الاثنين، 9 يونيو 2008

لمجمل هذه الاسباب زكى الحريري والغالبية السنيورة لرئاسة الحكومة

Sphere: Related Content
2/6/2008
من بينها خطاب نصر الله والتفرغ الى الانتخابات وزيارة دمشق والحوادث المستمرة في بيروت
لمجمل هذه الاسباب زكى الحريري والغالبية السنيورة لرئاسة الحكومة

اوساط الحريري: أرادته المعارضة في رئاسة الحكومة لإنتزاع براءة ذمة لها
المعارضة: السنيورة نقطة ضعف للموالاة لأنه بات شخصية غير شعبية


اقفل عهد ميشال سليمان اسبوعه الثاني، على كثير من التفاؤل .. والاشكالات في آن واحد. ذلك ان الحراجة السياسية والتحديات الامنية، معطوفة على التردي الاقتصادي والاجتماعي، تزداد بإطراد بفعل تغييب المعالجات الحكومية الجدية لاكثر من عقد عاش فيه لبنان على المسكنات والتسويات باهظة الثمن، التي لم تأت سوى بمزيد من التعقيدات والتراكمات التصاعدية الانحرافية. لذا يبقى العمل الحكومي في دائرة بالغة من الصعوبة.

لم يكن مفاجئا للمتابعين تزكية قوى الغالبية فؤاد السنيورة لترؤس الحكومة الاولى في العهد الجديد، على الرغم من كل الغبار الذي اثير يمنة ويسرة حول هذا الترشيح. ذلك ان التداول في اسمه ليس عائدا الى ايام خلت، بل كان القرار شبه محسوم منذ ان ارسى فريقا الازمة قواعد "صلح الدوحة".
وتؤكد اوساط في قوى الغالبية ان السبب الاول الذي دفع رئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري الى اتخاذ قراره عدم ترؤس أولى حكومات العهد، "يعود الى الجرح العميق الذي تركته فيه احداث بيروت.
وتنقل عن الحريري: "يريدون أن أترأس حكومة؟ لا. هم كانوا يوجهون الدعوة إليّ من أجل إعطاء براءة ذمة لمن اقترفوا الجريمة في حق أبناء العاصمة وسائر أرجاء لبنان، وهذا ما لن أفعله. ثمة من يعتبر ان ما حصل قد حصل، ويجب أن نقلب الصفحة. أما أنا فأقول إن ما حصل قد حصل ويجب ألا يغيب لوهلة عن ضمائرنا وعقولنا".
وتشير الى ان العنصر الحاسم في قرار الحريري تزكية ترشيح السنيورة كان خطاب الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله واستمرار الحوادث الامنية في بيروت والتي يتهم هذا الفريق "عناصر منظمة من "حزب لله" بإفتعالها". وبذلك بات الحريري على يقين ان الحرب عليه "لن تكون في مواجهته" على طاولة مجلس الوزراء، "فهذه سهلة ويمكن حلها بالتي هي أحسن"، إنما "بإستمرار التعدي على ابناء العاصمة" وجعل الحريري شاهدا صامتا على هذه التجاوزات بإعتباره "مقيّدا بواجبات رئيس حكومة كل لبنان"، في حين أن "أي عمل مشين في حق أبناء بيروت، وهو خارج الحكم، يُتيح له أن يرفع الصوت متهما بكل وضوح الجهات المحلية والإقليمية التي تخطط له او تقف وراءه".
ويفطن الحريري الى ان من موجبات رئاسة "حكومة كل لبنان" ان يجد نفسه ملزما زيارة دمشق، على خلفية العلاقة اللبنانية – السورية وفي ضوء كلام على رغبة القيادة السورية بالبحث في بدء علاقات ثنائية دبلوماسية. وهذا امر في عُرْف الحريري ووجدانه لم ينضج او يحن اوانه بعد في انتظار اكتمال عناصر ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
خطاب السيد زكّى
وثمة من المراقبين من يقول ان المعادلة التي طرحها السيد نصرالله في خطاب السادس والعشرين من ايار (مايو) انطلاقا من المواءمة بين المقاومة والإعمار والاستثمارات والتي قال ان الرئيس الحريري مارسها كنموذج تعايشت فيه المقاومة مع الدولة، لعبت دوراً رئيساً في قرار رئيس تيار "المستقبل" الامتناع عن تولي منصب رئاسة الحكومة.
وينقل المراقبون عن قريبين من الحريري جزمهم أن خطاب نصرالله هو الذي زكى خيار السنيورة. وفي اعتقاد هؤلاء ان خطاب الامين العام دليل على ان "المعارضة تتمسك بمواقفها على بعد أقل من سنة على الانتخابات النيابية، وتستهدف إنهاك الحريري في رئاسة الحكومة لإضعافه، فيما ترمي قوى الرابع عشر من آذار (مارس) الى الحفاظ على هذه الغالبية، والسنيورة يشكل خط دفاع أول يتلقى صدمات المعارضة بهذا المعنى وهو أثبت كفاية عالية في إدارة الصراع في المرحلة السابقة".
وكان اجتماع الأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار (مارس) ليل الثلاثاء في السابع والعشرين من ايار (مايو)، الذي خلص الى تسمية السنيورة لرئاسة الحكومة، افتتحه الحريري بإعلانه هذا الترشيح. وقال إن تولّيه شخصيا رئاسة الحكومة سيؤدّي إلى انشغاله عن خوض المعركة الانتخابيّة، وسيفتح الباب أمام هجوم سياسي عليه من باب استغلال رئاسة الحكومة في الجولات على المناطق. وردّ موقفه الى ثلاثة أسباب: انشغاله بترميم الوضع السنّي ومعالجة تداعيات ما حصل في بيروت، وإشراف الحكومة على الانتخابات النيابية، وهو ما سيحتاج إلى جهد وخبرة كبيرين، إضافة إلى نيّته خوض هذه الانتخابات وثقته الكبيرة في أن السنيورة قادر على مواجهة التحديات.
لماذا السنيورة؟
ويقول ديبلوماسي غربي في بيروت ان خيار السنيورة "لا ينم عن نية لدى قوى الغالبية في استئناف المواجهة مع قوى المعارضة أو استفزازها، إنما بسبب مستقبل العلاقة مع دمشق". ويعتقد ان الوضع اللبناني "هش جدا على الرغم من اتفاق الدوحة، ويحتاج إلى تحصين واحتضان إقليمي ودولي، وان تحصينا من هذا النوع لا ينجز في ظل بقاء العلاقة بين بيروت ودمشق على ما هي عليه راهنا". ويلاحظ أن السنيورة، "على الرغم من كل ما قاله في دمشق وعنها، ظل يحافظ دوما على لغة ديبلوماسية، ولم ينطق بشتيمة أو اتهام شخصي ضد القيادة السورية ورئيسها، حتى في كل ما يتعلق بملف إغتيال الحريري، ولم يصل إلى نقطة اللاعودة كما فعل رموز في قوى الرابع عشر من آذار (مارس)، وجّهت اتهامات سياسية وأمنية وشخصية الى النظام والى رئيسه بالاسم. واستطرادا من غير الممكن او المنطقي أن يذهب الحريري إلى دمشق ويجلس إلى يمين الرئيس السوري بشار الاسد، قبل جلاء التحقيق الدولي".
ويرى الديبلوماسي ان خيار السنيورة كان الافضل، نظرا الى ان المرحلة الآتية الممتدة حتى الانتخابات النيابية في ربيع السنة 2009، هي انتقالية وأفضل من يقوم بها هو السنيورة بالنظر الى معرفته بالملفات التي يجب معالجتها في خلال هذه الفترة. كما ان أيا من الشخصيات السنية الأخرى، التي من شأنها ان تشكل خيارا ثالثا غير مستعدة راهنا لترؤس حكومة ذات طابع انتقالي عمرها الافتراضي 10 اشهر، في حين لا يتجاوز عمرها الفعلي نصف سنة.
"المستقبل" بين الخيارين
في المقابل، يقول مراقب سياسي أن الجميع، موالاة ومعارضة، كانوا يعرفون في الدوحة أن السنيورة عائد الى رئاسة الحكومة بعد انتخاب رئيس الجمهورية، لأن الجانب القطري الذي رعى وجامعة الدول العربية هذا الحوار، عبّر صراحة عن الرغبة في بقاء السنيورة رئيساً للحكومة، في ظل ترجيح اميركي واوروبي وعربي.
ويشير الى ان الرغبة الشخصية لنواب كتلة "المستقبل" عندما اجتمعوا في دارة الحريري في قريطم جمحت لمصلحة تولي رئيسها رئاسة الحكومة. لكنها طوتها أسباب ومبررات تراكمت لدى هؤلاء في ضوء النقاش في قريطم والمشاورات التي اجريت قبل الاجتماع، فكان ان زُكّي خيار السنيورة.
ويلفت المراقب الى ان القرار في شأن ترشح الحريري تجاذبه في "المستقبل" تياران:
-جناح رأى ان من شأن ترؤس الحريري حكومة الوحدة الوطنية تعزيز موقفه في الانتخابات النيابية المقبلة، لأن ترؤسه السلطة التنفيذية سيتيح له تحصين المقومات التي تدعم موقعه الانتخابي. كما سيجعله على تماس ايجابي مباشر مع فريق المعارضة انسجاماً والروحية التوافقية التي انتجها "صلح الدوحة". وبذلك يستطيع الحريري تحصين زعامته السنية وتكريس زعامة وطنية، تماماً كما كانت زعامة والده. ومن الطبيعي أن تفتح هذه الزعامة عودة مظفرة الى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات النيابية.
-فيما رجّح جناح ثان خيار السنيورة، انطلاقا من:
أ-ان تولي الحريري رئاسة الحكومة في موسم الانتخابات النيابية قد ينعكس سلبا، لأنه سيكون عرضة الى النقد والتجريح، وقد لا يمكنه من العودة الى الندوة النيابية بكتلة كبيرة، وعلى الاقل بكتلته الحالية التي تضم 34 نائباً. لذا من الافضل الانصراف الى حملته الانتخابية مستدركا الاخطاء والثغرات، ومستفيداً من تعاطف الجمهور.
ب-ان إعادة ترشيح السنيورة ينطوي على شيء من استعادة زمام المبادرة في وضع اتفاق الدوحة موضع التنفيذ من خلال آلية تقطع الطريق على قوى المعارضة الى المضي في استثمار مضمون الاتفاق لمصلحتها انطلاقا مما اعتبرته انتصارا بحصولها على مطلبها التقليدي بالثلث المعطل وعلى تقسيمات للدوائر الانتخابية تراهن على أن تكون في قاب قلب الموازين في المجلس النيابي الجديد. وافادت الغالبية من مضمون خطاب القسم لما تضمنه من مقاربات جديدة للعناوين التقليدية المتعلقة بالعلاقات اللبنانية – السورية وبمستقبل سلاح "حزب الله" والمحكمة الدولية وغيرها من الملفات التي كانت رئاسة الجمهورية تتعاطى معها بخلفية مناقضة تماما لتلك التي بدا ان سليمان ينوي مقاربتها.
ج-ان مردّ التجربة الناجحة للرئيس الحريري في انتخابات العام 2000 هو لأنه خاضها من خارج رئاسة الحكومة، وكذلك كان النجاح شأن تجربته في العام 2005 لولا اغتياله.
قراءة معارضة
بالتقاطع، يقول قيادي بارز في المعارضة إن الولايات المتحدة الاميركية تريد ودولا عربية بقاء السنيورة لاعتبارات تتصل بمشاريعها الاقليمية الراهنة في الاشهر المتبقية من ولاية الرئيس جورج بوش، فيما رغبت المعارضة، ومعها بعض النواب المستقلين، في أن تسمي الموالاة الحريري رئيساً للحكومة كي يكتمل به عقد التوافق الذي بدأ برئاسة سليمان.
ويرى ان صقور الموالاة فضلت السنيورة "لاعتبارات أميركية مباشرة"، ولأنها تريد للوضع الداخلي أن "يستمر محتقناً ومتشنجاً ومتوتراً نتيجة المواجهات المسلحة الاخيرة، لتستفيد انتخابيا من العصبيات المذهبية والطائفية المتفلتة". في حين أن مجيء الحريري لن يوفر إفادة انتخابية كبيرة للموالاة لأنه "كان سيلتزم خطاباً سياسياً هادئاً سيؤدي الى طغيان المناخ التوافقي".
ويعتبر ان خيار السنيورة لن يكون في مصلحة الموالاة، لأنه شخصية غير شعبية في ضوء النزاعات السياسية والعسكرية الحادة، الى جانب أن حكومته لم تتمكن من معالجة الأزمات المتنوعة. وبما أن الاكثرية ستكون مضطرة الى دعم السنيورة وحكومته، فإنها ستخسر إذا فشل مجددا، خصوصا ان هذه الحكومة ستكون بين مطرقة رئيس الجمهورية وسندان الثلث المعطل.
طلال عساف

ليست هناك تعليقات: