الاثنين، 29 مارس 2010

Sphere: Related Content

صارت المعطى الاهم لبنانيا وقد تُجمّد ملفات كثيرة في طليعتها التبديل الحكومي

المحكمة الدولية الى عين الحقيقة؟!

المحكمة لم تتراخ يوما لكن طبيعة عملها فرضت احيانا الابتعاد عن الضوء

القضاء جرّم مجموعة الـ 13 بتهمة الانتساب الى القاعدة وتأليف عصابة مسلحة

ينشر في "الاسبوع العربي" في 5/4/2010

في الذكرى الاولى لبدء عملها في الاول من آذار (مارس) 2009، سجلت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان زخما في عملها تمثّل في العدد الكبير من الشهود الذين استمعت اليهم في مقرها القديم –الجديد في المونتفردي وفي مبنى مبنى "دبي إسلام" في وسط بيروت (لمن تم استدعاؤهم) وفي اماكن اخرى (منازل او مكاتب ومؤسسات، ومنها وسائل اعلامية مكتوبة).

لم تتراخ المحكمة الدولية او مكتب المدعي العام يوما في عملهما، كي يُسجَّل لهما عودة مزخّمة. فطبيعة العمل اداري والتحقيقي والقضائي والقانوني، وخصوصا على مستوى برامج حماية الشهود، كان في بعض الاحيان يفرض ابعاد المحكمة والادعاء الدولي (او ابتعادهما) عن الواجهة الاعلامية. لكن ما ان يعود عملهما الميداني حتى يُعادا الى الضوء، مع ما تُرتِّب عليهما العودة من ملابسات تأتي في معظم الاحيان على شاكلة حملات محمومة.

التصوير ثلاثي الابعاد

آخر ما سجل من العمل الميداني للمحكمة، قيام فريق جنائي تابع لها يضم 11 خبيراً بعملية تصوير ثلاثي الأبعاد لمسرح الجريمة أمام فندق السان جورج. وهذا النوع من التصوير يُجرى في لبنان للمرة الأولى، استكمالاً لعمل فريق لجنة التحقيق الدولية في إنجاز التحقيق الخاص، وتمهيداً لصدور القرار الاتهامي عن المحكمة. ومن المعلوم ان أهمية تقنية التصوير ثلاثي الأبعاد في إعادة تجسيد مسرح الجريمة بصورة حقيقية وحيّة، سعيا إلى تكوين مسرح الجريمة، وهي تشكل دعماً بصرياً للوقائع في القرار الإتهامي وستعرض على المحكمة.

وتقول الناطقة باسم مكتب المدعي العام في المحكمة الدولية راضية عاشوري ان "أحد الأعمال المهمّة للتوصّل إلى حلّ أيّ جريمة هو توثيق مسرحها، فهي تتيح تقنيّة المسح الثلاثي البُعد عن طريق الليزر التوثيق الشامل والسريع وشبه الكامل لمسرح الجريمة. كما تكمن ميزة هذه التقنيّة في الحصول على مقاييس وبيانات أكثر دقّةً لمسرح الجريمة يمكن استعمالها لتقديم الخلاصات التقنيّة والجنائيّة للادّعاء على أساس إعادة خلق مسرح الجريمة من خلال التصوير الثلاثي البُعد. وبما أنّ صورة واحدة تساوي ألف كلمة، تسهّل هذه التقنيّة على جميع المعنيّين الاطلاع بصريًّا على المعلومات وفهم ماذا جرى في مسرح الجريمة".

حزب الله والشهود

بالتزامن، عاود فريق من المحققين مسح أقوال الشهود الذين أدلوا بإفاداتهم أمام لجنة التحقيق قبل تأليف المحكمة، واستمع الى عشرات الشهود الجدد، بمواكبة عسكرية وأمنية لبنانية لافتة.

ونقلت احدى وكالات الانباء الاجنبية في الخامس والعشرين من آذار (مارس) عن مسؤولين لبنانيين أن محققين دوليين استجوبوا عناصر من "حزب الله" فيما يتعلق بقضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في العام 2005.

وقال المسؤولان، أحدهما أمني والآخر قضائي، إن فريقا من المحكمة الخاصة بلبنان، ومقرها هولندا أجرى مقابلات مع عدد من عناصر حزب الله في بيروت بين عشرات الأشخاص الآخرين.

وقال المسؤول القضائي إن المحققين كانوا يتحدثون إلى الأشخاص الذين قد تكون لديهم معلومات عن الجريمة.

وقالت الوكالة ان المسؤولين تحدثا شريطة عدم ذكر اسميهما نظراً لحساسية القضية.

من الواضح ان غرض التحقيقات والاستجوابات وجلسات الاستماع التي تكثفت في الآونة الأخيرة تعزيز القرائن والأدلة الموجودة ومقاطعتها مع الوقائع، قبل بدء إعداد القرار الاتهامي.

وفي حين اكد رئيس تيار "التوحيد" الوزير السابق وئام وهاب واقعة استدعاء المحكمة عناصر من "حزب الله"، قال النائب علي فياض إن حزب الله سيتعاطى مع ما يحكى عن تورط عناصر منه في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري على أنها موضوع رواية إسرائيلية. واضاف: "في موضوع المحكمة الدولية وتسريبات المحكمة الدولية ولائحة الأسماء التي تضمنت أسماء عناصر في حزب الله فهذا الصنف من التسريبات خلال الفترة الماضية منذ رواية دير شبيغل ليس بجديد وهناك شيء من التسريبات والتداول غير الرسمي والأخبار المسيسة التي تستهدف حزب الله. وتابع: حزب الله يعتبر نفسه غير معني بموضوع المحكمة، لكنه دائما كان يبدي الخشية من التسييس، ومن التجارب الأولى للمحكمة (القاضي الالماني ديتليف ميليس) صار هناك نوع من التوافق العام على أنها لم تكن تجربة موفقة فقد جرى خلط المسار القضائي بالسياسي.

وعلى رغم هذه التوضيحات، نُسب الى مصادر معنية أنّ "حزب الله" لن يمانع من توجيه أي اسئلة إليه "شرط أن تكون ضمن آليات يضمن بموجبها عدم المس بأمنه أو أمن عناصره مهما كانت رتبهم". وذكرت هذه المصادر ان "حزب الله يرفض أن يشار اليه باصبع الإتهام وهو سيظل يعتبر أن أي غمز من قناته في هذه القضية إنما هو فعل إسرائيلي بامتياز، وأنه مستهدف بكل الوسائل وعبر كل الجهات للنيل منه كيفما اتفق".

مجموعة الـ 13

وكان لافتا، في حمأة هذه الدينامية التحقيقية الدولية، اصدار المحكمة العسكرية في الاسبوع الاخير من آذار (مارس) أحكامها في حق عناصر ما بات يُعرف بـ "مجموعة الـ 13" المنتمية الى تنظيم "القاعدة"، والتي تردد ان أحد أعضائها، المدعو فيصل أكبر، اعترف بعد توقيفه مع عناصر جهادية اخرى أوائل العام 2006، بمسؤولية ما للمجموعة عن اغتيال الحريري، قبل ان يعيد كامل الاعضاء الموقوفين نفيهم لما ما نسب اليهم في هذا الشأن.

وتراوحت احكام المحكمة العسكرية بين سنتين وعشر سنوات بتهم محاولة القيام بأعمال ارهابية والانتماء الى تنظيم "القاعدة" وتأليف عصابة مسلحة بقصد ارتكابات الجنايات ونقل الأسلحة وأجهزة لاسلكية وحقائب وغيرها، ما فسّرته مصادر حقوقية سقوطا لما نُسب الى هذه المجموعة من مسؤولية عن عملية الاغتيال، وما تراكم على هذه "المسؤولية" من تحليلات وتفسيرات وتأويلات ذهبت حد وضع سينارويات واتهام جهات، تارة بالفبركة وطورا بتلفيق الشهود.

اشياء دسمة

ومع تقدم حديث المحكمة الدولية، يسود انطباع بأنها صارت المعطى الأهم الذي دخل على خط الحسابات والمواقف السياسية أخيرا، ومن شأنها ان تجمّد الكثير من العنواين، من الخلافات في السياسة والاقتصاد والاجتماع الى همس الصالونات عن تغيير او تبديل حكومي جزئي.

ويرى مراقبون ان مردّ الاهتمام بالمحكمة الدولية امران:

-الوقائع والتطورات المتسارعة التي تركت انطباعا واسعا ان في جعبة المحكمة اشياء دسمة قد تترجم بتزخيم العمل على القرار الظني.

-التسريبات عن اوجه محددة في التحقيق الدولي واستعادة افرقاء في قوى الثامن من آذار (مارس) رواية مجلة "دير شبيغل" الألمانية لدلالة علة ان ثمة من يستهدف "حزب الله" مجددا، بعد القفز فوق الاتهام السوري.

ولا تخفي جهات في قوى الرابع عشر من آذار (مارس) الخشية من ان تتحوّل تطورات المحكمة الدولية استحقاقا بارزا واحد مصادر القلق للمرحلة الآتية، من دون ان تغفل هذه القوى الاشارة الى امكان وجود رابط بين هذه التطورات والحملة السياسية التي تصاعدت أخيرا ضد المؤسسات الأمنية والسياسية ورئاسة الجمهورية في هجوم استباقي ووقائي.

لعبة الامم

في المقابل، تحذر قوى الثامن من آذار (مارس) من "خطورة استحضار ملف المحكمة الدولية لزجه في الوضع اللبناني مع ما يحمله هذا الملف من توترات وتجاذبات وملفات خطرة، ومن عودة "لعبة الأمم" التي سبق لرئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط التنبيه منها.

وتذكّر هذه القوى بأحد خطب الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله الذي سبق ان المح في الاول من ايار (مايو) 2009 الى وجود 3 شخصيات للمدعي العام الدولي دانيال، بحديثه عن بلمار الاول وبلمار الثاني وبلمار الثالث "الذي لا نعرف عنه شيئا، فهل يكون بلمار الاول او بلمار الثاني؟". ووجه نصر الله سيلا من الاسئلة: "كيف سيتصرف المدعي العام والمحققون الدوليون في المرحلة وأي مسارات سيسلكون في التحقيق وكيف سيتصرفون مع ما يقدم من شهود ومن شهادات ومن معطيات؟ هل سيتصرفون بشكل علمي وتقني؟ هل سترتكب نفس الأخطاء التي إرتكبت خلال الأربع سنوات من التحقيق الدولي؟ هل ستوجه من جديد اتهامات لأشخاص جدد بلا دليل وبلا حجة أو إستنادا إلى شهود زور ليطلق سراحهم بعد أربع سنوات جديدة ويضيع من عمر قضية الرئيس الشهيد والحقيقة أربع سنوات جديدة؟ أم سيتم التدقيق بالدليل والحجة والشهود بشكل علمي وموضوعي بعيدا عن الاتهامات الجاهزة والمسبقة؟ هل ستبقى آذان المحققين الدوليين والقضاة في المحكمة الدولية مفتوحة أمام الذين صنعوا محمد زهير الصديق وكتبوا السيناريوهات وقدموا شاهد الزور تلو الآخر أم ستسد أمامهم الأبواب والأذان وأنهم سيحاسبون على تضليلهم للتحقيق على مدى أربعة اعوام؟".

وتتحدث هذه القوى عن "مفاجأة تتعلق بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، سيعلن عنها قريبا، وستتناول أمورا جديدة وصادمة للرأي العام، ستليها إطلالات اعلامية مكثفة لمواكبة هذه المفاجأة، بعد احتجاب طوعي عنه بغية التركيز على موضوع المحكمة الدولية".

وتقول هذه القوى ان "معطيات هامة سيعلن واحد من الضباط الأربعة (او اكثر)، كانت مخفية عن لجنة التحقيق وتم تجاهلها، مما سيدفع بالمحكمة الدولية إلى إعادة تصويب مسارها نحو كشف الحقيقة".

وتربط هذه المعطيات بما ورد من تلمحيات في التقرير الاول لرئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان انطونيو كاسيزي عن وجود "تقدم ملموس حول الفاعلين"، لتخلص قوى الثامن من آذار (مارس) الى ان "هناك خيوطا جديدة توصّل إليها التحقيق حول هوية الانتحاري أو المجموعات التي نفذت الجريمة، وأن هناك ملابسات شابت عملية التحقيق في السابق".

ليست هناك تعليقات: