الاثنين، 6 يوليو 2009

Sphere: Related Content
باب المخارج الحكومية يُطرق تفاديا لأي مفاجآت
الحكومة محشورة بين التفاهمات والتركيبات الهندسية
10 عناصر قد تتحكّم في استيلاد حكومة الحريري

ينشر في "الاسبوع العربي" في 13/7/2009
الحكومة العتيدة على نار التفاهمات العربية: فإما ان تستولد قريبا، وإما ان تفقد عنصر السرعة والزخم اللازم كي تفرض صدمة ايجابية محلية وخارجية، فتفقد، تاليا، الادارة اللبنانية القدرة على توظيف التقارب العربي.
يقول ديبلوماسي عامل في بيروت ان المفاوضات حول تشكيل الحكومة العتيدة تتم خلف ابواب موصدة وعبر اتصالات ولقاءات مكوكية، في ظل دور مركزي لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي سيجعل حصته في الحكومة ضمانة لطرفي الموالاة والمعارضة. لكن لا تفوته الاشارة الى ان "الاستشارات في بيروت، بينما غرفة القيادة المركزية بين الرياض ودمشق"، نسبة الى الاتصالات واللقاءات المتقدمة السعودية – السورية، في حين تجري المفاوضات وسط مناخ بالغ الحذر، بين معارضة ترغب في التوصل الى تسوية مع الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري وفق صيغة تصفها بـ "المتوازنة" وتضمن "مشاركة حقيقية"، فيما قوى الرباع عشر من آذار (مارس) تعلن انها لن تقبل بالعودة الى الواقع الحكومي الذي كان سائداً قبل السابع من حزيران (يونيو)، في اشارة الى تمسكها بعدم العودة الى بند الثلث المعطّل الذي نص عليه اتفاق الدوحة.
بين هذه وتلك، يشير الديبلوماسي الى ان ثمة من يبحث عن صيغة توافقية وسطية، تؤمن لفريقي النزاع ما يريده من الحكومة شكلا وعديدا، لافتا الى ان احدى الصيغ – الحل تبحث جديا في ان تمنح المعارضة "ثلثا" مكتوما او غير قابل للصرف الا بمعية رئيس الجمهورية وبموافقته.
وتتراوح الآراء في الصيغة "الوازنة" بين 15 – 10 - 5، وبين 14 -10- 6، وبين 13-10 -7، علما ان قياديين في المعارضة جددوا التمسّك بالثلث المعطل، وحجتهم ان حكومة تصريف الاعمال "كانت من انجح الحكومات"، وان الثلث المعطّل هو "لتعطيل القرارات الكيدية وليس للعرقلة"، وان "الغالبية، بهدف الالتفاف على مطلب المعارضة الحصول على الثلث الضامن، عادت الى الحديث عن "الوزير الملك" الذي تسميه المعارضة ويكون من حصة رئيس الجمهورية".
ويرى المراقبون ان على على لبنان ان يلتقط اللحظة العربية المناسبة لانجاز لاستكمال نجاح الانتخابات النيابية عبر تأليف حكومة الاتحاد الوطني، خصوصا في ضوء التقارب العربي المتزايد بإطراد.
مفاوضات التقارب
ويعتبرون ان المفاوضات الحكومية لا شك انها ستكون صعبة، لكنها ستجري تحت مظلة التقارب العربي والذي يعتبر نصف الطريق للوصول الى حكومة وحدة. ويشيرون الى ان مفتاح الحل قد يكون بصيغة تعطي ثلثا ضامنا مكتوما لقوى المعارضة، بحيث يسمي رئيس الجمهورية وزيرا او وزيرين توافق عليهما المعارضة. ويتوقعون، تأسيسا على المناخ العربي التقاربي، مزيد من الانفتاح بين التيارات والقوى السياسية المختلفة، على قاعدة الحرص على أن تكون الحكومة فاعلة ومنتجة وقادرة على تجاوز رواسب وسلبيات المرحلة الفائتة، ووفق صيغة متوازنة شكلا ومضمونا ببيان وزاري واضح المعالم، يؤسس لبداية استقرار سياسي وامني واجتماعي.
حكومة اقطاب؟
الى ذلك، وخشية الوصول الى نقاش مقفل في شأن الحكومة بسبب احتمال اصرار المعارضة على الثلث المعطّل، واستكمالا للبحث الحاصل راهنا على مستوى رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تشكيل الحكومة ومختلف القيادات، تتداول الأوساط السياسية والديبلوماسية في مجموعة من الصيغ والافكار، من بينها واحدة تقضي بالركون الى حكومة ثلاثينية مختلطة بين أقطاب وسياسيين وتكنوقراط، برئاسة الرئيس المكلف النائب سعد الحريري، تضم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل ورئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع ورئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية ورئيس تكتل "الاصلاح والتغيير" النائب العماد ميشال عون ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ورئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال ارسلان وغيرهم من الشخصيات والقيادات البارزة.
ويرى منظّرو هذا الطرح أن مثل هذه الصيغة تتيح أن تضع لبنان على منصة انطلاق بدينامية كبيرة تؤدي الى استعادة فاعلية ودور المؤسسات الدستورية، وتنهي حالات في ادارة البلد ابتدعت في المرحلة الفائتة وادت طورا الى بروز ترويكا وطورا آخر الى الاستعانة بطاولة حوار للبحث في مسائل يجب ان تكون في صلب عمل المؤسسات الدستورية، وفي طليعتها السلطة التنفيذية، بحيث كان واضحا ان مطبخ القرار السياسي كان في ضفة مقابلة لهذه السلطة.
ويعتبر هؤلاء ان الانتخابات التشريعية اقفلت مرحلة من الممارسات السياسية الغربية عن منطق المؤسسات، ولا بد من تكريس هذه العودة الى المؤسسات من باب مجلس الوزراء تحديدا، بعدما جرى اللجوء الى "ادارات" موازية للدولة افرغتها من مضمونها السياسي والرعائي والمؤسسي.
ويشيرون، على سبيل المثال، إلى أن طاولة الحوار برزت في مرحلة معينة حاجة، نتيجة التشكيك في نتائج الانتخابات النيابية في العام 2005، وتاليا في حكومتي الرئيس فؤاد السنيورة، والركون في حينه الى منطقي "الغالبية النيابية والغالبية الشعبية. اما في ضوء انتخابات العام 2009 والاعتراف المحلي والدولي بنتائجها، فأضحى في الإمكان حصر الحوار في طاولة مجلس الوزراء، في شأن الاستراتيجيا الدفاعية وسلاح "حزب الله" وقرار الحرب والسلم، وباقي العناوين الحساسة اضافة الى القرارات التي تحتاج الى موافقة ثلثي الوزراء، علما ان مشاركة الاقطاب تعطي الحكومة الزخم اللازم والقدرة الكاملة على اتخاذ القرارات المصيرية.
ويعتبر مراقبون سياسيون ان من شأن هذه الصيغة ان تنهي عمليا مفاعيل اتفاق الدوحة لجهة الثلث المعطّل، كما تؤمن العودة الفعلية الى منطق المؤسسات، وتعطي الضمانات السياسية التي تريدها المعارضة و"حزب الله" في خصوصا السلاح وما يسميه الحزب "التفرّد في القرار".
العناصر - المفاتيح
في الموازاة، تعتبر مصادر سياسية عليمة ان ثمة ظروفا ومعطيات وعناصر تتحكّم بولادة اولى حكومات الحريري، منها على سبيل المثال:
-يجري صوغ التفاهمات العربية بخطى واثقة وسريعة، لكن احدا من الاطراف المعنية لا يتوهم حجم التعقيدات التي قد تظهر بين الفينة والاخرى، وخصوصا ان القيادة السورية المعنية الاولى بهذه التفاهمات قد لا تكون مستعجلة صوغ تفاهمات الا في ضوء تأكدها من الحصول على الحد الاقصى من المكاسب السياسية والاقتصادية، عربيا واوربيا واميركيا. لذا لم يكن مفاجئا ان تمر مراحل صوغ التفاهمات بعثرات وبخط بياني متذبذب، يعلو ويخفت ارتباطا بالادجارة السورية للمفاوضات الحاصلة.
-قد لا تتوانى دمشق عن "شد" الحبل كلّما بانت لها القدرة على تحصيل المزيد من الاثمان والمكاسب، او كلّما لاحت له الفرصة عن تعويض ما فاتها لبنانيا منذ نيسان 2005، على مستوى نفوذها في لبنان.
-كلّما زاد الوقت الضائع كلّما توسّعت التعقيدات الحكومية، خصوصا ان تثمير قوة الدفع الاقليمية ـ الدولية الراهنة يفرض حكما الاستعجال في استيلاد الحكومة العتيدة، لإلتقاط "المومنتوم" السياسي السانح راهنا بفعل محاولات رأب الصدع العربي.
-لكن الرئيس المكلف لن يبادر الى الاعتذار او التراجع عن تشكيل الحكومة مهما بلغت درجة الصعوبات المحلية والمستوردة، وهو اصلا لم يكن ليلج هذه المغامرة لو لم يكن متيقنا من انه قادر على فرض ايقاع معيّن يقود الى نجاح اولى مهماته على المستوى الحكومي، او في الحد الادنى من توظيف الايقاع العربي لانجاح مهمته.
-الصيغة الحكومية الأكثر تداولا، هي صيغة 15-10- 5 اذا كانت الحكومة ثلاثينية، (علما ان ثمة من يتحدث عن حكومة من 24 وزيرا). وترى قوى الغالبية ان هذه التوزيعات الهندسية تنسجم كليا مع نتائج الانتخابات النيابية، بحيث تسقط المعارضة الثلث المعطل (10 + 1) وتتخلى قوى الرابع عشر من آذار (مارس) آذار عن الغالبية البسيطة (15 + 1). لكن هذه الصيغة لن تتيح لرئاسة الجمهورية الكتلة التي تريدها وازنة، ولا تترجم خصوصا الوعود التي اغدقت عليها إبان الانتخابات بحصة حكومية تعزز مرجعيتها الوفاقية.
-تعطي الترجيحات 8 وزراء لكتل "لبنان اولا"، 5 للرئاسة، 5 لتكتل "الاصلاح والتغيير"، 3 لكتلة "التحرير والتنمية"، 2 لـ "اللقاء الديمقراطي"، 2 لـ "حزب الله (او من يختارهم)، 2 لـ "القوات اللبنانية"، 2 للمستقلين (بطرس حرب...) و1 للكتائب.
-تبرز عقدة توزيع الوزارات السيادية الاربع (الدفاع والداخلية والمال والخارجية) والتي اضيفت اليها خامسة (الاتصالات) لارضاء "التيار الوطني الحر" في حكومة اتفاق الدوحة والتي نالت الثقة في آب 2008. اذ ان توزيع هذا الخماسي على الطوائف قد يشكل عقدة قائمة في حد ذاتها نظرا الى "التناتش" المنتظر سياسيا وطائفيا ومذهبيا. وقد يكون احتكار رئاسة الجمهورية اثنتان من هذه الوزارات او اكثر احد المخارج لتذليل العقبات الماتوقعة على هذا المستوى. اما وزارات الخدمات فستكون هي الاخرى موضع تجاذب حيث تسعى كل الكتل الى الحصول عليها لما تقدّم من خدمات على تماس مباشر مع اللبنايين، وهو تماس مطلوب لتعزيز الحظوة والقدرة الاستقطابية الانتخابية.
-لم تصغ قوى المعارضة بعد تصورا نهائيا لمشاركتها في الحكومة، ففي حين يصر "التيار الوطني الحر" على التمثيل النسبي (7 وزراء بينهم 5 مسيحيين ودرزي)، يتمهّل "حزب الله" في رسم مشاركته، علما ان اوساطا عدة تجزم ان الحزب لن يشارك اسميا بحزبيين ملتزمين، انما سيسمي اصدقاء له، في استعادة منقحة لتجربتي الـ 2005 والـ 2009.
-كما ان قوى الغالبية لم تصل بعد الى تصور موحد، خصوصا في ضوء فائض المرشحين المسيحيين (الكتائب و"القوات اللبنانية" اضافة الى "اللقاء الديمقراطي" وتيار "المستقبل" والمستقلين).
-اما كتلة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان او الكتلة الوازنة والمرجحة، فلا تزال خارج النقاش الفعلي، علما ان ثمة من يؤكد ان الرئيس لن يقبل بأقل من 7 وزراء يريد تأطيرهم في كتلة وازنة قادرة على لعب دور صمام الأمان، بما يتيح قدرا كبيرا من الحماية لحكومة يقدّر ان يطول عمرها بين 4 او 5 سنوات اي الى نهاية العهد الرئاسي، وبما يتيح له ايضا فرض ايقاعه على مستوى الاصلاحين السياسي والاقتصادي وعلى مستوى اعادة تفعيل العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن.

ليست هناك تعليقات: