الاثنين، 9 فبراير 2009

Sphere: Related Content
العلاقة الديبلوماسية اللبنانية- السورية محور اساس في محادثات موفد ساركوزي الى بيروت ودمشق
فرنسا الباحثة عن موطئ: سوريا دولة – مفتاح!

محضر زيارة فيليب ماريني الى دمشق: 3 عناوين.. وبعض اللبس


نشر في "الاسبوع العربي" في 9/2/2009
حرّكت مأساة غزة المساعي الديبلوماسية للسلام في المنطقة. فنشط، بعد الهدوء النسبي في القطاع، الحراكان الفرنسي والاميركي في اتجاه الدول العربية، ان لاستطلاع آخر المستجدات في المواقف لا سيما بعد كسر الجليد العربي- العربي، او لتسريع الخطوات نحو تفاهمات باتت اكثر الحاحا من اي وقت مضى. بين فيليب مارتيني وجورج ميتشل تسارعت الحركة الديبلوماسية على وقع المآسي العربية وما قد تنتجه من ازمنة طويلة من الحقد والعنف ان لم تستقم الامور الى طاولة مفاوضات، قد تحقق هذه المرة تقدما ملموسا نحو السلام.
العنوان اللبناني كان الممر الرئيسي في تطور العلاقة الفرنسية- السورية، فربطت فرنسا- نيكولا ساركوزي تحاورها مع سوريا بشرط تحسين العلاقات اللبنانية- السورية بعد زمن من السيطرة والاحتلال والوصاية السورية على لبنان، وفي ظل تقدم ملموس استقامت العلاقة بين بيروت ودمشق واتجهت نحو الاعتراف المتبادل لا سيما مع ارساء مبدأ العلاقات الديبلوماسية وتبادل العلاقة الديبلوماسية بين البلدين مما لاقى ترحيبا داخليا ودوليا ولا سيما فرنسيا دفع بادارة ساركوزي- على ما اعلنه مسؤولون فرنسيون تكرارا- الى المضي في الحوار مع دمشق على طريق الانفتاح والتعاون.
الا انّ التأخير في تعيين السفير السوري في لبنان على الرغم من ان السفارة السورية افتتحت في بيروت في السادس والعشرين من كانون الاول 2008، واعتمدت دمشق الديبلوماسي شوقي شماط مسيرا لاعمالها برتبة السكرتير الاول في السفارة، اثار العديد من التساؤلات عن النية السورية، لم يبددها اعلان السلطات السورية قبول اعتماد السفير ميشال خوري سفيرا للبنان.
وفي حين لم تعرف الاسباب الحقيقة لهذا التأخير، علما ان باريس سبق ان تلقت وعدا سوريا قاطعا بان تنجز كل الترتيبات الديبلوماسية مع لبنان بما فيها تعيين السفير، قبل نهاية العام 2008، اكد الرئيس السوري بشار الاسد في حديث تلفزيوني ان دمشق ماضية قدما في خيار اقامة العلاقات الديبلوماسية مع لبنان، لافتا الى انها ستسمي قريبا السفير السوري في بيروت.
محطة فرنسية جديدة
وفي سياق تقاطع الاحداث والمواعيد في المنطقة، لفت مراقبون معنيون الى انّ كلام الاسد جاء متزامنا مع استقباله مبعوث الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، عضو مجلس الشيوخ ورئيس جمعية الصداقة البرلمانية السورية – الفرنسية، فيليب ماريني صباح الاحد في الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير)، حيث اشار الاعلام الرسمي السوري الى ان "البحث تطرق الى تطور العلاقات بين البلدين كما جرى استعراض التعاون بين سوريا وفرنسا على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي".
وتأتي زيارة ماريني - وفق اوساط اطلعت على برنامجها - "بناء على قناعة الرئيس الفرنسي بأن سوريا دولة -مفتاح في خريطة المنطقة".
وفي حين نفى ماريني ان يكون الهدف من زيارته البحث في العلاقات اللبنانية-السورية وملف السفارات بين البلدين، معتبرا ان "المحاور في اللقاء مع الاسد هي أكبر بكثير من الحديث عن موضوع السفارات بين سوريا ولبنان، والذي أصبح موضوعاً إدارياً وإجرائياً، ولم يعد سياسياً، وعلى البلدين المعنيين تحديد الآليات والتواريخ التي تناسبهما"، الا انّ معلومات الاوساط نفسها اشارت الى ان الموضوع اللبناني كان حاضرا بقوة في المحادثات مع الاسد لا سيما في مسألة التبادل الديبلوماسي مع لبنان، وانّ ماريني نقل الى الاسد ما تريده فرنسا – ساركوزي وهو "رؤية كل دولة تحترم سيادة الأخرى، ولا تتدخل في شؤونها. ولفرنسا علاقة جيدة مع الدولتين، إلا أن العلاقة الفرنسية - السورية غير مرتبطة بشكل كليّ بالعلاقة الفرنسية - اللبنانية".
وعلمت "الاسبوع العربي" ان مهمة السناتور الفرنسي هي الاولى التي يكلفه بها رسمياً الرئيس ساركوزي، وتأتي في اطار جولة له لتقويم واقع العلاقة الفرنسية مع الشرق الأوسط والخليج. وهي ترتكز على ثلاثة محاور:
1-البحث في الملفات التي أعيد طرحها بين فرنسا وسوريا في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، إضافة الى علاقة سوريا مع دول المنطقة، في ضوء ارتباطاتها الخاصة مع كل من إيران وتركيا ولبنان وفلسطين. وكانت للعلاقات الاقتصادية بين البلدين مكانة متقدمة في مهمة المبعوث الرئاسي، خصوصا بعد ابتعاد الشركات الفرنسية عن السوق السورية، وصولا الى حادثة شركة "توتال" التي أُخرجت من الاستثمار في احد حقول النفط لمصلحة شركة اميركية في العام 2003، علما ان باريس شريك اقتصادي مهم لدمشق، اذ بلغت قيمة الصادرات السورية في العام 2007 نحو 700 مليون دولار، في حين بلغت قيمة وارداتها نحو 500 مليون دولار.
2-ملف السلام العربي الإسرائيلي، ومآله بعد الحرب في غزة، وفي ظل التغيير الرئاسي الاميركي. ولباريس رغبة في اداء دور مركزي متوازن يرتكز على حل الدولتين واستمرار التفاوض على أساس أوسلو، لكنها لن تُقْدم قبل استكشاف الرؤية الاميركية، علما ان ماريني ابلغ الى القيادة السورية انه مكلف رسميا البحث عن الدور الذي يمكن لبلاده القيام به في اطار استعادة عملية السلام، مع تأكيد دعم السطة الوطنية الفلسطينية كمؤسسة لتكون محاورا قادرا على اتخاذ القرارات.
3-البحث مع صناديق الاستثمار العربية في آليات التعاون مع "صندوق الاستثمار الفرنسي" المستحدث اخيرا. وهذا البند موضع بحث مع الخليج العربي حصرا.
وعلى الرغم من النفي الفرنسي – السوري المزدوج لاي علاقة بزيارة المبعوث الرئاسي لدمشق بملف السفارتين اللبنانية – السورية، الا ان ايا من المراقبين لا يمكنه الفصل بين الزيارة والبطء في تعيين سفير في لبنان، وهو ما اعتبرته باريس اخلالا جزئيا في الالتزامات السورية الرسمية.
نظير لخوري؟
وفي وقت اثار رفض الرئيس السوري ربط العلاقة الفرنسية- السورية بتطور ملف العلاقات اللبنانية- السورية، أكد مصدر ديبلوماسي مطلع أن لا تغيير في سياسة فرنسا تجاه سوريا، لافتا الى أن تصريح الأسد لن يؤثر على الموقف الفرنسي الثابت والذي يأخذ في الاعتبار العلاقات اللبنانية – السورية من دون أن يكون هذا الموضوع شرطا أساسيا لتطور العلاقات الفرنسية – السورية، إنما أحد الاعتبارات المهمة في تطور الموقف الفرنسي تجاه سوريا التي تلعب دورا مهما وإيجابيا في منطقة الشرق الأوسط.
وكان لافتا، ما يشير اليه المصدر الديبلوماسي اياه، ان دمشق استبَقَتْ وربما حضّرت زيارة السيناتور ماريني بإصدار الرئيس السوري مرسوم قضى بنقل السفير في اسبانيا المهندس مكرم عبيد إلى الإدارة المركزية لوزارة الخارجية في دمشق.
واعطت هذه الاوساط احتمالين لهذا المرسوم الرئاسي:
أ-إما أن عبيد سيحال على التقاعد، ولن يمدد له لبلوغه الخامسة والستين، وهي سن التقاعد في سوريا.
ب-وإما انه، بموجب القرار النافذ، سيمدد له حتى السبعين، بحيث يعيّن سفيراً في لبنان مباشرة بعد نقله الى الادارة المركزية.
يذكر ان عبيد هو السفير السوري في اسبانيا والسفير المعتمد لدى الفاتيكان، وكان وزيرا للنقل، وهو خال الوزير السابق الدكتور كرم كرم.
وتليه في الترشيحات الأديبة كوليت الخوري، حفيدة أحد أبرز رجالات الاستقلال في سوريا فارس الخوري، اللبناني ابن الكفير في قضاء حاصبيا، وأحد مؤسسي الكتلة الوطنية السورية ورئيس الحكومة ومجلس النواب مرارا.
في لبنان
وفيما نقل ماريني، لدى مجيئه الى لبنان، عن الاسد قوله انّ سوريا ادت دورا ايجابيا حيال "حزب الله" لضبط النفس ابان احداث غزة، نفى مصدر رسمي سوري ما جاء في تصريحات ماريني، مؤكدا انّ "الأسد لم يتطرق مع الموفد الفرنسي من قريب أو بعيد إلى موضوع "حزب الله" ولم يأت على ذكره إطلاقاً". كذلك نفى السفير الفرنسي المعتمد في دمشق ميشيل دوكلو تصريحات ماريني حول استخدام سوريا نفوذها للتأثير في "حزب الله" خلال العدوان على غزة، مستغربا التصريح وأسبابه. وهو امر رد عليه ماريني بـ "تفهّم" نفي السفير في دمشق، مجددا التأكيد انه فهم من الاسد تماما ما سبق ان اشار اليه، وهو الدور السوري في ضبط "حزب الله" ابان الحرب الاسرائيلية على غزة.
وفي سياق تقويم زيارة موفد ساركوزي الى بيروت، يصف مصدر مطلع على تفاصيل الزيارة الى انّها كانت غنية جدا "فهو ادرك انّ الجميع في بيروت يتنظرون الانتخابات ويستعدون لها وبعضهم يراها مصيرية في حين يرى آخرون انها لن تغيّر شيئا في المشهد اللبناني. الا انه استغرب من انّ الحكومة لم تتمكن حتى الآن من اطلاق عجلة الدولة اقله عبر اصدار التعيينات الادارية.
وينقل المصدر عن الموفد الفرنسي تأكيده انّ فرنسا تنتظر من الانتخابات النيابية احترام أصول الديموقراطية، مؤكدا انّ باريس ستحترم نتائج الانتخابات مهما كانت وهي لن تفعل كما فعل البعض مع الانتخابات الفلسطينية في العام 2006، في اشارة الى رفض الدول الكبرى وخصوصا الولايات المتحدة الاميركية تكريس او الاعتراف بفوز "حماس".
ويشير الى انّ الحديث السائد في لبنان عن انّ "فوز فريق دون الآخر، سيؤدي إلى وقف المساعدات الخارجية للبنان، أو إلى تجميد مفاعيل باريس 3، هو من باب الاستهلاك الانتخابي".
ويؤكد المصدر انّ زيارة ماريني جددت الحرص على دور المسيحيين في لبنان، وينقل عنه قوله انّ "المسيحيين في لبنان لم يعودوا منذ مدة طويلة أكثرية عددية، حتى إنهم لم يعودوا يوازون ما يعطيهم النظام والدستور. وعندما يمسي وضعهم على ما هو عليه اليوم يجب ان يفكروا بمنطق الأقلية لحماية وجودهم وللدفاع عن أنفسهم. وهذا المنطق يفرض على المسيحيين أن يكونوا موجودين في كل الأطياف السياسية في لبنان. هذه هي الطريقة الوحيدة التي قد تقيهم شر الخسارة، أمام من بات يمثل الأكثرية".


ليست هناك تعليقات: