الثلاثاء، 25 مايو 2010

Sphere: Related Content

لا موقف سورياً من الزيارة والتقويم على النتائج

الحريري في واشنطن: سلام وشبكة حماية

رئيس الحكومة حصّن الزيارة بذهابه الى الرياض ودمشق

لاسبوع العربي 24/5/2010

في الثالث والعشرين من ايار (مايو) تحطّ طائرة سعد الحريري في مطار واشنطن، ليبدأ الرجل اولى زياراته الرسمية رئيسا للحكومة، وسط غبار ظلل التحضيرات لهذه الزيارة، منذ ان سُرّب خبر حصولها في منتصف ايار (مايو).

يزور رئيس الحكومة سعد الحريري واشنطن في الثالث والعشرين من ايار (مايو) حيث يلتقي الرئيس الاميركي باراك اوباما ونائبه جو بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومستشار الامن القومي جيمس جونز. ثم ينتقل الى نيويورك في 25 منه ويرأس جلسة لمجلس الامن تناقش عنوانا اختاره لبنان هو "حوار ما بين الثقافات وعلاقته بالامن والسلام الدوليين"، ويلتقي الامين العام للامم المتحدة بان كي مون.

وتأتي زيارة الحريري بعد مرحلة من التوتر الكلامي وتبادل التحذيرات بين اسرائيل و"حزب الله", على خلفية تقارير اسرائيلية تتحدث عن تلقي "حزب الله" أسلحة وصواريخ من سوريا، وفي ظل استمرار التحركات الخارجية لخفض التوتر، وإثر ما تردد عن عدم الارتياح الأميركي لتصريحات سابقة لرئيس الحكومة حيال الاتهامات بأن "حزب الله" حصل على صواريخ "سكود"، والذي أبدى خشية فيها من ان تكون هذه الاتهامات شبيهة بتلك التي أشارت الى امتلاك النظام العراقي السابق أسلحة دمار شامل لم يعثر عليها بعد اجتياح العراق.

واستُبقت الزيارة والتحضيرات لها، بكثير من القيل والقال وبكلام منسوب الى رئيس الحكومة عن موافقته على ان "تقتني المقاومة في لبنان كل ما يمكنها من الدفاع عن حدود وسيادة لبنان بما في ذلك صواريخ "سكود" في مواجهة أي محاولة اسرائيلية للاعتداء على لبنان"، وأنه "لا يختلف مع "حزب الله" في عنوان المقاومة نهائياً، بل يختلف معه في بعض الأمور الداخلية".

تشويش وانزعاج؟

واذ نفى المكتب الاعلامي الكلام المنسوب الذي "يتعارض تعارضا كلياً مع مصلحة لبنان, لأن من شأن ذلك جره إلى تجاذبات إقليمية خطيرة يجهد الرئيس الحريري منذ أن ظهرت بوادر مخاطرها إلى حماية لبنان منها"، يقول مقربون من رئيس الحكومة ان ما يعنيه بالفعل هو مصلحة لبنان اولا واخيرا، وبالتالي فان الكلام المنسوب اليه والذي يتعلق عما تردد من مواقف اتخذها من سلاح المقاومة وخصوصا حقها في اقتناء صواريخ "سكود"، يتعارض تعارضا كليا مع مصلحة لبنان لأن ذلك من شأنه جر البلاد الى تجاذبات اقليمية خطيرة يجهد الحريري منذ ان ظهرت بوادر اخطارها لحماية لبنان منها.

ويرى المقربون من رئيس الحكومة ان التشويش الذي سبق إعلان موعد الزيارة لن يؤثر في مضمومنها ونتائجها، وأن الموعد تحدد بناء على تقاطع بين جدولي أعمال أميركي ولبناني، ولا دلالات سياسية له. وأكدوا ان أهمية هذه الزيارة تتركز على حصولها في أعقاب التهديدات الإسرائيلية وفبركات التسلح المزعوم، وتاليا لا بد من حضّ واشنطن على ممارسة المزيد من الضغط عليها لتحريك عملية السلام في المنطقة.

ويكشف هؤلاء ان الحريري سيبحث في لقاءاته الاميركية في مسألة بلدة الغجر الحدودية التي تحتل إسرائيل الجزء اللبناني منها وضرورة الانسحاب منها، اضافة إلى موضوع مزارع شبعا وأهمية قيام الولايات المتحدة الاميركية بمبادرة ما حيالها.

ويعتبر بعض المراقبين في بيروت ان ثمة اكثر من جهة محلية وعربية "منزعجة من الزيارة او ترى فيها لزوم ما لا يلزم، خصوصا ان ما سيسمعه الحريري سبق ان سمعه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في زيارته لوشنطن في شتاء العام 2009، فالموقف الاميركي معروف ومرسوم مسبقا ومنحاز الى اسرائيل ولن يقدّم ما من شأنه ان يخدم المصلحة اللبنانية".

ويشير المراقبون الى ان الرافضين او المتحفظين "اجتمعوا على محاولة رسم سقف سياسي لزيارة رئيس، من خلال "تلبيسه" مواقف مماثلة لمواقف هؤلاء، الأمر الذي من شأنه أن يحدّ من امكانات نجاح الزيارة قبل حصولها، وفي ذلك مواقف استباقية شبيهة بما تعرّض له رئيس الجمهورية قبل زيارته واشنطن وبعدها.

ويتحدث المراقبون عن تشابه في الحملات التي تشنّ على الحريري بتلك التي كانت تشن على والده رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري قبيل وأثناء وبعد كل زياراته إلى الولايات المتحدة الاميركية.

تحصين الزيارة

وعلى وقع التحفظات والاعتراضات، فضّل رئيس الحكومة تحصين زيارة واشنطن ومقاربة ما سبقها بموضوعية، فخطى في اتجاه الرياض ودمشق في اطار جولة عربية وتركية، ذات طابع سياسي محض، اراد منها تلمّس الاتصالات الاقليمية والدولية الحاصلة لتطويق التهديدات الاسرائيلية، ولا سيما في ضوء قمتين رئاسيتين اولى ثلاثية في اسطنبول في التاسع من ايار (مايو) ضمت الرئيس التركي عبد الله غل والرئيس السوري بشار الأسد وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وثانية ثنائية في دمشق في الحادي عشر من ايار (مايو) جمعت الاسد بالرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، وثالثة ثنائية في انقرة في الثاني عشر من ايار (مايو) جمعت غل بميدفيديف.

وتبين لمسؤولبن لبنانيين ان دمشق لا يبدو قلقة فعلاً من آفاق زيارة الحريري، لاسباب موضوغية عدة، في حين يؤكد زوار العاصمة السورية انهم "لم يلتقطوا أي إشارات توحي بأنها تتحفظ عن مبدأ الزيارة، وهي لم ولن تتدخل في التأثير عليها، لا سلبا ولا إيجابا، لا عبر حلفائها ولا عبر غيرهم، ولكن ذلك ليس معناه أن سوريا تتعامل بلامبالاة مع تلك الزيارة التي ستكون تحت النظر وستخضع الى رصد دقيق، سواء على مستوى ما سيقال خلالها أو على مستوى ما سيدور في كواليسها".

ويشير زوار دمشق الى أن لا أفكار سورية مسبقة حيال الزيارة، وان الحكم النهائي عليها مرتبط بالحصيلة التي ستفضي اليها".

ويذهب بعض الزوار الى الايحاء بأن زيارة الحريري لواشنطن "قد تكون فرصة إضافية لتعزيز العلاقة بينه وبين دمشق إذا تضمن خطابه السياسي تأكيدا للثوابت المتصلة بالصراع مع إسرائيل وحق المقاومة والعلاقة المميزة مع سوريا، لان مثل هذا الخطاب يكتسب قيمة مضافة إذا تم تظهيره في واشنطن".

اما الانتقادات والاعترضات في بيروت، "فهي لبنانية صرف لا دخل لدمشق بها، وهي لن تتوانى عن ايصال كلاحظاتها مباشرة عبر القنوات المؤسسية القائمة بين البلدين من السفارتين الى المجلس االعلى اللبناني – السوري، فضلا عن قناة التواصل المتفق عليها بين الاسد والحريري، اي بثينة شعبان ونادر الحريري".

... والتحضيرات

واقع الحال ان التحضيرات لزيارة رئيس الحكومة لواشنطن بدأت منذ مطلع هذا العام، وهي ارجئت اكثر من مرة لاسباب عدة، منها:

-انشغال المسؤولين اللبنانيين بعدد من الاستحقاقات، في مقدمها التحضير للانتخابات البلدية والاختيارية، وانصراف الحكومة الى المناقشات المرتبطة بقانون هذه الانتخابات، من ثم التحضير لمشروع قانون الموازنة وغيرها من العناوين السياسية التي افترضت انتظار توقيت مناسب للزيارة.

-انتظار لبنان اتضاح الصورة الاقليمية في ضوء التطورات التي حصلت، وخصوصا في العراق وفلسطين.

- موقف لبنان من استئناف المفاوضات الاسرائيلية - الفلسطينية غير المباشرة في اطار عملية اعادة احياء وتحريك عملية السلام وعلى أساس حل الدولتين، وما يرشح عن المسؤولين اللبنانيين بوجود اتجاهين: اتجاه يدعم استئناف المفاوضات على المسار الفلسطيني انسجاما مع الموقف العربي الذي كان أعطى الضوء الأخضر لهذه المفاوضات وتشجيعا للموقف الاميركي الذي طرأ عليه تحول هام وأصبح يشدد على حل القضية الفلسطينية بابا لحل مشاكل المنطقة بما فيها التطرف والارهاب، واتجاه آخر لا يدعم ولا يشجع استئناف المسار الفلسطيني من دون المسارين السوري واللبناني وفي اطار سلام عادل وشامل، ولا يجيز للجنة العربية لمتابعة عملية السلام اعطاء الضوء الأخضر للسلطة الفلسطينية من أجل الانطلاق في مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل لمدة أربعة أشهر.

-انشغال الرئيس الاميركي بإستحقاقات داخلية، في مقدمها معركته مع الكونغرس في مسألة قانون الرعاية الصحية، والذي شكل خطرا مباشرا على رئاسته وتطلب منه وقتا وافرا لادارة اقراره، نظرا الى ان هذا القانون سبق ان احرق مرارا اكثر من ادارة رئاسية.

-رغبة الرئيس الاميركي بتلافي احراج لبنان ورئيس الحكومة تحديدا في مسألة تشديد العقوبات على ايران، وتاليا نضجت الزيارة منذ ان قررت واشنطن ارجاء اتخذ اي قرار الى حزيران او ما بعده.

التقويم

في التقويم السياسي، تتزامن الزيارة المرتقبة، مع احتدام وتشابك الملفات الإقليمية التي تعني لبنان وتحاصر استقراره وتؤثر عليه.

فالحريري الذي يرافقه وفد كبير وزاري واقتصادي وإعلامي (في عداد الوفد وزير الدفاع الوطني الياس المر ووزير الخارجية والمغتربين علي الشامي ووزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ ووزيرة المال ريا الحفار الحسن والمستشار السياسي السفير محمد شطح)، أعد له برنامج لقاءات حافل يشمل كل مسؤولي الادارة الاميركية البيت الابيض الى وزارة الخارجية والأمن القومي والبنتاغون والكونغرس. وفي نيويورك سيترأس جلسة مجلس الأمن الذي يرأسه لبنان في دورته الشهرية عن ايار(مايو).

ويتمحور موقف الحريري وخطابه السياسي حول فكرتين - ضرورتين: ضرورة حماية لبنان الملتزم بالقرار 1701 من التهديدات والأخطار الإسرائيلية، وضرورة دفع عملية السلام الى الأمام لأنها الوسيلة الوحيدة لكبح جماح التطرف والإرهاب في المنطقة، ولأنه لا حل للأزمات العالمية السياسية والأمنية ما لم يتم حل القضية الفلسطينية حلا عادلا ومستداما.

ليست هناك تعليقات: