بين قمتي الدوحة والكويت انفصال فعناق ومصالحة عزّزت موقع لبنان
تبصّر الرئاسة ينتصر على رهان الساسة
العرب يدفنون الاحقاد على رائحة الدم الفلسطيني واللبنانيون يلهثون وراء آمال تتبدّد
الصلح العربي يعزز وفاقية رئيس الجمهورية .. ودوره
تبصّر الرئاسة ينتصر على رهان الساسة
العرب يدفنون الاحقاد على رائحة الدم الفلسطيني واللبنانيون يلهثون وراء آمال تتبدّد
الصلح العربي يعزز وفاقية رئيس الجمهورية .. ودوره
ينشر في "الاسبوع العربي" في 2/2/2009
غيّرت قمة الكويت مسار الرياح العربية، وكانت قمة المفاجآت للرؤساء قبل الشعوب. فبعد خلاف سياسي حادّ ثبّت الاصطفاف العربي بين "اعتدال" و"ممانعة"، شرّعت قمة الكويت ابواب المصالحات بعيد انتهاء حرب غزة وعودة التهدئة الى جبهات الصراع. وفي توقيت لافت في السياسة اشتعلت المنطقة قبل التنصيب الرسمي لباراك اوباما رئيسا للولايات المتحدة الاميركية وهدأت قبل يوم واحد من الحدث الاميركي، كأن كل المشهد أُعد على عجل لاستقبال الضيف الجديد في البيت الابيض، فإشتد الصراع لرفع السقوف السياسية، الى ان هدأت الجبهة الفلسطينية لتخلّف دمارا وبؤسا وفقرا وانّما ايضا مصالحات على دماء الضحايا، في ميلوديا شرقية مألوفة منذ غابر الازمان.
لبنان الحاضر الدائم في اجتماعات العرب، ان في الدوحة او في الكويت، حضر بخطاب واحد وبلغة واحدة مطالبا بدعم الفلسطينيين وبوحدة الموقف العربي كما بالتمسك بالمبادرة العربية للسلام سبيلا لحل الصراع العربي- الاسرائيلي. لم ينزلق لبنان بشخص رئيسه العماد ميشال سليمان الى لعبة المحاور العربية، في حين ان الاصطفافات السياسية الداخلية ترتدي ثوب هذا الانقسام العربي.
لقد نجح لبنان، في نظر الكثير من المراقبين، في اداء دور توافقي بين العرب الذين عادوا في النهاية الى تبني خطابه وموقف رئيسه الداعي الى المصالحة والوحدة لمواجهة المشروع الاسرائيلي في المنطقة. ولكن في ظل كل المفاجآت التي احاطت بقمة الكويت، بقي مبهما سؤال وحيد: ما الذي بدّل الاحوال كي يندفع العرب الى التلاقي بعد طول خصام وتشظٍ؟
سؤال قد لا يلقى جوابا في المدى المنظور، الا انّ مفاعيل المصالحة العربية، وان جاءت هشة، اكدت بنظر الكثير من المراقبين فرادة موقع لبنان في العالم العربي، وانّ هذا البلد بدأ يستعيد دوره على الساحتين العربية والدولية منذ انتخاب الرئيس سليمان في الخامس والعشرين من ايار العام 2008.
"توافقي" لبناني وعربي
في نظر مصدر وزاري محايد، انّ "رئيس الجمهورية التوافقي في الداخل اللبناني، استطاع ان يلعب من خلال ممارسته على الساحة العربية، دورا توافقيا ايضا بين العرب، الامر الذي تجلى بوضوح من خلال مشاركته في اجتماع الدوحة التشاوري كما في قمة الكويت، وايضا من خلال فرادة موقفه ووقوفه على مسافة واحدة من الافرقاء العرب، مع تمسّكه بموقف لبناني حازم غير تبعي تجلى بالتمسك بالمبادرة العربية للسلام في حين اعتبرتها سوريا مبادرة ميتة".
ويشير هذا المصدر الى انّ الرئيس سليمان بدأ عهده بالانفتاح على الساحتين العربية والدولية في سياسة ذكية لاعادة لبنان الى المسرح السياسي الفاعل، لافتا الى انّ الاحداث المتوالية على الساحة الاقليمية اكدت صوابية نظرة الرئيس الذي طالما اعتبر انّ التوافق العربي سينعكس ارتياحا على الداخل اللبناني، ممّا يمكّنه من لعب دوره كرئيس حكم بين الافرقاء اللبنانيين ويعطيه مدى اوسع لاستخدام صلاحياته كرئيس للجمهورية في مناخ من الوفاق والتفاهم والهدوء. ويقول المصدر: انّ الصراع العربي فيما لو استمر على حدته كان ليكبّل رئيس الجمهورية، نتيجة ان جزءا من الصراع الداخلي هو انعكاس للانشقاق العربي بين نهج اعتدال ونمط ممانعة.
ويرى من انعكاسات المصالحة العربية في الكويت انها ستسهم، فيما لو ارسيت فعليا، في تنفيس الاحتقان الداخلي والتخفيف من حدة الصراع لا سيما قبيل الانتخابات النيابية، ما يفسح المجال امام رئيس الجمهورية للعب دوره التوافقي على اتمّ وجه، وهو الدور الاساسي المنوط بالرئاسة الاولى بعد وثيقة الوفاق الوطني في الطائف والمرتبط اصلا بدور المسيحيين في لبنان خصوصا وفي المنطقة العربية عموما.
ويعتبر المصدر الوزاري انّ الرئيس سليمان يبحث دائما عما يبقي شعرة معاوية قائمة بين فريقي الصراع في لبنان، ويحرص على ابقائه خارج دائرة الصراعات العربية، بحيث يمنع الاسترسال في الاصطاف القائم والذي اظهر بوضوح وجود محورين يتصارعان، واحد يتبنى المقاومة ونهجها ويعتبر سوريا وايران وقطر وتركيا الامتداد الطبيعي له ولنهجه، وثان يرى الاعتدال العربي الحضن الدافئ والساند الرئيس في معركة وجود وبقاء.
قمة اربكت الموالاة
وفيما اجمعت المواقف على دور الرئيس سليمان في ابرازه فرادة لبنان في قمتي الدوحة والكويت، وبعدما كان الحديث قبل المصالحة عن انّ الساحة اللبنانية لن تبقى في منأى عن الانقسام العربي، على الرغم من الدور الوسطي الذي لعبه رئيس الجمهورية للحؤول دون انعكاس الانقسام لبنانيا، يرى مصدر مطلع في صفوف المعارضة انّ "رياح المصالحة العربية التي شهدتها قمة الكويت كانت مريحة بالنسبة الى لبنان، وهي لا تروق لبعض الافرقاء الذين لا يرون دورا لهم الا على انقاض الخلافات بين العواصم العربية".
ويلاحظ ان "افرقاء في قوى الموالاة سارعوا الى تشاور وبحث مستفيض وعاجل للوقوف عند هذا التحوّل المفاجئ في المناخ العربي ومدى انعكاسه على وضعهم المقبل على انتخابات تشريعية عامة في السابع من حزيران (يوليو)، ستكون حاسمة في تحديد الخيارات السياسية للبنانيين وآليات الحكم وسبله التنفيذية في السنوات الاربع المقبلة، علما ان المجلس النيابي الجديد لن ينتخب رئيس الجمهورية المقبل، لكن التوازنات التي ستنتج منه ستحدد شكل حكومة ما بعد الانتخابات التشريعية، وتاليا الجهة او التحالف الذي سيحكم لبنان على امتداد هذه السنوات الاربعة، والذي سيتكون مهمته الاولى تصحيح الخلل السياسي في الحكم الذي انتجته الانتخابات التشريعية في ربيع العام 2005".
ويشير الى ان هذه المسألة لم تغب عن الاجتماع الذي ضم رئيس تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، علما ان مقربين من الحريري افصحوا ان الاجتماع "عرض مفاعيل قرارات قمة الكويت، المنطلقة من المصالحة العربية وارتداداتها على الوضع اللبناني".
ويقول: انّ قوى المعارضة بمختلف تلاوينها السياسية ابدت ارتياحا كبيرا لقمة الكويت، في حين حلت هذه الايجابيات ارباكا لدى الموالاة التي فشل كثير من اقطابها وقياداتها في تفسير المصالحة وفي صوغ خطاب متماسك حيالها، خصوصا انها لم تكن اطلاقا في صورة هذا المناخ التصالحي وظلت تراهن حتى اللحظة الاخيرة التي سبقت افتتاح القمة العربية على تفجر خلاف واسع في الجلسة بين محوري الممانعة والاعتدال.
ويعتبر انّ الموالاة تعيش هاجس تراجع دور المحور الاعتدالي التي راهنت وتراهن عليه، بعد اعادة خلط اوراق عدة وانبثاق توازنات جديدة في الاقليم، ولن يكون في مستطاع الموالاة تجاهل هذه التوازنات.
مصالحة محرجة للمعارضة
في الموازاة، يرى مصدر عليم في قوى 14 آذار (مارس) انّ "قمة الكويت احرجت صفوف المعارضة التي دأب افرقاؤها في الفترة الاخيرة على ممارسة كل انواع الضغوط على المسؤولين ولا سيما على رئيس الجمهورية للمشاركة في قمة الدوحة، التي تحوّلت اجتماعا تشاوريا، وذلك لدعم فريق عربي ممانع على آخر معتدل"، ويقول: جاءت قمة الكويت لتؤكد الدور العربي الاساسي لكل من مصر والمملكة العربية السعودية، اضافة الى الخطوة التاريخية للعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي برز بدور الاب الحكيم والحاضن للافرقاء العرب المتشرذمين في لعبة المحاور، في مشهد استعاد من خلاله زخم الدور السعودي وفاعليته على الساحة العربية ولا سيما الاقليمية في وجه القوة الفارسية المتصاعدة الوهج ايران".
ويشير الى ان "المعارضة تعيش حالا جدية من الارباك، خصوصا في ظل التباعد الواضح بين "حزب الله" وسوريا، لان نتائج الحرب على غزة ستكون لها انعكاسات كبيرة على مجمل الواقع العربي، ولن يكون لبنان في منأى عن هذه الانعكاسات، خصوصا في ضوء ما نتج عن العدوان الاسرائيلي على غزة من اعادة خلط اوراق على المستوى العربي والدولي".
ويبدي خشيته من "ان يهرب بعض المعارضة الى الامام من خلال العودة الى توتير الخطاب السياسي في مسعى الى التأثير على هذه التوازنات وانعكاساتها اللبنانية، واولى تجلياتها ستظهر في الانتخابات النيابية المقررة في السابع من حزيران(يوليو) المقبل". ويعتقد ان المعارضة حيال امكان خسارتها المتوقعة في هذه الانتخابات مع بروز معضلة الكتلة الوسطية بالنسبة اليها، والتي دأب افرقاؤها في الفترة الاخيرة على مهاجمتها في دليل على ضعف موقعهم الانتخابي بالمقارنة مع انتخابات العام 2005، لن تألو جهدا لتعطيلها او لارجائها حتى تتحسّن او تتغيّر ظروفها السياسية على المستويين العربي والداخلي.
ماذا بعد...
الى ذلك، وفيما تعود الحركة السياسية الى سابق عهدها في الداخل اللبناني، مع انحسار الحرب الاسرائيلية وعودة المياه الى مجاريها نسبيا بين العواصم العربية، تعتبر اوساط سياسية متابعة ان لبنان الذي تجاوز قطوع حرب غزة، سيكون أمامه تكريس مناخ التهدئة في ضوء الانفراج الحاصل في العلاقات العربية، على أن تحظى الاستراتيجيا الدفاعية بالمعالجة اللازمة بعيداً من الاحتقان والخلاف والانقسام.
وتلفت الى ان مناخات التهدئة هذه ستتيح لرئيس الجمهورية تكريس موقعه الوفاقي، بحيث يعزز دوره كبيضة راجحة للقبان السياسي، بين فريقي الصراع، ويكرس للرئاسة دورها الميثاقي والمحوري، وهو ما دأب يجهد في تحقيقه منذ انتخابه مع ادراكه ان المصالحة العربية هي الطريق الاسلم والانجع لهذا الامر.
لبنان الحاضر الدائم في اجتماعات العرب، ان في الدوحة او في الكويت، حضر بخطاب واحد وبلغة واحدة مطالبا بدعم الفلسطينيين وبوحدة الموقف العربي كما بالتمسك بالمبادرة العربية للسلام سبيلا لحل الصراع العربي- الاسرائيلي. لم ينزلق لبنان بشخص رئيسه العماد ميشال سليمان الى لعبة المحاور العربية، في حين ان الاصطفافات السياسية الداخلية ترتدي ثوب هذا الانقسام العربي.
لقد نجح لبنان، في نظر الكثير من المراقبين، في اداء دور توافقي بين العرب الذين عادوا في النهاية الى تبني خطابه وموقف رئيسه الداعي الى المصالحة والوحدة لمواجهة المشروع الاسرائيلي في المنطقة. ولكن في ظل كل المفاجآت التي احاطت بقمة الكويت، بقي مبهما سؤال وحيد: ما الذي بدّل الاحوال كي يندفع العرب الى التلاقي بعد طول خصام وتشظٍ؟
سؤال قد لا يلقى جوابا في المدى المنظور، الا انّ مفاعيل المصالحة العربية، وان جاءت هشة، اكدت بنظر الكثير من المراقبين فرادة موقع لبنان في العالم العربي، وانّ هذا البلد بدأ يستعيد دوره على الساحتين العربية والدولية منذ انتخاب الرئيس سليمان في الخامس والعشرين من ايار العام 2008.
"توافقي" لبناني وعربي
في نظر مصدر وزاري محايد، انّ "رئيس الجمهورية التوافقي في الداخل اللبناني، استطاع ان يلعب من خلال ممارسته على الساحة العربية، دورا توافقيا ايضا بين العرب، الامر الذي تجلى بوضوح من خلال مشاركته في اجتماع الدوحة التشاوري كما في قمة الكويت، وايضا من خلال فرادة موقفه ووقوفه على مسافة واحدة من الافرقاء العرب، مع تمسّكه بموقف لبناني حازم غير تبعي تجلى بالتمسك بالمبادرة العربية للسلام في حين اعتبرتها سوريا مبادرة ميتة".
ويشير هذا المصدر الى انّ الرئيس سليمان بدأ عهده بالانفتاح على الساحتين العربية والدولية في سياسة ذكية لاعادة لبنان الى المسرح السياسي الفاعل، لافتا الى انّ الاحداث المتوالية على الساحة الاقليمية اكدت صوابية نظرة الرئيس الذي طالما اعتبر انّ التوافق العربي سينعكس ارتياحا على الداخل اللبناني، ممّا يمكّنه من لعب دوره كرئيس حكم بين الافرقاء اللبنانيين ويعطيه مدى اوسع لاستخدام صلاحياته كرئيس للجمهورية في مناخ من الوفاق والتفاهم والهدوء. ويقول المصدر: انّ الصراع العربي فيما لو استمر على حدته كان ليكبّل رئيس الجمهورية، نتيجة ان جزءا من الصراع الداخلي هو انعكاس للانشقاق العربي بين نهج اعتدال ونمط ممانعة.
ويرى من انعكاسات المصالحة العربية في الكويت انها ستسهم، فيما لو ارسيت فعليا، في تنفيس الاحتقان الداخلي والتخفيف من حدة الصراع لا سيما قبيل الانتخابات النيابية، ما يفسح المجال امام رئيس الجمهورية للعب دوره التوافقي على اتمّ وجه، وهو الدور الاساسي المنوط بالرئاسة الاولى بعد وثيقة الوفاق الوطني في الطائف والمرتبط اصلا بدور المسيحيين في لبنان خصوصا وفي المنطقة العربية عموما.
ويعتبر المصدر الوزاري انّ الرئيس سليمان يبحث دائما عما يبقي شعرة معاوية قائمة بين فريقي الصراع في لبنان، ويحرص على ابقائه خارج دائرة الصراعات العربية، بحيث يمنع الاسترسال في الاصطاف القائم والذي اظهر بوضوح وجود محورين يتصارعان، واحد يتبنى المقاومة ونهجها ويعتبر سوريا وايران وقطر وتركيا الامتداد الطبيعي له ولنهجه، وثان يرى الاعتدال العربي الحضن الدافئ والساند الرئيس في معركة وجود وبقاء.
قمة اربكت الموالاة
وفيما اجمعت المواقف على دور الرئيس سليمان في ابرازه فرادة لبنان في قمتي الدوحة والكويت، وبعدما كان الحديث قبل المصالحة عن انّ الساحة اللبنانية لن تبقى في منأى عن الانقسام العربي، على الرغم من الدور الوسطي الذي لعبه رئيس الجمهورية للحؤول دون انعكاس الانقسام لبنانيا، يرى مصدر مطلع في صفوف المعارضة انّ "رياح المصالحة العربية التي شهدتها قمة الكويت كانت مريحة بالنسبة الى لبنان، وهي لا تروق لبعض الافرقاء الذين لا يرون دورا لهم الا على انقاض الخلافات بين العواصم العربية".
ويلاحظ ان "افرقاء في قوى الموالاة سارعوا الى تشاور وبحث مستفيض وعاجل للوقوف عند هذا التحوّل المفاجئ في المناخ العربي ومدى انعكاسه على وضعهم المقبل على انتخابات تشريعية عامة في السابع من حزيران (يوليو)، ستكون حاسمة في تحديد الخيارات السياسية للبنانيين وآليات الحكم وسبله التنفيذية في السنوات الاربع المقبلة، علما ان المجلس النيابي الجديد لن ينتخب رئيس الجمهورية المقبل، لكن التوازنات التي ستنتج منه ستحدد شكل حكومة ما بعد الانتخابات التشريعية، وتاليا الجهة او التحالف الذي سيحكم لبنان على امتداد هذه السنوات الاربعة، والذي سيتكون مهمته الاولى تصحيح الخلل السياسي في الحكم الذي انتجته الانتخابات التشريعية في ربيع العام 2005".
ويشير الى ان هذه المسألة لم تغب عن الاجتماع الذي ضم رئيس تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، علما ان مقربين من الحريري افصحوا ان الاجتماع "عرض مفاعيل قرارات قمة الكويت، المنطلقة من المصالحة العربية وارتداداتها على الوضع اللبناني".
ويقول: انّ قوى المعارضة بمختلف تلاوينها السياسية ابدت ارتياحا كبيرا لقمة الكويت، في حين حلت هذه الايجابيات ارباكا لدى الموالاة التي فشل كثير من اقطابها وقياداتها في تفسير المصالحة وفي صوغ خطاب متماسك حيالها، خصوصا انها لم تكن اطلاقا في صورة هذا المناخ التصالحي وظلت تراهن حتى اللحظة الاخيرة التي سبقت افتتاح القمة العربية على تفجر خلاف واسع في الجلسة بين محوري الممانعة والاعتدال.
ويعتبر انّ الموالاة تعيش هاجس تراجع دور المحور الاعتدالي التي راهنت وتراهن عليه، بعد اعادة خلط اوراق عدة وانبثاق توازنات جديدة في الاقليم، ولن يكون في مستطاع الموالاة تجاهل هذه التوازنات.
مصالحة محرجة للمعارضة
في الموازاة، يرى مصدر عليم في قوى 14 آذار (مارس) انّ "قمة الكويت احرجت صفوف المعارضة التي دأب افرقاؤها في الفترة الاخيرة على ممارسة كل انواع الضغوط على المسؤولين ولا سيما على رئيس الجمهورية للمشاركة في قمة الدوحة، التي تحوّلت اجتماعا تشاوريا، وذلك لدعم فريق عربي ممانع على آخر معتدل"، ويقول: جاءت قمة الكويت لتؤكد الدور العربي الاساسي لكل من مصر والمملكة العربية السعودية، اضافة الى الخطوة التاريخية للعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي برز بدور الاب الحكيم والحاضن للافرقاء العرب المتشرذمين في لعبة المحاور، في مشهد استعاد من خلاله زخم الدور السعودي وفاعليته على الساحة العربية ولا سيما الاقليمية في وجه القوة الفارسية المتصاعدة الوهج ايران".
ويشير الى ان "المعارضة تعيش حالا جدية من الارباك، خصوصا في ظل التباعد الواضح بين "حزب الله" وسوريا، لان نتائج الحرب على غزة ستكون لها انعكاسات كبيرة على مجمل الواقع العربي، ولن يكون لبنان في منأى عن هذه الانعكاسات، خصوصا في ضوء ما نتج عن العدوان الاسرائيلي على غزة من اعادة خلط اوراق على المستوى العربي والدولي".
ويبدي خشيته من "ان يهرب بعض المعارضة الى الامام من خلال العودة الى توتير الخطاب السياسي في مسعى الى التأثير على هذه التوازنات وانعكاساتها اللبنانية، واولى تجلياتها ستظهر في الانتخابات النيابية المقررة في السابع من حزيران(يوليو) المقبل". ويعتقد ان المعارضة حيال امكان خسارتها المتوقعة في هذه الانتخابات مع بروز معضلة الكتلة الوسطية بالنسبة اليها، والتي دأب افرقاؤها في الفترة الاخيرة على مهاجمتها في دليل على ضعف موقعهم الانتخابي بالمقارنة مع انتخابات العام 2005، لن تألو جهدا لتعطيلها او لارجائها حتى تتحسّن او تتغيّر ظروفها السياسية على المستويين العربي والداخلي.
ماذا بعد...
الى ذلك، وفيما تعود الحركة السياسية الى سابق عهدها في الداخل اللبناني، مع انحسار الحرب الاسرائيلية وعودة المياه الى مجاريها نسبيا بين العواصم العربية، تعتبر اوساط سياسية متابعة ان لبنان الذي تجاوز قطوع حرب غزة، سيكون أمامه تكريس مناخ التهدئة في ضوء الانفراج الحاصل في العلاقات العربية، على أن تحظى الاستراتيجيا الدفاعية بالمعالجة اللازمة بعيداً من الاحتقان والخلاف والانقسام.
وتلفت الى ان مناخات التهدئة هذه ستتيح لرئيس الجمهورية تكريس موقعه الوفاقي، بحيث يعزز دوره كبيضة راجحة للقبان السياسي، بين فريقي الصراع، ويكرس للرئاسة دورها الميثاقي والمحوري، وهو ما دأب يجهد في تحقيقه منذ انتخابه مع ادراكه ان المصالحة العربية هي الطريق الاسلم والانجع لهذا الامر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق