الاثنين، 26 أبريل 2010

Sphere: Related Content

"الغرور القاتل" يزجّ المنطقة في حرب جديدة.. وظروف الـ1976 قد تتكرر

لبنان مجددا صندوق بريد ومجال تشابك اقليمي ودولي!

"لبنان ضحية الأزمة الأميركية التي تسعى إلى ترميم العلاقات مع دمشق وابعادها عن إيران"

هل يتقصّد المجتمع الدولي تغذية الفوضى في لبنان؟

ينشر في "الاسبوع العربي" في 3/5/2010

عاد لبنان اسير التوتر على خلفية التقاصف الدولي - الاقليمي في ضوء ما سمّي ازمة صواريخ "السكود". ولم تشفع التطمينات الرسمية والديبلوماسية في تبديد الهواجس من كثرة التهديدات والانذارات.

ثمة انطباع واسع بأن لبنان يتحوّل مجدداً صندوق بريد لمختلف الرسائل العربية والدولية، على خلفية الازمات المتناسلة التي تعصف به -بعضها مفتعل وبعضها مدبر بعناية- ونتيجة تشظي بنيان مرحلة ما بعد الرابع عشر من شباط (فبراير) 2005، وما لحق بها من انتكاسات وتبلور اصطفافات جديدة.

ليست ازمة صواريخ "السكود" اولى تلك الازمات المتسلسلة ولن تكون، بالتأكيد، آخرها. فالفالق السياسي المتحرك بإستمرار يضع البلد على فوّهة من البراكين وعلى خط من الزلازل السياسية، يحعل الازمات نتيجة مباشرة لها، خلافا لطبيعة الانظمة التي غالبا ما تبحث عن الاستقرار والسكينة.

ويستقيم الكلام على عودة لبنان صندوق بريد مع الحركة الدولية والعربية الكثيفة في اتجاهه، في ظل تنامي التهديدات الاسرائيلية وغموض الموقف الاميركي حيال ما سمته واشنطن تزويد سوريا "حزب الله" بتكنولوجيا صواريخ جديدة.

في اسبوع واحد، نشط الموفدون الدوليون من وزيرة العدل الفرنسية ميشال اليو ماري، الى وزير الخارجية المصرية احمد ابو الغيط، فرئيس حكومة قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني.

العودة المصرية

وأتت زيارة رئيس الديبلوماسية المصرية، المنكفئة عن لبنان منذ ايار (مايو) 2008، إثر معطيات عن تقاريراستخبارية غاية في الأهمية، تتوافر لدى واشنطن، وتتحدث عن سباق إسرائيلي - إيراني يتسارع نحو حرب إقليمية في الشرق الأوسط، في خلال هذا العام، وسط مؤشرات عن تحضيرات واستعدادات واستنفارات متبادلة تجري لدى كل طرف، تؤشر لإمكان حدوث هذه الحرب في أي وقت.

وتشير هذه التقارير الى ان أبو الغيط كان احد الذين إطّلعوا من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على هامش اجتماعات قمة الأمن النووي في واشنطن، على هذه المحاذير الاميركية لا سيما ان الاستخبارات الأميركية واخرى تابعة لوزارة الدفاع راكمت طيلة الفترة الاخيرة في عملها في الشرق الأوسط، معطيات مقلقة كان لا بد من مشاطرتها مع عدد من العواصم العربية بغية اخذ الحيطة والاسهام في الحد من التوتر البالغ وإبطال شرارة الحرب.

تشابك إقليمي في لبنان

في الموازاة، تتخوف بعثات ديبلوماسية من تشابك الإقليمي يتغذى من التناقضات اللبنانية يؤدي الى أذيّة الاستقرار الهش، المضطرب في الاصل على وقع نزعة لجعل لبنان مساحة لتصفية الحسابات الدولية والاقليمية في ظل انسداد إقفال افق استئناف المحادثات بين الفلسطينيين والإسرائيليين من جهة، وتوتر العلاقة بين الغرب وإيران على خلفية ملفها النووي من جهة اخرى.

وتثمّن هذه البعثات التحرك اللبناني الرسمي في عواصم القرار، "لأن من الاهمية بمكان مواصلة رفع الصوت لدرﺀ المخاطر المتوقعة والسعي لدى أصدقاﺀ لبنان لممارسة جهود إضافية تطوّق اي اتجاه اسرائيلي للهروب من الاستحقاقات السلمية المترتبة على تل ابيب وحكومتها، من خلال تكرار تجارب حربية سابقة، واتباع خطوات القفز البهلواني غير المدوزن".

تضخيم ومصلحة مشتركة

وتتحدث عواصم معنية عن وضع شديد التعقيد نتج من تشابك اقليمي في الملفات الايرانية والعراقية والفلسطينية، ومع عودة الملف الإيراني الى مسار العقوبات والتصادم ودخول العراق في مرحلة انتقالية من العنف والفراغ، وعدم تحقق أي تقدم في عملية السلام، وخصوصا على المسار الفلسطيني – الاسرائيلي.

ولا تخفي هذا العواصم ارتيابا حيال تضخيم ازمة صواريخ "سكود" والاتكاء عليها لإثارة توترات اقليمية جديدة، بخلفيات قومية - قطرية، هذه المرة، لا مذهبية كما هو حاصل في العراق.

وتشير الى ان ثمة مخاوف من تقاطع أميركي ـ إسرائيلي، بتحريض من اللوبي ايهودي في واشنطن، على ان الحرب مصلحة مشتركة للهروب من إحراجات التسوية المعطّلة والأزمة التي تعصف بعلاقاتهما، لاسباب عدة منها:

-ان واشنطن ستُشغل، في الخريف الآتي، بالانتخابات النصفية للكونغرس التي تحدد امكان الولاية الثانية للرئيس باراك اوباما فترة رئاسية ثانية أو عدمه، وبالانسحاب الأميركي المتوقع من العراق، وبالخوف من ان تسارع ايران، كما فعلت بعد اسقاط نظام صدام حسين، الى ملء الفراغ الأميركي. وبما ان الشرق الأوسط أُنهك من عدم التوازن وفقدان الاستقرار، فإن وقوع أي خطأ في التقدير والحسابات سيؤدي حتما الى كارثة إقليمية، ستكون الحرب احدى تجلياتها.

-ان إسرائيل تلجأ، في كل مرة يشتدّ الخناق عليها، أنى كان رئيس وزرائها، الى الخيار العسكري، ومساحاته اثنتان: في غزة وفي لبنان. وهكذا تلوح بيارق الحرب كلّما سُدّت آفاق التسوية او أتت المحاثات التمهيدية بما لا يتناسب ومصالحها ومقارباتها. كما تلوح هذه البيارق كلّما استشعر المستوى العسكري الاسرائيلي ان ثمة ما يتهدد ميزان القوى الاستراتيجي والتفوق الذي بنى عليه الجيش عقيدته الحديثة التي تعتبر ان من شأن امتلاك 'حزب الله' قدرات استراتيجية ان يغيّر قواعد اللعبة، إذ قد يسمح له ذلك باستهداف كامل الأراضي الإسرائيلية انطلاقاً من قواعده في أقصى الشمال.

وثمة ما يشير الى ان عامليّ إنسداد افق التسوية والخلل في ميزان القوى الاستراتيجي، يتضافران راهنا، ويحضّان تل ابيب على الحرب.

-ان اسرائيل والولايات المتحدة تعتقدان ان تحريك المياه الراكدة، يستوي حصرا بإحياء نظرية ان القيادة السورية لن تقدم على خطوات دراماتيكية في ملف السلام الا في ضوء حرب تكسبها الشرعية الشعبية الداخلية من جهة، والشرعية العربية من جهة اخرى، وان هاتين الشرعيتين ستؤمنان الغطاء لخطوات غير متوقعة ستقدم عليها القيادة السورية في مرحلة ما بعد الحرب!

كما تعتقد الولايات المتحدة واسرائيل ان سوريا قد تستفيد من ظروف الحرب كي تصحح اختلالا في التوازن سمح لإسرائيل بتجاهلها حين يحلو لها. لذلك تسعى دمشق جاهدةً منذ عقود إلى تحقيق تكافؤ استراتيجي، وهو هدف مثالي استحال تحقيقه مع انهيار الاتحاد السوفييتي.

غرور قاتل

وترى مراكز بحثية اميركية ان التقارير بشأن إرسال سوريا صواريخ "سكود" إلى 'حزب الله'، أو على الأقل استعدادها لنشرها عبر الحدود مع لبنان، ذكّرت الجميع في المنطقة بأنه وسط الغرور، قد تنشب حرب مدمرة بمجرد وقوع خطأ في الحسابات.

وتستبعد هذه المراكز كلاما في واشنطن على ان التقارير الاسرائيلية الاتهامية ربما تكون مجرد معلومات مضللة ترمي الى تحويل مسار المساعي الأميركية المترددة للتحاور مع سوريا بعد خمسة اعوام من التباعد بينهما، أو لصرف النظر عن التوتر في العلاقات بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وترى المراكز البحثية انه في حال صحة التقارير بشأن نشر الصواريخ، فعندئذ سيتسع، لا شك، الصراع المقبل بين إسرائيل و"حزب الله" ليشمل سوريا، مستذكرة انه المرة الأخيرة التي اشتبكت فيها القوات السورية والإسرائيلية كانت في العام 1982 في وادي البقاع، وحينها تلقى الجيش السوري، ولا سيما قواته الجوية، ضربة موجعة، لكن إسرائيل كانت منشغلة في محاربة منظمة التحرير الفلسطينية ولم يكن في نيتها توسيع حدود الصراع. بنتيجة الأمر، رُسمت خطوط حمراء جديدة حولت لبنان منطقة نزاع ومنافسة بالوكالة. لكن هذه المرة، تضيف هذه المراكز، بدأت اللهجة بين البلدين تزداد حدّةً، فالنظام في سوريا يدعم "حزب الله" علناً، وقد أخبر الرئيس السوري بشار الأسد نظيره الفلسطيني محمود عباس بأن 'ثمن المقاومة ليس أغلى من ثمن السلام'، في حين شبّه وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، "حزب الله" بفرقة في القوات المسلحة السورية، وأفاد أن إطاحة نظام الأسد ستكون مهمة سهلة.

لبنان ضحية محتملة!

وتشير مراكز الابحاث الى ان "لأزمة الصواريخ بُعدا آخر تم تجاهله، ويكمن في مدى هامشية الدولة اللبنانية، ففي النهاية، كان من المتوقع أن يناقش القادة السياسيون بأطيافهم المختلفة استراتيجية نظام دفاعي في مؤتمر الحوار الوطني الذي شكّل محاولة فاشلة أخيراً لمعالجة مسألة سلاح "حزب الله". فالحزب لم يشاطرهم تفاصيل بشأن استعداداته العسكرية، جزئياً لدواع تتعلق بالسرية، وأيضاً لأنه يعتبر نفسه وخططه العسكرية فوق أي نقاش".

وتخلص هذه المراكز الى ان "الجولة المقبلة من الحرب قد تشهد هجمات على بنى تحتية أساسية لبنانية، ومبان حكومية ومنشآت للجيش. ومن شأن ذلك أن يجر كامل البلاد إلى الصراع، لكن مجدداً من دون إجماع وطني حول سبب القتال أو هدفه. ويكون لبنان بذلك من ضمن الضحايا الأخرى المحتملة للأزمة السياسية الأميركية التي تسعى إلى ترميم العلاقات مع دمشق والتي تقوم على فكرة أن الولايات المتحدة تستطيع جذب سوريا إلى صفها بعيداً عن إيران. وعندذاك سيكون واردا احتمال عودة القوات السورية، في حال غزّى العالم مجدداً الفوضى في لبنان... حدث ذلك في عام 1976، وقد يحدث مجدداً".

ليست هناك تعليقات: