenei, prior to Iran's presidential elections to determine if there is any basis for serious, public contacts or negotiations in the immediate aftermath of the elections, and if Iran would be willing to suspend enrichment for the duration of these talks.

Meanwhile, the United States should once again try to marshal a broader coalition, and wield bigger carrots and sticks, in support of a new diplomatic initiative or, if diplomacy fails, to further ratchet up the pressure on Iran. Finally, if diplomacy fails, Washington needs to revisit its own military options and review plans for containing the political and military fallout from an Israeli preventive strike. The United States should also roll out plans for a regional security framework to contain and deter a nuclear Iran, which will make the point that acquiring nuclear weapons will harm, rather than help, Iran's security.

Palestinian Civil War: Round Two?

Upon taking office, the next administration may well find itself in the midst of a Palestinian political crisis, and perhaps even a new round of Palestinian civil violence. The term of PA president Mahmoud Abbas expires on January 9, 2009, and he has indicated that he plans to stay on for another year, basing his position on an amendment to the Palestinian elections law that requires presidential and parliamentary elections to occur at the same time (the latter are not scheduled until January 2010). Hamas, however, claims that according to the PA's basic law, the speaker of parliament should succeed Abbas when his term runs out. Although Hamas and the PA may find a way to resolve this matter peacefully by January 9, it is also possible that if Abbas does not step down, Hamas might engage in assassinations, kidnappings, or violent demonstrations to loosen the PA's grip in the West Bank.

Accordingly, the new administration must be prepared to support PA and Israeli efforts to quash Hamas-inspired violence in the West Bank. Providing political support to the PA and Israel, and bolstering U.S. efforts to build a professional and effective Palestinian security force, will be vital to keep Hamas at bay in the West Bank in the short-run, and to bolster PA influence in the long-run. In addition, ongoing efforts to define the general parameters of an Israeli-Palestinian final status agreement are still important, even if implementation of such an agreement has to be deferred to some indefinite future date.

Back to Gaza?

Another Arab-Israeli war is a near certainty in the next four years. The current Israeli-Hamas ceasefire is unlikely to last indefinitely, and Israel eventually will reenter Gaza to remove the rocket threat or dismantle Hamas's terror and governmental infrastructure. The priority now is to continue to enhance the capacity of the PA's military and civilian institutions in order prevent a Hamas takeover of the West Bank. This will also be important if Israel does reenter Gaza to crush Hamas, since it would be desirable if Israel could then hand over security responsibilities to the PA prior to its withdrawal.

The reform of Fatah (Abbas's party) and the PA will be a protracted process, and there is no guarantee of success. But if there is to be peace, it will be the result of bottom-up efforts to rebuild Fatah and the PA and to restore some degree of trust between Israelis and Palestinians, as well as top-down efforts to tackle the major stumbling blocks to a final status agreement. Disengagement from the conflict, however, is not an option, because if the United States is not actively laying the groundwork for peaceful coexistence between the two sides, Hamas and Iran will work to preclude such an outcome.

Hizballah and Israel: Round Two?

In Lebanon, Hizballah, with the help of Syria and Iran, has rebuilt its rocket forces -- it had 13,000 on the eve of the 2006 war and has more than 30,000 now -- in violation of UN Security Council Resolution 1701. Hizballah also blames Israel for the February 2008 assassination of terror chief Imad Mughniyah in Damascus, and has promised revenge, perhaps by kidnapping or killing senior Israeli security officials or politicians at home or overseas. In addition, Hizballah has indicated that it might challenge Israeli reconnaissance flights over Lebanon, and once again abduct Israeli soldiers along the border.

These developments suggest that another -- even more destructive -- war is possible. Senior Israeli military officials have threatened, in accordance with what they call the "Dahiyah Doctrine" -- after the suburbs of southern Beirut that were flattened by Israeli air power during the 2006 war -- to wage a scorched earth campaign next time around. In the event of another war, the United States needs to coordinate with Israel better than it did during the last war, so that the next war is much shorter, and succeeds in significantly weakening Hizballah, and undermining the interests of its Syrian and Iranian patrons.

Conclusion

The next U.S. president will face unprecedented challenges and dangers in the Middle East, with few good options and precious little time to waste. He will have to hit the ground running, since the United States cannot afford a protracted transition between administrations. If the next president is to succeed in advancing American interests, he will need to engage the Middle East to an unprecedented degree, avert or deter the wars that can be avoided, and skillfully manage the one or more wars that are almost certain to occur on his watch.

Michael Eisenstadt is a senior fellow and director of the Military and Security Studies Program at The Washington Institute.