الاثنين، 3 مايو 2010

Sphere: Related Content

واشنطن ارجأت العقوبات على طهران شهرا كاملا رفعا للاحراج عنه

لبنان رئيسا لمجلس الامن.. ويبحث عن أمانه!

بيروت بين التحفظ عن العقوبات واتباع الخطى التركية

استفاقة الديبلوماسية اللبنانية بعد عقود من الخمول تفترض حسن الادراك والتميّز!

ينشر في الاسبوع العربي في 10/5/2010

لبنان امام تحدّ جديد إضافي، خارجي هذه المرة، مرتبط برئاسته الدورية عن شهر ايار (مايو) لمجلس الامن الدولي، الذراع التنفيذية لمنظمة الامم المتحدة. والتحدي الجديد متشعّب، يبدأ من آليات الادارة اللبنانية لهذه الرئاسة، عبر رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية وصولا الى المندوب في المبنى الزجاجي الاشهر في العالم، السفير نواف سلام، ولا ينتهي بكيفية المواءمة بين مجموعة من الرؤيات المتناقضة في المجموعة العربية التي يمثّلها لبنان في مجلس الامن على حتى نهاية كانون الاول (ديسمبر) 2011، ولا سيما في ما خصّ الملف النووي الايراني والعقوبات الدولية المرتقبة.

اثار ترشيح لبنان الى عضوية مجلس الامن، قبل عام، الكثير من الالتباسات والتحليلات دفعت بفريق لبناني الى الضغط على رئاسة الجمهورية حتى تعتذر عن هذه العضوية، وتجيّرها الى دولة عربية اخرى. فالتحديات اللبنانية ستكون كثيرة وكبيرة، ومن شأنها، كمثل موضوع الملف النووي الايراني، ان يثير مزيدا من الانقسام اللبناني، في حال نحا لبنان الى تأييد العقوبات المرتقبة اثناء ولايته الاممية، فكيف اذا كانت هذه العقوبات ستسري اثناء ترؤس لبنان مجلس الامن؟!

ردت الرئاسة اللبنانية على هذه الهواجس بتأكيد حرصها على استكمال الحضور اللبناني على المستوى الدولي، بعد ضمور واسع اثر تميد ولاية الرئيس اميل لحود في ايلول (سبتمبر) العام 2004، ولا فرصة لاستكمال هذا الحضور، افضل او ارقى من تبوؤ عضوية اهم المؤسسات الدولية والاممية المعنية بتنظيم العلاقات بين الدول والشعوب.

اما عن كيفية ايجاد المخرج في مسألة العقوبات المحتملة على ايران، فبسيطة، اذ ان لبنان يمثّل المجموعة العربية في مجلس الامن، وهو لن يتخذ اي موقف او لن يصوّت على اي قرار او اجراء دولي، من خارج الاجماع العربي ومن دون التشاور المستفيض مع العواصم العربية ومع مندوبيها في الامم المتحدة.

ويسأل مراقبون دويبلوماسيون: لماذا لم تثر هذه الاشكالية زمن عضوية كل من سوريا (2002 -2003) والجزائر (2004 – 2005) وقطر (2006 - 2007) وليبيا (2008 – 2009) في مجلس الامن الدولي، خصوصا ان دمشق نفسها سبق في العام 2002 ان صوّتت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2002 بضغط من الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا، بالموافقة على مشروع قرار "الفرصة الأخيرة" رقم 1441، الذي تقدمت به واشنطن، ودعمته لندن، وهو القرار الذي منح العراق فرصة أخيرة للامتثال لالتزاماته المتعلقة بنزع السلاح بموجب قرارات مجلس الأمن، على رغم ان هذا الاجراء لم يحظ في حينه اجماعا عربيا، ولم توافق عليه ايران. كما صوتت في ايار (مايو) 2003 الى جانب القرار 1483 الذي يمنح قوات التحالف الاميركي - البريطاني سلطة الاشراف على الاقتصاد والعملية السياسية في العراق.

إستعادة الصورة

يقول السفير نواف سلام ان "جزءاً من رسالة لبنان وصل بدخول لبنان مجلس الأمن بأن هذا البلد يستعيد عافيته وهو موجود على الساحة الدولية ومشارك في القرارات الدولية وله رأيه المسموع في القضايا التي تخصه أو تخص المنطقة من داخل هذا المجلس". ويشير الى انه "في هذا الشهر ستتضح صورة لبنان أكثر في عودته الى السياسة الدولية وسيسلط مزيد من الضوء على دور لبنان في قضايا تمتد من نيبال الى التشاد ومن السودان الى فلسطين ومن الصومال الى كل أنحاء العالم. سيكون صوت لبنان مسموعاً في كل أنحاء العالم".

ويوضح ان لبنان سيرئس المجموعة العربية التي قدمت ثلاث أوراق عمل لمؤتمر مراجعة معاهدة حظر الإنتشار النووي: الأولى تتعلق بنزع السلاح والثانية عن الإستخدام السلمي للطاقة الذرية والثالثة عن شأن تحويل الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي، مشيرا الى أن المناقشات لا تزال جارية في شأن الأوراق الكثيرة التي قدمتها الدول، وخصوصاً الورقة الروسية - الأميركية، ولافتا الى أن الوفد اللبناني بإسم المجموعة العربية "يتواصل مع الطرفين الأميركي والروسي وسندخل الترويكا العربية في هذه المفاوضات".

ويؤكد سلام ان "الموقف العربي ثابت ومتفق عليه بالإجماع. نريد الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي تنفيذاً لقرار اتخذ عام 1995"، رافضاً "رفضا قاطعا ربط هذا الموضوع بأي شكل بعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط".

ويتحدث عن "مساع جارية لايجاد تسوية مع ايران. ولبنان يؤيد أي تسوية مع ايران"، رافضاً "اطلاقاً أي ربط بين الموضوعين النوويين لكل من ايران واسرائيل".

لا عقوبات هذا الشهر

في الاسبوع الثالث من نيسان (ابريل)، اجرى السفير سلام في بيروت جولة من اللقاءات الرسمية ممهدة للمهمة اللبنانية الجديدة، في حين علم ان بيروت نقاشات رئاسية وحكومية مستفيضة جرت فيب بيروت لتحديد آليات الادارة اللبنانية في مجلس الامن وسبل التعاطي مع القضايا المطروحة للنقاش او المتوقع ان تكون عناوين رئيسية في ايار (مايو).

وفي مسألة امكان طرح قرار لتشديد العقوبات الدولية على ايران على خلفية ملفها النووي، يفضّل لبنان اعتماد الحوار بدلاً من فرض العقوبات، واذا طرح اي قرار للتصويت، فسيلتزم التحفّظ.

وعلمت "الاسبوع العربي" ان اتصالات حثيثة بين لبنان والولايات المتحدة الاميركية وبمشاركة عربية واقليمية، افضت الى قرار واشنطن تأجيل فرض العقوبات على ايران والتي كانت تعتزم طرحها للتصويت في ايار (مايو)، الى حين انتهاء الرئاسة اللبنانية، وبذلك اخذت واشنطن في الاعتبار الاحراج اللبناني من جهة، والرغبة المشتركة في الا يتأثر اي تحفظ لبناني في مجلس الامن على العلاقات الثنائية، خصوصا ان واشنطن تُعتبر راهنا اهم مصدر لمساعدة الجيش والقوات المسلحة ببرنامج تسلح وتدريبات، يفوق مجموعها الميار دولار.

وترجح التقديرات، وفق معطيات "الاسبوع العربي"، ان مجلس الامن سيصوت في خلال فترة رئاسة المكسيك للمجلس في حزيران (يونيو)، على قرار تشديد العقوبات على ايران، بموافقة صينية وروسية مما سيترك الكثير من التداعيات ان لجهة ردة الفعل الايرانية او لجهة ما المواكبة الاسرائيلية للعقوبات من خلال مواصلتها التهديد للبنان وسوريا ايران و"حزب الله".

قِدر بلا غطاء!

تأسيسا على ذلك، يعتقد ديبلوماسيون في بيروت ان لبنان امام تحد جديّ في فترة انتقالية حرجة يعيشها الاقليم، تبقى محكومة بتوازنات تجعل من مشهد التهديدات الاسرائيلية والاستعدادات المقبلة اشبه بمشهد قِدْر من المياه، بلا غطاء، فوق صفيح ساخن، ليس في استطاعة احد تقدير الاضرار متى بلغت المياه درجة الغليان.

ويشير هؤلاء الى ان هذا التحدي يفترض ادارة لبنانية متميزة، في بيروت كما في نيويورك، ذلك ان صورة لبنان الدولية التي ارادها لنفسه، بعد ضمور، تفترض تعاطيا غير تقليدي، لا سيما في ضوء التحديات الكثيرة، وتتطلب ارادة ديبلوماسية رائدة وذكية، للسير وسط حقول من الالغام والصواعق، ولقراءة مجمل المعطيات الاقليمية، بحيث يحافظ من جهة على وحدته، ويقارب من جهة اخرى الملفات المطروحة بموضوعية ومسؤولية.

ويعتبرون ان استفاقة الديبلوماسية اللبنانية بعد عقود من الاستقالة والخمول و"التبعية" وغياب المبادرة الخلاقة، فرصة كي يؤكد لبنان انه في صميم الشرعية الدولية، وانه قادر على الخروج من ضيق زواريبه ومن مستنقعات انقساماته الداخلية، الى العالم الرحب حيث الديبلوماسية باتت السلاح الامضى، فينشّط آليات التحرك مع عواصم القرار في أروقة الأمم المتحدة ويحيك معها ما يؤكد أحقية دوره المتوسطي والوجودي.

النموذج الاسطنبولي

ويرى الديبلوماسيون ان احد طرق الخلاص اللبناني من الاحراج، متى طرحت الولايات المتحدة قرار العقوبات على ايران (لأن لبنان سيكون امام استحقاق التصويت على القرار سواء كان رئيسا للمجلس او عضواغير دائم فيه)، هو ان يقتدي بالمسار التركي في التصويت او الامتناع عنه، ذلك ان الاستظلال بتركيا يقي لبنان ردات فعل سورية او ايرانية او حتى داخلية، نظرا الى الدور المتعاظم لانقرة ولديبلوماسيتها الفذّة والمتألقة، والى الحظوة والدالة التي لها في ايران وفي سوريا، والى دورها الحيوي على اكثر من صعيد متوسطي، في ظل سياسة خارجية متعددة الأبعاد، ترتكز على ان انقرة ذات عمق وموقع استراتيجيين وليست مجرد جسر، وهي لذلك تسعى الى علاقات بالإقليم خالية كليا من التوتر.

المجموعة العربية ومجلس الأمن

ومما قد يسهل مهمة لبنان، ان المجموعة العربية في الأمم المتحدة حرصت أن تنأى بنفسها عن الخلافات العربية - العربية وأن تبقى متماسكة متوحدة حول المسائل الكبرى، على رغم الانقسامات بين عدد من العواصم. فممثلو هذه المجموعة على اتم الادراك ان الانقسام العربي العلني أمام الدول الأعضاء يسيء اليها كلها ويقلل من هيبتها وحضورها، وان تماسكها يمكن أن يترجم إلى قرارات ذات أهمية تاريخية- فوحدة المجموعة وقوتها بعد حرب تشرين (أكتوبر) 1973 وثورة النفط، قاد إلى الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ودعوتها الى الجلوس كمراقب في الأمم المتحدة في العام 1974. كما فرضت اللغة العربية لغة رسمية للأمم المتحدة.

لكن هذه الوحدة تأثرت مرارا، فلم تصمد أمام الحوادث الخلافية الكبرى كاتفاقية كامب ديفيد في العام 1979، وغزو العراق للكويت في العام 1990.

ليست هناك تعليقات: