الأحد، 21 يونيو 2009

Sphere: Related Content
الرابطة المارونية تستأنف المساعي واقنية الاتصال والتواصل متاحة ولكن..
المصالحة المسيحية العالقة في التواريخ والاحقاد!
القوات اللبنانية والمردة "جاهزتان" .. فما الذي يعيق؟

ينشر في "الاسبوع العربي" في 29/6/2009
قبل ما يقارب الثمانية اشهر، لم يكد اللبنانيون عموما والمسيحيون خصوصا يتفاءلون في امكان تحقيق احد اعمدة المصالحة المسيحية بين تيار "المردة" "القوات اللبنانية" حتى اصيبت مساعي المصالحة بانتكاسة ادت الى تراجع منسوب التفاؤل، في مؤشر الى عودة الامور الى النقطة صفر، على رغم عدم الاستسلام او التراجع عن المحاولات للتوصل الى نتيجة ما تحفظ ماء وجه الساعين. منذ ذلك الوقت جمدت الرابطة المارونية مساعيها في انتظار اتمام الانتخابات، لعل المناخات تكون –مسيحيا - اكثر سلاسة بعد السابع من حزيران (يونيو).
شغلت الانتخابات النيابية الاوساط والرأي العام المحلي كما الخارجي، واسترعت كل الاهتمام من كل الاقطار الى حدّ باتت الحدث المرتقب لتكوين صورة لبنان المستقبل وموقعه على الخارطة الدولية، لجهة تعاطي الدول الغربية معه على اساس شكل السلطة التي ستنبثق من الانتخابات والتي من المنتظر ان تتبلور في المستقبل القريب خصوصا لناحية التشكيلة الحكومية الجديدة مع "ثلث معطّل" او من دونه. الا انّ اتمام الاستحقاق الانتخابي وقبول معظم الافرقاء بالنتائج، في ما خلا بعض الطعون التي ستقدم الى المجلس الدستوري في عدد من الدوائر، جعلا الانظار تتركز على امور داخلية كانت قد تأجّلت بفعل الانتخابات لعدم اعطائها الطابع والتوقيت الانتخابيين. ولعلّ ابرزها كانت المصالحة بين "تيار المردة" وحزب "القوات اللبنانية".
بعد الانتخابات انحسرت الحملات وعاد الاهتمام الى حلحلة العقد اللبنانية الداخلية. ومع اشاعة مناخ الحوار والانفتاح وتفعيل المشاركة للانطلاق في عملية اعادة بناء الدولة، وجدت الرابطة المارونية انه من الملحّ اعادة تفعيل مساعيها للمصالحة المسيحية المجمّدة منذ ما قبل الانتخابات بناء على طلب رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية "الذي رفض آنذاك اعطاء اي رصيد شعبي اضافي لـ "القوات اللبنانية" قد ينتج من اتمام المصالحة المسيحية قبل الاستحقاق الانتخابي"، كما كان يعتبر ويقول. وتماشيا مع الواقع الرافض لاتمام المصالحة آنذاك، اوقفت الرابطة المارونية مساعيها، ودخل لبنان مناخ الانتخابات بالحملات والحملات المضادة.
الرابطة تستأنف المساعي
وفيما راهن الكثيرون على حتمية فشل مساعي الرابطة التي انطلقت قبل اشهر من اجل التوصل الى اتمام المصالحة المسيحية برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير في بكركي، لم تستسلم الرابطة المارونية لواقع قد يكون من الصعب تجاوزه لا سيما انه عالق عند 13 حزيران (يونيو) 1978 تاريخ مجزرة اهدن، فاستأنفت المساعي بعد الانتخابات على خط بنشعي- معراب لمحاولة ارساء قواعد مصالحة مسيحية تعثّرت ما قبل الانتخابات.
وللتذكير فقط، فان الاسباب الرئيسية التي ادت الى تعثر المصالحة في الماضي القريب، والتي اضاءت عليها "الاسبوع العربي" حينذاك، نقلا عن مصدر واسع الاطلاع، كانت:
-كون الطرفين المعنيين بها غير مستعجلين لتحقيقها نظرا الى ارتياحهما لمواقعهما قبيل الانتخابات النيابية، وجل ما فعلاه هو اما الظهور عبر الاعلام بصورة الجهوزية والايجابية المطلقة، واما لجآ الى رفع سقف الشروط لتمرير الوقت وصولا الى انهاء المسألة والمساعي من دون ضجيج اعلامي، في حين انّ ما كان يظهر عبر الاعلام مجرد تضليل للحقيقة المتمثلة برفض الطرفين هذه المصالحة.
-الصيغة المطروحة لحضور رئيس تكتل "الاصلاح والتغيير" النائب العماد ميشال عون الاجتماع في قصر بعبدا، تحفظ عنها عون نفسه، كونه ليس شريكاً مسيحياً رئيساً.
-وثالثها أن مشروع المصالحة واللقاء مع رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع سبّب في حينه لفرنجية ارباكاً عائلياً، إذ بادرت مجموعة من أهالي ضحايا مجزرة إهدن وصولاً الى حادثة بصرما الى التحفظ عن تغطية أو المشاركة في أي مصالحة. وهددت هذه المجموعة التي تربطها علاقة عائلية قوية برئيس "المردة" وتعتبر أساسية في التركيبة التنظيمية، بنشر بيان تتنكر فيه للمصالحة في حال حصلت، ويتزعم هذه المجموعة كل من جوزف ابراهيم فرنجية وطوني وجيه فرنجية (شقيق جوزف وجيه فرنجية) وجو فرنجية نجل يوسف الشب فرنجية.
الجدية والامل
وبالعودة الى الواقع الراهن، تفيد مصادر مطلعة في الرابطة المارونية بجدية استئناف المساعي بعد الانتخابات، بناء على التوافق على تأجيل البحث في المصالحة الى ما بعد هذا الاستحقاق، مشيرة الى انه في الجلسة الاخيرة للمجلس التنفيذي تمّت مناقشة الموضوع وكان اجماع على انّه من واجب الرابطة استئناف مساعيها لا سيما بعد اتمام الانتخابات وقبول جميع الافرقاء بتنائجها، وذلك بهدف تبريد الجبهة المسيحية عموما والمارونية خصوصا.
وتلفت الى ان الرابطة انطلقت من قدرتها على انهاء حالَيّ توتر انذرتا بالتفجّر في الشمال، وهما ازالة حاجزي برصا المتقابلين بين "القوات" و"المردة". كما استطاعت بعد الانتخابات منع تطوّر حادث انفعالي في قضاء زغرتا وتحديدا في زغرتا- الزاوية بين آل فرنجية وآل معوض، مما دفعها الى تزخيم وساطتها في محاولة جديدة قديمة للتقريب بين المتخاصمين لعل اتمام اللقاء بينهما يكون اسهل هذه المرة.
اقنية الاتصال مفتوحة
وفيما تشير بعض المعلومات الى اجتماع عقد بين ممثلين لحزب "القوات اللبنانية" وتيار "المردة" في مقر الرابطة المارونية في حضور رئيس الرابطة جوزف طربيه وعضو المجلس التنفيذي انطونيو عنداري ومشاركة الاب اسطفان فرنجية والاب هاني طوق، تلفت الى ان ممثل "القوات اللبنانية" هو طوني الشدياق، وممثل "المردة" هو يوسف سعادة، وصلة الوصل بين "المردة" و"القوات" هو طلال الدويهي العضو في الرابطة والساعي الى تقريب وجهات النظر بين الطرفين.
وفي ما يشبه اللاتعليق على هذه المعلومات، تشير المصادر المطلعة الى ان اي لقاءات سياسية لم تعقد بين الطرفين فاللقاءات التي تحدث عنها الاعلام كانت تنسيقية على المستوى الميداني، لافتة الى ان اي لقاءات قد تستأنف ستكون على مستوى لجان المصالحة التي سبق ان شكلت للبحث في الحيثيات، ومؤكدة ان اقنية الاتصال مفتوحة مع الفريقين في "المردة" و"القوات" من خلال مقربين من الفريقين وبالتحديد من فرنجية وجعجع، وتاليا من الفاعلين أكان في تيار "المردة" او في "القوات اللبنانية". وتقول ان الاتصالات التي تجري مع ممثلي الفريقين مشجّعة وتفاؤلية. وتؤكد انّ المساعي التمهيدية التي قامت وتقوم بها الرابطة تتمّ عبر اعضاء منها ومن مجلسها التنفيذي في منطقة الشمال، على تماس مع الطرفين ومن اصحاب الحظوة لدى كل من فرنجية وجعجع.
وتشير الى ان المجلس التنفيذي للرابطة المارونية سيجتمع ربما بشكل دوري لتقويم نتائج مساعيه ولتقرير الخطوات المستقبلية، وهو كان قد اجتمع في الاسبوع الثاني من جزيران (يونيو) واطلع على تقرير عن المناخات الاستطلاعية الاولى المستأنفة بعد الانتخابات.
"المردة" يمهد
الى ذلك، وبالتزامن مع تحرك الرابطة المستجد يبدو ان الاجواء التفاؤلية تخيم على خط بنشعي-معراب منذرة بامكان تحقيق اي تقدم ملموس في هذا الاطار.
من جهتها، تثمن مصادر تيار "المردة" جهود الرابطة المارونية التي "لم تستسلم ودأبت في جمع وجهات نظر القيادات المسيحية على اختلافها"، مشيرة الى انّ كلام النائب سليمان فرنجية في ذكرى مجزرة اهدن كان واضحا لجهة ضرورة العمل للتوصل الى مسلّمات تجمع المسيحيين وتؤمن وحدتهم من ضمن الوحدة اللبنانية، ما يشيع اجواء ايجابية في اطار اعادة طرح المصالحة المسيحية-المسيحية، وكذلك كانت عظة الاب اسطفان فرنجية الذي رسم ما يشبه خارطة الطريق المسيحية الممهدة لاي مصالحة قد تحصل. وتقول: يبقى النظرالى قدرة الطرف الآخر وامكانيته ومساحة قراره في هذا الاطار. فتيار "المردة"، على رغم انه الضحية، سبق ان مد اليد نحو الفريق الآخر وكان يريد مصالحة مسيحية على نطاق واسع يحضرها الممثل السياسي للمسيحيين العماد ميشال عون، الا انّ الانتخابات النيابية اتت لتضع الموضوع على نارها ممّا شوّهه بعض الشيئ، لذلك كانت مطالبة "المردة" بأن يأخذ الموضوع اطاره الطبيعي والواقعي خارج الظرف والتوقيت الانتخابيين".
واذ تعرب المصادر عن اعتقادها بان لا تطوّر مهما في المدى القريب على صعيد ترجمة الاقوال افعالا لجهة تحقيق المصالحة، تستطرد لتقول انّه في اطار العمل السياسي والوطني قد تستجدّ امور معيّنة تؤدي الى تطورات مهمة وغير متوقّعة.
"القوات" جاهزة
في المقابل، تعرب مصادر "القوات اللبنانية" عن ترحيبها وقبولها باي مساع جديدة تقوم بها الرابطة المارونية على خط المصالحة المسيحية - المسيحية، مؤكدة جهوزيتها وانفتاحها على اي طرح من شأنه ان يشيع مناخا من الايجابية والحوار والمصالحة بين الافرقاء المسيحيين المتخاصمين لا سيما وان هذا الامر بات ضرورة مسيحية ملحة خصوصا بعد اتمام الانتخابات النيابية وفرزها واقعا مغايرا للواقع السائد على مدى الاعوام الاربعة الفائتة، "اذ ان التمثيل المسيحي بات راهنا مقسما على زعامات عدة وانتفت احادية التمثيل المسيحي لـ "التيار الوطني الحر"، مما يحتم تفاهما مسيحيا يتخطى الشكليات الى المفهوم السياسي".
واذ تشير الى انّ الرابطة تستأنف مساعيها في محاولة جديدة لتقريب وجهات النظر، تلفت الى انّ "الطرف الآخر كان دائما يفرض شروطا على عملية اللقاء والمصالحة، ممّا كان يساهم في تعثّرها او تأجيلها، كما حصل في السابق عندما اشترط تيار "المردة" حضور العماد عون لقاء المصالحة، في حين كانت جهوزية "القوات اللبنانية" قائمة ومن دون اي معوقات".

ليست هناك تعليقات: