احداث مشبوهة في التوقيت واختراقات امنية تعيد هاجس التفجيرات ومصير الانتخابات
من المية ومية الى بكفيا .. شبَهٌ يستعيد اغتيال حبيقة وتويني!
جهات استخبارية تلعب على الوتر الفلسطيني "الممزّق" لتعميم الارباك لبنانيا
من المية ومية الى بكفيا .. شبَهٌ يستعيد اغتيال حبيقة وتويني!
جهات استخبارية تلعب على الوتر الفلسطيني "الممزّق" لتعميم الارباك لبنانيا
ينشر في "الاسبوع العربي" في 6/4/2009
تصدّرت الواجهة الامنية، الاسبوع الفائت لائحة الاهتمام في الداخل اللبناني على خلفية عودة هاجس الاغتيالات التي طاولت هذه المرة شخصية فلسطينية هي نائب سفير فلسطين في لبنان اللواء كمال مدحت في انفجار عبوة ناسفة على تخوم مخيم المية ومية. كذلك عاد هاجس امن الشخصيات السياسية مع العثور على قنبلة يدوية في سيارة قرب منزل رئيس حزب الكتائب امين الجميل في بكفيا. فأعادت هذه الاحداث الى الاذهان شريط الوقائع الامنية المرة التي عاشها اللبنانيون في فترة قاتمة من تاريخهم الحديث.
لم يطمئن المراقبون اللبنانيون كما الرأي العام، يوما، الى الاستقرار التام لبنانيا، اذ طالما رافق هاجس العودة الى مسلسل الاغتيالات والتهديدات، التي عاناها اللبنانيون طيلة عامين ونيف، السياسيين والمراقبين لا سيما انّ لبنان لم يعش في الآونة الاخيرة فترة طويلة من الاستقرار السياسي كما الامني. ولأن الآتي القريب حافل ايضا بالمواعيد السياسية المهمة المرتبط حصولها بشكل وثيق بالاوضاع الامنية، فانّ اي حدث امني وسياسي بارز يعيد الى الاذهان سؤال قديم - جديد عن مصير الانتخابات التشريعية العامة التي من المقرر ان تجري في السابع من حزيران (يوليو) المقبل.
اخترق التفجير الامني الذي ذهب ضحيته المسؤول عن حركة "فتح" في لبنان ونائب السفير الفلسطيني وممثل منظمة التحرير الفلسطينية اللواء كمال مدحت، الهدوء النسبي الذي طبع فترة ما بعد اتفاق الدوحة، ذاك الاتفاق الذي انهى مسلسل الازمة السياسية المولودة في الرابع عشر من شباط 2005 (فبراير) اثر اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري ورفاقه.
فبعد اقل من 48 ساعة (السبت في الواحد والعشرين من آذار / مارس) على الاشتباكات في مخيم المية ومية في شرق صيدا جنوب لبنان والتي ادت الى مقتل المسؤول عن اللجان الشعبية الرائد رائف محمد حسن، إهتز الامن بمقتل مدحت، المعروف بكمال ناجي، مع اربعة من مرافقيه في الانفجار الذي وقع قبل ظهر الاثنين في الثالث والعشرين من آذار (مارس) على طريق المية ومية، حيث احد مخيمات اللجوء الفلسطيني، وهو قريب من مخيم عين الحلوة.
تعميم الارباك لبنانيا
وفيما صرّح بعض مسؤولي حركة "فتح" في لبنان انّ الحادث لم يكن متوقعا وجاء بمثابة "الفاجعة"، واضعين كل امكاناتهم بتصرّف الاجهزة الامنية اللبنانية والجيش لكشف الحقيقة، نُقل عن مصادر حركة "فتح" تأكيدها ان الانفجار كان يستهدف السفير الفلسطيني عباس زكي الذي كان قد غادر المكان المستهدف قبل نحو عشر دقائق، مضيفة ان زكي كان يقود سيارة مشابهة لسيارة مدحت، مما يؤشر الى ان الغاية كانت اغتيال السفير لا نائبه.
غير ان مصادر ديبلوماسية ابدت تخوفها من أن يكون اغتيال مدحت "مؤشرا الى سلسلة اغتيالات وتفجيرات في لبنان مرتبطة بالرغبة في استغلال الأوضاع داخل المخيمات الفلسطينية في عملية زعزعة الاستقرار الداخلي في البلد". ولاحظت أن طريقة اغتيال المسؤول الفلسطيني "تشبه الى حد كبير طريقة اغتيال النائب جبران تويني".
الى ذلك، اكدت مصادر مراقبة لـ "الاسبوع العربي" ان ثمة جهات استخبارية معادية للبنان تحضّر منذ مدة لخربطة سير الاحداث والتهدئة في المخيمات الفلسطينية بغية توظيف الارباك المتوقع عنها على مستوى كل لبنان وليس فقط على المستوى الفلسطيني. واشارت الى ان الحادث خطر جدا سواء كان يستهدف مدحت ام السفير عباس زكي، لأنه يؤشر الى ان المخطط المشبوه بدأ يأخذه طريقه، وان المؤامرة على الفلسطينيين مستمرة لضربهم ببعضهم ولأذية الوحدة الفلسطينية، وكذلك لزج العامل الفلسطيني في اتون الصراع السياسي على لبنان.
وكما بعد كل عملية اغتيال، تابع المستوى السياسي اللبناني اي تداعيات محتملة على الوضع في المخيمات الفلسطينية، وسط تأكيد من الجميع على محاصرة اي توتر، في وقت يحتاج لبنان الى تهيئة المناخ الملائم للانتخابات التشريعية العامة.
كذلك تابع المستوى السياسي الفلسطيني تداعيات الاغتيال في ظل توجيه أصابع الإتهام الى إسرائيل "الساعية الى تعميق هوة الخلافات الفلسطينية – الفلسطينية، والمستفيد الاول من تعثر المصالحات الفلسطينية والحوار القائم في القاهرة، من دون اغفال الخلافات الفلسطينية الداخلية واحتمال كونها من مسببات عملية الاغتيال".
رسالة تحظّر المصالحة
في هذا الاطار، نقل عن مصادر فلسطينية ان كمال مدحت شخصية فلسطينية معتدلة محاورة ومتفهمة وكان يقود تيار الاصلاح داخل حركة "فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية، وهو عراب المصالحات بين حركة "حماس" وحركة "فتح"، ويعتبر صديقا للقوى الوطنية الفلسطينية التي ما زالت تقاتل اسرائيل ومن بينها "حماس" والفصائل المرتبطة.
ووصفت المصادر الاغتيال بانه رسالة تعني ان المصالحات الفلسطينية - الفلسطينية ممنوعة والتقارب الفلسطيني - الفلسطيني خط احمر من القاهرة الى دمشق وصولا الى لبنان. كما ان رسالة الاغتيال تشير ايضا الى ان المخيمات او الساحة الفلسطينية في لبنان قد تكون على ابواب عمليات اغتيال اخرى وان اغتيال مدحت هو البداية.
ولفتت الى ان الساحة الفلسطينية استوعبت الضربة، فبدلاً من ان تُفرقها جمعَتها، وكذلك الساحة اللبنانية اجتمعت على ادانة الجريمة وعلى ضرورة الحد من تأثيراتها.
اوجه شبه
في الموازاة، تبيّن لجهات معنية ان "ثمة أوجه شبه بين هذه الجريمة والاغتيالات التي شهدها لبنان وطاولت نواباً وشخصيات سياسية وإعلامية وأمنية، وخصوصا لجهة نوع المتفجرات وتفجير العبوة من بعد، واخضاع الشخصية المستهدفة لرقابة مسبقة".
كما تبيّن من مقارنة نوعية المتفجرات المستعملة في الجريمة وتفجيرات اخرى حدثت في عدد من المخيمات، ان هذه النوعية واحدة وتتشابه في خصائصها التقنية، وهي مصنعة محليا وعلى الارجح داخل مخيم عين الحلوة القريب من مخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين حيث وقع الانفجار الذي اودى باللواء مدحت. كذلك تبيّن ان ثمة اوجه شبه بين هذا الاغتيال وبين مقتل رئيس حزب "وعد" الوزير السابق الياس حبيقة الذي قضى في العام 2002 بإنفجار في الضاحية الشرقية لبيروت، والتشابه خصوصا في نوعية المتفجرات وفي طريقة التفجير من بعد بواسطة جهاز تحكم لاسلكي.
في المقابل، ربطت مصادر فلسطينية بين اغتيال كمال مدحت ومحاولات تستهدف تمكين "حماس" من السيطرة على المخيمات الفلسطينية في لبنان. وكشفت ان مدحت "كان الشخص الأهمّ بالنسبة الى السلطة الوطنية الفلسطينية والى فتح في لبنان لأسباب عدة، ابرزها امتلاكه معرفة دقيقة في الأوضاع السائدة داخل كل مخيّم من المخيمات الفلسطينية عن طريق شبكة واسعة من المخبرين. كما يمتاز بخبرة طويلة في لبنان الذي عاش فيه منذ السبعينات حين كان من مرافقي الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وأشارت الى أن "من بين الأسباب التي قد تكون دفعت الى التخلص من مدحت علاقاته الممتازة مع الفصائل ما مكنه من تفادي صدامات بين الفلسطينيين واستيعاب أي مشاكل بين المسلحين، خصوصا في مخيم عين الحلوة. وفي أثناء حرب مخيم نهر البارد، كان لمدحت دور بارز في توفير دعم ومعلومات للجيش اللبناني ساعدت في القضاء على تنظيم "فتح الاسلام".
قنبلة بكفيا... والرسائل السياسية
الى ذلك، وفي اطار الوقائع الامنية المتنقلة والتي قد تكون مترابطة، اثارت القنبلة التي وجدت في سيارة مركونة قرب منزل الرئيس امين الجميل في بكفيا هلعا سياسيا من عودة التهديدات لقوى وافرقاء الرابع عشر من آذار (مارس) في توقيت استثنائي عشية الانتخابات النيابية.
ورأى بعض المراقبين انّ هذا الحادث مؤشر خطير يحمل رسائل باتجاه مسار الاستحقاق الانتخابي وما اذا كان سيحصل او سيؤجل لارتباطه بشكل وثيق بالاوضاع الامنية على الساحة الداخلية.
وفي اطار التحقيقات، افاد مصدر قريب من حزب الكتائب ان السيارة كانت مفخخة بواسطة قنبلة ولوحين من الـ "تي ان تي". واشار الى ان الجناة المفترضين وضعوا القنبلة بالقرب من دولاب الاحتياط في صندوق السيارة مباشرة فوق خزّان البنزين، وجرى نزع صاعق القنبلة ووصله بفتيل بطيئ يؤخر تفجير السيارة من 6 الى 7 دقائق، تتيح الوقت الكافي لهروب الجاني. واوضح ان قوة العصف التي تنتج من هذا الخليط (القنبلة ولوحا الـ "تي ان تي" ومادة البنزين) توازي نحو 40 كيلوغراما من المتفجرات شديدة الانفجار، وهي كمية كافية لإحداث اضرار كبيرة ولمقتل المستهدَف.
ولفت الى انه بمراجعة نقاط العبور تبيّن ان الموقوف مرّ على احداها، قبل 8 ايام، وجرى التأكد انه قصد بكفيا ومحيط دارة الجميل 5 الى 6 مرات في غضون اسبوع وبالسيارة نفسها والتي تبيّن انها مسجّلة بإسمه، مشيرا الى انه اراد من هذا السلوك ان يرتاح اليه من يشاهده وخصوصا فريق الحرّاس المولج حماية المنزل.
واوضح المصدر ان هذه الزيارات المتكررة والمتفاوتة في التوقيت تؤشر في التحليل المعلوماتي - الاستخباري الى ان الموقوف كان في مهمة استطلاع ومراقبة دقيقة رمت الى استكشاف الموقع والبحث عما يسمى في العلم الجنائي "وقتا ميتا" Temps mort للوقوع على التوقيت المناسب للتنفيذ، حيث يكون بالعادة عند عملية تبديل الحراسة او في اوقات معينة يكون فيها الحراس في حال من الاسترخاء (تناول الطعام...).
وعلم ان حوادث اخرى سبقت هذه الحادثة، اذ اشتبه الحراس بأشخاص عدة جرى التحقيق معهم. كما ان الرئيس الجميل اسر الى قريبين في اجتماعات حزبية وآخرها في اجتماع المكتب السياسي الاثنين في الثالث والعشرين من آذار (مارس) ان ثمة معلومات امنية تحذّر من مخطط لاستهدافه.
وذكرت معطيات ان سامي الجميل اعتاد ان يقصد بكفيا في مثل اليوم الذي اوقفت فيه السيارة المشتبه بها، من دون والده.
وكان الجميّل الابن قد قال اخيرا انه يمتنع منذ عامين (اغتيال شقيقه بيار) عن مرافقة والده في السيارة نفسها، في اشارة الى الهواجس التي تنتاب العائلة.
لم يطمئن المراقبون اللبنانيون كما الرأي العام، يوما، الى الاستقرار التام لبنانيا، اذ طالما رافق هاجس العودة الى مسلسل الاغتيالات والتهديدات، التي عاناها اللبنانيون طيلة عامين ونيف، السياسيين والمراقبين لا سيما انّ لبنان لم يعش في الآونة الاخيرة فترة طويلة من الاستقرار السياسي كما الامني. ولأن الآتي القريب حافل ايضا بالمواعيد السياسية المهمة المرتبط حصولها بشكل وثيق بالاوضاع الامنية، فانّ اي حدث امني وسياسي بارز يعيد الى الاذهان سؤال قديم - جديد عن مصير الانتخابات التشريعية العامة التي من المقرر ان تجري في السابع من حزيران (يوليو) المقبل.
اخترق التفجير الامني الذي ذهب ضحيته المسؤول عن حركة "فتح" في لبنان ونائب السفير الفلسطيني وممثل منظمة التحرير الفلسطينية اللواء كمال مدحت، الهدوء النسبي الذي طبع فترة ما بعد اتفاق الدوحة، ذاك الاتفاق الذي انهى مسلسل الازمة السياسية المولودة في الرابع عشر من شباط 2005 (فبراير) اثر اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري ورفاقه.
فبعد اقل من 48 ساعة (السبت في الواحد والعشرين من آذار / مارس) على الاشتباكات في مخيم المية ومية في شرق صيدا جنوب لبنان والتي ادت الى مقتل المسؤول عن اللجان الشعبية الرائد رائف محمد حسن، إهتز الامن بمقتل مدحت، المعروف بكمال ناجي، مع اربعة من مرافقيه في الانفجار الذي وقع قبل ظهر الاثنين في الثالث والعشرين من آذار (مارس) على طريق المية ومية، حيث احد مخيمات اللجوء الفلسطيني، وهو قريب من مخيم عين الحلوة.
تعميم الارباك لبنانيا
وفيما صرّح بعض مسؤولي حركة "فتح" في لبنان انّ الحادث لم يكن متوقعا وجاء بمثابة "الفاجعة"، واضعين كل امكاناتهم بتصرّف الاجهزة الامنية اللبنانية والجيش لكشف الحقيقة، نُقل عن مصادر حركة "فتح" تأكيدها ان الانفجار كان يستهدف السفير الفلسطيني عباس زكي الذي كان قد غادر المكان المستهدف قبل نحو عشر دقائق، مضيفة ان زكي كان يقود سيارة مشابهة لسيارة مدحت، مما يؤشر الى ان الغاية كانت اغتيال السفير لا نائبه.
غير ان مصادر ديبلوماسية ابدت تخوفها من أن يكون اغتيال مدحت "مؤشرا الى سلسلة اغتيالات وتفجيرات في لبنان مرتبطة بالرغبة في استغلال الأوضاع داخل المخيمات الفلسطينية في عملية زعزعة الاستقرار الداخلي في البلد". ولاحظت أن طريقة اغتيال المسؤول الفلسطيني "تشبه الى حد كبير طريقة اغتيال النائب جبران تويني".
الى ذلك، اكدت مصادر مراقبة لـ "الاسبوع العربي" ان ثمة جهات استخبارية معادية للبنان تحضّر منذ مدة لخربطة سير الاحداث والتهدئة في المخيمات الفلسطينية بغية توظيف الارباك المتوقع عنها على مستوى كل لبنان وليس فقط على المستوى الفلسطيني. واشارت الى ان الحادث خطر جدا سواء كان يستهدف مدحت ام السفير عباس زكي، لأنه يؤشر الى ان المخطط المشبوه بدأ يأخذه طريقه، وان المؤامرة على الفلسطينيين مستمرة لضربهم ببعضهم ولأذية الوحدة الفلسطينية، وكذلك لزج العامل الفلسطيني في اتون الصراع السياسي على لبنان.
وكما بعد كل عملية اغتيال، تابع المستوى السياسي اللبناني اي تداعيات محتملة على الوضع في المخيمات الفلسطينية، وسط تأكيد من الجميع على محاصرة اي توتر، في وقت يحتاج لبنان الى تهيئة المناخ الملائم للانتخابات التشريعية العامة.
كذلك تابع المستوى السياسي الفلسطيني تداعيات الاغتيال في ظل توجيه أصابع الإتهام الى إسرائيل "الساعية الى تعميق هوة الخلافات الفلسطينية – الفلسطينية، والمستفيد الاول من تعثر المصالحات الفلسطينية والحوار القائم في القاهرة، من دون اغفال الخلافات الفلسطينية الداخلية واحتمال كونها من مسببات عملية الاغتيال".
رسالة تحظّر المصالحة
في هذا الاطار، نقل عن مصادر فلسطينية ان كمال مدحت شخصية فلسطينية معتدلة محاورة ومتفهمة وكان يقود تيار الاصلاح داخل حركة "فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية، وهو عراب المصالحات بين حركة "حماس" وحركة "فتح"، ويعتبر صديقا للقوى الوطنية الفلسطينية التي ما زالت تقاتل اسرائيل ومن بينها "حماس" والفصائل المرتبطة.
ووصفت المصادر الاغتيال بانه رسالة تعني ان المصالحات الفلسطينية - الفلسطينية ممنوعة والتقارب الفلسطيني - الفلسطيني خط احمر من القاهرة الى دمشق وصولا الى لبنان. كما ان رسالة الاغتيال تشير ايضا الى ان المخيمات او الساحة الفلسطينية في لبنان قد تكون على ابواب عمليات اغتيال اخرى وان اغتيال مدحت هو البداية.
ولفتت الى ان الساحة الفلسطينية استوعبت الضربة، فبدلاً من ان تُفرقها جمعَتها، وكذلك الساحة اللبنانية اجتمعت على ادانة الجريمة وعلى ضرورة الحد من تأثيراتها.
اوجه شبه
في الموازاة، تبيّن لجهات معنية ان "ثمة أوجه شبه بين هذه الجريمة والاغتيالات التي شهدها لبنان وطاولت نواباً وشخصيات سياسية وإعلامية وأمنية، وخصوصا لجهة نوع المتفجرات وتفجير العبوة من بعد، واخضاع الشخصية المستهدفة لرقابة مسبقة".
كما تبيّن من مقارنة نوعية المتفجرات المستعملة في الجريمة وتفجيرات اخرى حدثت في عدد من المخيمات، ان هذه النوعية واحدة وتتشابه في خصائصها التقنية، وهي مصنعة محليا وعلى الارجح داخل مخيم عين الحلوة القريب من مخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين حيث وقع الانفجار الذي اودى باللواء مدحت. كذلك تبيّن ان ثمة اوجه شبه بين هذا الاغتيال وبين مقتل رئيس حزب "وعد" الوزير السابق الياس حبيقة الذي قضى في العام 2002 بإنفجار في الضاحية الشرقية لبيروت، والتشابه خصوصا في نوعية المتفجرات وفي طريقة التفجير من بعد بواسطة جهاز تحكم لاسلكي.
في المقابل، ربطت مصادر فلسطينية بين اغتيال كمال مدحت ومحاولات تستهدف تمكين "حماس" من السيطرة على المخيمات الفلسطينية في لبنان. وكشفت ان مدحت "كان الشخص الأهمّ بالنسبة الى السلطة الوطنية الفلسطينية والى فتح في لبنان لأسباب عدة، ابرزها امتلاكه معرفة دقيقة في الأوضاع السائدة داخل كل مخيّم من المخيمات الفلسطينية عن طريق شبكة واسعة من المخبرين. كما يمتاز بخبرة طويلة في لبنان الذي عاش فيه منذ السبعينات حين كان من مرافقي الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وأشارت الى أن "من بين الأسباب التي قد تكون دفعت الى التخلص من مدحت علاقاته الممتازة مع الفصائل ما مكنه من تفادي صدامات بين الفلسطينيين واستيعاب أي مشاكل بين المسلحين، خصوصا في مخيم عين الحلوة. وفي أثناء حرب مخيم نهر البارد، كان لمدحت دور بارز في توفير دعم ومعلومات للجيش اللبناني ساعدت في القضاء على تنظيم "فتح الاسلام".
قنبلة بكفيا... والرسائل السياسية
الى ذلك، وفي اطار الوقائع الامنية المتنقلة والتي قد تكون مترابطة، اثارت القنبلة التي وجدت في سيارة مركونة قرب منزل الرئيس امين الجميل في بكفيا هلعا سياسيا من عودة التهديدات لقوى وافرقاء الرابع عشر من آذار (مارس) في توقيت استثنائي عشية الانتخابات النيابية.
ورأى بعض المراقبين انّ هذا الحادث مؤشر خطير يحمل رسائل باتجاه مسار الاستحقاق الانتخابي وما اذا كان سيحصل او سيؤجل لارتباطه بشكل وثيق بالاوضاع الامنية على الساحة الداخلية.
وفي اطار التحقيقات، افاد مصدر قريب من حزب الكتائب ان السيارة كانت مفخخة بواسطة قنبلة ولوحين من الـ "تي ان تي". واشار الى ان الجناة المفترضين وضعوا القنبلة بالقرب من دولاب الاحتياط في صندوق السيارة مباشرة فوق خزّان البنزين، وجرى نزع صاعق القنبلة ووصله بفتيل بطيئ يؤخر تفجير السيارة من 6 الى 7 دقائق، تتيح الوقت الكافي لهروب الجاني. واوضح ان قوة العصف التي تنتج من هذا الخليط (القنبلة ولوحا الـ "تي ان تي" ومادة البنزين) توازي نحو 40 كيلوغراما من المتفجرات شديدة الانفجار، وهي كمية كافية لإحداث اضرار كبيرة ولمقتل المستهدَف.
ولفت الى انه بمراجعة نقاط العبور تبيّن ان الموقوف مرّ على احداها، قبل 8 ايام، وجرى التأكد انه قصد بكفيا ومحيط دارة الجميل 5 الى 6 مرات في غضون اسبوع وبالسيارة نفسها والتي تبيّن انها مسجّلة بإسمه، مشيرا الى انه اراد من هذا السلوك ان يرتاح اليه من يشاهده وخصوصا فريق الحرّاس المولج حماية المنزل.
واوضح المصدر ان هذه الزيارات المتكررة والمتفاوتة في التوقيت تؤشر في التحليل المعلوماتي - الاستخباري الى ان الموقوف كان في مهمة استطلاع ومراقبة دقيقة رمت الى استكشاف الموقع والبحث عما يسمى في العلم الجنائي "وقتا ميتا" Temps mort للوقوع على التوقيت المناسب للتنفيذ، حيث يكون بالعادة عند عملية تبديل الحراسة او في اوقات معينة يكون فيها الحراس في حال من الاسترخاء (تناول الطعام...).
وعلم ان حوادث اخرى سبقت هذه الحادثة، اذ اشتبه الحراس بأشخاص عدة جرى التحقيق معهم. كما ان الرئيس الجميل اسر الى قريبين في اجتماعات حزبية وآخرها في اجتماع المكتب السياسي الاثنين في الثالث والعشرين من آذار (مارس) ان ثمة معلومات امنية تحذّر من مخطط لاستهدافه.
وذكرت معطيات ان سامي الجميل اعتاد ان يقصد بكفيا في مثل اليوم الذي اوقفت فيه السيارة المشتبه بها، من دون والده.
وكان الجميّل الابن قد قال اخيرا انه يمتنع منذ عامين (اغتيال شقيقه بيار) عن مرافقة والده في السيارة نفسها، في اشارة الى الهواجس التي تنتاب العائلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق