الأحد، 5 أكتوبر 2008

من البحصاص الى دمشق.. عنف واسئلة بفظاعة الدماء المهروقة!

Sphere: Related Content
الارهاب الاصولي بعبع لزوم العدة الانتخابية ام خطر داهم يطرق ابوابا كثيرة؟
من البحصاص الى دمشق.. عنف واسئلة بفظاعة الدماء المهروقة!
شاكر العبسي معتقل في احد السجون السورية منذ شهرين!


ينشر في "الاسبوع العربي" في 13/10/2008
اعتاد الرأي العام على اخبار الاحداث الامنية والتفجيرات المتنقلة في لبنان التي، في كل مرة، ترمي الى تشويه اجواء التصالح والانفراج على الساحة السياسية، تلك الساحة التي عانت وتعاني حقد المتضررين واجرامهم وسعيهم الى رسم صورة قاتمة للمستقبل، لا ترتوي الا بالعنف وبدماء الابرياء. ولكن البارز هو المتغير، بعدما امتدت بقعة العنف الى العاصمة السورية حيث "الامن ممسوك". وفيما بات الهدف من وراء استمرار التفجيرات في لبنان واضحا، تتنوع الآراء حول تحديد خلفيات واهداف الانتكاسات الامنية المفاجئة في سوريا رابطة الموضوع تارة بالمسار الذي يسلكه النظام نحو المفاوضات والسلام، وتارة اخرى بمسائل سياسية داخلية واقليمية معقدة، ذهب البعض الى ربطها بتهريب "الارهابيين الاصوليين" من شمال لبنان الى سوريا.
إستدعى اتهام الرئيس السوري بشار الأسد لبنان عموما وطرابلس خصوصا بإيواء الإرهاب، تزامناً مع حملة دعائية سورية لتحميل لبنان مسؤولية تفجير دمشق، ردودا كثيرة اكدت أنه "إذا كان ثمة إرهاب، فيكون منبعه النظام تحديدا، متحدثة عن نوايا سورية مبيتة في اتهام طرابلس خصوصا بالارهاب، لا يجوز السكوت عنها".
في هذا السياق، يرى بعض المراقبين والمتابعين للوضع السياسي "ان القيادة السورية تفتش عن أي سبب لتعطيل المسار المطلوب لتطبيع العلاقات بين لبنان وسوريا ووضع النتائج المعلنة لزيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لدمشق، موضع التطبيق، خصوصا لجهة المباشرة في اقامة العلاقات الديبلوماسية وتحديد الاجراءات المتعلقة بترسيم الحدود، لا سيما بعدما ذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" ان التفجير الذي وقع في دمشق نتج من هجوم انتحاري نفذه "ارهابي على علاقة بتنظيم تكفيري جرى توقيف بعض أفراده سابقا"، موضحة ان السيارة التي استخدمت في التفجير "دخلت من دولة عربية مجاورة"، في اشارة الى احتمال دخولها من الاراضي اللبنانية.
ويعتبر هؤلاء المراقبون ان كلام الاسد يحمل تهديدا صريحا ومباشرا لسيادة لبنان ولمنطقة الشمال خصوصا، وقد يكون خطوة تمهيدية ترمي الى جس نبض المجتمع الدولي والاوروبي بالتحديد حول امكان اعادة تمركز القوات السورية في لبنان هذه المرة عبر البوابة الشمالية "لحماية امن سوريا واستقرارها من التمدد الاصولي والارهابي النابع من شمال لبنان والذي يصدر الى دمشق لزعزعة امنها الممسوك"، رابطين هذه المسألة بخطوة نشر وحدات عسكرية من النخبة عند الحدود الشمالية مع لبنان وما تحمله من دلالات على امكان تنفيذ اي اختراق داخل الاراضي اللبنانية.
استجلاب العطف؟
وفي وقت اعادت متفجرة البحصاص جنوب طرابلس، التي استهدفت الجيش اللبناني، هاجس التفجيرات والاغتيالات الى الواجهة، تزامنا مع كثرة التقارير التي تلقتها جهة لبنانية رسمية رفيعة في الآونة الاخيرة عن تحرك مشبوه لخلايا ارهابية واصولية تنشط في اكثر من بؤرة بين الشمال والجنوب وعند تخوم عدد من المخيمات الفلسطينية، مبرزة اهمية توحيد الجهود للانصراف الى "تجفيف هذه البؤر عبر اطلاق يد المؤسستين العسكرية والامنية لمعالجة جذرية لهذه الظواهر قبل استفحالها وتحولها "نهر بارد" ثانيا يتخطى تهديده الامن القومي للبنان"، يرى ديبلوماسي غربي رفيع في بيروت ان "استهداف الجيش في محطتين لا تفصل بينهما اكثر من 6 اسابيع (في اشارة الى التفجير في 13 آب / اغسطس الفائت) يعبّر عن تطور المواجهة بين المؤسسة العسكرية والارهاب الاصولي التكفيري الى أكثر من مخيم نهر البارد، وتاليا لا بد من الانصراف الى تصليب هذه المؤسسة وتسليحها تسليحا جيدا كي تملك اولا وقبل كل شيئ قوة الردع التحوطي التي من شأنها ان تجعل هذه الجماعات الاصولية تحسب الف حساب قبل استنساخ نهر بارد جديد".
ويربط بين نشر دمشق 12 الآف جندي منذ اسبوعين عند الحدود الشمالية مع لبنان وبين تنامي المعلومات والمعطيات عن خطر الارهاب الاصولي، "وهو امر ناقشه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مع الاسد في القمة الثنائية بينهما ومن ثم في القمة الرباعية القطرية – الفرنسية – التركية – السورية.
واعتبر الديبلوماسي، في تحليل معمّق للاحداث، ان "نشر هذا العدد الكبير من الجنود يتخطى مسألة منع تجارة البضائع المهربة الى اجراءات سورية صارمة لضبط الحدود ومنع انتقال الجماعات المتطرفة بين البلدين بمعرفة وبمباركة اوروبية وبغض طرف اميركي".
ويلفت الى ان الانتشار العسكري ارتبط مباشرة بتحولين رئيسين في سياسة دمشق:
-اولهما، القمة الرباعية السورية – القطرية- الفرنسية – التركية والتي كانت مراقبة الحدود وضبط التهريب (اسلحة وبضائع) من ضمن المطالب التي ضمّنتها الترويكا الاوروبية في كتابها الذي رفعته في 22 تموز (يوليو) الفائت الى وزير الخارجية السوري وليد المعلم (سبق ان نشرت "الاسبوع العربي" ترجمة لنصه الحرفي)، في اطار دعوة كل من لبنان وسوريا الى بدء تطبيع العلاقات بينهما.
-وثانيهما، مستلزمات التفاوض السوري - الاسرائيلي غير المباشر.
ويكشف الديبلوماسي اياه ان نشر الفرق السورية العسكرية سبقه اقفال دمشق 6 مكاتب عائدة الى منظمات الرفض الفلسطيني العشر وتحضير المناخ لابعاد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل الى احدى العواصم العربية – الافريقية، مشيرا في هذا الصدد الى ان "دمشق تحاول عبر سياستها الراهنة استجلاب واستدرار عطف المجتمع الدولي تجاهها عبر تنفيذ ما طلب منها من التزامات، وعبر الايحاء من جهة أخرى بانّها عرضة لخطر الاصولية والتطرف الآتي اليها عبر الحدود الشمالية مع لبنان، وتاليا رد التهمة التي وجهها اليها افرقاء قوى الرابع عشر من آذار (مارس) بأنها تدعم التطرف وتصدّر الارهاب الى لبنان لزعزعة امنه واستقراره ومنع قيام الدولة القوية والقادرة استكمالا لمسيرة الاستقلال منذ العام 2005".
العبسي في سوريا!
وفيما يرى احد اقطاب هذه القوى في سياسة سوريا تجاه لبنان والمجتمع الدولي نوعا من التذاكي "بتصوير نفسها الضحية بدل الجلاد، اي انها اصبحت ضحية للتطرف الآتي اليها من لبنان"، يفيد تقرير وارد من دمشق أنّ قائد تنظيم "فتح الاسلام" الارهابي شاكر العبسي معتقل في احد السجون السورية، في دليل على انّ النظام السوري الذي اطلق قبل اعوام العبسي قبل انهاء مدة اعتقاله في احد السجون السورية واتاح له فرصة الهرب الى الى لبنان للتخلص منه من دون النظر في طلب القضاء الاردني استردااده لمحاكمته في اغتيال احد الديبلوماسيين الاميركيين في عمّان، عاد ولجأ الى الاراضي السورية، التي وبحسب قطب الرابع عشر من آذار (مارس) "كانت ولا تزال معقلا لهذه الخلايا".وينتظر ان تراسل الجهات اللبنانية المختصة نظيرتها السورية لتتأكد من صحة هذا التقرير ولتطلب اطلاعها على مزيد من التفاصيل، خصوصا ان مصدره غير بعيد من النظام الحاكم.وكان التقرير المعني قد ذكر ان "عناصر المخابرات الجوية السورية استطاعت قبل شهرين تقريبا إلقاء القبض على العبسي في محلة المليحة وهي منطقة شعبية تقع جنوب دمشق، بعدما كان قد فر من مخيم "نهر البارد" عقب المعركة بين الجيش اللبناني والتنظيم. ولجأ العبسي إلى منطقة المليحة، حيث قطن أحد المنزل، وجرت عملية مداهمة كبيرة للمنطقة أدت في النهاية إلى اعتقاله".وذكر التقرير اياه أن "خلية إرهابية مؤلفة من خمس انتحاريين كانت تنوي تفجير نفسها في ملعب العباسيين في دمشق في خلال إحدى مباريات كرة القدم قبل شهر تقريبا، في رد على اعتقال العبسي، لكن القوى الأمنية السورية احبطت المحاولة".
قمقم الاصولية .. من ادوات الصراع
في المقلب الآخر، يعتبر قيادي في قوى المعارضة ان "ثمة تشابها وربما تماثلا في تفجيري طرابلس ودمشق، لجهة ان العقل المخطط واحد والمجرم واحد"، لافتا الى ان "الاصولية باتت الجامع الاكبر بين كل التوتيرات الامنية التي تشهدها المنطقة، وليس لبنان وسوريا وحدهما". ويتحدث عن "مخطط لابقاء خطوط التماس حية في ذاكرة اللبنانيين ووجدانهم بهدف الحفاظ على الحد الادنى من التوتر في انتظار حلول خطة تفجير ما سياسي او امني".
ويشير الى ان "القمقم الاصولي فُتح بهدف جعله اداة من ادوات الصراع السياسي في لبنان، بحيث يوظف في الانتخابات النيابية المقبلة، بهدف تخويف اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا وجعلهم اسرى امنهم".
ويعتبر ان "التطاول الارهابي على المؤسسة العسكرية اقترن بتطاول سياسي ومعنوي عليها في مجلس النواب (الجلسة العامة التي خصصت لاقررا اقتراحقانون الانتخاب)، بعدما صدّ ائتلاف الموالاة محاولة منح العسكريين من مختلف الاجهزة الامنية والعسكرية حقهم الطبيعي والمشروع والذي لا نقاش فيه بالاقتراع في الانتخابات، وكان من شأن هذا الاقتراح لو مَرّ ان يكون سابقة في الجمهوريتين الاولى والثانية".
في المقابل، يرى مصدر قيادي في الموالاة ان "ما رسمه النظام السوري يسلك دربه حرفا بحرف تماما كما هو على الورق، من التوتيرات المتنقلة بين المناطق الحامية الى التدخل المباشر للرئيس السوري بشار الاسد اولا في تحديد الفائز في الانتخابات النيابية، وثانيا في تحديده ما يشبه دفتر شروط سوري لاستدراج عروض اوروبية وربما اميركية تحت عنوان التدخل في لبنان لاجثتاث الظواهر الاصولية، لما هذا العنوان من تأثير في العقل والباطن الاوروبيين". ويقول ان "المقاول اياه يسعى الى اشعال الحريق ليطرح نفسه على الاوروبيين الاطفائي الوحيد القادر عن اهماد النار، تماما كما حصل في العام 1975، لكن مع فارق الرجل والخبرة والظروف الدولية والموقف الاميركي – الدولي".

ليست هناك تعليقات: