الاثنين، 9 فبراير 2009

Sphere: Related Content
هو جزء من كل ولن يكون مهمشا ... لكنه ليس في اولوية ادارة اوباما
انطباعات من واشنطن: خيار الحرب الاقليمية هو الاسوأ للبنان
فريدريك هوف سفيرا اميركيا متوقعا في دمشق .. لكن ليس قبل الصيف

ينشر في "الاسبوع العربي" في 16/2/2009
ما الذي قد يحمله باراك اوباما الى العالم مع دخوله رسميا الى البيت الابيض؟ سؤال يشغل بال الكثيرين ويشكل نقطة اهتمام وعامل ترقّب. ففي العشرين من كانون الثاني (يناير) تسلم اوباما الزمام وتربّع على العرش السياسي لاكبر دولة في التاريخ الحديث. وفي ظل كثرة الراهنات على العهد الاميركي الجديد بعد اكبر انتكاسة سياسية واقتصادية حلّت ببلاد العمّ سام والعالم نتيجة خطايا اميركية في السياسة كما في الاقتصاد، يبدو اوباما، الآتي الى البيت الابيض على حصان اسود بتأييد شعبي عارم والمثقل بتركة سلفه جورج بوش، خشبة خلاص علّقت عليها الكثير من الآمال الاميركية والعالمية.
يبقى الشرق الاوسط نجم السياسة العالمية وقلب العالم السياسي في كل العهود الاميركية، يفرض نفسه بندا اساسا في السياسة الاميركية الخارجية وعاملا يترقبه الكثيرون في خطب رئيس الولايات المتحدة الاميركية. والى حين حلحلة العقد السياسية في هذا الشرق وازماته المتجددة المتمحورة في اساسها حول الصراع العربي- الاسرائيلي، سيبقى هو محور اهتمام السياسة العالمية عموما والاميركية خصوصا حتى تحقيق السلام، اكان سلاما على انقاض هذا الشرق او سلاما عادلا يحترم الحقوق، ولا تدفع ثمنه الدول العربية الصغيرة التي غالبا ما تكون كبش محرقة لصفقات صانعي السياسة. وحتى اثبات العكس يبقى لبنان، في ظل كل الاحتمالات، عاملا مقلقا في السياسة الاميركية التي غالبا ما تتناساه فتستذكره حسب مصالحها وصفقاتها في المنطقة.
بعيدا عن اهمية الحدث الذي قاد الرئيس الاسود الى البيت الابيض في سابقة تاريخية اثارت اعجاب الكثيرين وعكست تغييرا ملحوظا في هوى المجتمع الاميركي، يتساءل الكثيرون عن موقع لبنان في السياسة الاميركية الجديدة للشرق الاوسط، واي دور يلعبه هذا البلد الصغير في ظل كل المشاكل الشائكة اقليميا ودوليا والتي غالبا ما يشكل ساحة لترجمتها وتبلورها؟ سؤال يشغل بال السياسيين اللبنانيين الذين تقاطعوا بين مؤيد للادارة الاميركية الراحلة ونهجها تجاه لبنان، وبين معوّل على ادارة جديدة قد تطرح وتمارس تغييرات جذرية في التعامل مع ملفات المنطقة التي يكون لبنان ابرز المتأثرين بتداعياتها.
لبنان ليس في الاولوية
وفيما يتربع اوباما على عرش الرئاسة الاميركية بعيد وقوع الكارثة الاقتصادية الاكبر في العالم منذ عهد الرئيس الاميركي الاسبق ريتشارد نيكسون، وفي ظل مشكلات اميركا السياسية في بلدان عدة ابرزها في العراق وافغانستان، وما يترتب على ذلك من اموال وتكاليف حرب، يفيد تقرير ديبلوماسي غربي خاص، حصلت "الاسبوع العربي" على نسخته الاصلية باللغة الانكليزية، انّ لبنان لن يستحوذ اهتماما كبيرا وموقعا مهماً اقله في بداية عهد باراك اوباما، للاسباب السياسية والاقتصادية الآنفة. ويذكر التقرير انّ اهمية لبنان بالنسبة الى الادارة الاميركية الجديدة تكمن في انه يشكل جزءا من كلّ، اي انه يندرج من ضمن القضايا المهمة التي يجب معالجتها في اطار حلحلة قضايا الشرق الاوسط وانهاء الصراع العربي- الاسرائيلي الذي يضعه الرئيس الاميركي الجديد في خانة الاهداف الاساسية والمهمة للسياسة الاميركية.
ويشير التقرير الى انّ دور لبنان في المنطقة لن يكون مهمشا وموضوعا على الرفّ لانّ "هذا البلد طالما كان مسرحا وساحة للكثير من المشاكل التي واجهت وهددت الولايات المتحدة الاميركية ومشاريعها في منطقة الشرق الاوسط".
ويدرج نظرة الادارة الاميركية الجديدة الى لبنان من منطلق ارتباطه بايران بحكم علاقتها الاجتماعية والدينية والسياسية مع الطائفة الشيعية التي تشكل الفئة الاوسع من المجتمع اللبناني، وتركيز واشنطن في الفترة الاولى من عهد اوباما على مسار العلاقة الاميركية- الايرانية الجديدة التي تشكل الطبقة الاولى من سلم الاولويات الاميركي تليها قضية افغانستان من ثم الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني، الهند وباكستان واخيرا روسيا والصين.
الحرب خيار اسوأ للبنان
ويفيد التقرير ان اي قرار قد تتخذه الادارة الاميركية الجديدة بالذهاب الى الحرب كحل لازمات المنطقة ووقف التهديد للولايات المتحدة، قد يكون الاسوأ بالنسبة الى لبنان لانه، اذا ما حصلت الحرب، فسيكون في قلب الصراع المسلح، في حين انه يمكن ان يشكل صمام عملية السلام في الشرق الاوسط.
ويشير الى انّه من المستحسن ان يأمل لبنان، في عهد باراك اوباما، في الافضل وفي التقدم الى الامام كما ان يتحسّب لما هو اسوأ، لانه عندما قد ترى اسرائيل انه ما من امكانية لضرب سوريا او ايران تحت ذرائع مهمة ومقنعة، فانها ستعوض عن ذلك بضرب لبنان، الحلقة الاضعف، كمنطلق لاشعال الحرب في المنطقة.
ويلفت التقرير الى ان الولايات المتحدة بإدراتها الجديدة ستتبع سياسة متعارضة مع سابقتها، فهي عوض الحروب الاستباقية ومراعاة مصالح اسرائيل ستمارس سياسة براغماتية وشاملة تأخذ في الاعتبار العناصر الانسانية في التعامل مع العالم العربي كما المصالح الاقتصادية والوطنية التي تحافظ على المصداقية الاميركية.
ويشير الى ان ادارة اوباما ستعوّل على حلفائها من العرب، لا سيما دول الخليج عبر عناصرها المخابراتية الاقليمية، لمكافحة الارهاب خصوصا في سوريا وايران ولبنان، حيث ما من وجود او وصول مباشر للقوات الاميركية.
ويشدد التقرير الديبلوماسي الغربي على انّ اميركا- اوباما ستستكمل تجهيز الجيش اللبناني، ويأتي ذلك في سياق خطوات بدأت بعد حرب تموز (يوليو) 2006، واستكملت بتشكيل لجنة عسكرية اميركية- لبنانية منذ تشرين الاول (اكتوبر) 2008 لتسليح الجيش بكل المسلتزمات من دبابات وشاحنات وطائرات ومدفعية وصواريخ ومناظر ليلية، ليلعب دوره الكامل في الانتشار والسيطرة على كل الاراضي اللبنانية، ومواجهة خطر الارهاب وردعه عن لبنان.
زيارة ميتشيل في السياسة
وفي سياق ترقب الحيز العملاني من ممارسة الادارة الاميركية الجديدة في الشرق الاوسط، تتطلع اوساط متابعة الى نتائج جولة الموفد الأميركي الجديد إلى الشرق الأوسط جورج ميتشيل، خصوصا بعدما أسقطت محطتا بيروت ودمشق من برنامجه، وفي ضوء غياب أي اشارة اميركية بعد الى موقع كل من العاصمتين في السياسة الجديدة للبيت الابيض، على الرغم من كل ما صدر في العاصمة السورية من معلومات ومعطيات عن قنوات اتصال خلفية او سرية مع الولايات المتحدة الاميركية.
وعلم ان شخصيات وجهات لبنانية عدة تواصلت مع السناتور ميتشيل للوقوف على برنامج العمل الذي يحضره في اطار مهمته، التي سبق ان قام بما يشبهها في بداية عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش في العام 2001، ثم اقصي بسبب معارضة اسرائيل واللوبي اليهودي في واشنطن لتوجهاته وخصوصا في مسألة منع تمدد المستوطنات.
وقال بعض هذه الشخصيات لـ "الاسبوع العربي" ان ميتشيل يدرك تماما الصعوبات التي تعترض طريقه، وينطلق ايضا من تجربته الاسرائيلية - الفلسطينية في العام 2001، لكنه بدا انه لم يتأثر بما واجهه من صعاب في ذلك العام، وهو لم يغير مواقفه المبدئية من القضايا الساخنة في الاقليم، وخصوصا في كل ما يتعلق بالصراع العربي – الاسرائيلي. وهو يعدّ لبرنامج سياسي – اكاديمي حافل في هذا الاطار، من شأنه ان يترجم ويجسّد بدقة وحِرَفية ما يريده الرئيس الاميركي للمنطقة، وما ضمّنه كل خطاباته في السباق نحو البيت الابيض ومن ثم في خطاب القسم وتسلم الرئاسة، وفي مقدمه عقلية التغيير في مقاربة النقاط والجغرافيات الساخنة.
وكان ميتشيل قد توجه إلى الشرق الأوسط في جولة قادته إلى إسرائيل والضفة الغربية ومصر والأردن والمملكة العربية السعودية، بعدما قرر الرئيس الاميركي ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون ايفاده بعد أيام قليلة من تعيينه، وحتى قبل ان يبدأ العمل على تشكيل فريقه، للتدليل على ادراكهما لالحاح الوضع ولضرورة العمل أولا على تعزيز وقف النار في غزة، واستشراف سبل الانتقال الى متطلبات العمل على القضايا السياسية المعقدة.
في هذا الاطار، يلفت ديبلوماسي رفيع الى ان جولة المبعوث الاميركي وبرنامج عمله حددا عناصر السياسة الخارجية للولايات المتحدة الاميركية في ما يتعلق بالصراع في الشرق الاوسط، وخصوصا في كل ما يتعلق بالتسوية السلمية وبعودة الحقوق الى اصحابها. ويشير الى ان ثمة فرصة حقيقية في بداية عهد الاميركي الجديد لتحقيق اختراق نوعي، خصوصا ان اوباما في كل خطبه التمهيدية في سياق الحملة الانتخابية ابدى رغبة ملحة لتحقيق هكذا اختراق. لكنه يوضح ان ميتشيل لم يخض جديا بعد في الملف السلمي على المسارين الاسرائيلي – السوري والاسرائيلي – اللبناني، وان هذين العنوانين حضرا هامشيا في جولته الاوسطية، في انتظار جولة اخرى في الاقليم، على الارجح بعد الانتخابات العامة الاسرائيلية.
استدراك سوري.. وسفير؟
ويقول ان ثمة تركيزا اميركيا في الوقت الراهن على استكشاف مدى القدرة على اعادة تحريك المسار السلمي الفلسطيني – الاسرائيلي في ضوء تداعيات الحرب الاسرائيلية على غزة، وان أي خطة خارج هذا النطاق لن تسجل قبل استنفاد امكانية تحقيق تقدم ملموس بعد تدارك تداعيات هذه الحرب. لكنه يوضح انه ستكون لميتشيل محطة هامة في تركيا ستتناول حكما الوساطة التي اضطلعت بها انقرة بين دمشق وتل ابيب في ما عرف بالمفاوضات غير المباشرة.
ويشير الديبلوماسي الرفيع الى ان دمشق سارعت الى تلقف الليونة الاميركية بإيجابية، الا انها قد تكون قد تسرّعت في بناء حساباتها، بدليل ان الرئيس السوري بشار الاسد سبق ان توقع ان تعيّن واشنطن سفيرا جديدا لها في دمشق مباشرة بعد تسلم اوباما رئاسته، لكنها عادت واستدركت هذا التسرع، خصوصا بعد المعطيات التي باتت في متناول سفيرها في الولايات المتحدة الاميركية عماد مصطفى وفيها أن العمل بدأ لاختيار سفير لواشنطن في دمشق، لكن هذا التعيين لن ينجز قبل الصيف المقبل، خصوصا بعدما تبيّن للسفير السوري ان ثمة تباينا بين البيت الابيض، المندفع الى فتح حوار فوري مع سوريا، ووزارة الخارجية ومجلس الامن القومي، المتريثين.
وتوقع الديبلوماسي ان ترشّح الادارة الاميركية فريدريك هوف سفيرا لها في سوريا، لكن التعيين لن يحصل قبل الثيف، في انتظار جلاء الكثير من الامور في طليعتها المرحلة المصاحية لانطلاقة المحكمة الدولية الخاصة للبنان.


ليست هناك تعليقات: