الأحد، 26 أبريل 2009

Sphere: Related Content
3 اشارات خَطَب فيها ود الثنائية الشيعية سبقتْ الفيلم الخليوي
جنبلاط الى الوسط بعد الانتخابات .. وبري الى جانبه؟
ديْريون امطروا سنترال المختارة بالاتصالات المستنكرة

ينشر في "الاسبوع العربي" في 4/5/2009
يظهر بإطراد، في الافق السياسي المحلي كما الاقليمي والدولي، مدى اهمية الانتخابات النيابية العامة في السابع من حزيران (يوليو) المقبل. فبالاضافة الى "مصيريتها" بالنسبة الى البعض واعتبار البعض الآخر انها استحقاق عادي، تبقى مفصلا اساسيا في الحياة السياسية اللبنانية لا سيما انها الاستحقاق الديموقراطي الاول لتجديد الطقم السياسي بعد الازمة التي عصفت بالبلاد قرابة الاعوام الثلاثة وتعثر انتخاب رئيس للجمهورية لنحو عام. وفي ظل كل التوقعات والخطب الانتخابية الملوحة بالحصول على الاكثرية النيابية على ضفتي المعارضة والموالاة، الا انّ المرتقب والمرتجى بالنسبة الى الكثيرين هو ان تفرز الانتخابات كتلة "وازنة" من النواب من خارج الاصطفافات السياسية، قد تكون الحل لتوازن النظام السياسي خصوصا في وقت الازمات.
في زمن الروتين السياسي، يبقى رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط نجم الساحة المحلية وخارق جدران الرتابة، فكيف بالاحرى في زمن انتخابات انتزعت منه الكثير ارضاء لحلف 14 آذار (مارس) و"على مضض" كما اعتاد ان يصف، في خطبه الاخيرة، الوضع الذي "اجبر على تقبله". وفي خضم التقلبات الجنبلاطية التي اعتاد عليها الرأي العام اللبناني، يظهر لغالبية المراقبين انها ليست المرة الاولى التي يغرّد فيها النائب جنبلاط خارج سرب قوى 14 آذار (مارس) في بعض المواقف المهمة التي تنسحب بشكل مباشر على النان واهله. فبعيدا من آخر توصيف له في حق الموارنة، حلفاء كانوا ام خصوما في السياسة، وبصرف النظر عن التبرير الذي اعطي لاحقا، يستعيد هؤلاء المراقبين رسالة التهنئة التي بعث بها جنبلاط الى الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد عشية ذكرى 14 شباط (فبراير) الفائت، والتي كانت بارزة في التوقيت، لانها تزامنت مع وضع اللمسات الاخيرة على التحضيرات الجارية لحشد اكبر عدد ممكن من اللبنانيين في ساحة الشهداء في الذكرى الرابعة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
خلّفت هذه الرسالة، التي لم يأت جنبلاط فيها على ذكر الامام الخميني على رغم ان العنوان الذي اوجب ارسالها هو التهنئة بالذكرى الثلاثين لقيام الثورة الاسلامية على ايدي الامام الخميني بالذات، تساؤلات لم يستطع الاجابة عنها الكثير من المحللين، كونها لا تصب في مصلحة زعيم المختارة ولا في مصلحة قوى 14 آذار (مارس)، وخصوصاً لناحية التوقيت، اذ ان جنبلاط كان يمطر بإنتقاداته المحور السوري- الايراني وخصوصا ايران، الداعم الاول لـ"حزب الله"، في سياق مناداته بحصرية السلاح بيد الدولة وانتهاء دور المقاومة العسكري.
ويلفت المراقبون الى انّ الاشارة الثانية التي اطلقها، كانت قوله ان لا حاجة الى التهدئة بينه وبين "حزب الله" لان التهدئة تكون عادة بين الاعداء، وليس هناك من عداوة بين الطرفين، معتبرين ان هذا الموقف يمكن فهمه، نظراً الى التقارب الحاصل بين الطرفين، والذي بدأ بلقاء جنبلاط- محمد رعد ولا يستبعد ان يتوّج بلقاء جنبلاط- السيد حسن نصرالله.
اما الاشارة الثالثة فتضمنها الخطاب الذي القي في ذكرى 14 شباط (فبراير)، حيث ركّز على ان التهدئة ليست هي المطلوبة في البلد، بل اعتماد سياسة الحوار. وقال ايضاً: لا تسوية على استكمال ملف المهجرين وحق الجنوبيين وتسليح الجيش واعمار البارد.
هذه الاشارات الثلاث في غضون فترة قصيرة، تظهر بما لا يقبل الشك التودد الجنبلاطي للطائفة الشيعية المتمثلة بثنائية "حزب الله" و "حركة امل". اما التقرب من "حزب الله" فكان في الاشارتين الاوليتين، فيما برز التقرب من حركة "امل" في القسم الاخير من الاشارة الثالثة لجهة حق الجنوبيين اي موازنة مجلس الجنوب ووجوب تأمينها، اضافة الى تأمين موازنة ملف المهجرين. وهذا ان دل على شيء، فعلى الاهمية الكبيرة التي يعلّقها جنبلاط على الثنائية الشيعية في الانتخابات المقبلة، وعلى دورها الفاعل ورغبته الحقيقية في التحالف معها في اكثر من منطقة، وخصوصاً في الجبل.
ظهور التشققات
من الواضح ان الانعطافة التي يظهر عليها زعيم المختارة تترك هواجس كثيرة عند تحالف قوى الرابع عشر من آذار(مارس). فهي برزت اول ما برزت بعد انتخاب الرئيس الاميركي باراك اوباما في شباط (فبراير) الفائت، وكرسها جنبلاط في حديث الى صحيفة معارضة ما لبث ان تراجع عنه بذريعة ان المجالس كانت في الامانات وان ما نقل عنه لم يكن معدا للنشر وللعلن. في حينه، تناول جنبلاط كل حلفائه من سعد الحريري الى امين الجميل وسمير جعجع ودوري شمعون. والكلام اياه ورد في صيغة اكثر قساوة في الفيلم الخليوي الذي صوّر قبل نحو شهر، وتعددت الروايات عن مصوّريه ومسربيه.
في هذا السياق، يرى قطب بارز في المعارضة انّ جنبلاط يسير عكس تيار 14 آذار (مارس) رويدا رويدا من دون ان يكسر الجرة فجأة، "في سياسة جنبلاطية معتادة لحماية الموحدين الدروز من انعكاسات السياسة الدولية الجديدة تجاه المنطقة والتي يتوقعها جنبلاط سلبية فيما لو بقي في موقعه السياسي الراهن او كما كان في الفترة السابقة "رأس الحربة الاساسي والقائد الحقيقي لحلف قوى الرابع عشر من آذار (مارس)".
ويقول القطب المعارض: في وقت ينادي العديد من اركان قوى 14 آذار (مارس) بالوقوف في وجه نفوذ "حزب الله"، والتعبئة ضد هذا الحزب وحركة "امل" كي لا يحصلا على نسبة كبيرة من الاصوات في الانتخابات، يغرّد جنبلاط خارج هذا السرب وهذا ما يظهر اقله في تودده الاخير تجاه "حزب الله" والعلاقة المتميزة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري والغزل المتبادل الذي لم ينقطع بينهما، حتى في احلك ظروف الاصطفافات والتشجنات بين فريقي 8 و 14 آذار (مارس) في فترة الازمة الطويلة بين العامين 2006 و2008، والتي انتهت باتفاق الدوحة وانتخاب رئيس للجمهورية. ويسأل القطب: هل هذا يعني ان التشقق ظهر الى العلن لدى قوى الموالاة، كما حصل العام الفائت حين اعلن الحريري انه لا يوافق على ما قاله جنبلاط وجعجع في مهرجان 14 شباط (فبراير)؟
قارئ بارع
في الضفة المقابلة، يشدد مصدر محايد وذو خبرة في العمل السياسي على انّ الواقع مغاير لذلك تماما، "اذ ليس بالضرورة ان تكون مواقف جنبلاط الاخيرة منطلقا لاعادة تموضع كاملة في صفوف 8 آذار (مارس) لا سيما بعد الانتخابات النيابية المقبلة كما يتوقّع الكثيرون". ويقول: ان ما يمكن الوثوق به هو ان جنبلاط لن يتردد في ابعاد نفسه عن اي تيار يشدّه الى ما يشكل خطراً على وجوده ونفوذه، لو لفترة قصيرة، ليعود بعدها عندما تصطلح الاوضاع الى المكان الذي انطلق منه. فالزعيم الدرزي قارىء بارع لتطور الاوضاع، وبدأ يرى ان المحور الايراني لم يعد منبوذاً، وهو سيكتب مرحلة جديدة بفضل الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في حزيران (يونيو) المقبل. من هنا، يمكن تفسير التقرب الجنبلاطي من ايران، من دون كسر القواعد.
اعادة تموضع في الوسط؟
وفي ظل استبعاد بقاء زعيم المختارة حيث هو راهنا كما استبعاد انقلابه على موقعه الراهن بالانتقال جذريا الى ضفة 8 آذار (مارس) بعد الانتخابات النيابية المرتقبة، يبرز تحليل يستحق التوقف عنده مفاده انّ جنبلاط يسعى بعد الانتخابات الى ايجاد موقع له في "الوسط" الذي يرتقب ان ينبع من "الكتلة الوازنة" التي يعوّل عليها لدعم وتبني توجهات رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والسياسة التوفيقية التي ينتهجها. ويقارب هذا التحليل علاقة جنبلاط- بري في هذا السياق، معتبرا انّ الغزل بين المختارة وعين التينة يعود الى تنسيق ضمني في موضوع "الكتلة الوازنة" كما في موضوع "الصناديق"، واخيرا في تلقف بري لكلام جنبلاط الاخير في حق الموارنة ومحاولة تبريد السخونة السياسية التي نتجت منه.
الا ان العامل المتعارض مع هذا التحليل هو شريط الفيديو الاخير الذي ابرز "كلاما مسيئا" لجنبلاط في حق الموارنة وهو ما يتعارض مع محاولته التمركز في الوسط بعد الانتخابات. فكلامه اثار انزعاج الشارع المسيحي، بحيث بلغ هذا الانزعاج مستويين لا بد من معالجتهما سريعا وبلا تحفظ، بشكل يُعيد خلط النبيذ الحاد ببعض الماء لإستقامة ما يمكن اصلاحه، حتى السابع من حزيران (يونيو):
-اولهما البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير الذي سمع زواره امتعاضا عالي اللهجة، وهو الكلام اياه الذي سمعه الوزير وائل ابو فاعور في زيارته لبكركي.
-وثانيهما بالنسبة الى الموارنة عموما وموارنة الشوف تحديدا، وفي احدى الروايات ان اهالي دير القمر امطروا سنترال المختارة بالاتصالات الهاتفية المحتجة والمطالبة بموقف واضح من "الاساءة"، مع تذكير السامعين بالعلاقة التي طالبما ربطت آل جنبلاط الدروز بآل البستاني الموارنة، وخصوصا زمن الست نظيرة والمطران اوغسطينوس البستاني!
في ظل كثرة المتغيرات والتبدلات في مواقف جنبلاط، هل تصدق قراءته السياسية وتوقعاته بحصول تحولات في المنطقة، ام واجب الانتظار حتى حزيران (يونيو)؟

ليست هناك تعليقات: