الأحد، 12 أكتوبر 2008

Sphere: Related Content
قراءة ديبلوماسية في "التقارب" المتردِّد بين واشنطن ودمشق واحتمال تكرار تلزيم لبنان الى سوريا
من ريغن الى كلينتون فبوش: خطوات استثنائية في أفول حُكْم تمهد للادارة الجديدة

هل "يُلزِّم" المجتمع الدولي تنظيفَ البؤر الاصولية الى الجيش اللبناني؟
تحذير من استهداف اصولي لمقام ماروني في طرابلس كجزء من الحرب الاستخبارية
المعارضة تحتج على لقاءات وفد الموالاة في باريس وتطلب زيارة مماثلة

ينشر في "الاسبوع العربي" في 20/10/2008
شكلت زيارة كل من مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط ديفيد هيل ومساعدة وزير الدفاع الاميركي لشؤون الامن الدولي ماري بث لونغ، بعد اسبوع على عودة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان من جولته في الولايات المتحدة الاميركية، مادة للتحليل السياسي في توقيت الزيارتين واهدافهما والخلفيات. فبالاضافة الى الهدف المعلن من الحركة الاميركية تجاه لبنان والمتمثل بتقديم الدعم للجيش اللبناني، اتخذت زيارة هيل طابعا سياسيا نتيجة اللقاءات التي عقدها والتي شملت الى اركان في قوى الرابع عشر من آذار (مارس)، شخصية سياسية معارضة مقربة من العاصمة السورية (ايلي الفرزلي) في خطوة ربطها البعض باعادة احياء العلاقة الاميركية - السورية.
في وقت اسفرت المباحثات بين الطرفين اللبناني والاميركي على توقيع ثلاثة اتفاقات بقيمة ثلاثة وستين مليون دولار كهبات الجيش اللبناني من اجل تأمين اتصالات آمنة وذخيرة واسلحة لوحدات المشاة، اضافة الى اطلاق عمل اللجنة العسكرية اللبنانية – الاميركية المشتركة "التي تنظم العلاقة العسكرية الثنائية ضمن اطار رسمي من اجل تعهد تحقيق اهداف في مجال التعاون العسكري للسنة المقبلة ومراجعة المساعدات التي تم التزامها في خلال العام المنصرم"، تفيد المعلومات "ان الإتفاق الذي اعلن بين لبنان والولايات المتحدة الاميركية ينص على أن تتولى وزارة الدفاع الأميركية مهام تدريب الجيش اللبناني وتجهيزه وفق برنامج تدريبي تقني-عسكري يستمر خمس سنوات". وتؤكد "حسم منح الجيش اللبناني مروحيات من طراز "كوبرا" موجودة راهنا في الأردن، على ان يتوجه وفد عسكري لبناني الى عمّان للإطلاع على وضع هذه المروحيات وخصائصها ومميزاتها ووجهات استعمالها، ويحدد في ضوء هذه الزيارة برامج تدريب الطيارين اللبنانيين على هذا النوع من المروحيات".
وتشير المعلومات الى انّ "هذه الطائرات ستنقل الى بيروت اما بعد تفكيكها ووضعها في طائرات اميركية ضخمة تقطع الاجواء الاسرائيلية الى لبنان، واما ان يتولى قيادتها طيارون اميركيون عبر الطريق نفسه، او يتم نقلها قطعاً الى العقبة ومنها الى البحر المتوسط عبر قناة السويس".
رسالة تحذير اميركية
وفيما يرى عدد من المراقبين ابعادا خلفية لزيارة هيل الى بيروت، تتخطى مسألة المساعدة الاميركية للبنان وسبل تفعيل العلاقات بين البلدين خصوصا على الصعيد العسكري، أفادت مصادر مطلعة أن نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية أثار مخاوف من التشدد الإسلامي في شمال لبنان في خلال محادثاته مع القيادة اللبنانية.
وترافقت هذه المخاوف مع تحذير باللغة الانكليزية بثته سفارة الولايات المتحدة الاميركية في بيروت في الثالث من تشرين الاول (اكتوبر) في موقعها الالكتروني، وجاء في ترجمتها: "تشعر سفارة الولايات المتحدة بالقلق إزاء احتمال أن تستغل جماعات أو أفراد استغلال نهاية شهر رمضان المبارك من أجل تنفيذ أعمال عنف تستهدف الاميركيين. لذلك نذكر المواطنين الاميركيين في لبنان بضرورة الحفاظ على درجة عالية من اليقظة واتخاذ الخطوات المناسبة لزيادة وعيهم الامني.
والفترة التي تثير أكبر قدر من القلق هي النصف الاول من أكتوبر تشرين الاول. وفي ضوء هذه المخاوف، تدرس السفارة التدابير الامنية التي تخصها.
وتحضّ بشدة الاميركيين المقيمين في لبنان لمراجعة مخططات تنقلاتهم والحفاظ على اقصى درجات اليقظة. ويجب عليهم التنبه عند زيارة الأماكن العامة او المواقع حيث أعداد كبيرة من الناس.
وكما هو وارد في التحذير السابق من السفر الى لبنان، تستمر وزارة الخارجية الاميركية في تقديم المشورة الى الاميركيين بتأجيل السفر الى لبنان، وكذلك الى المواطنين الاميركيين في لبنان للنظر بعناية في المخاطر المتبقية.
وبالنسبة الى الأميركيين الذين يعيشون في لبنان او يرغبون السفير اليه، نشجع على تسجيل اسمائهم لدى أقرب سفارة أو قنصلية للولايات المتحدة من خلال وزارة الخارجية حتى يتمكنوا من الحصول على معلومات حديثة عن السفر والأمن داخل لبنان".
خطوة اميركية تجاه سوريا
وفيما دأب اقطاب قوى الرابع عشر من آذار (مارس)، الذي توجه عدد من افرقائه الى باريس لاستكشاف اي تغيرات على صعيد السياسة الدولية تجاه لبنان وسوريا، على التشديد على ثبات السياسة الاميركية لناحية عدم التخلي عن لبنان والتمسك باستقلاله وسيادته على كامل اراضيه مع الحفاظ على سياسة التشدد والعزلة على النظام السوري، وفي وقت قرنت واشنطن خطوة تأطير دعمها الجيش اللبناني بابدائها القلق من تحركات القوات السورية قرب الحدود اللبنانية الشمالية محذرة من انه يجب عدم استخدام الاعتداء الذي هزّ دمشق اخيرا "ذريعة" للتدخل في الشؤون اللبنانية، يشير تقرير ديبلوماسي غربي الى خطوة جديدة ستقوم بها الولايات المتحدة الاميركية في اتجاه سوريا.
ويلفت الى ان هذه الخطوة "تصب في محاولة لاعادة النظر في العلاقات الثنائية بين البلدين خصوصا بعد اللقاء المباشر بينهما والحديث عن زيارة مرتقبة لمسؤول رفيع في الخارجية الاميركي لدمشق قريبا. ويشير التقرير الى انّ "هذا التطور يأتي من ضمن تقليد في السياسة الخارجية للولايات المتحدة مفاده ان الادارة التي تنهي فترة رئاسية ثانية تقوم بمجموعة خطوات صعبة تسهيلا لعمل الادارة المقبلة بغض النظر عن هويتها، ترمي الى فتح قنوات وخيارات مستحدثة امام الادارة الجديدة وخصوصا على صعيد السياسة الخارجية".
ويلفت التقرير الى انّ "وزير الخارجية الاميركي الاسبق جورج شولتز فتح، في نهاية عهد الرئيس رونالد ريغن، قناة اتصال كانت الاولى من نوعها في حينه مع منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت واشنطن تصنفها تنظيما ارهابيا. ووزيرة الخارجية الاميركية السابقة مارغريت اولبرايت قدمت اعتذارا الى ايران في نهاية عهد الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون، في عز المواجهة الكلامية بين الدولتين". ويربط بين هذه الوقائع التاريخية التي اعتمدت في السياسة الاميركية الخارجية وما يحصل راهنا على صعيد تخفيف اللهجة الاميركية تجاه سوريا.
ويشير التقرير الديبلوماسي الى انّ "احتمال عودة سوريا الى لبنان امر متوقف على اللبنانيين"، لافتا الى ان واشنطن كانت في السابق تتعامل مع هذا الموضوع من زاوية ادراجه من ضمن العلاقات الثنائية بين سوريا ولبنان الى حين صدور القرار 1559". ويشدد على ان "الحدث المرتقب يتخطى فكرة مجيء ادارة اميركية جديدة ليطال مسألة اكتمال العلاقات الديبلوماسية مع سوريا من خلال عودة السفير الاميركي الى دمشق، خلفا للسفيرة مارغريت سكوبي التي سحبتها واشنطن من العاصمة السورية قبل نحو 4 اعوام".
الجيش والاصولية
في غضون ذلك، تحفل المحافل الديبلوماسية بمروحة من الاسئلة - الهواجس، منها ما يرتبط خصوصا بالدور المفترض للجيش اللبناني حيال تنامي الحركة الاصولية والسلفية، خصوصا ان معظم التقارير الواردة من السفارات اللبنانية تنقل اهتمام عواصم القرار بهذا العنوان، وتبرز توجها جديدا لديها لدعم المؤسسة العسكرية وتجهيزها بما تراه ضروريا لمواجهة خطر الارهاب.
ويذْكر ديبلوماسي رفيع، في هذا الصدد، مجموعة من هذه الاسئلة – الهواجس:
-هل ثمة اتجاها دوليا لتلزيم "تنظيف" طرابلس من الحركات الاصولية الى الجبش اللبناني، حتى بادرت دمشق الى الاعلان عن ان اتشارها قواتها عند الحدود ربطا بالقرار 1701؟
-هل سعى الرئيس السوري في قمة دمشق الى ضمانة من الرئيس اللبناني بأن الجيش سيتحرك ميدانيا (عسكريا او امنيا – استخباريا) لضرب الاصوليات وتفكيك الخلايا التي تدين بالولاء الى تنظيم "القاعدة" الدولي، وذكر احد التقارير الامنية ان عدد عناصرها يزيد على 4500 اصولي مدرب على استعمال السلاح ومجهز لوجستيا وعقائديا بكل ما يسهل له حراكه "الجهادي"؟
-هل الجيش اللبناني على قدر من الجهوزية القتالية واللوجستية والامنية لتنفيذ هذا التلزيم الدولي؟
-هل يقتصر الكلام على الاسلاميين والاصوليين في طرابلس على الحركات السلفية ام يشمل ايضا الحركات الاصولية الاكثر شراسة وتدريبا وجهوزية قتالية؟
ويلفت الديبلوماسي، الذي لا تفوته الاشارة الى خبرته الطويلة في درس الحركات الاصولية – الاسلامية، الى ان حركة التوحيد هي الابرز في هذه المجال، نظرا الى تجربتها زمن ثمانينات القرن الفائت في السيطرة على طرابلس التي ظلت نحو عقد من الزمن امارة اسلامية بكل عناصرها الجهادية والثقافية والشرعية، ومن ثم في مقاتلة الجيش السوري وصولا الى معركة العام 1985 التي يصفها اسلاميون بـ "المذبحة الكبرى".
ويرى ان ثمة تنظيمات طرابلسية بلغ تسلحها حدا خطرا، وهي تحظى بدعم مالي وسياسي وفقهي من اكثر من عاصمة قريبة، وعلى الدولة بمؤسستيها السياسية والعسكرية التحرك سريعا لمعالجة هذه الطفرة الاصولية، قبل ان تبلغ حد بدء "جهاد" دموي لن تقتصر مفاعيلها على لبنان.
ويتوجس الديبلوماسي من تقارير وردت الى سفارة بلاده تحمل تحذيرا من عملية ارهابية تطال احد المواقع الدينية في طربلس تتبناها مجموعة اصولية غير معروفة، وترمي الى توجيه رسالة مشتركة الى المسيحيين عموما والى البطريرك الماروني الكاردينال نصر الله بطرس صفير خصوصا، وتكون في مثابة اسفين بين المسيحيين والسنة في مدينة تزهو بتعدديتها الثقافية والفكرية والطائفية.




ليست هناك تعليقات: