لبنان نحو مسيرة تعزيز الجمهورية بعد عام من الهدوء النسبي؟
سليمان في بدء سنة ثانية: واثق الخطوة يمشي رئيسا
تعديل في الصلاحيات يمكّن رئيس الجمهورية الحكم لا ادارة الازمة
سليمان في بدء سنة ثانية: واثق الخطوة يمشي رئيسا
تعديل في الصلاحيات يمكّن رئيس الجمهورية الحكم لا ادارة الازمة
ينشر في "الاسبوع العربي" في 8/6/2009
بات لبنان على مشارف الانتقال الى مرحلة سياسية جديدة مع اتمام الاستحقاق الانتخابي وتجديد السلطة بعد السابع من حزيران (يونيو). هذا الاستحقاق يشكل للكثيرين محطة امل ببثّ روح جديدة الى الحياة السياسية اللبنانية التي عانت الشلل والركود نحو عامين نتيجة ازمة وصّفها البعض بأزمة نظام. الا ان لبنان عاش بعد ذلك ما يشبه فترة الانفراج قرابة العام منذ تاريخ انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية. ولربما كانت هذه السنة الهادئة نسبيا عصارة توافق عربي على التهدئة تظهّر في اتفاق الدوحة ونتج منه ختام ازمة استفحلت واشتدت حتى انفجرت في السابع من ايار (مايو) 2008. مرحلة جديدة يفترض ان تشهدها الساحة اللبنانية بعد الانتخابات، فهل تشكّل الرئاسة مهدها بعدما كانت محور الاهتمام المحلي والاقليمي والدولي خلال العام الفائت؟
كثر الكلام في الفترة الاخيرة على ضرورة تقوية موقع رئاسة الجمهورية وتعزيز دورها وتفعيله ليتمكن رئيس الجمهورية من لعب دور الحكم الذي اناطه به اتفاق الطائف، وانهاء مرحلة سياسية تلت اتفاق الدوحة كان فيها الرئيس محكوما بإتفاق سياسي حيث كان الهدف تمرير مرحلة الانتخابات التشريعية.
وبما انّ الازمة ابرزت ضرورة تفعيل دور الرئيس لتجنيب البلد التعطيل والشلل نتيجة قدرة اي من الاطراف السياسيين على الاستئثار والتعنت، من الواضح انّ بند صلاحيات الرئاسة سيطرح بجدية، اقله من الرئيس سليمان، في الفترة التي تلي الانتخابات، بالاستناد الى ما قاله هو نفسه في مناسبات عدة وآخرها خطابه في ذكرى مرور السنة على انتخابه رئيسا، في احتفال في مسقطه في عمشيت.
ولا يخفي ديبلوماسيون عرب واجانب عاملون في بيروت، ان ثمة تعاطفا اقليميا – دوليا مع سعي الرئاسة الى تبديل بعض النصوص الدستورية بحيث يتاح للرئيس ان يحكم فلا تقتصر ولايته على ادارة الازمة، وفي هذا التبديل رغبة جامحة لعدم تكرار رئاسة المغفور له الياس سركيس، يوم جُمّدت صلاحيات الرئاسة ليس بفعل الدستور، بل بفضل "البلطجة" الميليشيوية التي مارستها قوى الامر الواقع في حينها، معطوفا عليها التنافس الفلسطيني – السوري - الاسرائيلي على حكم لبنان، تارة من جونية وطورا من بعبدا.
ويشير هؤلاء الديبلوماسيين في جلساتهم الاسبوعية التقويمية، ان اداء الرئيس سليمان اظهر وعيا كاملا ومقاربة موضوعية للواقع السياسي، وهو امر ساعد كثير على تثبيت الاحتضان الخارجي للبنان بشخص الرئيس العارف والمدرك للتوازنات ولسبل الحكم، بعيدا من نشوة الكرسي.
ويتوقع الديبوماسيون العرب والاجانب ان يستعيد الرئيس القدرة الكاملة على الحكم بعيدا من التعطيل او التعثر الذي شاب سنته الرئاسية الاولى، والناتج بشكل رئيسي من مفاعيل خارجة عن ارادته بسبب رغبة اطراف لبنانيين كثر في عرض قواهم، كسلاح من اسلحة التنافس للفوز بالغالبية النيابية.
تعزيز الرئاسة ضرورة
في هذا السياق، يرى مصدر سياسي محايد انّ خطاب رئيس الجمهورية في عمشيت جاء مكمّلا لخطاب القسم بعد تجربة العام الأول كما جاء في مكانه عشية الانتخابات ليؤكد حيادية الرئيس، من دون أن يكون هذا الحياد في مثابة اللا مبالاة، بل حياد إيجابي يجعل منه رئيسا فعليا للجمهورية وليس مديرا للأزمة"، لافتا الى أن "هذا ما أراد الرئيس سليمان أن يذكّر به كل الأفرقاء عندما تحدث عن التوازنات وإدراتها، وكذلك بتعهده حكومة حاضنة وضامنة مهما كانت النتائج".
ويشير المصدر الى انّ الرئيس اكد الثوابت حول الطائف والدستور من دون إغلاق النوافذ على مستقبل لبنان وتطوره وإصلاحاته المفترضة، وكذلك الإشارة الى الحكومة الحاضنة والضامنة بأنها حكومة المشاركة بلا تعطيل، من دون أن تكون الضمانة من فريق واحد على حساب الآخرين.
ويؤكد انّ مطلب رئيس الجمهورية تعزيز دور الرئاسة هو مطلب اساسي وضروري لاستقامة الوضع السياسي في البلد في المرحلة المقبلة، لافتا الى انّ المشروع يجب ان ينصبّ على كيفية تأمين التوازن والشراكة في النظام اللبناني وفي الوقت ذاته تصحيح الخلل الذي كان قائما في المرحلة السابقة على صعيد موقع رئاسة الجمهورية. ويشير الى انّ الرئيس تحدث عن موضوع الصلاحيات في مطلع خطاب القسم، لذلك طرحه ليس بجديد.
ويقول: انّ دور رئيس الجمهورية بعد اتفاق الطائف وصف بالحكم، ولكن هذا الحكم في حاجة الى وسائل وامكانات ليتمكن من الاضطلاع بدروه. والورشة الاصلاحية يجب ان تأخذ في الاعتبار تفعيل موقع الرئاسة من خلال تعزيز صلاحيات الرئيس دستوريا وليس فقط سياسيا. فرئيس الجمهورية يجب الا يبقى رهن مزاجية الاطراف السياسية وولاءاتها ومصالحها. والمطلوب تعزيز الصلاحيات دستوريا وتدعيم موقع الرئاسة كواقع دستوري يستطيع الرئيس ان يمارسه في اي وقت من دون الاخذ في الاعتبار مشيئة اي من الاطراف السياسيين، او المرور عبرها لتنفيذ ما يراه مناسبا وملائما لحكمه.
ويعتبر المصدر ان البحث في ورشة الاصلاحات سيستوي، لكن من دون المس بالتوازنات الطائفية التي وردت في اتفاق الطائف، منبّها الى ضرورة التمييز بين اتفاق الطائف والدستور اللبناني ومشيرا الى انّ المطلوب ليس تعديل الطائف كوثيقة وفاق وطني ترعى التوازنات الطائفية، انما اعطاء الرئاسة الامكانات اللازمة لتلعب دور الحكم. ويلفت الى انه يبج البحث في اعطاء رئيس الجمهورية القوة الوازنة في مجلس الوزراء ممّا يعزز قدرته على فضّ النزاعات وتسهيل التوصل الى حلول.
ويشدد على ضرورة ان تكون مؤسسات الرقابة كمجلس الخدمة المدنية وديوان المحاسبة وهيئة التفتيش خاضعة الى سلطة رئيس الجمهورية وليس للسلطة التنفيذية، فالرئيس هو الحكم الذي يراقب ويشرف ويحاسب.
استعادة الدور المفقود
انطلاقا من هذه القراءة المحايدة، يشير الواقع السياسي الى انّ رئيس الجمهورية يتعاطى مع دوره في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية من زاوية حقوقه الدستورية وليس حجم كتلة النواب المستقلين التي ستفرزها هذه الانتخابات، وهذا ما يبرر عدم تبنيه اي من المرشحين الى الانتخابات ومنهم "الوسطيون" او "المستقلون"، اذ لا يبدي اهتماما كبيرا لدعمهم الى حدود خوض معاركهم، وهو يترك لهم حرية دخول السباق، من دون أن يربط تصوّره ومشروعه للمرحلة المقبلة بالنتائج التي يمكن أن يحققوها. وحتى لو ربط المستقلون موقفهم السياسي بسياسة رئيس الجمهورية وتوجهاته، فإن الرئيس سليمان يعتبرهم قيمة زائدة او مضافة، وليسوا ضرورة لا غنى عنها.
وسط هذا المناخ، يلفت متابعون للواقع السياسي عشية الاستحقاق الانتخابي، الى انّ الرئيس سليمان مدرك انّ موقعه وقوته ليسا مرتبطين بموازين القوى الانتخابية ونتائج الانتخابات، بل بالموقع الذي يشغله والصلاحيات التي يمنحها النظام السياسي اللبناني والدستور لهذا الموقع، والتفاهم الاقليمي – الدولي الذي زكّاه للرئاسة.
ويقولون انّ المعركة المفصلية بالنسبة إليه، ليست الانتخابات النيابية التي يخوضها السياسيون، إنما تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات وفق تصوره هو لتركيبتها، وهو تصور عبّر عنه في أكثر من مناسبة خلال الفترة الأخيرة، رافضا حكومة اللون الواحد التي تستثني اي فريق من اللبنانيين. وبحسب تصوره للمرحلة المقبلة، فإن أحكام الدستور تمنحه صلاحيات واسعة في تشكيل الحكومة وتركيبتها، وفي اختيار وزرائها، لو كانوا من الحصص السياسية للأحزاب والتيارات السياسية اللبنانية، وهو ما يعتبر المفتاح الاساسي لإدارة البلاد.
خيارات للحكم
وفي رأي هؤلاء المراقبين ان فحوى خطاب سليمان في عمشيت، بعد انقضاء عام على انتخابه وحكمه "بالتي كانت هي الداء"، وهو المفوَّض دوليا بإدارة مرحلة ما بعد الدوحة، سلّط الضوء على المعبر الضيّق والفاصل، وفق المفهوم اللبناني، بين رئيس الجمهورية كرئيس توافقي لادارة الازمات والتوازنات الثقيلة، وبين صراع مفتوح بين فريقي الازمة والاصطفاف، حتى بات صعبا على المؤسسات الدستورية تنظيم الخلاف أو التخفيف من حدة وطأته.
ويظهر الرئيس سليمان، وفق هؤلاء المراقبين، عزما على التمسك بصلاحياته، وهو لن يتوانى عن خوض اي مواجهة مع كل من سيحاول تجاوز الدستور وفرض تركيبات لا يقتنع بها. كما انه عازم على العمل بموجب متطلبات النظام السياسي اللبناني القائم على فصل السلطات، وهو في تركيبة الحكومة المقبلة سيفتح الابواب واسعة أمام إمكان محاسبة الحكومة في مجلس النواب، وسيرفض اي محاولة لجعل الحكومة مجلسا نيابيا مصغّرا، تتعطل من خلاله قدرة الرئاسة على إدارة البلاد، وقدرة المجلس النيابي على محاسبة السلطة التنفيذية.
كثر الكلام في الفترة الاخيرة على ضرورة تقوية موقع رئاسة الجمهورية وتعزيز دورها وتفعيله ليتمكن رئيس الجمهورية من لعب دور الحكم الذي اناطه به اتفاق الطائف، وانهاء مرحلة سياسية تلت اتفاق الدوحة كان فيها الرئيس محكوما بإتفاق سياسي حيث كان الهدف تمرير مرحلة الانتخابات التشريعية.
وبما انّ الازمة ابرزت ضرورة تفعيل دور الرئيس لتجنيب البلد التعطيل والشلل نتيجة قدرة اي من الاطراف السياسيين على الاستئثار والتعنت، من الواضح انّ بند صلاحيات الرئاسة سيطرح بجدية، اقله من الرئيس سليمان، في الفترة التي تلي الانتخابات، بالاستناد الى ما قاله هو نفسه في مناسبات عدة وآخرها خطابه في ذكرى مرور السنة على انتخابه رئيسا، في احتفال في مسقطه في عمشيت.
ولا يخفي ديبلوماسيون عرب واجانب عاملون في بيروت، ان ثمة تعاطفا اقليميا – دوليا مع سعي الرئاسة الى تبديل بعض النصوص الدستورية بحيث يتاح للرئيس ان يحكم فلا تقتصر ولايته على ادارة الازمة، وفي هذا التبديل رغبة جامحة لعدم تكرار رئاسة المغفور له الياس سركيس، يوم جُمّدت صلاحيات الرئاسة ليس بفعل الدستور، بل بفضل "البلطجة" الميليشيوية التي مارستها قوى الامر الواقع في حينها، معطوفا عليها التنافس الفلسطيني – السوري - الاسرائيلي على حكم لبنان، تارة من جونية وطورا من بعبدا.
ويشير هؤلاء الديبلوماسيين في جلساتهم الاسبوعية التقويمية، ان اداء الرئيس سليمان اظهر وعيا كاملا ومقاربة موضوعية للواقع السياسي، وهو امر ساعد كثير على تثبيت الاحتضان الخارجي للبنان بشخص الرئيس العارف والمدرك للتوازنات ولسبل الحكم، بعيدا من نشوة الكرسي.
ويتوقع الديبوماسيون العرب والاجانب ان يستعيد الرئيس القدرة الكاملة على الحكم بعيدا من التعطيل او التعثر الذي شاب سنته الرئاسية الاولى، والناتج بشكل رئيسي من مفاعيل خارجة عن ارادته بسبب رغبة اطراف لبنانيين كثر في عرض قواهم، كسلاح من اسلحة التنافس للفوز بالغالبية النيابية.
تعزيز الرئاسة ضرورة
في هذا السياق، يرى مصدر سياسي محايد انّ خطاب رئيس الجمهورية في عمشيت جاء مكمّلا لخطاب القسم بعد تجربة العام الأول كما جاء في مكانه عشية الانتخابات ليؤكد حيادية الرئيس، من دون أن يكون هذا الحياد في مثابة اللا مبالاة، بل حياد إيجابي يجعل منه رئيسا فعليا للجمهورية وليس مديرا للأزمة"، لافتا الى أن "هذا ما أراد الرئيس سليمان أن يذكّر به كل الأفرقاء عندما تحدث عن التوازنات وإدراتها، وكذلك بتعهده حكومة حاضنة وضامنة مهما كانت النتائج".
ويشير المصدر الى انّ الرئيس اكد الثوابت حول الطائف والدستور من دون إغلاق النوافذ على مستقبل لبنان وتطوره وإصلاحاته المفترضة، وكذلك الإشارة الى الحكومة الحاضنة والضامنة بأنها حكومة المشاركة بلا تعطيل، من دون أن تكون الضمانة من فريق واحد على حساب الآخرين.
ويؤكد انّ مطلب رئيس الجمهورية تعزيز دور الرئاسة هو مطلب اساسي وضروري لاستقامة الوضع السياسي في البلد في المرحلة المقبلة، لافتا الى انّ المشروع يجب ان ينصبّ على كيفية تأمين التوازن والشراكة في النظام اللبناني وفي الوقت ذاته تصحيح الخلل الذي كان قائما في المرحلة السابقة على صعيد موقع رئاسة الجمهورية. ويشير الى انّ الرئيس تحدث عن موضوع الصلاحيات في مطلع خطاب القسم، لذلك طرحه ليس بجديد.
ويقول: انّ دور رئيس الجمهورية بعد اتفاق الطائف وصف بالحكم، ولكن هذا الحكم في حاجة الى وسائل وامكانات ليتمكن من الاضطلاع بدروه. والورشة الاصلاحية يجب ان تأخذ في الاعتبار تفعيل موقع الرئاسة من خلال تعزيز صلاحيات الرئيس دستوريا وليس فقط سياسيا. فرئيس الجمهورية يجب الا يبقى رهن مزاجية الاطراف السياسية وولاءاتها ومصالحها. والمطلوب تعزيز الصلاحيات دستوريا وتدعيم موقع الرئاسة كواقع دستوري يستطيع الرئيس ان يمارسه في اي وقت من دون الاخذ في الاعتبار مشيئة اي من الاطراف السياسيين، او المرور عبرها لتنفيذ ما يراه مناسبا وملائما لحكمه.
ويعتبر المصدر ان البحث في ورشة الاصلاحات سيستوي، لكن من دون المس بالتوازنات الطائفية التي وردت في اتفاق الطائف، منبّها الى ضرورة التمييز بين اتفاق الطائف والدستور اللبناني ومشيرا الى انّ المطلوب ليس تعديل الطائف كوثيقة وفاق وطني ترعى التوازنات الطائفية، انما اعطاء الرئاسة الامكانات اللازمة لتلعب دور الحكم. ويلفت الى انه يبج البحث في اعطاء رئيس الجمهورية القوة الوازنة في مجلس الوزراء ممّا يعزز قدرته على فضّ النزاعات وتسهيل التوصل الى حلول.
ويشدد على ضرورة ان تكون مؤسسات الرقابة كمجلس الخدمة المدنية وديوان المحاسبة وهيئة التفتيش خاضعة الى سلطة رئيس الجمهورية وليس للسلطة التنفيذية، فالرئيس هو الحكم الذي يراقب ويشرف ويحاسب.
استعادة الدور المفقود
انطلاقا من هذه القراءة المحايدة، يشير الواقع السياسي الى انّ رئيس الجمهورية يتعاطى مع دوره في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية من زاوية حقوقه الدستورية وليس حجم كتلة النواب المستقلين التي ستفرزها هذه الانتخابات، وهذا ما يبرر عدم تبنيه اي من المرشحين الى الانتخابات ومنهم "الوسطيون" او "المستقلون"، اذ لا يبدي اهتماما كبيرا لدعمهم الى حدود خوض معاركهم، وهو يترك لهم حرية دخول السباق، من دون أن يربط تصوّره ومشروعه للمرحلة المقبلة بالنتائج التي يمكن أن يحققوها. وحتى لو ربط المستقلون موقفهم السياسي بسياسة رئيس الجمهورية وتوجهاته، فإن الرئيس سليمان يعتبرهم قيمة زائدة او مضافة، وليسوا ضرورة لا غنى عنها.
وسط هذا المناخ، يلفت متابعون للواقع السياسي عشية الاستحقاق الانتخابي، الى انّ الرئيس سليمان مدرك انّ موقعه وقوته ليسا مرتبطين بموازين القوى الانتخابية ونتائج الانتخابات، بل بالموقع الذي يشغله والصلاحيات التي يمنحها النظام السياسي اللبناني والدستور لهذا الموقع، والتفاهم الاقليمي – الدولي الذي زكّاه للرئاسة.
ويقولون انّ المعركة المفصلية بالنسبة إليه، ليست الانتخابات النيابية التي يخوضها السياسيون، إنما تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات وفق تصوره هو لتركيبتها، وهو تصور عبّر عنه في أكثر من مناسبة خلال الفترة الأخيرة، رافضا حكومة اللون الواحد التي تستثني اي فريق من اللبنانيين. وبحسب تصوره للمرحلة المقبلة، فإن أحكام الدستور تمنحه صلاحيات واسعة في تشكيل الحكومة وتركيبتها، وفي اختيار وزرائها، لو كانوا من الحصص السياسية للأحزاب والتيارات السياسية اللبنانية، وهو ما يعتبر المفتاح الاساسي لإدارة البلاد.
خيارات للحكم
وفي رأي هؤلاء المراقبين ان فحوى خطاب سليمان في عمشيت، بعد انقضاء عام على انتخابه وحكمه "بالتي كانت هي الداء"، وهو المفوَّض دوليا بإدارة مرحلة ما بعد الدوحة، سلّط الضوء على المعبر الضيّق والفاصل، وفق المفهوم اللبناني، بين رئيس الجمهورية كرئيس توافقي لادارة الازمات والتوازنات الثقيلة، وبين صراع مفتوح بين فريقي الازمة والاصطفاف، حتى بات صعبا على المؤسسات الدستورية تنظيم الخلاف أو التخفيف من حدة وطأته.
ويظهر الرئيس سليمان، وفق هؤلاء المراقبين، عزما على التمسك بصلاحياته، وهو لن يتوانى عن خوض اي مواجهة مع كل من سيحاول تجاوز الدستور وفرض تركيبات لا يقتنع بها. كما انه عازم على العمل بموجب متطلبات النظام السياسي اللبناني القائم على فصل السلطات، وهو في تركيبة الحكومة المقبلة سيفتح الابواب واسعة أمام إمكان محاسبة الحكومة في مجلس النواب، وسيرفض اي محاولة لجعل الحكومة مجلسا نيابيا مصغّرا، تتعطل من خلاله قدرة الرئاسة على إدارة البلاد، وقدرة المجلس النيابي على محاسبة السلطة التنفيذية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق