ضُرب القطاع بديلا من طهران بعد تراجع في البرنامج النووي واستفحال الازمة الاقتصادية
يُروى في واشنطن عن غزة و"حماس" .. ولاحقا "حزب الله"!
تل ابيب تريد قطع الاذرع الايرانية الثلاث قبل الانقضاض على طهران
يُروى في واشنطن عن غزة و"حماس" .. ولاحقا "حزب الله"!
تل ابيب تريد قطع الاذرع الايرانية الثلاث قبل الانقضاض على طهران
ينشر في "الاسبوع العربي" في 12/1/2009
كأنه قدر لا مفرّ منه، قدر شعب ان يعيش تحت رحمة الظلم والمعاناة والمأساة الى ما لا نهاية! فلسطين هي المشكلة .. وهي الحل لنزاع عربي- اسرائيلي، في جوف منطقة طالما عانت اهتزازات وحروبا، شكل هو لبّها الاساسي. ربما لم يجد الكثيرون العبارات المناسبة لوصف ما يجري في غزة، غير انهم اجمعوا على انها مجزرة في حق الانسانية قبل ان تكون ضد الشعب الفلسطيني او ضد حركة "حماس". انها الحرب بكل بربريتها، حرب تعددت التحليلات في قراءة اسبابها واهدافها .. والنتائج، الا ان حربا ضد الفلسطينيين في غزة تعني الكثير لمستقبل الاقليم كما للدول العربية المحيطة ولا سيما للبنان الذي شكل طوال عقود بلد المواجهة الوحيد مع اسرائيل، والذي دفع اكثر مما يُطيق من اثمان في ميادين خارج ميدانه!
شكلت الضربة الاسرائيلية لقطاع غزة، في وقت اعتبر الكثير من المراقبين ان الشرق الاوسط يعيش فترة هادئة من الترقب والتحضير لمرحلة مقبلة ترتسم معالمها مع اكتمال الصورة العالمية من الولايات المتحدة الاميركية الى اسرائيل مرورا بايران، مفصلا اعاد خلط الاوراق وغيّر اتجاه الريح التي نذرت في الفترة الاخيرة بإمكان بدء مفاوضات سلام قد ترسي تهدئة طويلة الامد في اضعف الايمان، خصوصا بعد الكلام الاخير للرئيس السوري بشار الاسد على ضرورة الانتقال في المرحلة المقبلة الى مفاوضات سلام مباشرة مع اسرائيل.
ضرب "حماس" بديلا من ايران
حرّكت مأساة غزة الشارع العربي مبرزة الخلافات والتباينات العربية- العربية، وجسّدت مواقف الاطراف الاصطفاف السياسي بين محورين، محور المقاومة في مقابل محور الاعتدال.
في هذا السياق، يقول مصدر ديبلوماسي في العاصمة الاميركية واشنطن لـ"الاسبوع العربي" ان القرار بتنفيذ العملية العسكرية الاسرائيلية في غزة اتخذ قبل فترة غير قصيرة، لافتا الى انه منذ مؤتمر انابوليس ظهر جليا للادارة الاميركية ان الحل الفلسطيني مع السلطة الفلسطينية متاح وقريب، انما العائق دون تحقيقه هو حركة "حماس" التي ربطت الحل بملف التفاوض الاميركي مع ايران، مما اثار حفيظة الفريق العربي وخصوصاً مصر، على حماس.
ويضيف "ان القاهرة حاولت استيعاب رفض "حماس" الحل، فأشرفت على هدنة الاشهر الستة، وهي هدنة اصرت عليها مصر لارجاء الانفجار ومحاولة عقلنة "حماس" ودفعها الى القبول بالتسوية وفصل اي رابط تريده بين عدم الانفجار والتفاوض مع ايران، لكن المحاولة المصرية فشلت في الشهر الاخير وتبيّن للقاهرة ان ثمة ارتباطات وثيقة بين ايران و"حماس"، وان إمكان الفصل بينهما متعذر، خصوصاً ان المحور الايراني-السوري و"حماس"، اعتبرا ان خروج الرئيس الاميركي جورج بوش وانتصار الرئيس المنتخب باراك اوباما يساعدهما على تحسين شروط التفاوض".
ويكشف المصدر ان "اسرائيل استحصلت من خلال استخباراتها على معلومات بأن ايران في خلال فترة سنة ستصبح جاهزة لامتلاك قنبلة نووية، وسبق ان ابلغت الى واشنطن ان هذا الامر خط احمر لا يمكن ان تقبل به وانها ستلجأ الى الخيار العسكري ضد ايران".
غير ان حدثا ما طرأ، لم يكن في الحسبان الاسرائيلي والاميركي.
يروي الديبلوماسي اياه: "اسفرت زيارة وزير الدفاع ايهود باراك الى واشنطن قبيل الانتخابات الرئاسية الاميركية اسفرت عن تفاهم مع الحزبين الجمهوري والديمقراطي على الا تتم اي خطوة عسكرية ضد ايران قبل الانتخابات الرئاسية مخافة ان توظف لمصلحة احد الحزبين. وتم التفاهم على ان تجري العملية ضد ايران في الفترة الانتقالية بين تسليم السلطة وتسلمها (تشرين الثاني / نوفمبر حتى 20 كانون الثاني / يناير)، لكن تطوراً هاماً طرأ تمثّل بالازمة المالية العالمية وانهيار اسعار النفط، ادى الى تحفظ اوروبي واميركي عن اي عملية اسرائيلية ضد ايران، نظراً الى كلفتها الباهظة وانعكاساتها على الاقتصاد العالمي في ظل الازمة المالية".
ويشير الى ان "التقارير الاستخبارية افادت بتراجع هائل في الوضع الاقتصادي في طهران، خصوصاً بعدما تبين ان الرئيس الاميركي صرف من صندوق الاحتياط اكثر من 140 مليار دولار في العامين الاخيرين، وهذه المبالغ نتجت من الفورة النفطية. وادى هذا التراجع المالي الى تأخّر في البرنامج النووي الايراني لثلاث سنوات على الاقل، ففرض هذا التطور تغييراً في الخطة الاسرائيلية، خصوصاً بعد بدء المحادثات غير المباشرة مع سوريا، وبعدما لمست تل ابيب جدية دمشق في ابرام صفقة على حساب علاقتها الاستراتيجية مع طهران. وقضى التغيير في الخطة في ان تُستَهدف "حماس" كمرحلة اولى، تليها مفاوضات جدية بين السلطة الوطنية واسرائيل في موازاة التفاوض مع سوريا والذي سيتحول مباشرا"ً.
تفاهم على حساب "حزب الله"
ويقول الديبلوماسي: "اما المرحلة الثانية من الخطة فتقضي بتفاهم اسرائيلي- سوري على حساب "حزب الله"، وهكذا يتم لاسرائيل والولايات المتحدة الاميركية ضرب الذراع الايراني المكوّن من ثلاثة عناصر: حماس، حزب الله، والتحالف مع سوريا. في هذا الوقت يتم فتح حوار اميركي - ايراني يُمنح مهلة سنة كاملة، فإذا تم التفاهم على موضوع السلاح النووي يصرف النظر عن أي خيار عسكري، وإلا تكون ايران قد جُرِّدت من اذرعها الخارجية، ويصبح آنذاك عزلها وضربها امراً اقل كلفة".
وتتقاطع المعطيات، وخصوصاً الشق المتعلق بالمرحلة الثانية من الخطة الاسرائيلية التي ارسى قواعدها ايهود باراك في اثناء زيارته الاخيرة لواشنطن والتي تستهدف او تسعى الى استكمال ما بدأته اسرائيل في حرب تموز (يوليو) 2006، مع التحذير الذي اطلقه الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله في اطلالته في الليلة الاولى في عاشوراء، إذْ نبّه من إمكان توسعة العملية العسكرية الاسرائيلية لتطال لبنان.
وعُلم في هذا الاطار ان قيادة المقاومة عمّمت على عناصرها وكادراتها الحذر والبقاء على استعداد لمواجهة اي مفاجئة اسرائيلية، في حين اتخذت قيادة الجيش اللبناني اجراءات عسكرية ميدانية ولوجستية واستنفرت عناصرها، تحسباً لأي "تطور" اسرائيلي ومنعاً لأي ذريعة قد توفرها احدى المجموعات غير المنضبطة، تماماً كما حصل في قضية اكتشاف صواريخ الكاتيوشا الثمانية في احد البساتين الجنوبية نهاية كانون الاول (ديسمبر) الفائت".
انعكاسات غزة لبنانيا
الى ذلك، بات من الواضح ان دراماتيكية التطورات في غزة والمخاوف من توسّعها، فرضت نفسها على الشأن اللبناني، حيث يشير وزير بارز الى ان هذه الاحداث ستغيّر في الكثير من المعطيات اللبنانية، في مقدمها ملف الانتخابات التشريعية المتوقعة في الربيع المقبل. ويقول هذا الوزير إن "روحية اتفاق الدوحة ارتكزت على التهدئة لادارة المرحلة الفاصلة عن هذه الانتخابات، وجعلتها عماد المرحلة، لكن هذه التهدئة الداخلية لن تكون في منأى عن التطورات في غزة، خصوصاً اذا ظهر لقوى المعارضة وخصوصاً لـ"حزب الله" ان ثمة استهدافاً لاحقاً للمقاومة في لبنان، واذ ذاك يتغير الكثير من المعطيات، ويعاد خلط الاوراق على مستوى الخيارات السياسية كما على مستوى العملية الانتخابية".
ويُعقّب وزير موالٍ ان "المطلوب ليست قمة عربية عاجلة بقدر الحاجة الى موقف عربي حاسم، يحمّل المسؤولية للطرف المسؤول، فإذا كان التصعيد الحاصل الآن هو استهداف من "حماسي" إيراني للمفاوضات المتوقعة بين سوريا وإسرائيل او لاجل تعزيز الموقف السوري، فلتُسمى الأشياء بأسمائها".
ويرى انّ "خيوط التنسيق بين اقطاب المقاومة الاقليميين واضحة، فـ "حزب الله" هيّأ الرأي العام بدعوته الى التظاهر من أجل غزة، وخرجت مظاهرات استعراض للقوة في البحرين. واليوم يخرج "حزب الله" ببيان يقول فيه "لغة الادانة من قبل الدول العربية وجامعتها لم تعد قادرة على تغطية موقفها السياسي المخزي، لأن السماح بحصار الشعب الفلسطيني هو شراكة في الحصار بدلا من أن تقف هذه الدول داعمة لهذا الشعب في جميع الميادين المدنية والعسكرية بما يجعله قادرا على صد العدوان". ويلفت الى انّ
هذا البيان لا يختلف كثيرا عن بيان "حماس" الذي يقول "على الأطراف الاقليمية تحمل مسؤوليتها تجاه ما يجري لوقف العداون الاسرائيلي، وهناك بعض الأطراف ليست بريئة من دماء شعبنا".
ويعتبر انّ ما تفعله "حماس" في غزة، وافشال جهود التهدئة التي قام بها المصريون ما هو إلا تصويت لزعيم حزب "ليكود" بنيمين نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية، "فالمتطرف دائما ما يبحث عن متطرف يبرر وجوده، ووصول نتنياهو لرئاسة الحكومة الاسرائيلية يبرر ما تفعله إيران أو "حماس"، كما استمرار امتلاك "حزب الله" سلاحه أمام الرأي العام العربي".
طمأنة... ولكن؟
وفيما تطمئن جهات دولية وعربية فاعلة ومؤثرة الى ان اسرائيل لن تفتح جبهة مع لبنان في هذا الظرف بالذات، الا اذا استهدفت بصواريخ من اراضيه الجنوبية، تلفت اوساط متابعة الى ان تلك التطمينات لا تمنع القوات المسلحة اللبنانية والقوة الدولية المعززة (اليونيفيل) اتخاذ التدابير الاحترازية والبقاء على يقظة، في مواجهة اي طارئ، اضافة الى التنسيق الوثيق مع الفصائل الفلسطينية ومراقبتها العناصر غير المنضبطة لمنعها من القيام بمحاولات اطلاق صواريخ من الجنوب.
وترى هذه الاوساط انه "في ظل كل التطورات المتسارعة في المحيط العربي، يبقى القلق عنصرا ثابتا على الرغم من كل التطمينات. ففي منطقة تعجّ بالتناقضات والاضداد وتفوح من اراضيها رائحة الدم والموت، لا يمكن التفاؤل بالتوصل الى حلّ مستدام يقي، اقله الابرياء، قساوة العنف واستبداد القوة".
شكلت الضربة الاسرائيلية لقطاع غزة، في وقت اعتبر الكثير من المراقبين ان الشرق الاوسط يعيش فترة هادئة من الترقب والتحضير لمرحلة مقبلة ترتسم معالمها مع اكتمال الصورة العالمية من الولايات المتحدة الاميركية الى اسرائيل مرورا بايران، مفصلا اعاد خلط الاوراق وغيّر اتجاه الريح التي نذرت في الفترة الاخيرة بإمكان بدء مفاوضات سلام قد ترسي تهدئة طويلة الامد في اضعف الايمان، خصوصا بعد الكلام الاخير للرئيس السوري بشار الاسد على ضرورة الانتقال في المرحلة المقبلة الى مفاوضات سلام مباشرة مع اسرائيل.
ضرب "حماس" بديلا من ايران
حرّكت مأساة غزة الشارع العربي مبرزة الخلافات والتباينات العربية- العربية، وجسّدت مواقف الاطراف الاصطفاف السياسي بين محورين، محور المقاومة في مقابل محور الاعتدال.
في هذا السياق، يقول مصدر ديبلوماسي في العاصمة الاميركية واشنطن لـ"الاسبوع العربي" ان القرار بتنفيذ العملية العسكرية الاسرائيلية في غزة اتخذ قبل فترة غير قصيرة، لافتا الى انه منذ مؤتمر انابوليس ظهر جليا للادارة الاميركية ان الحل الفلسطيني مع السلطة الفلسطينية متاح وقريب، انما العائق دون تحقيقه هو حركة "حماس" التي ربطت الحل بملف التفاوض الاميركي مع ايران، مما اثار حفيظة الفريق العربي وخصوصاً مصر، على حماس.
ويضيف "ان القاهرة حاولت استيعاب رفض "حماس" الحل، فأشرفت على هدنة الاشهر الستة، وهي هدنة اصرت عليها مصر لارجاء الانفجار ومحاولة عقلنة "حماس" ودفعها الى القبول بالتسوية وفصل اي رابط تريده بين عدم الانفجار والتفاوض مع ايران، لكن المحاولة المصرية فشلت في الشهر الاخير وتبيّن للقاهرة ان ثمة ارتباطات وثيقة بين ايران و"حماس"، وان إمكان الفصل بينهما متعذر، خصوصاً ان المحور الايراني-السوري و"حماس"، اعتبرا ان خروج الرئيس الاميركي جورج بوش وانتصار الرئيس المنتخب باراك اوباما يساعدهما على تحسين شروط التفاوض".
ويكشف المصدر ان "اسرائيل استحصلت من خلال استخباراتها على معلومات بأن ايران في خلال فترة سنة ستصبح جاهزة لامتلاك قنبلة نووية، وسبق ان ابلغت الى واشنطن ان هذا الامر خط احمر لا يمكن ان تقبل به وانها ستلجأ الى الخيار العسكري ضد ايران".
غير ان حدثا ما طرأ، لم يكن في الحسبان الاسرائيلي والاميركي.
يروي الديبلوماسي اياه: "اسفرت زيارة وزير الدفاع ايهود باراك الى واشنطن قبيل الانتخابات الرئاسية الاميركية اسفرت عن تفاهم مع الحزبين الجمهوري والديمقراطي على الا تتم اي خطوة عسكرية ضد ايران قبل الانتخابات الرئاسية مخافة ان توظف لمصلحة احد الحزبين. وتم التفاهم على ان تجري العملية ضد ايران في الفترة الانتقالية بين تسليم السلطة وتسلمها (تشرين الثاني / نوفمبر حتى 20 كانون الثاني / يناير)، لكن تطوراً هاماً طرأ تمثّل بالازمة المالية العالمية وانهيار اسعار النفط، ادى الى تحفظ اوروبي واميركي عن اي عملية اسرائيلية ضد ايران، نظراً الى كلفتها الباهظة وانعكاساتها على الاقتصاد العالمي في ظل الازمة المالية".
ويشير الى ان "التقارير الاستخبارية افادت بتراجع هائل في الوضع الاقتصادي في طهران، خصوصاً بعدما تبين ان الرئيس الاميركي صرف من صندوق الاحتياط اكثر من 140 مليار دولار في العامين الاخيرين، وهذه المبالغ نتجت من الفورة النفطية. وادى هذا التراجع المالي الى تأخّر في البرنامج النووي الايراني لثلاث سنوات على الاقل، ففرض هذا التطور تغييراً في الخطة الاسرائيلية، خصوصاً بعد بدء المحادثات غير المباشرة مع سوريا، وبعدما لمست تل ابيب جدية دمشق في ابرام صفقة على حساب علاقتها الاستراتيجية مع طهران. وقضى التغيير في الخطة في ان تُستَهدف "حماس" كمرحلة اولى، تليها مفاوضات جدية بين السلطة الوطنية واسرائيل في موازاة التفاوض مع سوريا والذي سيتحول مباشرا"ً.
تفاهم على حساب "حزب الله"
ويقول الديبلوماسي: "اما المرحلة الثانية من الخطة فتقضي بتفاهم اسرائيلي- سوري على حساب "حزب الله"، وهكذا يتم لاسرائيل والولايات المتحدة الاميركية ضرب الذراع الايراني المكوّن من ثلاثة عناصر: حماس، حزب الله، والتحالف مع سوريا. في هذا الوقت يتم فتح حوار اميركي - ايراني يُمنح مهلة سنة كاملة، فإذا تم التفاهم على موضوع السلاح النووي يصرف النظر عن أي خيار عسكري، وإلا تكون ايران قد جُرِّدت من اذرعها الخارجية، ويصبح آنذاك عزلها وضربها امراً اقل كلفة".
وتتقاطع المعطيات، وخصوصاً الشق المتعلق بالمرحلة الثانية من الخطة الاسرائيلية التي ارسى قواعدها ايهود باراك في اثناء زيارته الاخيرة لواشنطن والتي تستهدف او تسعى الى استكمال ما بدأته اسرائيل في حرب تموز (يوليو) 2006، مع التحذير الذي اطلقه الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله في اطلالته في الليلة الاولى في عاشوراء، إذْ نبّه من إمكان توسعة العملية العسكرية الاسرائيلية لتطال لبنان.
وعُلم في هذا الاطار ان قيادة المقاومة عمّمت على عناصرها وكادراتها الحذر والبقاء على استعداد لمواجهة اي مفاجئة اسرائيلية، في حين اتخذت قيادة الجيش اللبناني اجراءات عسكرية ميدانية ولوجستية واستنفرت عناصرها، تحسباً لأي "تطور" اسرائيلي ومنعاً لأي ذريعة قد توفرها احدى المجموعات غير المنضبطة، تماماً كما حصل في قضية اكتشاف صواريخ الكاتيوشا الثمانية في احد البساتين الجنوبية نهاية كانون الاول (ديسمبر) الفائت".
انعكاسات غزة لبنانيا
الى ذلك، بات من الواضح ان دراماتيكية التطورات في غزة والمخاوف من توسّعها، فرضت نفسها على الشأن اللبناني، حيث يشير وزير بارز الى ان هذه الاحداث ستغيّر في الكثير من المعطيات اللبنانية، في مقدمها ملف الانتخابات التشريعية المتوقعة في الربيع المقبل. ويقول هذا الوزير إن "روحية اتفاق الدوحة ارتكزت على التهدئة لادارة المرحلة الفاصلة عن هذه الانتخابات، وجعلتها عماد المرحلة، لكن هذه التهدئة الداخلية لن تكون في منأى عن التطورات في غزة، خصوصاً اذا ظهر لقوى المعارضة وخصوصاً لـ"حزب الله" ان ثمة استهدافاً لاحقاً للمقاومة في لبنان، واذ ذاك يتغير الكثير من المعطيات، ويعاد خلط الاوراق على مستوى الخيارات السياسية كما على مستوى العملية الانتخابية".
ويُعقّب وزير موالٍ ان "المطلوب ليست قمة عربية عاجلة بقدر الحاجة الى موقف عربي حاسم، يحمّل المسؤولية للطرف المسؤول، فإذا كان التصعيد الحاصل الآن هو استهداف من "حماسي" إيراني للمفاوضات المتوقعة بين سوريا وإسرائيل او لاجل تعزيز الموقف السوري، فلتُسمى الأشياء بأسمائها".
ويرى انّ "خيوط التنسيق بين اقطاب المقاومة الاقليميين واضحة، فـ "حزب الله" هيّأ الرأي العام بدعوته الى التظاهر من أجل غزة، وخرجت مظاهرات استعراض للقوة في البحرين. واليوم يخرج "حزب الله" ببيان يقول فيه "لغة الادانة من قبل الدول العربية وجامعتها لم تعد قادرة على تغطية موقفها السياسي المخزي، لأن السماح بحصار الشعب الفلسطيني هو شراكة في الحصار بدلا من أن تقف هذه الدول داعمة لهذا الشعب في جميع الميادين المدنية والعسكرية بما يجعله قادرا على صد العدوان". ويلفت الى انّ
هذا البيان لا يختلف كثيرا عن بيان "حماس" الذي يقول "على الأطراف الاقليمية تحمل مسؤوليتها تجاه ما يجري لوقف العداون الاسرائيلي، وهناك بعض الأطراف ليست بريئة من دماء شعبنا".
ويعتبر انّ ما تفعله "حماس" في غزة، وافشال جهود التهدئة التي قام بها المصريون ما هو إلا تصويت لزعيم حزب "ليكود" بنيمين نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية، "فالمتطرف دائما ما يبحث عن متطرف يبرر وجوده، ووصول نتنياهو لرئاسة الحكومة الاسرائيلية يبرر ما تفعله إيران أو "حماس"، كما استمرار امتلاك "حزب الله" سلاحه أمام الرأي العام العربي".
طمأنة... ولكن؟
وفيما تطمئن جهات دولية وعربية فاعلة ومؤثرة الى ان اسرائيل لن تفتح جبهة مع لبنان في هذا الظرف بالذات، الا اذا استهدفت بصواريخ من اراضيه الجنوبية، تلفت اوساط متابعة الى ان تلك التطمينات لا تمنع القوات المسلحة اللبنانية والقوة الدولية المعززة (اليونيفيل) اتخاذ التدابير الاحترازية والبقاء على يقظة، في مواجهة اي طارئ، اضافة الى التنسيق الوثيق مع الفصائل الفلسطينية ومراقبتها العناصر غير المنضبطة لمنعها من القيام بمحاولات اطلاق صواريخ من الجنوب.
وترى هذه الاوساط انه "في ظل كل التطورات المتسارعة في المحيط العربي، يبقى القلق عنصرا ثابتا على الرغم من كل التطمينات. ففي منطقة تعجّ بالتناقضات والاضداد وتفوح من اراضيها رائحة الدم والموت، لا يمكن التفاؤل بالتوصل الى حلّ مستدام يقي، اقله الابرياء، قساوة العنف واستبداد القوة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق