واشنطن بوست
تحالف الفاشلين
ريتشارد بيرل
"إنه اتحاد متعدد ناجح"... هكذا وصفت "كوندوليزا رايس" تلك الدول "التي اتحدت في مواجهة إيران"، والتي تعتمد عليها سياسة إدارة بوش، في التعامل مع تلك الدولة اعتماداً كبيراً.
" إنها سياسة فاشلة تماماً"... كان هذا هو الوصف الذي أطلقه "باراك أوباما" على السياسة نفسها.
أي الوصفين هو الصحيح؟ الاثنان. فوزيرة الخارجية الأميركية التي شهد مفهومها التعددي ولادة ثانية، واستردت مكانتها في وزارة الخارجية وبين حلفائنا، تستطيع أن تدعي، عن حق، أننا قد نجحنا في تشكيل تحالف ضد إيران. ولكن "أوباما"(الذي لا يقل حماساً عنها تجاه التعددية)، يستطيع هو الآخر أن يدعي أن تحالف "رايس" قد فشل في إبطاء، ناهيك عن إيقاف، الجهود الإيرانية الحثيثة لاستكمال برنامجها النووي، دعم الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط. وهذا التحالف الذي تصفه "رايس" بالفاشل، ويصفه "أوباما" بالناجح، هو في أحسن الأحوال مجموعة من الدول التي"لا تفعل شيئاً حاسماً"، والذي يناور نصف أعضائها على الأقل( ألمانيا، روسيا، والصين) من أجل الحصول على مزايا، ومنافع ذاتية، في تعاملاتهم مع نظام "الملالي" في إيران. فروسيا على سبيل المثال، لا تزال تواصل دعمها لبرنامج إيران النووي، وتقدم الأسلحة المتطورة لها في الوقت نفسه. أما الصين، فهي لا تتورع عن البحث عن صفقات نفطية في أي مكان من أي مصدر، كما تبيع الأسلحة المتقدمة للدول المختلفة. أما رجال الأعمال الألمان، فيملؤون أروقة الفنادق الإيرانية (لا يستطيع المرء أن يجزم صراحة أي شيء يبيعون؟). علاوة على ذلك نجد أن الروس والصينيين، قد أعلنوا بوضوح أنهم لن يدعموا أي عقوبات يرونها شديدة بدرجة يمكن أن يكون لها تأثير حقيقي على إيران. وعلى الرغم من أن المستشارة الألمانية إنجيلا ميركيل كانت صريحة ومباشرة في التنديد بالرئيس الإيراني، فإن كلماتها - شأنها في ذلك شأن كلمات رئيسنا- تحلق عالياً، بينما أفكار حكومتها- وحكومتنا أيضا- تظل قابعة في الأسفل.
من جانبهم، يواصل الإيرانيون الذين لم يردعهم"تحالف رايس المتعدد الناجح" بناء برنامجهم النووي بلا توقف، كما يواصلون تقديم الدعم لحركات الإرهاب والتخريب في أفغانستان، والعراق، ولبنان، وسوريا، وإسرائيل. وملالي إيران ينظرون شزراً عادة إلى نداءات بوش بتكوين تحالف أكبر، وأوسع نطاقاً من القائم حالياً، من مثل تلك التي جاءت في الخطاب الذي ألقاه في الثامن عشر من مايو الماضي، والذي أطلق عليه مسمى خطاب"العالم" لكثرة ورود كلمة"العالم" فيه حيث قال:"إن السماح لرعاة الإرهاب الرئيسيين في العالم، بالحصول على أكثر الأسلحة فتكاً في العالم، سيكون خيانة لا تغتفر لأجيال المستقبل. لذا يجب على العالم وباسم السلام ألا يسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية". بالرغم من تلك النداءات الموجهة لـ "العالم"، فإن إيران تواصل برنامجها النووي.
ويمكن لنا هنا رؤية دروس يمكن لنا الاستفادة منها: فبعد أن تولى بوش منصبه، رفض عدة اتفاقيات سابقة كان قد تم التفاوض بشأنها في عهد الإدارة السابقة، مما أدى إلى ردود فعل غاضبة ومباشرة من داخل أميركا وخارجها، تتهمها بأنها قد تخلت عن التعددية التي شهدتها سنوات كلينتون، وتتبع نهجاً أحادياً متسلطاً أدى إلى إقصاء حلفائها، وتقويض تحالفاتها، التي يعتمد عليها أمنها القومي اعتماداً جوهرياً.
لقد سمعنا الكثير من تلك الانتقادات خلال السبعة أعوام ونصف العام الماضية، ومن المؤكد أننا سنسمع الكثير منها خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخريف القادم.
ومصطلح"التعددية" يشير إلى الاتفاقيات التي تتم بين عدد من الدول، أو تلك التي تحظى بمباركة الأمم المتحدة، أو حلفائنا الأوروبيين، أو الاثنين معاً. ومن الأقوال التي ظلت تتردد بلا توقف طوال السنوات الماضية، أن الخيار التعددي كان متاحاً دائماً، ولكن إدارة بوش هي التي لم تكن لديها الرغبة للأخذ به.
كذلك كان يقال- خطأً- إن الإدارة كانت تفضل العمل بمفردها، لكن هذا التفضيل لم يكن هو المشكلة. فالمشكلة، من وجهة نظري، هي الخلط بين الغايات والوسائل. فالوسائل المستخدمة في مقاربة أي مشكلة - وهو ما يجب أن يفهمه كل من" رايس" و" أوباما" يجب ألا ينظر إليها على أنها تمثل غاية في حد ذاتها. فهذا الخلط، الذي يجب ألا يحدث بأي حال من الأحوال، هو الذي يتيح للبعض، الفرصة لادعاء النجاح، في حين أن فشلهم يكون ظاهراً لكل ذي عينين.
وهكذا، فإنه حين تقول وزيرة الخارجية إن لدينا تحالفاً، وأن هذا التحالف"ناجح"، فإن ما نراه على أرض الواقع هو أن ذلك التحالف لم، والمؤكد أنه لن، ينجح في تحقيق الغاية التي تم تكوينه بصعوبة بالغة من أجل تحقيقها.
يستطيع المرء أن يجادل فيما إذا ما كنا نحن بمفردنا قادرين على الحيلولة دون وقوع"خيانة لا تغتفر لأجيال المستقبل" على حد تعبير بوش أم لا، بيد أن الشيء الذي لا يجب الجدال بشأنه، هو أن الطريقة التي يمكن لنا بها تطوير استراتيجية لتحقيق ذلك، يجب أن تبدأ بالاعتراف بأن النهج المتعدد يحقق فشلا ًفي الوقت الراهن. فبعد مرور سبعة أعوام ونصف على شجب البرنامج النووي الإيراني، يجد الرئيس الأميركي السيئ الطالع وتحالفه، إنه ليس هناك من سبيل أمامهم سوى الوقوف متفرجين في حين يندفع الإيرانيون بأقصى سرعة نحو خط النهاية. إن الفن من أجل الفن شيء جميل.. أما التعددية من أجل التعددية فهي ليست كذلك بالتأكيد.
" إنها سياسة فاشلة تماماً"... كان هذا هو الوصف الذي أطلقه "باراك أوباما" على السياسة نفسها.
أي الوصفين هو الصحيح؟ الاثنان. فوزيرة الخارجية الأميركية التي شهد مفهومها التعددي ولادة ثانية، واستردت مكانتها في وزارة الخارجية وبين حلفائنا، تستطيع أن تدعي، عن حق، أننا قد نجحنا في تشكيل تحالف ضد إيران. ولكن "أوباما"(الذي لا يقل حماساً عنها تجاه التعددية)، يستطيع هو الآخر أن يدعي أن تحالف "رايس" قد فشل في إبطاء، ناهيك عن إيقاف، الجهود الإيرانية الحثيثة لاستكمال برنامجها النووي، دعم الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط. وهذا التحالف الذي تصفه "رايس" بالفاشل، ويصفه "أوباما" بالناجح، هو في أحسن الأحوال مجموعة من الدول التي"لا تفعل شيئاً حاسماً"، والذي يناور نصف أعضائها على الأقل( ألمانيا، روسيا، والصين) من أجل الحصول على مزايا، ومنافع ذاتية، في تعاملاتهم مع نظام "الملالي" في إيران. فروسيا على سبيل المثال، لا تزال تواصل دعمها لبرنامج إيران النووي، وتقدم الأسلحة المتطورة لها في الوقت نفسه. أما الصين، فهي لا تتورع عن البحث عن صفقات نفطية في أي مكان من أي مصدر، كما تبيع الأسلحة المتقدمة للدول المختلفة. أما رجال الأعمال الألمان، فيملؤون أروقة الفنادق الإيرانية (لا يستطيع المرء أن يجزم صراحة أي شيء يبيعون؟). علاوة على ذلك نجد أن الروس والصينيين، قد أعلنوا بوضوح أنهم لن يدعموا أي عقوبات يرونها شديدة بدرجة يمكن أن يكون لها تأثير حقيقي على إيران. وعلى الرغم من أن المستشارة الألمانية إنجيلا ميركيل كانت صريحة ومباشرة في التنديد بالرئيس الإيراني، فإن كلماتها - شأنها في ذلك شأن كلمات رئيسنا- تحلق عالياً، بينما أفكار حكومتها- وحكومتنا أيضا- تظل قابعة في الأسفل.
من جانبهم، يواصل الإيرانيون الذين لم يردعهم"تحالف رايس المتعدد الناجح" بناء برنامجهم النووي بلا توقف، كما يواصلون تقديم الدعم لحركات الإرهاب والتخريب في أفغانستان، والعراق، ولبنان، وسوريا، وإسرائيل. وملالي إيران ينظرون شزراً عادة إلى نداءات بوش بتكوين تحالف أكبر، وأوسع نطاقاً من القائم حالياً، من مثل تلك التي جاءت في الخطاب الذي ألقاه في الثامن عشر من مايو الماضي، والذي أطلق عليه مسمى خطاب"العالم" لكثرة ورود كلمة"العالم" فيه حيث قال:"إن السماح لرعاة الإرهاب الرئيسيين في العالم، بالحصول على أكثر الأسلحة فتكاً في العالم، سيكون خيانة لا تغتفر لأجيال المستقبل. لذا يجب على العالم وباسم السلام ألا يسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية". بالرغم من تلك النداءات الموجهة لـ "العالم"، فإن إيران تواصل برنامجها النووي.
ويمكن لنا هنا رؤية دروس يمكن لنا الاستفادة منها: فبعد أن تولى بوش منصبه، رفض عدة اتفاقيات سابقة كان قد تم التفاوض بشأنها في عهد الإدارة السابقة، مما أدى إلى ردود فعل غاضبة ومباشرة من داخل أميركا وخارجها، تتهمها بأنها قد تخلت عن التعددية التي شهدتها سنوات كلينتون، وتتبع نهجاً أحادياً متسلطاً أدى إلى إقصاء حلفائها، وتقويض تحالفاتها، التي يعتمد عليها أمنها القومي اعتماداً جوهرياً.
لقد سمعنا الكثير من تلك الانتقادات خلال السبعة أعوام ونصف العام الماضية، ومن المؤكد أننا سنسمع الكثير منها خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخريف القادم.
ومصطلح"التعددية" يشير إلى الاتفاقيات التي تتم بين عدد من الدول، أو تلك التي تحظى بمباركة الأمم المتحدة، أو حلفائنا الأوروبيين، أو الاثنين معاً. ومن الأقوال التي ظلت تتردد بلا توقف طوال السنوات الماضية، أن الخيار التعددي كان متاحاً دائماً، ولكن إدارة بوش هي التي لم تكن لديها الرغبة للأخذ به.
كذلك كان يقال- خطأً- إن الإدارة كانت تفضل العمل بمفردها، لكن هذا التفضيل لم يكن هو المشكلة. فالمشكلة، من وجهة نظري، هي الخلط بين الغايات والوسائل. فالوسائل المستخدمة في مقاربة أي مشكلة - وهو ما يجب أن يفهمه كل من" رايس" و" أوباما" يجب ألا ينظر إليها على أنها تمثل غاية في حد ذاتها. فهذا الخلط، الذي يجب ألا يحدث بأي حال من الأحوال، هو الذي يتيح للبعض، الفرصة لادعاء النجاح، في حين أن فشلهم يكون ظاهراً لكل ذي عينين.
وهكذا، فإنه حين تقول وزيرة الخارجية إن لدينا تحالفاً، وأن هذا التحالف"ناجح"، فإن ما نراه على أرض الواقع هو أن ذلك التحالف لم، والمؤكد أنه لن، ينجح في تحقيق الغاية التي تم تكوينه بصعوبة بالغة من أجل تحقيقها.
يستطيع المرء أن يجادل فيما إذا ما كنا نحن بمفردنا قادرين على الحيلولة دون وقوع"خيانة لا تغتفر لأجيال المستقبل" على حد تعبير بوش أم لا، بيد أن الشيء الذي لا يجب الجدال بشأنه، هو أن الطريقة التي يمكن لنا بها تطوير استراتيجية لتحقيق ذلك، يجب أن تبدأ بالاعتراف بأن النهج المتعدد يحقق فشلا ًفي الوقت الراهن. فبعد مرور سبعة أعوام ونصف على شجب البرنامج النووي الإيراني، يجد الرئيس الأميركي السيئ الطالع وتحالفه، إنه ليس هناك من سبيل أمامهم سوى الوقوف متفرجين في حين يندفع الإيرانيون بأقصى سرعة نحو خط النهاية. إن الفن من أجل الفن شيء جميل.. أما التعددية من أجل التعددية فهي ليست كذلك بالتأكيد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق