واشنطن بوست
مفاجأة في التفاوض
ديفيد اغناثيوس
سأل ديفيد اغناثيوس في صحيفة The Washington Post : ما الذي يجري بين سوريا وإسرائيل؟ وهل أن مفاوضات السلام غير المباشرة عبر وسطاء أتراك والتي أُعلن عنها الشهر الماضي حقيقية؟ وقال إنه تحدث إلى مصادر لدى كل الأطراف وقد قدّم هؤلاء نظرة متفائلة لعملية سلمية أخذت الكثير من الناس بمن فيهم كبار مسؤولي إدارة بوش على حين غفلة.
وعلى غرار ما يجري في أي مبادرة دبلوماسية سرية، فإن هذه المفاوضات تحيط بها الألغاز. وفي ما يلي بعض الإجابات على تساؤلات مطروحة:
1- كيف بدأت هذه المفاوضات؟
لقد فُتحت هذه القناة في خريف سنة 2006 بعد حرب تموز في لبنان التي جعلت دمشق وتل أبيب متوترتين حيال الدور المزعزع لحزب الله، أداة إيران في لبنان. واقترحت سوريا إجراء محادثات "جوار" غير مباشرة وأصرّت على تركيا، الصديقة النادرة لكلا البلدين، كوسيط.
ومنذ حوالى سنة قرّر رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت اختبار المسار السوري. وقد حصل على تشجيع قوي من المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية – وزير الدفاع أيهود باراك؛ ورئيس الأركان غابي أشكنازي؛ والاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
2- ماذا سيجني الطرفان من ذلك؟
لقد شجّعت القيادة العسكرية الإسرائيلية الانخراط مع سوريا لأنها تعتقد أن الوضع الراهن في المنطقة لا يمكن أن يستمر على هذا النحو. فلبنان أصبح ساحة معركة بالوكالة بين إسرائيل وإيران، وخسر الإسرائيليون الجولة الأولى. في هذه الأثناء، عزّز السوريون ترسانتهم الحربية بالصواريخ وغيرها من الأسلحة. واعتَبرت وجهة النظر في تل أبيب أن إسرائيل ستخسر من الناحية الإستراتيجية إذا تركت الأمور تستمر على ما هي عليه.
أما الرئيس السوري بشار الأسد فأيد إجراء انفتاح على إسرائيل لمواجهة محاولات الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية عزل بلاده. وزادت الثقة السورية بقناة التفاوض التركية بعدما أشارت إسرائيل بشكل غير رسمي إلى أنها مستعدة للقبول بشروطٍ لإعادة الجولان (ومسائل لأخرى كحقوق المياه) تمّ التوصل إليها في مفاوضات سورية – إسرائيلية مباشرة خلال التسعينات.
3- هل بالإمكان فصل سوريا عن إيران؟
إن هدف إسرائيل الأهم يكمن في إبعاد سوريا عن تحالفها مع إيران. وحتى الآن، لم ير الإسرائيليون أي إشارة إلى أن محادثات السلام أنجزت هذا الهدف. ويُحذّر مراقبو سوريا من أن هذا النوع من النقل الحاسم للولاءات غير مرجّح. إلا أن سوريا قد تبتعد بالنهاية عن إيران (وباتجاه تركيا) لأن نظام البعث في دمشق علماني حتى العظم – ولا يثق بالورع الديني للملالي. ومن شأن هذا الانفصال أن يكون ثقافياً وسياسياً عوضاً عن أن يكون مسألة سياسة أمنية.
4- من اغتال عماد مغنية في دمشق في شباط الماضي؟
إن السيارة المفخخة التي قتلت عميل إيران السري الأساسي في حزب الله لا يزال صداها يتردّد في الشرق الأوسط. وقد ركّزت الشبهات فوراً على إسرائيل. ولكن في 27 شباط ادّعت صحيفة "القدس العربي" التي تملك مصادر مطّلعة جداً في دمشق أن عدة دول عربية تآمرت مع الموساد لاغتيال مغنية.
وإضافة إلى التكهنات، ذكرت تقارير أنه قبل مصرعه بوقت قليل حاول مغنية ردم الهوة داخل حزب الله بين أمين عام الحزب حسن نصر الله والأمين العام السابق صبحي الطفيلي. إن قاعدة الطفيلي الشعبية هي في سهل البقاع الذي فَقَد نفوذه داخل حزب الله لصالح شيعة الجنوب. وبحسب مصدر عربي فإن مغنية الذي كان يُسافر تحت اسمه المستعار "الحاج إسماعيل" عرّج قبل وفاته بقليل على قرية بريتال حيث يقيم الطفيلي. واعتاد مغنية على السفر من دون حراس اعتقاداً منه أن حمايته ناجمة عن العمليات الجراحية التي غيّرت ملامحه والتي منعت حتى أصدقائه القدامى من التعرّف على "الحاج إسماعيل". ولهذا السبب، أصرّ السوريون على أنهم غير مخطئين. ولكن دليل توتر برز عندما أعلنت طهران أن لجنة مشتركة ستُحقّق في عملية الاغتيال وهو بيان نفته دمشق فوراً.
5- ماذا عن المفاعل النووي السوري السري الذي دمّره الإسرائيليون في 6 أيلول 2007؟
الغريب هو أن الهجوم الذي سمّاه محلّلو وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "المبنى اللغز" قد يكون ساعد محادثات السلام. فالإسرائيليون شعروا بأن عملهم الحاسم ساهم في إعادة إحياء مصداقية سياستهم الردعية. أما السوريون فقدّروا الصمت الإسرائيلي والأميركي الذي منحهم الوقت لتغطية أثرهم. أخيراً، إن إبقاء الأسد على مسعاه النووي سرياً وإدارته لضغوط ما بعد الهجوم أظهرا للإسرائيليين أنه السيد الحقيقي لبيته وبالتالي شريك تفاوضي مقبول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق