الأحد، 17 مايو 2009

Sphere: Related Content
تعدّد الحسابات لما بعد 7 حزيران - يونيو يشيع الريبة والارتباك بين الافرقاء
تنافس الحلفاء: الوجه الآخر للانتخابات
صراع عون – بري: احكام السيطرة على البرلمان تعويضا عن الرئاسة؟

ينشر في "الاسبوع العربي" في 25/5/2009
السابع من حزيران (يونيو) المقبل محطة مركزية باتت مرتقبة للانتقال من واقع سياسي الى آخر، بصرف النظر عن نتيجة الانتخابات. وفي ظل الحديث عن مصيرية الانتخابات، ترتفع الحمى السياسية مع الاقتراب من "الموعد الحدث" الذي يعوّل عليه كثيرون لفرز حقيقة سياسية قد تؤدي الى الخروج من الاصطفاف الحاد الذي، اذا استمر، قد يقيّد الجمهورية ورئيسها عند اي ازمة قد تستجدّ في المستقبل. وبين الحسابات العامة لكل من فريقي الاقلية والغالبية النيابية، تبرز بعض الحسابات الشخصية التي قد تطوي بدورها اهدافا شخصية تتعلق بمرحلة ما بعد الانتخابات لبعض من كلا الفريقين. فهل تؤشر بعض التشققات الداخلية في صفوف المعارضة كما الموالاة الى معالم المرحلة التالية للسابع من حزيران (يونيو)، لناحية صورة المجلس النيابي المقبل كما لولاء تكتلاته؟
يلفت بعض المراقبين الكلام المتنامي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط عن "الوسطية"، مع الاقتراب اكثر فاكثر من موعد الانتخابات. فالاول لا يخفي عدم معارضته لها، والثاني يؤيدها انطلاقا من التزام الخطاب السياسي الهادئ عشية الانتخابات. الا انّ المراقبين يتوقفون عند مرامي هذا الكلام بعيدا من فورة المهرجانات الانتخابية الشعبية والخطابات المدغدغة لغريزة معظم مكونات الشعب اللبناني. فوليد جنبلاط بعد تعبيره بكل وضوح عن امتعاضه من تخليه عن قسم لا بأس به من نواب كتلة "اللقاء الديموقراطي" لمصلحة حلفائه المسيحيين، وبعد "غزله الحذر" لافرقاء المعارضة اي شركائه في الوطن، كما اعتاد القول في الفترة الاخيرة، ولا سيما منهم "حزب الله"، يؤشر الى انتقالية معينة في الخطاب السياسي تمهّد لاعادة تموضع سياسي بعد الانتخابات يرجّح ان تكون الكتلة الوسطية مهدها، وما كلامه وترحيبه بفكرة الوسطية، الداعمة لرئيس الجمهورية، الا مؤشرا بالغ الاهمية عن اتجاه الرياح الجنبلاطية بعد 7 حزيران (يونيو).
علاقة مرتبكة
الى ذلك تجلّت العلاقة المرتبكة بين "التيار الوطني الحر" وحركة "امل" من خلال اعلان كل منهما لائحته في جزين، وتاليا تكريس التنافس الانتخابي بين اطياف المعارضة في هذه الدائرة. ويشير البعض، في هذا الاطار، الى علاقة يسودها انحسار الثقة بين النائب العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري، لافتين الى انّ الفتور في العلاقة يعود اولا الى العام 2005 عندما لم يقترع العماد عون لبري رئيسا للمجلس النيابي، وحضّ ثلاثة من حلفائه هم ميشال المر والياس سكاف و"حزب الطاشناق" على التصويت ضدّ انتخاب بري. اما الاشارة الثانية فتعود الى ما بعد اتفاق الدوحة، حين قال "التيار الوطني الحر" انه حرّر منطقة جزين بفضل القانون الانتخابي والتقسيم الجديد للدوائر.
اذن، الخلاف ليس سياسيا في وجهات النظر داخل المعارضة بل خلاف مبني على القلق والريبة كل من تصرف الطرف الآخر.
الا ان الكلام المتداول في الاوساط السياسية يشير الى انّ ما بين عون وبري خلاف يتعدى انتخابات جزين، التي لم تكن سوى تظهيرا لهذا الخلاف الى العلن بشكل فاضح، بمعنى انّ جزين لم تكن سبب التوتر في العلاقة بل النتيجة التي تأتت عنه. وتلفت الاوساط الى انّ علاقة عون وبري كانت تشوبها الريبة، وهما لم يعملا على الافراط في ابراز التحالف بينهما على غرار علاقة عون- "حزب الله" او حركة "امل"-حزب الله، وتاليا كان الحزب يسعى الى شدّ الطرفين اليه، فهو بحاجة الى الحليف الشيعي الآخر من أجل وحدة الطائفة والموقف السياسي، كما يحتاج إلى "التيار الوطني الحر" من أجل استمرار الغطاء المسيحي الذي يوفره له، لا سيما في المعادلة السياسية الداخلية. وقد برز دور "حزب الله الوسطي" بين الحليف و"حليف الحليف" في المفاوضات الجزينية التي لم ينجح في حلها ما يؤشر الى صعوبة المفاوضات وتشبث كل طرف بوجهة نظره ومفهومه ونظرته التاريخية الى هذه الدائرة.
من الارتباك الى عدم التوافق؟
بالعودة الى بداية المفاوضات بين الطرفين، يشير مصدر مطلع الى انّ جهودا كثيرة بذلت بهدف تحقيق التوافق على تصور سياسي مشترك لمقاربة الملف الانتخابي، في ضوء موقفين:
الأول: للرئيس بري الذي اعتبر في أكثر من مناسبة أن نتائج الانتخابات النيابية المقبلة لن تفرز سوى أكثرية قليلة لأي من الفريقين، بحيث لن يتعدى الفارق سوى عدد قليل من النواب قد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
الثاني: للعماد عون الذي قال انه يطمح إلى كتلة نيابية من خمسة وثلاثين نائبا من دون حلفائه الانتخابيين.
ويلفت المصدر الى أن المشكلة تبدأ في مقاربة نتائج الانتخابات، على اعتبار أن طموح الجنرال يعني في نظر بري أنه يسعى لنفسه حجما يزيد على نصف القوى المتحالفة في مواجهة الأكثرية الحالية، وهو ما لا يمكن لبري القبول به تحت أي ظرف من الظروف باعتباره ممثل تحالف قوى 8 آذار (مارس) في السلطة، وهو قادر على أن يكون من موقع رئاسة مجلس النواب شريك رئيس الجمهورية الماروني ورئيس الحكومة السني. في حين أن التركيبة الراهنة للسلطة لا تسمح لعون بأن يكون رأس المعارضة لأن الموقع المسيحي الأول محسوم لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أيا تكن النتيجة بعد الانتخابات.
ويشير المصدر الى انّ رئيس مجلس النواب يقارب الإنتخابات النيابية المقبلة وفقا لقواعد تقوم على أساس تثبيت توازنات طائفية معينة داخل تركيبة السلطة بمعزل عن نتائج الإنتخابات التي يصرّ على التأكيد أنها لن تكون مصيرية. في حين أن عون يقارب الإنتخابات بذهنية انها مصيرية لنهج السلطة في المرحلة المقبلة.
خلاف على الرئاسة الثانية؟
في الموازاة، تؤشر العلاقة المرتبكة على خط الرابية- عين التينة، الى تطورات حامية بعد السابع من حزيران (يونيو)، ابرز دلالاتها كلام العماد عون في احدى مقابلاته التلفزيونية ورفضه تأكيد انتخاب كتلته النيابية بري لرئاسة المجلس النيابي المقبل، مكتفيًا بالقول: "أعلن موقفي حول رئاسة المجلس عشية 7 حزيران (يونيو)".
في هذا السياق، يقول المصدر المطلع ذاته أن عون لم يعد يخفي علاقته المرتبكة مع بري التي قد تصل الى عدم التوافق سياسيا بعد الانتخابات النيابية لا سيما في ظل كلام بري المرحب بالوسطية، ما يؤشر الى امكان ان تشكل كتلته النيابية المرتقبة ركنا اساسيا من اركان هذا الكتلة الوازنة او الوسطية، وهو الامر المتداول بكثرة اعلاميا وسايسيا. واذ يربط المصدر بين رفض عون الخوض في مسألة انتخاب بري رئيسا للمجلس في الوقت الراهن وترك المسألة للبحث الى ما بعد 7 حزيران (يونيو)، يرجح ان يطرح زعيم "التيار الوطني الحرّ" بعض الاسماء الشيعية من صفوف تكتله لرئاسة المجلس اي النائبين عباس هاشم او حسن يعقوب، مشيرا الى انّ عدم تصريح عون علانية بهذا الامر يعود الى الواقع الانتخابي الراهن لا سيما في الدوائر الانتخابية المشتركة بينه وبري لتجنب التشطيب من الجانبين.
ريبة متبادلة
وفيما تشير بعض المعلومات الصحافية الى امتدادات خارجية لتوتر العلاقة بين عون وبري، بمعنى انّ سوريا هي التي اوصلت العلاقة بينهما الى مرحلة من المواجهة الانتخابية تطوي في داخلها مواجهة سياسية بهدف التأسيس عليها واستخدامها فيما لو قررت دمشق السير في اي تسوية اقليمية تتناقض مع اجندة "حزب الله"، يستبعد مراقبون هذا التحليل لاعتقادهم انّ الاشكالية تبقى في الاساس نتيجة للتوازنات والحسابات اللبنانية الداخلية.
ويلفت المراقبون الى ان العماد عون يعتمد على توجس "حزب الله" من التمايز الملحوظ الذي يبديه بري عن سائر قوى 8 آذار (مارس) بقيادة "حزب الله" وهو ما بدا جليا عندما نأى رئيس المجلس بنفسه عن المشاركة في المواكبة الاحتفالية التي نظمها الحزب للضباط الأربعة منذ لحظة تخلية سبيلهم، خصوصا في ظل ما يتم تداوله راهنا من أن بري سيجسد ويكرس تمايزه هذا بعد 7 حزيران (يونيو) عبر تموضعه في إطار كتلة وسطية تكون على تفاهم تام مع رئيس الجمهورية. وهو الأمر الذي يثير ريبة مكتومة لدى قيادة "حزب الله" من التوجهات المستقبلية لبري بحيث لا يستطيع الحزب المخاطرة بأي فرضية ولو ضئيلة تفقده التحكم بالرئاسة الثانية وخصوصا في ظل ظروف محلية وخارجية بالغة الدقة".
في هذا السياق، يتابع المراقبون، "يرى عون يرى تقاطعا إقليميا وداخليا يصب في خانة تحقيق تصوره بالنسبة لرئاسة المجلس النيابي المقبل، وتاليا سيسعى إلى إقناع حليفه "حزب الله" بتبني ترشيح أي من هاشم أو يعقوب للرئاسة الثانية، بما يضمن لقوى المعارضة، من خلال الرئيس الجديد للبرلمان، إحكام السيطرة على إحدى الرئاسات الثلاث وصولا إلى انتخابات رئاسة الجمهورية في السنة 2014 التي من حقّ عون ان يطمح اليها ويعمل على تحقيق طموحه، فلربما تكون تلك المرة من نصيبه".



ليست هناك تعليقات: