الخبير الهولندي الدولي رسّم حدودها وهويتها لا تزال سورية في انتظار الوثائق من دمشق
شبعا العالقة بين هاجس المؤامرة على السلاح والرغبة في انهائه
خبراء يعتبرون وضع المزارع تحت المظلة الدولية لا يتعارض والسيادة وحزب الله يرفض
المعارضة: واشنطن اثارت المزارع حتى يُتاح شطب "المقاومة" من بيان الحكومة
شبعا العالقة بين هاجس المؤامرة على السلاح والرغبة في انهائه
خبراء يعتبرون وضع المزارع تحت المظلة الدولية لا يتعارض والسيادة وحزب الله يرفض
المعارضة: واشنطن اثارت المزارع حتى يُتاح شطب "المقاومة" من بيان الحكومة
طلال عساف
في الطبقة السادسة والعشرين من المبنى الزجاجي الاممي في نيويورك، تقبع الخرائط الجغرافية الممهورة بتواقيع لبنانية وإسرائيلية وسورية التي جعلت الامم المتحدة تعتبر مزارع شبعا سورية، في انتظار الوثائق الدمشقية التي تعيدها الى السيادة اللبنانية.
آخر مجهودات المنظمة الدولية، التحديد الطبوغرافي الذي انهاه قبل اسبوع ونيف خبير الخرائط الهولندي في مكتب الأمين العام، وحدد بموجبه حدود المزارع شبعا، بحيث تبدأ بانعطاف الخط الفرنسي للعام 1920 الذي يقع جنوب قرية المجيدية، وتكمل في اتجاه الجنوب الشرقي على طول مغر شبعا حتى تصل إلى خط وادي العسل، ثم تتبع خط الوادي في الشمال الشرقي وصولا إلى قمة الجبل شمال مزرعة برختا، وتتصل من جديد بالخط الفرنسي.
لحظ خطاب القسم للرئيس العماد ميشال سليمان قضية مزارع شبعا، فأبرز "انّ بقاء مزارع شبعا تحت الاحتلال، ومواصلة العدو لتهديداته وخروقاته للسيادة، يحتم علينا استراتيجيا دفاعية تحمي الوطن، متلازمة مع حوار هادئ لاستفادة من طاقات المقاومة، خدمة لهذه الاستراتيجيا. فلا تستهلك انجازاتها في صراعات داخلية ونحفظ بالتالي قيمها وموقعها الوطني".
منذ انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان في العام 2000، ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا قضية عالقة محليا واقليميا ودوليا، لأن هوية تلك المزارع علقت بين مصالح الدول والتكتيك السياسي لبعض منها، فلم تحدد مرجعية تلك الاراضي بين لبنان وسوريا على الرغم من مطالبة الامم المتحدة المتكررة باثبات هويتها النهائية. ولأن هذه القضية المحورية التي كانت لتشكل حلا لجزء من الازمة اللبنانية، ولأن المجتمع العربي والدولي تجاهلها لفترة طويلة، كأنه بحث عن الحل في مكان آخر، جاءت اثارة هذه المسألة في الوقت الراهن ومع بداية العهد الرئاسي الجديد لتطرح تساؤلات عدة عن التوقيت والهدف والاسباب.
في الواقعية التأريخية، يشير احد المتابعين من الخبراء الجيو - سياسيين الى ان مزارع شبعا تتبع، في التصنيف الرسمي للامم المتحد،ة للاراضي السورية، وفقا للخريطة التي وقعها الجانبين اللبناني والسوري والمودعة في ارشيف المنظمة الدولية منذ منتصف الاربعينات من القرن الفائت. ومذاك وعلى الرغم من الوثائق اللبنانية التي تقدم بها لبنان الى الامم المتحدة اثباتا لملكيته للمزارع، فإنّ الوثيقة السورية بقيت الوحيدة المطلوبة لانهاء الجدل حول هذه القضية، وتاليا لشمولها بالقرارات الدولية التي تقضي بانهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي اللبنانية.
ويشير الى ان سوريا لم تتجاوب مع نداءات الامم المتحدة واكتفت بالتصاريح الشفوية او التذرع بالاحتلال الاسرائيلي الذي يمنع ترسيم الحدود مع لبنان، علما ان التحديد يمكن ان يتم على الخرائط.
بقي العامل السياسي والتخطيط الاستراتيجي الوسيلة لتحقيق الهدف الذي يحدده محللون كثر تحت عنوان "بقاء تلك المزارع مطية لإستمرار المقاومة وعدم انهاء الصراع بين لبنان واسرائيل".
يشدد احد الخبراء على ان "المسألة الاساسية في موضوع مزارع شبعا هو تأكيد هويتها اللبنانية وبعد ذلك انسحاب اسرائيل منها وادخالها دائرة عمليات القوة الدولية المعززة (اليونيفيل)". ويشير الى ان هناك وسائل اثبات عدة، منها الاستناد الى القانون الدولي لتأكيد هذه الهوية ومنها الاتكاء على محاضر وقّعها الجانبان اللبناني والسوري فضلا عن سجلات الاحوال الشخصية والعقارية وحتى السياسية والادارية كلها تؤكد هذه الهوية اللبنانية لثلاث عشرة مزرعة من أصل أربع عشرة. ويعتبر أن الهمّ الاساسي بعد تأكيد الهوية هو إزالة الاحتلال. ويطرح لهذه الغاية ان تنسحب اسرائيل من هذه المزارع وان تدخل دائرة عمليات "اليونيفيل"، (لأن دائرة العمليات هذه لم تتحقق في السابق بسبب تداخل دائرتي عمليات "اليونيفيل" و"الاندوف" - قوات الفصل في الجولان)، ومن ثم الانتقال الى وضع هذه المنطقة تحت السيادة اللبنانية، بما في ذلك تلال كفرشوبا، لأنها في الاصل تقع في دائرة عمليات "اليونيفيل" ورفضت اسرائيل التسليم بذلك. ويرى ان وضع المزارع بعد الانسحاب في عهدة الامم المتحدة عبر "اليونيفيل" لا يتعارض مع السيادة اللبنانية باعتبار الى وجود "اليونيفيل" او أي قوة اخرى يتم بموافقة الدولة في دائرة العمليات وفي الفترة الزمنية لذلك.
الا ان خبيرا آخر يعتبر الوصاية الدولية على مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، عبارة مطاطة تعني الانزلاق الى هاوية سحب السيادة عن المزارع وفرض غمامة حول هويتها، وتاليا ربط امرها بترسيم الحدود بين لبنان وسوريا واسرائيل بإشراف الامم المتحدة. ويعتبر انه من غير الجائز تطبيق مفهوم الوصاية الدولية على المزارع باعتبار انها منطقة تحت السيادة اللبنانية في الاصل، وهي ضمن الاحتلال الاسرائيلي. ومن المعروف في القانون الدولي ان الاحتلال لا يلغي سيادة هذه الارض التي تكون على اساس انها تحت سيطرة الدولة الام.
وهذا الموقف يتبناه "حزب الله" كليا، وصرح قياديوه مرات عدة انهم يرفضون اي سيادة على المزلااع سوى السيادة اللبنانية.
المزارع لإنهاء الذريعة
لكن ما الذي تبدل اليوم، حتى تتصدر قضية مزارع شبعا الاهتمام الدولي، اضافة طبعا الى الاهتمام المحلي؟ وما الذي دفع الى اثارة هذه القضية في هذا التوقيت الذي يحفل بأكثر من ظرف ويحمل اكثر من دلالة؟
يرى بعض المراقبين ان التداول في موضوع المزارع في هذا التوقيت بالذات "مغلف بخلفية سياسية لسحب ونزع وإنهاء آخر الذرائع المعلنة للمقاومة، وتاليا التمهيد الى انحسار دورها وانخراط سلاحها من ضمن استراتيجيا دفاعية رسمية للدولة اللبنانية ككل، وفق ما جاء في خطاب القسم الرئاسي. ويربطون هذه المسألة بالمفاوضات الاسرائيلية- السورية غير المباشرة الجارية راهنا على قدم وساق عبر الوسيط التركي والمرشحة الى ان تتحول مفاوضات مباشرة بين الدولتين. وقد يكون اللقاء الاول بين الرئيس السوري بشار الاسد ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت في احتفالات الراع عشر من تموز (يوليو) في باريس او في القمة من اجل المتوسط التي تستضيفها العاصمة الفرنسية ايضا.
ويعود هؤلاء الى احداث السابع من ايار (مايو) الفائت و"انزلاق المقاومة الى الصراع والقتال في شوارع بيروت والجبل، وفقدانها صبغة المقاومة الوطنية مع ما رافق هذه الاحداث من تحليلات عن كيفية انطلاقة الشرارة، وكيف وقع فريقا "حزب الله" والموالاة في هذا المأزق ومن قد يكون وراء ذلك ممن قوى اقليمية او دولية".
ويربط هؤلاء الحديث عن وثائق سورية لاثبات لبنانية مزارع شبعا، قد تكون في عداد الوثائق الجديدة التي تحدث عنها الرئيس سليمان، بالسياسة السورية الجديدة المترافقة مع المفاوضات مع اسرائيل لاسترجاع هضبة الجولان مقابل تحقيق السلام بين "دولة الممانعة والصمود والممانعة" و"العدو السرمدي – الازلي" (الى ان يُزال!). ويقولون ان سوريا تحاول تقديم اوراق رابحة امتلكتها لفترة من الزمن، وهي في حال أسهمت في اثبات لبنانية مزارع شبعا في هذا التوقيت تكون قد ساعدت في تلبية رغبة المجتمع الدولي في وضع المزارع تحت اشراف الامم المتحدة وادخالها ضمن نطاق عمل القوة الدولية المعززة في الجنوب (اليونيفيل)، وتكون النتيجة الاهم لكل ذلك سحب الورقة التي يتمسك بها "حزب الله" لاستمرار المقاومة وتوسعها بشكل مستقل تماما عن الدولة لا بل على حسابها".
بين الحكومة المعلَّقة وشبعا
في الموازاة، تعتبر قوى في المعارضة ان اثارة المزارع مرتبط بخلفية اميركية واضحة. فوزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ربطت في زيارتها المفاجئة لبيروت القضايا الاقليمية بملف الازمة اللبنانية بكل تشعباتها، خصوصا لجهة طرحها مسألة مزارع شبعا، وهو ما كان مدار بحث في لقاء الوزيرة الاميركية مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بعد يومين من زيارة المسؤولة الاميركية واعطائه الضوء الاخضر لكي يضمن تقريره المقبل عن تطبيق القرار 1701 ان المزارع لبنانية بشكل واضح وصريح، على قاعدة ربط الانسحاب الاسرائيلي بأمرين: الاول يتعلق بالمطلب الاسرائيلي توقيع لبنان اتفاقية معه، والثاني سحب سلاح المقاومة لانتفاء المبرر الذي هو الاحتلال.
وتشير الى ان اخلاء اسرائيل الاراضي اللبنانية المحتلة لن يغير في ضرورة لبنان وحاجته الى المقاومة. وتلفت الى ان طرح مزارع شبعا في هذا التوقيت ليس بعيدا عن استئخار ولادة حكومة الوحدة الوطنية، في انتظار ما سيؤول اليه ملف المزارع المطروح دوليا واقليميا، خصوصا ان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة فؤاد السنيورة لا يزال يؤكد انه غير ملزم تحديد موعد لاعلان هذه الولادة.
وتعتبر ان الهدف الابعد من المزارع (واستطرادا تبادل الاسرى) هو فرض اغفال اي ذكر للمقاومة وسلاحها في البيان الوزاري للحكومة المعلق تشكيلها. لذلك طلبت رايس تعليق موضوع الحكومة حتى الخامس والعشرين من تموز (يوليو) في كمين واضح من اجل نزع كلمة مقاومة من البيان الوزاري.
مؤامرة السلاح على السلاح
ويذهب مصدر في المعارضة الى حد الحديث عن زيارات اميركية لجهات لبنانية مع مسؤولين كبار في وزارة الخارجية الاميركية عادوا والتقوا بدورهم الوزيرة رايس اربع مرات منذ أواخر نيسان (ابريل) الفائت في اجتماعات حصرت في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة.
ويقول ان هذه الجهات اللبنانية كثفت اتصالاتها بواشنطن بعد الأحداث الأخيرة في بيروت في أيار (مايو) الفائت، وعقد آخر لقاء سري بين ممثلي هذه الجهات وأحد مساعدي رايس في عاصمة شرق اوسطية في حضور اثنين من موظفي دائرة التخطيط في وزارة الدفاع الاميركية، اضافة الى ممثل عن الجانب الاسرائيلي. وفي هذا الاجتماع وضع المسؤول الاميركي الخطط الرئيسية المتعلقة بمزارع شبعا وتم تقديمها الى رايس.
ويرى أن من بين مرامي هذه الاتصالات فتح الطريق أمام الحكومة اللبنانية لوضع ترتيب معين للسلاح خارج اطار المؤسسات العسكرية والامنية، وتحديدا سلاح حزب الله، وفي الوقت ذاته تنفيذ برامج معدة سلفا لتسليح الجيش اللبناني. وتأتي في هذا الاطار صفقة الـ 450 مليون دولار والمتوقع انجازها قريبا على الرغم من معارضة اسرائيلية شديدة.
ويروي أن الاتصالات التي دعت اليها اسرائيل وأعلنتها اخيرا الولايات المتحدة الاميركية في شأن المزارع ليست بجديدة، فبعد انتهاء الحرب الاسرائيلية في تموز (يوليو) 2006، طرحت عاصمة اوروبية على الحكومة اللبنانية واسرائيل اقتراحا بإدارة مفاوضات على اراضيها حول المزارع في اتجاه اقفال نهائي لهذا الملف بهدف سحب أي ورقة وذريعة لإستمرار العمل العسكري – المسلح لـ "حزب الله"، الا أن عدم استقرار الوضع اللبناني منع أي تقدم في مساعي هذه العاصمة. كذلك لم تكن اسرائيل آنذاك معنية بالحديث عن أي اتصالات سياسية مع لبنان في ظل انشغالها بترميم انعكاسات حرب تموز (يوليو)، علما ان عددا من العواصم العربية ابدت في حينه دعمها لمبادرة هذه العاصمة الاوروبية.
آخر مجهودات المنظمة الدولية، التحديد الطبوغرافي الذي انهاه قبل اسبوع ونيف خبير الخرائط الهولندي في مكتب الأمين العام، وحدد بموجبه حدود المزارع شبعا، بحيث تبدأ بانعطاف الخط الفرنسي للعام 1920 الذي يقع جنوب قرية المجيدية، وتكمل في اتجاه الجنوب الشرقي على طول مغر شبعا حتى تصل إلى خط وادي العسل، ثم تتبع خط الوادي في الشمال الشرقي وصولا إلى قمة الجبل شمال مزرعة برختا، وتتصل من جديد بالخط الفرنسي.
لحظ خطاب القسم للرئيس العماد ميشال سليمان قضية مزارع شبعا، فأبرز "انّ بقاء مزارع شبعا تحت الاحتلال، ومواصلة العدو لتهديداته وخروقاته للسيادة، يحتم علينا استراتيجيا دفاعية تحمي الوطن، متلازمة مع حوار هادئ لاستفادة من طاقات المقاومة، خدمة لهذه الاستراتيجيا. فلا تستهلك انجازاتها في صراعات داخلية ونحفظ بالتالي قيمها وموقعها الوطني".
منذ انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان في العام 2000، ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا قضية عالقة محليا واقليميا ودوليا، لأن هوية تلك المزارع علقت بين مصالح الدول والتكتيك السياسي لبعض منها، فلم تحدد مرجعية تلك الاراضي بين لبنان وسوريا على الرغم من مطالبة الامم المتحدة المتكررة باثبات هويتها النهائية. ولأن هذه القضية المحورية التي كانت لتشكل حلا لجزء من الازمة اللبنانية، ولأن المجتمع العربي والدولي تجاهلها لفترة طويلة، كأنه بحث عن الحل في مكان آخر، جاءت اثارة هذه المسألة في الوقت الراهن ومع بداية العهد الرئاسي الجديد لتطرح تساؤلات عدة عن التوقيت والهدف والاسباب.
في الواقعية التأريخية، يشير احد المتابعين من الخبراء الجيو - سياسيين الى ان مزارع شبعا تتبع، في التصنيف الرسمي للامم المتحد،ة للاراضي السورية، وفقا للخريطة التي وقعها الجانبين اللبناني والسوري والمودعة في ارشيف المنظمة الدولية منذ منتصف الاربعينات من القرن الفائت. ومذاك وعلى الرغم من الوثائق اللبنانية التي تقدم بها لبنان الى الامم المتحدة اثباتا لملكيته للمزارع، فإنّ الوثيقة السورية بقيت الوحيدة المطلوبة لانهاء الجدل حول هذه القضية، وتاليا لشمولها بالقرارات الدولية التي تقضي بانهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي اللبنانية.
ويشير الى ان سوريا لم تتجاوب مع نداءات الامم المتحدة واكتفت بالتصاريح الشفوية او التذرع بالاحتلال الاسرائيلي الذي يمنع ترسيم الحدود مع لبنان، علما ان التحديد يمكن ان يتم على الخرائط.
بقي العامل السياسي والتخطيط الاستراتيجي الوسيلة لتحقيق الهدف الذي يحدده محللون كثر تحت عنوان "بقاء تلك المزارع مطية لإستمرار المقاومة وعدم انهاء الصراع بين لبنان واسرائيل".
يشدد احد الخبراء على ان "المسألة الاساسية في موضوع مزارع شبعا هو تأكيد هويتها اللبنانية وبعد ذلك انسحاب اسرائيل منها وادخالها دائرة عمليات القوة الدولية المعززة (اليونيفيل)". ويشير الى ان هناك وسائل اثبات عدة، منها الاستناد الى القانون الدولي لتأكيد هذه الهوية ومنها الاتكاء على محاضر وقّعها الجانبان اللبناني والسوري فضلا عن سجلات الاحوال الشخصية والعقارية وحتى السياسية والادارية كلها تؤكد هذه الهوية اللبنانية لثلاث عشرة مزرعة من أصل أربع عشرة. ويعتبر أن الهمّ الاساسي بعد تأكيد الهوية هو إزالة الاحتلال. ويطرح لهذه الغاية ان تنسحب اسرائيل من هذه المزارع وان تدخل دائرة عمليات "اليونيفيل"، (لأن دائرة العمليات هذه لم تتحقق في السابق بسبب تداخل دائرتي عمليات "اليونيفيل" و"الاندوف" - قوات الفصل في الجولان)، ومن ثم الانتقال الى وضع هذه المنطقة تحت السيادة اللبنانية، بما في ذلك تلال كفرشوبا، لأنها في الاصل تقع في دائرة عمليات "اليونيفيل" ورفضت اسرائيل التسليم بذلك. ويرى ان وضع المزارع بعد الانسحاب في عهدة الامم المتحدة عبر "اليونيفيل" لا يتعارض مع السيادة اللبنانية باعتبار الى وجود "اليونيفيل" او أي قوة اخرى يتم بموافقة الدولة في دائرة العمليات وفي الفترة الزمنية لذلك.
الا ان خبيرا آخر يعتبر الوصاية الدولية على مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، عبارة مطاطة تعني الانزلاق الى هاوية سحب السيادة عن المزارع وفرض غمامة حول هويتها، وتاليا ربط امرها بترسيم الحدود بين لبنان وسوريا واسرائيل بإشراف الامم المتحدة. ويعتبر انه من غير الجائز تطبيق مفهوم الوصاية الدولية على المزارع باعتبار انها منطقة تحت السيادة اللبنانية في الاصل، وهي ضمن الاحتلال الاسرائيلي. ومن المعروف في القانون الدولي ان الاحتلال لا يلغي سيادة هذه الارض التي تكون على اساس انها تحت سيطرة الدولة الام.
وهذا الموقف يتبناه "حزب الله" كليا، وصرح قياديوه مرات عدة انهم يرفضون اي سيادة على المزلااع سوى السيادة اللبنانية.
المزارع لإنهاء الذريعة
لكن ما الذي تبدل اليوم، حتى تتصدر قضية مزارع شبعا الاهتمام الدولي، اضافة طبعا الى الاهتمام المحلي؟ وما الذي دفع الى اثارة هذه القضية في هذا التوقيت الذي يحفل بأكثر من ظرف ويحمل اكثر من دلالة؟
يرى بعض المراقبين ان التداول في موضوع المزارع في هذا التوقيت بالذات "مغلف بخلفية سياسية لسحب ونزع وإنهاء آخر الذرائع المعلنة للمقاومة، وتاليا التمهيد الى انحسار دورها وانخراط سلاحها من ضمن استراتيجيا دفاعية رسمية للدولة اللبنانية ككل، وفق ما جاء في خطاب القسم الرئاسي. ويربطون هذه المسألة بالمفاوضات الاسرائيلية- السورية غير المباشرة الجارية راهنا على قدم وساق عبر الوسيط التركي والمرشحة الى ان تتحول مفاوضات مباشرة بين الدولتين. وقد يكون اللقاء الاول بين الرئيس السوري بشار الاسد ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت في احتفالات الراع عشر من تموز (يوليو) في باريس او في القمة من اجل المتوسط التي تستضيفها العاصمة الفرنسية ايضا.
ويعود هؤلاء الى احداث السابع من ايار (مايو) الفائت و"انزلاق المقاومة الى الصراع والقتال في شوارع بيروت والجبل، وفقدانها صبغة المقاومة الوطنية مع ما رافق هذه الاحداث من تحليلات عن كيفية انطلاقة الشرارة، وكيف وقع فريقا "حزب الله" والموالاة في هذا المأزق ومن قد يكون وراء ذلك ممن قوى اقليمية او دولية".
ويربط هؤلاء الحديث عن وثائق سورية لاثبات لبنانية مزارع شبعا، قد تكون في عداد الوثائق الجديدة التي تحدث عنها الرئيس سليمان، بالسياسة السورية الجديدة المترافقة مع المفاوضات مع اسرائيل لاسترجاع هضبة الجولان مقابل تحقيق السلام بين "دولة الممانعة والصمود والممانعة" و"العدو السرمدي – الازلي" (الى ان يُزال!). ويقولون ان سوريا تحاول تقديم اوراق رابحة امتلكتها لفترة من الزمن، وهي في حال أسهمت في اثبات لبنانية مزارع شبعا في هذا التوقيت تكون قد ساعدت في تلبية رغبة المجتمع الدولي في وضع المزارع تحت اشراف الامم المتحدة وادخالها ضمن نطاق عمل القوة الدولية المعززة في الجنوب (اليونيفيل)، وتكون النتيجة الاهم لكل ذلك سحب الورقة التي يتمسك بها "حزب الله" لاستمرار المقاومة وتوسعها بشكل مستقل تماما عن الدولة لا بل على حسابها".
بين الحكومة المعلَّقة وشبعا
في الموازاة، تعتبر قوى في المعارضة ان اثارة المزارع مرتبط بخلفية اميركية واضحة. فوزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ربطت في زيارتها المفاجئة لبيروت القضايا الاقليمية بملف الازمة اللبنانية بكل تشعباتها، خصوصا لجهة طرحها مسألة مزارع شبعا، وهو ما كان مدار بحث في لقاء الوزيرة الاميركية مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بعد يومين من زيارة المسؤولة الاميركية واعطائه الضوء الاخضر لكي يضمن تقريره المقبل عن تطبيق القرار 1701 ان المزارع لبنانية بشكل واضح وصريح، على قاعدة ربط الانسحاب الاسرائيلي بأمرين: الاول يتعلق بالمطلب الاسرائيلي توقيع لبنان اتفاقية معه، والثاني سحب سلاح المقاومة لانتفاء المبرر الذي هو الاحتلال.
وتشير الى ان اخلاء اسرائيل الاراضي اللبنانية المحتلة لن يغير في ضرورة لبنان وحاجته الى المقاومة. وتلفت الى ان طرح مزارع شبعا في هذا التوقيت ليس بعيدا عن استئخار ولادة حكومة الوحدة الوطنية، في انتظار ما سيؤول اليه ملف المزارع المطروح دوليا واقليميا، خصوصا ان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة فؤاد السنيورة لا يزال يؤكد انه غير ملزم تحديد موعد لاعلان هذه الولادة.
وتعتبر ان الهدف الابعد من المزارع (واستطرادا تبادل الاسرى) هو فرض اغفال اي ذكر للمقاومة وسلاحها في البيان الوزاري للحكومة المعلق تشكيلها. لذلك طلبت رايس تعليق موضوع الحكومة حتى الخامس والعشرين من تموز (يوليو) في كمين واضح من اجل نزع كلمة مقاومة من البيان الوزاري.
مؤامرة السلاح على السلاح
ويذهب مصدر في المعارضة الى حد الحديث عن زيارات اميركية لجهات لبنانية مع مسؤولين كبار في وزارة الخارجية الاميركية عادوا والتقوا بدورهم الوزيرة رايس اربع مرات منذ أواخر نيسان (ابريل) الفائت في اجتماعات حصرت في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة.
ويقول ان هذه الجهات اللبنانية كثفت اتصالاتها بواشنطن بعد الأحداث الأخيرة في بيروت في أيار (مايو) الفائت، وعقد آخر لقاء سري بين ممثلي هذه الجهات وأحد مساعدي رايس في عاصمة شرق اوسطية في حضور اثنين من موظفي دائرة التخطيط في وزارة الدفاع الاميركية، اضافة الى ممثل عن الجانب الاسرائيلي. وفي هذا الاجتماع وضع المسؤول الاميركي الخطط الرئيسية المتعلقة بمزارع شبعا وتم تقديمها الى رايس.
ويرى أن من بين مرامي هذه الاتصالات فتح الطريق أمام الحكومة اللبنانية لوضع ترتيب معين للسلاح خارج اطار المؤسسات العسكرية والامنية، وتحديدا سلاح حزب الله، وفي الوقت ذاته تنفيذ برامج معدة سلفا لتسليح الجيش اللبناني. وتأتي في هذا الاطار صفقة الـ 450 مليون دولار والمتوقع انجازها قريبا على الرغم من معارضة اسرائيلية شديدة.
ويروي أن الاتصالات التي دعت اليها اسرائيل وأعلنتها اخيرا الولايات المتحدة الاميركية في شأن المزارع ليست بجديدة، فبعد انتهاء الحرب الاسرائيلية في تموز (يوليو) 2006، طرحت عاصمة اوروبية على الحكومة اللبنانية واسرائيل اقتراحا بإدارة مفاوضات على اراضيها حول المزارع في اتجاه اقفال نهائي لهذا الملف بهدف سحب أي ورقة وذريعة لإستمرار العمل العسكري – المسلح لـ "حزب الله"، الا أن عدم استقرار الوضع اللبناني منع أي تقدم في مساعي هذه العاصمة. كذلك لم تكن اسرائيل آنذاك معنية بالحديث عن أي اتصالات سياسية مع لبنان في ظل انشغالها بترميم انعكاسات حرب تموز (يوليو)، علما ان عددا من العواصم العربية ابدت في حينه دعمها لمبادرة هذه العاصمة الاوروبية.
ينشر في "الاسبوع العربي"
في 30/6/2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق