الأحد، 14 سبتمبر 2008

التعديلات الدستورية ضيف ثقيل على حوار بعبدا؟

Sphere: Related Content
سليمان يستعيد هيبة الرئيس – الحَكَم .. في انتظار استعادة نَصِّ ما قبل الطائف
التعديلات الدستورية ضيف ثقيل على حوار بعبدا؟

100 يوم في عهد العبور الشاق بين الالغام .. الى الاستقرار
مداولات كواليس الدوحة لامست اعادة 3 صلاحيات تنفيذية الى الرئاسة


ينشر في "الاسبوع العربي" في 22/9/2008
فاجأ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان المدعوين الى الافطار الرسمي الاول منذ 9 اعوام في قصر بعبدا باعلانه انطلاق اولى جلسات الحوار الثلاثاء في السادس عشر من الجاري، تزامنا مع قضائه اول 100 يوم في عهده. وعلى الرغم من الترحيب المعلن الذي اعقب دعوته الحوارية، لم يكن خافيا امتعاض بعض افرقاء المعارضة واعتراضهم بأن يسبق الحوار، وهو البند الرابع والاخير في اتفاق الدوحة، بتّ قانون الانتخابات النيابية والذي كانت المعارضة استعجلت اقراره في الشق المتعلق بالتقسيمات الادارية قبل الانتهاء من اقرار الاصلاحات، تنفيذا لبنود اتفاق الدوحة بشكل تسلسلي.
اتخذ رئيس الجمهورية، رأس الدولة ومرجعيتها وراعي الحوار الوطني، قرار الدعوة الى الحوار من دون مشاورات - كانت لتطيل امد الانتظار وتجعل من توقيت الحوار مادة سجال سياسي عقيم. فحدد الموعد واضعا الجميع امام مسؤولياتهم وامام ضرورة الشروع في البحث الجدي في المسائل الخلافية التي عثّرت وتعثّر قيامة سوية للدولة، الامر الذي اراده ان يسبق زيارته للولايات المتحدة الاميركية حيث يشارك في نيويورك في الجمعية العامة للامم المتحدة، ويلتقي في واشنطن الرئيس الاميركي جورج بوش في اول لقاء بينهما.
البند الاهم الذي يجمع عليه اقطاب الحوار والافرقاء في قوى الموالاة والمعارضة (سابقا) على حد سواء يتركز على رسم استراتيجيا دفاعية وطنية تشكل مناعة للبنان، وتندرج في اطارها، كما اعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري، مواضيع الدفاع عن لبنان وحمايته عسكريا وأمنيا واقتصاديا وسياسيا واعلاميا وديبلوماسيا ومسألة دور المقاومة والجيش.
وفيما يرى مصدر موالي انّ "ارادة المعارضة بتّ قانون الانتخاب قبل التوجه الى الحوار الوطني في قصر بعبدا ينطوي على هدف التهرب من بحث الاستراتيجيا الدفاعية وطرح سلاح "حزب الله" على بساط البحث قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة"، يعتبر مصدر معارض ان "المعارضة هي في طليعة الراغبين في بحث الاستراتيجيا الدفاعية ليتشارك الجميع في مواجهة الاخطار المحدقة بالبلد واولها خطر العدوان الاسرائيلي الذي يتهدد لبنان في كل لحظة".
الا انّه وفقا لمعلومات خاصة لـ "الاسبوع العربي" قد لا يقتصر الحوار على المواضيع المعلنة واهمها الاستراتيجيا الدفاعية، وقد يصار الى توسيع جدول اعماله كي يشمل اضافة الى المواضيع السجالية الوطنية كملفات التوطين ومحاربة الارهاب وارساء المصالحة الوطنية الشاملة، مسألة اعادة النظر في صلاحيات الرئاسة الاولى ما بعد الطائف لاسيما بعدما اثار الرئيس سليمان هذا العنوان امام وفد نقابة الصحافة قبل اسبوعين، وما نقله عنه نقيب الصحافة محمد البعلبكي لناحية تعديل صلاحيات الرئيس المحددة في الطائف بالنسبة الى حل المجلس النيابي ومجلس الوزراء ومدة توقيع المراسيم ونصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
تفهم عربي لعودة الرئيس - الحَكَم
ويقول ديبلوماسي عربي رفيع في بيروت لـ "الاسبوع العربي" ان "اعادة النظر بالصلاحيات تستحوذ تفهما عربيا ودوليا واسعا، وهي طُرحت في كواليس مداولات الدوحة في ايار (مايو) الفائت، وعلم في حينها نتيجة المداولات بين مسؤولين عرب كبار وبين وزير خارجية سوريا وليد المعلم انّ الرئيس السوري بشار الاسد لا يمانع طرح الموضوع على بساط البحث الجدي".
واستحوذ كلام رئيس الجمهورية اهتمام السياسيين والمراقبين على حد سواء، لما يحتويه من دعوة رسمية اولى الى تعديل اتفاق الطائف لتجنب ادخال البلاد مرة اخرى في ازمة مشابهة الى التي عاشتها طيلة العامين الفائتين، وادت الى نزاع في الشارع ومن ثم الى تدخل خارجي لانتفاء امكان الحل الداخلي والدوران في شبه حلقة مفرغة حيث كل طرف يلقي بالمسؤولية على الآخر.
في هذا السياق، يرى مصدر نيابي رفيع في الموالاة ان "كلام الرئيس سليمان ودعوته الى مناقشة صلاحيات رئاسة الجمهورية لجهة ادخال تعديلات على اتفاق الطائف من اجل تعزيز صلاحيات الرئيس في ما خص مسائل حل مجلسي النواب والوزراء ومهل توقيع القوانين والمراسيم اضافة الى توضيح مسألة نصاب انتخاب رئيس الجمهورية، ورد في اطار عام وفي سياق رؤية الرئيس لتطوير العمل السياسي لكي يتمكن من ممارسة الصلاحيات المحددة له في الدستور ولا سيما انه يقسم اليمين على حماية هذا الدستور وعلى صون البلاد ومؤسساتها". ويلفت الى انّ "هذه التوجهات هي نوع من الطموح لاجراء بعض التعديلات التي تسمح للعمل الدستوري ان يستقيم في لبنان"، ويقول: الشكوى التي وردت على لسانه ليست جديدة، وسبق ان كان مطلب اعادة صلاحيات تنفيذية ضرورية الى رئيس الجمهورية محط نقاش مستفيض رسمي وغير رسمي، بحيث تعود الى الرئيس القدرة على لعب دور الحكم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعلى الحسم عند وقوع خلاف كبير والعودة الى استفتاء المواطنين من خلال حل المجلس والدعوة الى انتخابات نيابية مبكرة.
ويضيف: يشكو الجميع من القيود التي وضعت على الرئيس في هذا الموضوع فيما لم توضع على غيره من المسؤولين، لا على رئيس الوزراء ولا على الوزراء، وهذا خطأ إلا في حال وضعت القيود ايضا على باقي اطراف السلطة الشرعية.
ويعتبر المصدر النيابي انّه "من الممكن ان يقرّ هذا الموضوع بنظام داخلي في مجلس الوزراء وان يلزم رئيس الوزراء والوزراء بتوقيع المراسيم، مستبعدا انه قد يستدعي تعديلا دستوريا". ويؤيد ان "يبحث الموضوع راهنا بشكل علمي وقانوني هادئ وليس عند اقتراب موعد الانتخابات"، مشددا على ضرورة توضيح مسألة نصاب جلسة انتخاب الرئيس، وان "تحسم القضية نهائيا وان تخضع الى البحث القانوني وليس الى البحث تحت وطأة الانتخابات".
صلاحيات الرئيس
في الضفة المقابلة، يرى قيادي في قوى المعارضة ان "المواضيع الاساسية على طاولة الحوار تتركز على الاستراتيجيا الدفاعية وكل ما يتصل بها من سياسة دفاعية، اي البحث في سلاح "حزب الله" والسلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها لانعكاس ذلك على الامن في لبنان"، لافتا الى انّ الاولوية هي لبحث هذه الامور الدفاعية والامنية.
ويشير الى انه في معزل عن الحوار والمواضيع التي ستطرح على الطاولة، فإن لبنان في حاجة الى ورشة دستورية لتوضيح كثير من الامور حول ضرورة تفعيل المؤسسات واعادة النظر بالصلاحيات الرئاسية وفي تشابكها، خصوصا صلاحيات رئيس الجمهورية بعد الطائف، لافتا الى ان هذا الموضوع في حاجة الى طرح جدي والى بحث داخل المؤسسات الدستورية اي في مجلسي النواب والوزراء، ويجب ان يكون هناك مناخ مناسب يهيء لطرحه".
في هذا الاطار، يعتقد مراقب سياسي انّ طرح رئيس الجمهورية البحث في تعديلات دستورية تتناول 4 بنود مرتبطة بصلاحياته، "يأتي من اهمية تطوير اتفاق الطائف في ضوء الممارسة التي اظهرت وجوب تصويب او توضيح بعض بنوده، لكن على قاعدة عدم المس بالثوابت والتوازنات الاساسية او الاخلال بكل ما من شأنه انتظام عمل المؤسسات الدستورية".
ولم يخف المراقب ان "يكون فتح النقاش رسميا على تطوير اتفاق الطائف خطوة اولى للتأسيس في مرحلة لاحقة الى ورشة سياسية دستورية قانونية، تنطلق من ضرورة اخذ العبرة من التداعيات السياسية للازمة الاخيرة التي اصابت البلد في بنيانه الكياني وفي امنه وجعلت مؤسساته الدستورية، رئاسة وحكومة وبرلمانا، مشرعة على ازمات عاصفة وشلت عملها".
ويلفت الى ان النقاش الهادئ والرصين في شأن التعديلات الدستورية يحتاج الى انضاج الظروف المناسبة ويأخذ في الاعتبار احترام البنيان الدستوري، لكنه في الوقت عينه اضحى واجبا لتدارك كل ما شارك او اسهم في تسعير الازمة السياسية الاخيرة، بهدف اسمى وهو استدراك تكرار اي من مسبباتها واستخلاص دروس العامين الفائتين وعِبرهما لتلافي وضع لبنان امام مشهد مماثل يضع المؤسسات والدستور في مهب التعطيل والشلل".
اسقاط الطائف؟
ويتخوف بعض قوى الموالاة "ان يفتح طرح تعديل صلاحيات رئيس الجمهورية الباب امام اسقاط اتفاق الطائف بكامله، واتاحة المجال امام تعالي الاصوات (الشيعية؟) المطالِبة بالمثالثة علانية وبوضوح خلافا لما كان سائدا عندما تولت القيادة الايرانية طرحها على المبعوث الفرنسي في محاولة لجس النبض واستكشاف ردود الفعل، ما يعني قلب الامور رأسا على عقب وارساء نظام سياسي جديد يعيد افراز واقع مستجد تنال من خلاله الطائفة الشيعية التي تعتبر نفسها مغبونة ومن ورائها "حزب الله"، الحق في المشاركة الفعلية في الحكم او بالاحرى الامساك بمفاصل الدولة من الداخل عبر العمل الشرعي ومن الخارج عبر التفرد بامتلاك السلاح وبقرار السلم والحرب والسياسة الخارجية".
وتقول هذه القوى ان "هذا الامر في حال حصوله سيقود الى نسف اتفاق الطائف من اساسه لأن الحل السحري الذي ابتكره الطائف وأنهى بموجبه الحرب قام على أساس إهمال العدد الراهن للمسلمين والمسيحيين، واعتماد المناصفة بينهم، وتوزيع النسب المذهبية في كلا النصفين المسلم والمسيحي، بما لا يمكّن أيا من المذاهب امتلاك الثلث منفرداً، وتالياً حاجة الجميع إلى التوافق الدائم، في إطار نوع مبتكر من الديمقراطية عُرفت بـ "الديمقراطية التوافقية".
وتلفت الى انّ "صيغة المثالثة تنسف "الديمقراطية التوافقية"، لأنها تعطي الشيعة منفردين الثلث، وباقي المسلمين الثلث، وجميع المسيحيين الثلث الاخير، ويصبح "الكيان اللبناني" عبارة عن ثلاث كتل طائفية اقرب الى فدرالية الطوائف، لكل منها حق التعطيل، شرط اتفاق المذاهب داخل الكتلة الواحدة، اي المسيحيون من جهة، والسنة والدروز والعلويون من جهة أخرى، بينما ينال الشيعة الثلث الصافي. وفي حال عدم الاتفاق بين المسيحيين، أو بين المسلمين من غير الشيعة، ينفرد الشيعة في حق "الفيتو"، وفي حال تحالفهم مع طائفة أخرى، تضحي الغالبية المطلقة في قبضتهم، وفي هذه الحال لا "ديمقراطية توافقية" ولا دولة قابلة للحياة".

ليست هناك تعليقات: