الأحد، 21 مارس 2010

Sphere: Related Content

بين راغبٍ في عدم نجاح العهد ومتقاعسٍ عن تسهيل دربه

سليمان وثلثُه المعطَّل قسرا!

لِِمَ استعادة "رئاسة السنتين" تزامنا مع الحملة على رئيس الجمهورية؟

ينشر في "الاسبوع العربي" في 29/3/2010

يصعب على المراقبين ترتيب تقويم عام للثلث الاول من ولاية الرئيس ميشال سليمان، بالنظر الى الملابسات والالتباسات والاحتقانات والتناقضات التي رافقت هذا الثلث، وحوّلت الرجل "قاضي اولاد" (اقتباسا عن المثل الشعبي الذائع)، وشيخ صلح بين مختلف الافرقاء والاحزاب المتخاصمة والمتنازعة. ولا يخفى ان مجموع هذه الملابسات والالتباسات والاحتقانات والتناقضات حدّت من انطلاقة العهد كما ارادها الرئيس وصوّرها في خطاب القسم الرئاسي، ولا تزال تنتقص من قوة الدفع التي انتجها الاجماع اللبناني والعربي والدولي على رئاسته التوافقية.

ليس جديدا ان يكون ميشال سليمان في دائرة التصويب السياسي. فالرجل تعرّض للسهام منذ ان كان في قيادة الجيش. محطات عدة رُشِق بها، بدت كأنها "استعادة ثانية لـ "عمادة النار"، لكنها كانت التمهيد لرئاسته:

-فتح ساحة الشهداء في الرابع عشر من آذار (مارس) 2005.

-رفض ازالة مخيم قوى الثامن من آذار (مارس) في الساحة اياها.

-حرب مخيم نهر البارد من ايار (مايو) حتى ايلول (سبتمبر) 2007.

-هروب زعيم "فتح – الاسلام" شاكر العبسي قبل ساعات من سقوط المخيم، ومن ثم الجدال حول ظروف نشأة التنظيم وتنسيبه.

-احداث مار مخايل في كانون الثاني (يناير) 2008، بين الجيش ومحتجين من حركة "امل" على انقطاع التيار الكهربائي.

-احداث السابع من ايار (مايو) 2008 واتهامه بالوقوف على الحياد.

-خطاب القسم الرئاسي والموقف من المقاومة في الخامس والعشرين من ايار (مايو) 2008.

-محاولات تحجيم الرئاسة من خلال تكريس "وزراء الرئيس". كانوا ثلاثة في حكومة فؤاد السنيورة وصاروا خمسة في الحكومة الراهنة.

-الجدل الذي رافق الحديث عن هبة طائرات "الميغ" الروسية في كانون الاول (ديسمبر) 2008، والذي لم ينته الا مع طلب رئيس الجمهورية استبدالها بمروحيات اثناء زيارة الاخيرة لموسكو في الرابع والعشرين من شباط (فبراير) 2010.

-زيارة الولايات المتحدة الاميركية في الثاني عشر من كانون الاول (ديسمبر) 2009، وهي زيارة قال حلفاء سوريا في لبنان انها تحفظت عنها شكلا وتوقيتا ومضمونا وسببت عكرا في علاقته بدمشق.

-عدم الارتياح من اصرار الرئيس على معادلة س.س.م، في اشارة الى السعودية وسوريا ومصر، بدلا من معادلة س.س.

-الموقف مما اصطلح على تسميته "قمة الحرب" في دمشق في السادس والعشرين من شباط (فبراير) 2010، اذ ابدت رئاسة الجمهورية تحفظا مكتوما حيالها.

-الدعوة الى اجتماع هيئة الحوار الوطني في الثامن والعشرين من شباط (فبراير) 2010، بعد يومين من القمة.

همس السنتين الانتقاليتين

توّج الهمس المسرّب عن استعادة بعض الجهات فكرة ولاية السنتين الانتقالية التي فشلت الجهات اياها في تسويقها طوال الفترة التحضيرية لانتخاب سليمان رئيسا، حملة مشبوكة ومتشابكة طالت على امتداد الثلث الاول من ولايته، بدءا مما رافق الانتخابات النيابية في حزيران (يونيو) 2009 من ملابسات ومن استهداف مقصود للرئيس، وليس انتهاء بما اثير من غبار على خلفية تشكيله هيئة الحوار الوطني بالتزامن مع تسريبات ممنهجة عن سوء علاقته بدمشق نتيجة هذه الدعوة، وبسبب تراكم مجموعة من الالتباسات بينهما.

لا يعير سليمان الحملة عليه اي اهتمام، ويقول انه لا يريد الخوض في متاهات السجالات الدائرة، (...) "واللبنانيون يتابعون ما نقوم به يومياً من مهمات صعبة، ويدركون اهمية ما حققناه حتى الآن من انجازات سياسية واقتصادية وامنية، ساهمت الى تعزيز حالة الاستقرار والانتعاش التي يعيشها لبنان حالياً، وتحقيق معدل نمو قياسي وصل الى تسعة بالمئة في العام الفائت".

ويضيف: "اريد ان اطمئن الجميع، خصوصا اصحاب الحملات المعروفة، ان الاتصالات مستمرة بيني وبين الرئيس (السوري) بشار الاسد، حيث نتشاور في القضايا التي تهم البلدين الشقيقين وما يجري حولنا في المنطقة، وذلك من منطلق ايماني باستراتيجية العلاقة مع الشقيقة سوريا، ومن باب الحرص على اقامة افضل العلاقات التي تخدم مصالح الشعبين الشقيقين. وآخر اتصال مع الرئيس الاسد كان بعد عودتي من زيارة المملكة العربية السعودية ومحادثاتي مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، وتبادلنا الرأي بالتطورات الجارية في المنطقة، كما تطرق الحديث الى تشكيل هيئة الحوار الوطني حيث اثنى الرئيس الاسد على العودة الى طاولة الحوار والذي يبقى مفيداً في كل الاحوال".

ثلث رئاسي شائك

لِمَ التذكير بقرب نهاية العامين "الانتقاليين" في الخامس والعشرين من ايار (مايو) المقبل؟ وهل هذا التذكير مرتبط بالحملة الممنهجة على رئيس الجمهورية؟

يقرأ قيادي بارز في قوى الرابع عشر من آذار (مارس) مسارا شائكا في العامين الرئاسيين الاولين، ويعيده الى الآتي:

-لم يكن الثلث الاول من الولاية الرئاسية دربا معبدة، لا بل يمكن وصفه بـ "الثلث المعطَّل" (بفتح الطه) نظرا الى كثرة الملفات المتشابكة التي اضطر رئيس الجمهورية الى التصدي لها، من ازالة احتقانات السابع من ايار (مايو) 2008، الى استعادة موقع لبنان في المجتمع الدولي ورسم ملامح المظلة الدولية الواقية، مرورا بكثرة الخلافات والخصامات اللبنانية الناتجة من اعوام خمسة عصفت بلبنان، والتي استهلكت وقتا رئاسيا ثمينا قبل اعادة ترتيب العلاقات السياسية وتصفية الذيول والقلوب.

-زاد استحقاق الانتخابات النيابية الوضع تعقيدا نظرا الى الاصطفافات الحادة التي قسّمت اللبنانيين وأمعنت في تفريقهم. ولم تكن المرحلة اللاحقة للانتخابات اخف وطأة، اذ ان الخلاف انتقل الى التحاصص الحكومي والرغبة في تكريس تفاهم الدوحة. وكلا التعقيدين لم يسهلا مهمة الرئيس الذي كان يأمل ان تكون مرحلة حزيران (يونيو) 2009 منصة يتكئ عليها لاطلاق عهده فعليا وواقعيا.

-لم يبد معظم الاطراف السياسية والحزبية، طوال العامين الرئاسيين، أي رغبة في تسهيل مهمة الرئيس، فكانت الخلافات تتنقل من عنوان الى آخر ومن ملف الى آخر، مما ادى الى استنزاف الوقت والى الحد من فاعلية رمزية الرئيس القادر الآتي بعد 4 اعوام من خلافات وتشققات وهزات تركت اثرها العميق على موقع رئاسة الجمهورية.

-لا يزال طرف او اكثر يتعاطى مع الرئيس سليمان من موقع الخصومة، فهو الرئيس – التسوية الذي قطع الطريق على اكثر من طامح ومرشح، والذي نجح بفعل وسطيته في ان يفرض نفسه، من دون ان يطلب او يسأل، حلا وسطا لإنقاذ الجمهورية وانتشالها من فراغ وشلل خطرين.

-ولا يزال طرف او اكثر ينتظر الرئيس على كوع السقطات او التعثرات، كي يقتنص فرصة او سانحة.

نظرية الشلل

-يواظب اطراف كثر على تسويق نظرية شلل عهد ميشال سليمان، كذريعة للعودة الى فكرة الولاية الانتقالية، متكئين على الثغرة الدستورية التي رافقت انتخابه في مجلس النواب، وهي ثغرة نبه اليها كثر من بينهم الرئيس حسين الحسيني، نتيجة تراضي الطبقة السياسية التي عرّبت انتخاب سليمان، على رفض تعديل المادة 49 من الدستور.

-ويواظب الاطراف انفسهم، مسوّقو نظرية الشلل، على الحد من فاعلية العهد من خلال السعي الى ارجاء الاستحقاقات السياسية (كالانتخابات البلدية والاختيارية) والادارية (كالتعيينات) والاجتماعية (كالموازنة) التي من شأنها زيادة دينامية رئاسة الجمهورية واضفاء مزيد من المصداقية.

-اصابت شظايا الحملة الاعلامية على ما سمّي الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة الاميركية، رئاسة الجمهورية، من خلال تصويرها على انها ساكتة عن الحق، في حين ان الرئاسة وجهات عدة تدرك خلفيات الحملة وحقيقة الهبة الاميركية.

-تنتظر الحكومة حملة سياسية – اقتصادية يجري التحضير لها على خلفية مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للسنة 2010، ومن خلالها مستلزمات تمويل 3000 مليار ليرة من الاضافات الاستثمارية على موازنة العام 2009، وكذلك التزامات مؤتمر باريس 3 من خصخصة وخفض استحقاقات الدين العام، على ان تكون أي زيادة ضريبية (كرفع الضريبة على القيمة المضافة من 10 الى 12%) الذريعة المباشرة لهذه الحملة.

-وليس بعيدا ان تتحول أي تطورات على مستوى عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، مادة خلافية جديدة، من شأنها تعقيد الامور واطلاق شرارة ازمة جديدة، واستطرادا تعسير عمل العهد، خصوصا في ضوء ما يرشح عن تحقيقات مكتب الادعاء الدولي في بيروت والاستماع الى شهود معينين والتركيز على معطيات محددة، ووضع رسم ثلاثي لإغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري قد يوحي بوجود استنتاجات معينة يعمل المحققون والخبراء على تثبيتها وتوثيقها.

ليست هناك تعليقات: