لقاء فرنجية- الجميل دينامية سياسية تخرق جدار الجمود الحكومي
خلط الاوراق مسيحيا: استشراف الخطر على "الكيانية"؟
"الكتائب" في الوسط... "قناة وصل" بين الاحزاب المسيحية المتناقضة؟
ينشر في الاسبوع العربي في 20/7/2009خلط الاوراق مسيحيا: استشراف الخطر على "الكيانية"؟
"الكتائب" في الوسط... "قناة وصل" بين الاحزاب المسيحية المتناقضة؟
اطلق انحسار الايجابية على مستوى الملف الحكومي في انتظار تطور مسار التفاهمات العربية، دينامية سياسية لافتة تمثّلت في خلط اوراق ولقاءات كانت متعذرة سابقا بين قياديين في تيارات متخاصمة، في طليعتها الاجتماع في بنشعي بين رئيس تيار المردة" النائب سليمان فرنجية برئيس اللجنة المركزية في حزب الكتائب النائب سامي الجميل، في حين كشف رئيس الحزب امين الجميل عن لقاءات غير معلنة بين الكتائب و"التيار الوطني الحر" (لقاء سامي الجميل بألان عون). اما قناة "القوات اللبنانية" وتيار "المردة" فما زالت على حالها في ضوء اضطلاع الرابطة المارونية بدور تقريب وجهات النظر وتمديد الهدنة، لا سيما ان الجهود لجمع فرنجية بالدكتور سمير جعجع لا تزال بعيدة المنال والتحقق.
ثمة قراءتان لهذه الدينامية المسيحية المستجدة بعد الانتخابات النيابية: واحدة تضعها في الاطار الفولكلوري، وثانية تعوّل عليها لتكون بداية وعي مسيحي للاخطار المحدقة.
1-يرى اصحاب القراءة الاولى ان لقاء بنشعي السبت في الرابع من تموز (يوليو) هو مجرّد عملية تعارف بين رجلين سعيا الى تخطي "عقَد" الماضي بين الجدّين والوالدَين والحزبَيْن. واستوجبت اللقاء ضرورات تمرير الوقت الضائع في انتظار المشاريع العربية الواردة في السياسة والحكومة والاقتصاد والامن، وربما السيادة والاستقلال.
2-ويعتبر اصحاب القراءة الثانية ان موجبات خلط الاوراق على المستوى العربي والدولي، والفراق الذي كرّسه الرئيس الاميركي باراك اوباما مع ادارة الرئيس السابق جورج بوش وخصوصا في الشرق الاوسط، تتطلب ولا بدّ، اعادة نظر في مجمل الحراك السياسي المسيحي على مساحة لبنان والمنطقة. كما تفترض ضرورة قراءة المرحلة بموضوعية وعلى مستوى عال من التبحّر وفهم المحيط في ضوء المصالحات الاسلامية الجارية يمنة ويسرى، والتي فرضتها ظروف التقارب العربي - الاسلامي قبل أي ظروف اخرى، بما فيها هواجس المجموعات الطائفية اللبنانية.
بهذا المعنى، يعمل سامي الجميل الآتي من اديولوجية "لبناننا" حيث الطرح الاقرب الى الكيانية –الفدرالية، على تثبيت وراثته رئاسة حزب الكتائب انطلاقا من مروحة اتصالات بدأها قبل اشهر مع "التيار الوطني الحر" واستكملها جزئيا بزيارة بنشعي، على ان يستمر في هذا الوتيرة في المرحلة المقبلة، بإشراف والده الرئيس الجميل والحزبيين القدامى المحيطين من المستشارين والذين رافقوا مسيرة الحزب منذ زمن الجدّ بيار الجميّل.
وثمة من يقول ان النظرية الغالبة راهنا تشير الى ان فرنجية يتزعم مسيحيي الشمال، القلعة التي من الصعب ان يلِجَها احد من الاحزاب المنافسة نظرا الى التاريخ الجامع بين زغرتا ومعظم الاقضية المسيحية الشمالية ما خلا بشري، بدليل الارقام التي جمعها تيار "المردة" مع "التيار الوطني الحر" في الكورة والبترون، والتي كانت لتؤدي الى فوز مرشحيهما لولا العوامل التي استعان بها منافسوهما (المغتربون في البترون والناخب السني في الكورة). اما في جبل لبنان فهامش التحرك الكتائبي اكثر وسعا واتساعا انطلاقا من ان شرائح مسيحية مختلفة (ما عدا حزبيي التيار الوطني الحر ومناصريه) في هذه المحافظة لا تدين بالولاء الى "القوات اللبنانية" بل هي عبارة عن مجموعة عائلات متراصة، وتاليا في استطاعة الجميل الابن بخطابه المسيحي الصرف ونظرياته عن "الكيانية المسيحية" او "الكيانية الذاتية" ان يشكل عامل استقطاب لهذه المجموعات وخصوصا الناشئة منها، من خلال التصدي لدور يرغب به المسيحيون وهو دور قناة الوصل بين الاحزاب والتيارات المسيحية المتعارضة او المتناقضة او المتمايزة، وهو دور لا يقوى عليه لا العماد ميشال عون ولا الدكتور سمير جعجع المصطفين في محورين متضادين فكرا وسياسة.
"الكتائب" في الوسط
اما الكتائب، بحسب عدد من الاوساط المطلعة، فيمكنها ان تشكل، وسط هذا الاستقطاب، حزب الوسط المسيحي القريب من رئاسة الجمهورية والمؤسسة العسكرية، وهما رمزا المسيحيين على مر عقود الاستقلال، مما يتيح للكتائب لبس ثوب متجدد برّاق سياسيا واجتماعيا وشبابيا، فتشكّل عامل استقطاب للشرائح التي اظهرت الانتخابات الاخيرة انها لا تزال خارج الاصطفاف، وان ما دفعها الى حسم الخيار الاقتراعي هو خطاب السيادة والاستقلال والدولة والمؤسسات الذي انتهجته قوى الرابع عشر من آذار (مارس)، في حين نحا "التيار الوطني الحر" نحو خطاب غير سياسي اقرب الى الخطاب الخدماتي، ولم يفلح في الرد على هواجس "ولاية الفقيه" والعلاقة مع "حزب الله"، التي اثارتها الموالاة.
انطلاقا من هذه القراءة، يعتقد الكتائبيون ان في امكانهم جذب الشرائح المسيحية المترددة في الانضمام الى الاستقطاب الحزبي القائم بين "تيار" و"قوات"، من خلال هذا الخطاب الكياني معطوفا ومعززا في الوقت عينه بالظهور بمظهر قناة التواصل بين المختلفين من القيادات المسيحية، بحيث يبني الحزب هيكله على انقاض خلافات الآخرين وعدم قدرتهم على تجاوز الذاكرة الحافلة بزهق الارواح المتبادل.
وتعزز هذه القراءة ما رشح من معطيات، معظمها كتائبية، عن "ثمار" لقاء بنشعي، هو لم يكن اللقاء الاول ولن يكون الاخير بين الرجلين او الحزبين، في سياق التنسيق ومتابعة التواصل.
بين التعارف والسياسة
وبحسب اوساط مطلعة على اجواء اللقاء، فهو شكّل محطة للتعارف اكثر بين الرجلين ومعرفة هوايات بعضهما البعض وآرائهما في السياسة ومواضيع شتى، وتناول سبل تعزيز التعاون والتفاهم على المستويات الحزبية والسياسية والنيابية كافة لملاقاة الجهود المبذولة من الرابطة المارونية بين الاطراف المسيحية ولتجميع الايجابيات التي تراكمت نتيجة اللقاءات السابقة بين "الكتائب" و"المردة" على مستوى اللجان المشتركة بين الطرفين.
وتؤكد الاوساط انّ اللقاء سيؤدي الى تزخيم عمل اللجان المشتركة بين الحزب والتيار في وقت تستعدّ الكتائب لاحياء عمل لجانها المشتركة مع العديد من الاطراف السياسية والحزبية المسيحية وغير المسيحية. وتنفي ان يكون لقاء سامي الجميل وسليمان فرنجية بمثابة رسالة الى اي طرف مسيحي او لبناني آخر، مؤكدة انّ الطرفين لم يجاهرا الا بالدعوة الى الحوار في اصعب الظروف ولم يسعيا يوما الى اي لقاء بالسر، فالتواصل بين اعضاء من قيادتي الطرفين تجري في اجواء هادئة ويشكل مستمر وان لم يكن منتظما فخطوط الاتصال مفتوحة بينهما عند اي استحقاق.
وتعدد الاوساط النتائج التي ادى اليها اللقاء، ومن ابرزها:
-الاتفاق على الاستمرار في التواصل الثنائي وعلى مستوى اللجان اذا اقتضت الضرورة، وطرحت الكتائب في هذا المجال امكان عقد لقاء ثان استكمالي في بكفيا.
-تشكيل لجنة تنسيق سياسية مشتركة.
-تطور العلاقات البينية مع احتفاظ كل منهما بموقعه وخطابه وتحالفاته.
-السعي الى تحقيق مصالحة مسيحية شاملة مع حفاظ كل حزب على خصوصيته، وترغب الكتائب في لعب دور طليعي في هذا الصدد.
-ضرورة ان يقوم الرجلان، كل من موقعه، بدور توافقي او تصالحي او تقريبي بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" وبين المردة والقوات.
انطباع "القوات" سلبي
الى ذلك كان لافتا ان صدى زيارة بنشعي تركت انطباعا سلبيا في ذهن القيادة القواتية، عبّر عنه النائب فريد حبيب الذي قال: "صديقنا وحبيبنا الشيخ سامي الجميل الذي نكن له كل محبة وتقدير، كان له زيارة ولقاء في بنشعي، وبعدها صدر كلام ومديح ممن يمثل النظام الذي قتل الشيخ بيار الجميل والنائب انطوان غانم وكل رفاقنا في 14 آذار (مارس). لذلك اقول لك يا شيخ سامي انك تخطيت الكورة، لاننا نحبك ونتمنى لك كل التوفيق، فالقوات خرجت من رحم الكتائب، فهل يجوز ان نسمع بعد زيارتك ان هناك فريقا من 14 آذار (مارس) من "الاوادم" (في اشارة الى تصريح لفرنجية سبق لقاءه بالجميل الابن)؟ نحن جميعا اوادم ولسنا في شهادة من احد".
ويؤشر كلام حبيب الى عمق الفجوة بين القوات والمردة، وهي فجوة قد تعصى على جهود الشاب الآتي بإندفاع الى وراثة جده ووالده واخيه، في حزب الاقانيم الثلاثة، والتي يواجه اثنان منها (الوطن والعائلة)، اضافة الى "الكيانية" المسيحية، مخاطر التشرذم والتشظي، نتيجة ورث ثقيل من الصراعات الدموية على السلطة والمال والامتيازات والطائفة والمذهب.
وكان آخر لقاء للجنة المشتركة بين "الكتائب" و"المردة" قد عقد قبل الانتخابات النيابية وتحديدا قبل حادثة بصرما (فجر 17 ايلول/ سبتمبر 2008) بيومين حيث جرى بحث تفصيلي في سبل خوض الانتخابات النيابية في ظل اجواء هادئة وديموقراطية كل من موقعه السياسي والحزبي. وتخلل اللقاء تأكيد على التواصل بين الطرفين مع التأكيد على تمايزهما على الصعيد الوطني، الامر الذي لا يحول دون استمرار التشاور في كل المحطات السياسية والوطنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق