الأحد، 15 مارس 2009

Sphere: Related Content
"توصيات" اكاديمية اميركية لكل من واشنطن وبيروت لتطوير المؤسسة العسكرية
الجيش بعد الانسحاب السوري: مليار دولار وتحييده عن التناحر
برنامج حافل لقائد الجيش في واشنطن: مساعدات وزيارة منشآت
الاسبوع العربي 9/3/2009
"احترام المؤسسة العسكرية" عنوان لتنمية حسّ المواطنية للفرد. ففي التاريخ والسياسة والتربية يتعرّف المواطن الى دور الجيش في حماية الوطن وصون سيادته واستقلاله وردع خطر الاحتلال او الحرب. وتستند التنشأة الوطنية الى واجب وضرورة احترام الجيش مرتكزا لبلورة حسّ الانتماء الى الوطن. والجيش القوي يعادل الدولة القوية القادرة.
"تسليح الجيش اللبناني" شعار يرفع احيانا كثيرة للمزايدة السياسية او الانتخابية في اطار الصراعات الداخلية، وعنوان للكثير من الوعود الخارجية ولا سيما الاميركية، تماهيا مع السياسة التي انتهجتها الولايات المتحدة منذ العام 2005 تجاه لبنان والمرتكزة على الدفاع عن سيادته والمساعدة على قيام دولة قادرة وعادلة فيه تبسط سيطرتها على كامل اراضيه من دون الاستمرار في وجود مناطق خارجة عن سلطة الدولة الشرعية، وهذا ما يتطلب لتحقيقه جيشا قويا يجب ان يفوق بقدراته قدرات "الميليشات المسلحة والارهابية" بحسب مقاربة اميركا- جورج بوش للمقاومة.
بيع الجيش اللبناني الكثير من الوعود والقليل من الافعال. وعلى رغم الظروف الامنية التي واجهها في الفترة التي شهد في خلالها لبنان مراحل حالكة من تاريخه، بقيت الوعود بتسليحه حبرا على ورق او مجرد كلام للاستهلاك الاعلامي، لانّ المعادلة السياسية والامنية في الاقليم، كما هو واضح للجميع، لا تستوعب او لا تسمح بتقوية الجيش اللبناني في ظل موازين القوى وخصوصا الحديث الاميركي – الاسرائيلي المستمر عن الخوف من ان تتسرب المساعدات العسكرية التي قد تخصص للمؤسسة العسكرية، الى تنظيمات مسلحة، و"حزب الله" تحديدا.
زيارة مهمة في التوقيت
في مشهد قد يبدو للكثيرين تسابقا سياسيا على حصد الدعم في اطار التنافس السياسي، كثرت في الفترة الاخيرة الرحلات اللبنانية الى عواصم القرار الدولي في مساع للحصول على الدعم والمساعدة للجيش اللبناني، الذي اكتسب اثر معركة مخيم نهر البارد صورة مضيئة مزجت القدرة والبسالة باللحم والدم، وصولا الى الانتصار على الارهاب مستخدما أبسط الامكانات المادية واللوجستية.
وفي زيارة هي الاكثر منطقية لانها تندرج في السياق العسكري – القني – المهني وليس السياسي، قصد قائد الجيش العماد جان قهوجي الولايات المتحدة الاميركية للبحث في سبل الدعم. وأعد للعماد قهوجي برنامح حافل، وكان من بين لقاءاته، اجتماع مع قائد القيادة المركزية الجنرال ديفيد بتراوس الاميرال مايكل مولين رئيس هيئة الاركان المشتركة الذي اقام عشاء على شرفه، وتمّ البحث بمنح الجيش اللبناني طائرات من دون طيار للمساعدة على مراقبة الحدود وضبطها. كما كانت له اجتماعات عدة مع مسؤولين في وزارتي الدفاع والخارجية لا طابع سياسيا لها، ابرزها مع مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى السفير جيفري فيلتمان الذي ابلغ اليه استمرار دعم واشنطن للبنان ولتطوير قدرات الجيش وتعزيزها.
وعلم ان برنامج زيارة قهوجي استغرق شهرين، وشمل زيارة المنشآت العسكرية في واشنطن وجورجيا وفلوريدا.
ولن يقف الدعم العسكري عند حدود طائرات الاستكشاف من دون طيار، ثمة بحثا في اطار هبة الـ 500 مليون دولار، في دبابات "ام 60" وانواع متعددة من الاسلحة المختلفة حاجة مختلف الوحدات العسكرية في الجيش.
وبحسب مواكبين للزيارة فانها تكتسب اهمية، اذْ لم يمض على تسلّم العماد قهوجي قيادة الجيش سوى اشهر قليلة، اضافة الى انها جاءت في وقت يبرز فيه اصرار على اثارة سجال حول عقيدة الجيش، والغمز من قناة تدريبه على رغم انه لم يوقف تعاونه مع واشنطن منذ العام 1982. ويلفت هؤلاء الى انها ليست زيارة سياسية، فلا تغيير في سياسة الجيش الذي هو تحت سلطة رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، مشيرين الى ان وزارة الدفاع الاميركية هي الوحيدة التي لم تشهد تغييرات جذرية في الادارة الجديدة، ولا يزال برنامج عملها قائما، ومن ضمنه مساعدة الجيش اللبناني واللقاء مع قائده. وأهمية الزيارة تكمن في انها تضع الجيش في دائرة اهتمام واشنطن، وتضاعف من رصيده بعد النجاح الذي حققه في معركة مخيم نهر البارد، وما يمكن ان يواجه من تحديات.
الجيش... بعد الاستقلال الثاني
وفي تقدير ايجابي لقدرة الجيش اللبناني بنظر المجتمع الغربي، يسلّط تقرير صاغه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن تحت عنوان "التحديات والفرص للجيش اللبناني بفترة ما بعد الانسحاب السوري" الضوء على دس التحديات التي تواجه تطويره في مرحلة ما بعد الانسحاب السوري من لبنان.
ويقول التقرير: "لقد اسهم الإنسحاب العسكري السوري من لبنان في نيسان 2005 بإعادة تحديد دور القوات المسلحة اللبنانية، كما أسهمت الأحداث المتسارعة، داخلياً وخارجياً، في ممارسة ضغوط كثيرة على مؤسسة الجيش. فشكّلت مرحلة ما بعد الانسحاب السوري "مسابقة" حول تحديد مستقبل مؤسسة الجيش وإتجاهاتها العقائدية.
لقد أثبتت مؤسسة الجيش بعد الإنسحاب السوري انها واحدة من المؤسسات القليلة في لبنان التي حازت على ثقة الشارع اللبناني كلّه. لكن تطوير هذه المؤسسة في الفترة الممتدة بين العامين 2005 و2008 لم يعكس الأهمية المتزايدة لها في تأمين الأمن اللبناني الداخلي وأمن المنطقة.
وتكشف التحليلات الأخيرة أن الجيش اللبناني أصبح اكثر تمثيلاً، وأكثر توازناً وأكثر قدرة كقوة مقاتلة. بل أكثر من ذلك، يرى الكثيرون أن لبنان لم يكن قادراً على مواجهة تداعيات وتحديات ما بعد الإنسحاب السوري لولا وجود الجيش اللبناني، وهذا ما يجعل الكثير من الجهات المحلية والإقليمية تقدّر دور الجيش كعامل إستقرار داخلي وإقليمي".
ويضيف التقرير: "الاحزاب اللبنانية والحلفاء الخارجيون للبنان وخصوصا الولايات المتحدة الاميركية، سيواجهون تحديات كبيرة في السنة 2009 وما بعدها على طريق تطوير الجيش اللبناني. وإذا كان الجيش يبحث عن فرص تعزز موقعه فعليه إذاً الإستفادة من الوقت الحالي الذي يقدم له فرصة كبيرة لا بد من متابعتها بشكل جاد.
ولتعزيز قوة الجيش اللبناني ووضعه في السنة 2009 وما بعدها، ثمة توصيات عدة يجب إتباعها:
-إيقاف محاولات الجهات اللبنانية المتناحرة إعادة توجيه مؤسسة الجيش، (وهذه المحاولات) ترمي الى تقويض فاعلية مؤسسة الجيش بصفتها مؤسسة وقوة مقاتلة.
-على الحكومة اللبنانية أن تتحرك بشكل سريع لتوفير المليار دولار التي يحتاجها الجيش لتأمين التطوير الأساسي. ولتحقيق ذلك، يجب ان يخصص 4 الى 5% من الناتج المحلي الاجمالي للإنفاق على الدفاع الوطني لمدة 3 سنوات.
-أي محاولة لتعزيز الجيش اللبناني بهدف محاربة "حزب الله" هي محاولة فاشلة، فالشيعة يشكّلون 30% من نسبة العاملين في السلك العسكري. وعلى الولايات المتحدة ان تعترف أن بناء الجيش اللبناني بشكل يجعله قوة ردع ضد جيرانه تقوّض منطق "حزب الله" بشأن ترسانة أسلحته.
-سياسية الولايات المتحدة تجاه الجيش اللبناني تبدو غير واضحة ومسيئة للجهود الأميركية المبذولة في سبيل تعزيزه بصفته مؤسسة إيجابية في لبنان والمنطقة. لذلك، يجب توضيح هذه السياسة الغامضة، وعلى الولايات المتحدة أن تحدد بوضوح ما إذا كانت تريد تزويد الجيش اللبناني بأنظمة سلاح ثقيلة تحتاجها هذه المؤسسة في إطار تطوير قوتها.
-لم تترجم زيادة المساعدات العسكرية الاميركية الاخيرة للبنان بشكل مساعدات الى وزارة الدفاع، وعلى الكونغرس الاميركي أن يجعل التمويل المخصص للمساعدات العسكرية الى الجيش اللبناني إنعكاساً للإعتراف الأميركي بإحتياجات هذه المؤسسة.
-يجب على الولايات المتحدة أن تقوم بنوع من عملية إصلاحية أو أن تعيد النظر في آليات عمل قسم المبيعات العسكرية الخارجية والتمويل العسكري الخارجي لديها، بشكل يسرّع تسليم المعدات العسكرية الى لبنان.
دعم اعتدالي
على خط مواز للحركة الاميركية لتدعيم الجيش اللبناني، يقرأ بعض المراقبين تحركا لدول الاعتدال في هذا الصدد. ويقولون انه "ازاء تحرك محور الاعتدال حيال دمشق والدعم السياسي والمالي الذي يقدَّم الى العراق والسلطة الفلسطينية، يأتي دعم المؤسسة العسكرية في لبنان في مقدم اهتمام هذا المحور الذي يسعى الى جذب سوريا الى مع اعلان حرصه الشديد على عدم عودة التدخل السوري في لبنان. لكنه في المقابل يدرك تماما أن لا بد من مواجهة أي محاولة للعبث بأمن لبنان الذي يمكن ان يكون ساحة يتسلل اليها الاصوليون او أي عابث بالامن في المرحلة التي تسبق الانتخابات. ويدرك المحور ايضا ان كلفة أي محاولة لعزل ايران والحد من تحركها في لبنان ستكون باهظة. لذا تحولت الانظار الى دعم الجيش، ليس من باب تحضيره لمواجهة انما لتمكينه من بسط سلطته وحيدا على الاراضي اللبنانية. وكذلك تدخل هذه المحاولة في اطار سعي حثيث الى ابقاء المؤسسة العسكرية خارج التجاذب الداخلي، حتى لا يدفع لبنان ثمنا مكلفا للمس بهذه المؤسسة.
ويضيف هؤلاء المراقبون انه بعد حوادث 7 ايار وحرب غزة والتهديدات التي اطلقت في اتجاه بعض العواصم العربية، ظهر انه لا بد من عزل أي حال عسكرية او أمنية مدعومة من ايران في فلسطين ولبنان وغيرهما من الدول العربية، وان ما جرى في لبنان لا يمكن منع تكراره الا من خلال تعزيز سلطة الجيش، لأن تداعيات ما حصل حينه في الجبل وبيروت، استمرت تتفاعل في الاوساط العربية وخصوصا بامتداداتها المذهبية.
ويلفتون الى انّه انطلاقا من كل هذه الاسباب بدا ان ثمة قرارا مركزيا عربيا يقضي بتحقيق خرق جوهري في تسليح الجيش وتدريبه، لذا جاء الدعم لشراء طائرات "الميغ" الروسية وتأمين تجهيزاتها وتمويل التدريب وايواء الطائرات. وشكل الجواب الروسي على العرض اللبناني بعد زيارة رئيس "كتلة المستقبل" النائب سعد الحريري ثم وزير الدفاع الياس المر لموسكو ، مفترقا مهما في عدم التزام أي ضوابط لتزويد لبنان طائرات عسكرية. في حين أعلنت مصر مساعدتها للجيش في اعداد دورات تدريب وتسليح، وحفل اكثر من تقرير أمني غربي بكلام كثير على أهمية هذه البادرة الاولى من نوعها التي يقوم بها الجيش المصري حيال أي جيش عربي، اضافة الى اعلان الامارات العربية المتحدة تزويد الجيش عشر طوافات من نوع "بوما" وإبداء الاستعداد لمساعدات عسكرية اخرى.


ليست هناك تعليقات: