الاثنين، 11 يناير 2010

Sphere: Related Content

باريس على خطى واشنطن في فرض اجراءات مشدَّدة على مستخدمي مطار بيروت

لبنان مجددا في القوائم السوداء!

وكالات حفظ الامن الدولية تستعد لتقويم "المخاطر" في المطار ومحيطه

ينشر في "الاسبوع العربي" في 18/1/2010

انشغلت الاوساط السياسية الرسمية والدبلوماسية بالاجراءات الاميركية في شأن تشديد التفتيش الآلي واليدوي على اللبنانيين الآتين الى الولايات المتحدة الاميركية عبر مرافئها الجوية، في وقت كان المؤمل ان يخف الحصار الجوي من خلال اعادة العمل بالرحلات الجوية المباشرة بين لبنان والولايات المتحدة، ورفع الحظر عن شركة طيران الشرق الاوسط "ميدل ايست".

في وقت اثار وزير الاشغال العامة والنقل غازي العريضي التطور الاميركي مع سفيرة الولايات المتحدة ميشيل سيسون كاشفاً انه سمع كلاماً بأن هذا الاجراء لن يطول، اوضح المسؤول عن الاعلام في السفارة في بيروت ريان كليهان- متوجها إلى اللبنانيين الراغبين بالسفر إلى بلاده- أن "ابواب أميركا مفتوحة لكن لدينا إجراءات جديدة ستكون أكثر تشددا". وأوضح أن بعض المسافرين يمكن أن يتوقعوا إجراءات أشدّ من السابق وتشمل التفتيش الجسدي وتفتيش الممتلكات بوسائل متقدمة للتصوير أو وسائل متقدمة للكشف عن المتفجرات. ولفت الى ان الولايات المتحدة اتخذت الإجراءات الأمنية في ما يتعلق بالرحلات التجارية لضمان سلامة وأمن كل الركاب القادمين إليها، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات وقائية وتهدف إلى حماية الركاب من كل الجنسيات، وموضحا أن إدارة النقل الأميركية طبقت معايير جديدة على الركاب الذين يحملون جوازات سفر أصدرت من دول معينة أو يأتون إليها عبر مطارات ومرافئ هذه الدول. وأوضح أن بعض هذه البلدان موضوع في لائحة الدول الراعية للإرهاب، وهي إيران وسوريا وكوريا الشمالية والسودان، بعدما تم اعتبارها "مصادر محتملة لإرهابيين يستهدفون المواطنين الأميركيين، مشيرا إلى أن "الكثير من الدول الأخرى التي سيخضع مواطنوها للإجراءات الجديدة هي دول نعتبرها شركاء أقوياء يعملون جاهدين على تغيير الظروف الأمنية التي تتهدد المسافرين بين الولايات المتحدة ودولهم المحترمة. ونحن سوف نواصل العمل مع شركائنا على العمل على تحسين الأوضاع الأمنية، على المستويين المحلي والدولي".

وسبق للسلطات الاميركية ان فرضت، منذ بداية كانون الثاني (يناير) 2010، الاجراءات الأمنية الجديدة على المسافرين من الدول الـ ١٤ التي تعتبرها واشنطن اما داعمة للارهاب أو دولا "ذات أهمية". وسيواجه المسافر الذي يزور الولايات المتحدة من الدول الـ١٤ وبينها ٩ دول عربية (السعودية والسودان وسوريا والجزائر والعراق ولبنان وليبيا والصومال واليمن) اجراءات مشددة في الدولة التي يغادر منها، على خلفية الهجوم الفاشل الذي حاول المتهم النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب القيام به على متن طائرة متوجهة الى الولايات المتحدة من امستردام، وتشمل هذه الاجراءات تفتيشا جسديا وتفتيشا دقيقا لحقائب اليد.

فرنسا ايضا

وكشف مصدر ديبلوماسي غربي في بيروت ان فرنسا تنوي، في مهلة اقصاها كانون الثاني (يناير) تشديد وتوسعة إجراءات التفتيش والمراقبة على الوافدين إليها من المرافق الجوية والبرية والبحرية، واعتماد طرق جديدة من بينها المسح الجسدي، وفق آلية تشبه ما اعتمدته الولايات المتحدة الاميركية بعد الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) 2001.

ولفت المصدر الى ان باريس ستعمد لاجل هذه الغاية الى توسعة لائحة الدول المصنفة خطرة على الامن الفرنسي، من سبع دول راهنا الى نحو عشرين او ثلاثين دولة، بغرض جعل المطارات الفرنسية من الأكثر أمنا في أوروبا.

واشار الى ان لائحة الدول السبعة تضم كلا من سوريا واليمن وباكستان وإيران وأفغانستان والجزائر ومالي، وهي ستتوسع لتضم دولا اخرى على غرار القائمة الاميركية السوداء التي افصحت عنها واشنطن اخيرا وتضم في عدادها لبنان، اثر محاولة التفجير الفاشلة التي قام بها شاب نيجيري على متن طائرة متجهة من امستردام الى ديترويت، وقررت واشنطن في ضوئها فرض إجراءات أمنية إضافية على رعايا 14 دولة، منها لبنان.

واذا تحفّظ المصدر عن تأكيد او نفي امكان ان تضم فرنسا لبنان الى لائحتها السوداء الجديدة، ذكرت مصادر واسعة الاطلاع ان وزارة الداخلية الفرنسية تعكف، في ضوء الاجراء الاميركي الاخير، على اعداد قائمتها الخاصة والتي من المرجح ان تضم لبنان الى جانب عدد من الدول المحيطة.

واوضح المصدر ان باريس بدأت تطبيق إجراءات تفتيش صارمة على المتجهين نحو الولايات المتحدة منذ بداية كانون الثاني (يناير)، لافتا الى ان الإجراءات الجديدة جاءت تكملة لقانون مكافحة الإرهاب الصادر في العام 2006 والذي تعذر تطبيقه في ذلك الحين نظرا الى عدم توافر بيانات كافية لدى الداخلية الفرنسية عن المسافرين القادمين إليها. وذكر انه أنه بدءا من السنة 2010 صار ذلك متاحا بعدما استطاعت باريس بموجب قانون مكافحة الإرهاب أن تكون بنكا معلوماتيا حول هوية وطبيعة الأشخاص الذين زاروها منذ 2006.

اجراءات استثنانية

ولفت المصدر الى ان باريس ستعمل على تعزيز المراقبة الأمنية على مستوى المطارات خصوصا، من خلال جمع معلومات وافية عن الأشخاص الذين يأتون من الجزائر واليمن وسوريا وباكستان وإيران وأفغانستان ومالي، اضافة الى الدول الجديدة التي ستشملها الاجراءات، على الا تقتصر المعلومات التي ستكون شركات الطيران الآتية من الدول المعنية ملزمة بتقديمها، على تلك المتعارف عليها عالميا كالاسم والسن وتاريخ ومكان الولادة، إنما ستضاف إليها معطيات أخرى تشمل كيفية اقتناء تذكرة السفر، عبر الانترنت أو وكالة سفر، إضافة إلى وسائل الدفع نقدا أو من طريق البطاقة المصرفية الممغنطة، ومعلومات عن عنوان الفاتورة، وأرقام الهاتف وعناوين البريد الإلكتروني للمسافرين. ولا يستبعد ان تشمل الاجراءات الجديدة إلزام شركات الطيران التي تخدم الدول المصنفة في اللائحة السوداء تسليم أسماء المسافرين نحو فرنسا ومعلومات مفصلة عنهم بمجرد حجز التذكرة وليس لدى صعودهم إلى الطائرة كما يجري راهنا، بهدف تحديد الخطر سلفاً بناء على المعلومات الخاصة بكل راكب.

ويفرض القانون الفرنسي على شركات النقل الجوية التي ترغب في تنظيم رحلات نحو فرنسا انطلاقا من البلدان المصنفة خطرة، دفع غرامة 50 ألف أورو، في حال مخالفة الاجراءات الامنية.

وتستعد فرنسا الى الطلب من سلطات حفظ االمن في منظومة الاتحاد الاوروبي الحذز حذوها في شأن التشدد في تطبيق اجراءات الامن.

ويظهر ان الحكومة البريطانية تتجه هي الاخرى الى مراجعة اجراءاتها الامنية عند مرافقها الجوية، على رغم انها تتبع منذ تفجيرات انفاق المترو في السابع من تموز (يوليو) 2005، نظاما شديد الصرامة في ما يتعلق بأمن الركاب والرحلات الجوية الآتية إليها والمغادرة منها يفوق المعايير التي يوصي بها الاتحاد الأوروبي.

تفشي الاصولية

واكد الديبلوماسي الغربي البارز العامل في بيروت انه بالنظر الى تفشي الظواهر الاصولية في عدد من المناطق اللبنانية وطبيعة الاجراءات الامنية المتخذة في مطار بيروت الدولي، اضافة الى البيئة الجغرافية والسياسية والحزبية التي يقع فيها حرم المطار، وضعت عدد من وكالات حفظ الامن الدولية، من بينها الاميركية والفرنسية والبريطانية والالمانية والاسبانية واليونانية والقبرصية، تقويما جديدا للوضع الامني اللبناني يرتكز تحديدا على المخاطر المتأتية من تفشي مجموعات اصولية بعضها على ارتباط –لو طفيف- بتنظيم "القاعدة" او بالافكار التي يسوقها هذا التنظيم عبر منتديات الكترونية باتت في متناول عدد من المجموعات المتطرفة التي تتخذ من مناطق نائية ومن عدد من المخيمات الفلسطينية، كعين الحلوة والبداوي، ملاذا لها تنمّي فيها قدراتها التنظيمية ولوجستيات التمدد والتخفي في بعض الاوساط الفقيرة.

وكشف المصدر ان عددا من وكالات حفظ الامن الغربية يستعد الى ارسال وفود استخبارية لتقويم الوضع ميدانيا والتواصل مع الاجهزة الامنية والاستخبارية اللبنانية بهدف التضييق على هذه المجموعات وشل مخططاتها، والاهم منع انتقالها الى خارج لبنان وتحديدا الى بعض الدول الاوروبية القريبة كقبرص واليونان، من خلال استعمال مطار بيروت الدولي ممرا لها خروجا او دخولا.

وربطت مصادر استخبارية الإجراءات الأمنية المشددة في حق اللبنانيين الخارجين من مطار بيروت، بـ "نشاطات إرهابية محتملة" في لبنان في ضوء التقارير المتوالية عن دخول عناصر من "القاعدة" إلى المخيمات الفلسطينية آتين من دول عربية، اضافة الى النفوذ الذي لـ "حزب الله" في البيئة الجغرافية والسياسية التي يقع فيها مطار بيروت، الى جانب نفوذ الحزب في المؤسسات الأمنية اللبنانية وفي داخل اجهزة المطار.

مراقبة مسار

وتجهد اجهزة امنية واستخبارية في متابعة المسار الذي سيسلكه مئات من عناصر "تنظيم القاعدة" في افغانستان واليمن ومن جماعات سلفية تتعاون معهم، بدأوا منذ منتصف كانون الاول (ديسمبر) 2009 مغادرة الدولتين، مع بداية الحملتين الدوليتين المركزتين على هذا التنظيم المتحالف مع "حركة طالبان" الافغانية على حدود باكستان وفي بعض المناطق اليمنية.

وتعتقد هذه الاجهزة ان تضييق الخناق على تنظيم "القاعدة" إضطره الى ابعاد المئات من عناصره من افغانستان واليمن الى عدد من الدول حيث هناك حاضنة ديموغرافية تمكّن هؤلاء من الذوبان في هذه البئيات الحاضنة، ومنها ما هو متوافر في الصومال والسودان ولبنان.


ليست هناك تعليقات: